التكفير في الصومال (جذور الظاهرة وسبل المواجهة)

  • ملخص الدراسة
  • موجز عن تاريخ جماعة الهجرة والتكفير في الصومال
  • عوامل انتشار فكر التكفير ومراكزه في الصومال
  • سبل مواجهة الفكر التكفيري في الصومال

ملخص الدراسة :


جماعة “الهجرة والتكفير” تُعدّ من أقدم الجماعات التي تبنّت الفكر التكفيري المتشدد في العالم الإسلامي، وقد وجدت طريقها إلى الصومال في فترة مبكرة من تفشي الأفكار السلفية الجهادية في المنطقة، و تعود جذورها إلى الجماعة الأم التي ظهرت في مصر في ستينيات القرن الماضي بزعامة شكري مصطفى، والتي كانت تؤمن بتكفير المجتمعات الإسلامية المعاصرة ووجوب الهجرة منها إلى جماعات المؤمنين فقط.
وصل فكر جماعة التكفير إلى الصومال عبر طلاب علم وعناصر متأثرة بالمدارس الجهادية في السودان ومصر وأفغانستان، وقد انتشرت الجماعة في بعض المناطق الريفية والحدودية، حيث وجدت بيئة مهيئة بسبب غياب الدولة والانقسامات الفكرية وضعف التعليم الديني الوسطي.
يهدف هذا البحث إلى دراسة الجذور التاريخية والفكرية والاجتماعية لنشوء ظاهرة التكفير في الصومال، من خلال تتبع نشأتها وانتشارها، وتحليل الأسباب التي ساعدت على ترسيخها، وسوء الفهم للنصوص الشرعية، والتأثيرات الخارجية.
ويقدم كذلك قراءة في الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة من قِبل الحكومة، والعلماء، والمجتمع المدني، ويخلص البحث إلى أن التصدي لظاهرة التكفير يتطلب استراتيجية شاملة، تقوم على إصلاح الخطاب الديني، وتعزيز الوعي الفكري، وبناء مؤسسات علمية قادرة على تفنيد الفكر المتشدد، إلى جانب الإجراءات الأمنية والقانونية.

موجز عن جماعة التكفير في الصومال

جماعة التكفير هي جماعة المسلمين كما سمت نفسها أو جماعة التكفير والهجرة كما سماها غيرها بذلك، وهي جماعة إسلامية غالية نهحت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية، وهي تنظيم سري قليل العدد اشتهر لدى المجتمعات ب(جماعة التكفير)، ونشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر، وبعد اطلاق سراح أفرادها تبلورت أفكارها وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة، ثم انتشر الفكر في بعض بلدان المسلمين.
والصومال كانت من البلاد التي انتشر فيها الفكر التكفيري، وفي السبعينيات كانت حكومة سياد برى عسكرية مستبدة في الصومال، وبعد أخذ الحكومة بالمبدأ الشيوعي الاشتراكي، بدأت تظهر أحكام شاذة غريبة في الصومال تعارض أحكام الشريعة الإسلامية، فما أن من العلماء والدعاة إلا أن وقفوا أمام أفكار هذه الحكومة بقوة وعزيمة، وكان رد الحكومة العسكرية الشيوعية سيئاجدا( ).
فما كان منها إلا أن شنت حملة عشوائية على العلماء والدعاة وقبضت على كثير منهم وحكمت على بعضهم بالإعدام، وعلى بعض آخر بالسجن لمدة متفاوتة وهرب بعضهم إلى خارج البلاد فرار بأنفسهم ودينهم، في هذه الفترة الحرجة انتقلت فكرة التكفير إلى الصومال، في عام 1979م نقلها من مصر بعض الشباب الذين تأثروا بأفكار التكفير التي كانت في مصر في السبعينيات من القرن الماضي، سواء أكان الذين نقلوا هذه الفكرة إلى الصومال ممن عاش في مصر، أم ممن تلقف تلك الفكرة من بعض منشورات جماعة التكفير في مصر( ).
ظهرت فكرة التكفير في الصومال أواخر السبعينيات من القرن المنصرم، ويعد أول من نقل التكفير إلى الصومال هو الشيخ عبد القادر الشيخ محمود الصومالي، وذلك أثناء وجوده في السعودية، إلا أن هذه الفكرة لم تجد قبولا يذكر في أوساط المجتمع الصومال، وذلك لأسباب منها:
1/ وجود نشاطات دعوية كانت ضد الفكر الانعزالي التكفيري
2/ قلة عددهم
3/ إن المجتمع الصومالي يغلب عليه التوجه الصوفي
4/ انقسامهم إلى تكفير الهجرة الذي انعزل عن المجتمع تماما، وتكفير الجو الذي يرى مخالطة المجتمع على الرغم من جاهليته وشركه ( ).

