كشف تناقضات العقلانيين (5)
اخترع العقلانيون قواعد وضوابط حتى لا يستخدم المسلمون الألفاظ والأحكام الشرعية؛ فمثلا إذا رأوا مسلما ينهى عن المنكر انهالوا عليه قائلين: من أمركم بمحاسبتهم؟ هل أنتم وكلاء عن الله؟ هذه خصوصية فلا دخل لكم بها… وعبّروا بقاعدة شيطانية: {دع الخلق للخالق}، فأصبحت هذه المقالة سيفا مسلطا على كل من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فجعلوا هذه الكلمة وكأنها وحي منزل من رب السماء غير قابل للتأويل أو النقد…
والعجيب أنهم إذا أمروا الناس بالشر ودعوهم إلى ارتكاب الفواحش لا تسمع لهم همسا ولا ركزا، ولا تُعمل هذه الكلمة حينها…
وأعجب من ذلك أنهم يشعرون بحساسية مفرطة حين يستخدم المسلم الألفاظ الشرعية مثل: هذا حرام، وذاك حلال، وتلك شروط، وهذه موانع. أما إذا استخدم ألفاظا مثل: هذه ضد الأعراف والتقاليد، أو: هذه الأمور ضد القانون الدولي، لا يحركون ساكنا؛ المهم أن يستخدم المسلم الألفاظ الشرعية، حينها يثورون ويقلبون الدنيا، مما يدل على أنهم يحاربون الله مباشرة…
ماذا يعني تعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
يعني أننا لسنا بخير أمة أخرجت للناس…
يعني تنزيل اللعنات من الله علينا، كما وقع لبني إسرائيل: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ {المائدة: 78-79}. فقد أوضح سبحانه مناط لعنهم في هذه الآية، وهو عدم قيامهم بالنهي عن المنكر…
يعني أنه لا فائدة من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن دينه يقوم على الدعوة بالقول والفعل. وقد دفع النبي صلى الله عليه وسلم ثمن ذلك وهو في مكة، حيث أمره الله بالصدع بالحق؛ تخيل: عدد الصحابة قليل ولا يملكون أي جيش أو مقومات، ثم يأمرهم الله بالجهر بالإسلام، وهو ما يعني مواجهة مباشرة مع جبابرة قريش…
تخيل أن ابن مسعود رضي الله عنه صاحب الجسد النحيل يقرأ القرآن في مكة فيلاحقه أبو جهل ويضربه…
تخيل أن بلال بن رباح رضي الله عنه يُعذَّب وسط بطحاء مكة في الظهيرة ويصر على التمسك بالإسلام…
تخيل أن يُقتل ياسر وسمية رضي الله عنهما ولا يعودان عن الدين…
ماذا يعني هذا؟؟
كيف يفهم العقلاني كل هذا؟؟
إنه يريد تعطيل هذه الفريضة العظيمة التي قام عليها الدين ودفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه ثمنا باهظا…
يريد أن ينزعنا من الميزة التي فضلنا الله بها على سائر الأمم…
يريد أن تنزل علينا اللعنات من رب العالمين…
قبح الله عقولا بهذا المستوى.