عوامل انتشار فكر التكفير ومراكزه في الصومال

هناك عوامل عديدة ساعدت على انتشار الفكر التكفيري في الصومال ومنها:
1/ محاربة الدين والتدين من قبل النظام الشيوعي، لأن الدولة المركزية في الصومال آنذاك كانت شيوعية، وكانت تقاوم الشعائر الإسلامية، فكان ذلك سببا لتكوين فكرة التكفير في المجتمع الصومالي( ).
2/ بيئة الصومال مناسبة لانتشار الفكر التكفيري، لأنها أصبحت بلا نظام منذ انهيار الحكومة المركزية في الصومال.
3/ جهل عامة الناس
4/ الدعم المالي والموازنات الضخمة لمؤسسات وجمعيات الفكر التكفيري
وتتمثل أهم المراكز التي يجتمع فيها أصحاب هذه الفكرة في الصومال:
1/ مقديشو: حيث ينتشرون عادة في الأحياء الفقيرة أو المكتطة التي تضعف فيها الرقابة الأمنية.
2/ منطقة بونتلاند: شهدت هذه المنطقة ظهور جماعات متأثرة بفكر التكفير، وخاصة في المناطق الجبلية التي يصعب الوصول إليها.
3/ جنوب ووسط الصومال: وخاصة مناطق جوبا السفلى، باي وبكول، حيث ظهرت مجموعات صغيرة لها خلفية تكفيرية، ولكنها اندمجت لاحقا مع حركة الشباب الصومالية.
4/ مخيمات النازحين ومراكز التعليم الديني: لأن هناك بعض المدارس القرآنية غير الخاضعة للرقابة احتضنت توجهات فكرية تكفيرية.
سبل مواجهة الفكر التكفيري في الصومال:

لمواجهة ظاهرة التكفير، لا بد من اتباع استراتيجية شاملة، تجمع بين الأمن، والدين، والتعليم، والإعلام، و إليك أهم سبل المواجهة:
1/ المواجهة الفكرية والدينية وتمكين العلماء الوسطيين من التصدي للفكر التكفيري من خلال:
أ/ إصدار الفتاوى المضادة
ب/ عقد ندوات توعوية
ج/ تعزيز منهج الاعتدال في المساجد والجامعات
د/ تفنيد مفاهيم الجماعة مثل “دار الكفر، الولاء والبراء، الجاهلية”، وغيرها من المفاهيم المنحرفة.
2/ الإصلاح التعليمي و مراجعة المناهج الدينية في المعاهد والجامعات، ومنع تسلل الفكر المتشدد، وادخال مقررات حول التسامح، المواطنة، وكذلك مراقبة المعاهد التي تنشر الفكر التكفيري.
3/ المعالجة الأمنية ومراقبة أنشطة الجماعات المتشددة وخطابها، وتفكيك الخلايا النشطة من خلال العمل الاستخباراتي، بالإضافة إلى سن قوانين تجرّم التكفير.
4/ برامج إعادة التأهيل، وإنشاء مراكز لتأهيل المنشقين والمتأثرين بفكر الجماعة، وتوظيف مختصين نفسيين ودينيين لإعادة بناء الوعي.
5/ الدور الإعلامي والتوعوي وإنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية تفضح فكر الجماعة وأساليبها، ودعم حملات التواصل الاجتماعي التي تروج للفكر الوسطي، و كشف خطورة الخطاب التكفيري على الفرد والمجتمع.
6/ المعالجة الاجتماعية والاقتصادية
معالجة أسباب التهميش والبطالة التي تسهم في الانضمام للتنظيمات الارهابية، و دعم المشاريع الشبابية والتنموية، و نشر العدالة والحد من الفساد لتعزيز الثقة بالدولة.
7/ الشراكات المحلية والدولية
التعاون مع المنظمات الإسلامية والمؤسسات الدولية في تبادل الخبرات، و دعم جهود المصالحة المجتمعية لتعزيز التماسك الوطني.

المراجع


1/ مقال بعنوان تاريخ الحركات الإسلامية في الصومال
2/ إبراهيم بن عامر الرحيلي، التكفير وضوابطه، دار الإمام أحمد، د.ط، دت
3/ محمد أحمد محمود، شيخ محمد معلم حسن ودوره الاصلاحي في المجتمع الصومالي، رسالة ماجستير غير منشورة، مركز البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة أفريقية العالمية، فسم التاريخ، 2012م
4/ محمود الشبلي، تحذير المؤمن من تكفير المسلمين، بدون معلومات أخرى

نور عبد الرحمن أبوبكر

كاتب مهتم في شئون الجماعات الجهادية في الصومال
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى