ليس إنشاء حزب سياسي في الصومال أمرا جديدا. خلال العقدين الماضيين تم تشكيل عشرات الاحزاب السياسية لكن ما يميز حزب العدالة والتضامن يمكن حصره في ثلاثة أمور
الامر الأول يتمثل في الجهة التي شكلت الحزب. فالفكرة جاءت من رئيس البلاد، وأن الحزب يضم معظم قيادت الحكومة الفيدرالية بما فيها رئيس البلاد،ورئيس الوزراء.
الأمر الثاني يتعلق بالتوقيت. يأتي تشكيل الحزب في وقت تبدي الحكومة الحالية عزمها في إجراء الانتخابات المقبلة وفق نظام حزبي تعددي في ظل رفض واسع تجاه سياساتها في هذا الشأن
أما الأمر الثالث هو مشاركة بعض رؤساء الولايات الاقليمية الاعضاء في الحكومة الاتحادية رؤساء ولاية هيرشبيلي، وولاية جنوب غرب الصومال ، وولاية جلمدغ كأعضاء مؤسسين للحزب.
يتساءل كثيرون عما يمكن أن يضيف هذا الحزب في الوضع السياسي المتأزم أصلا، هل يقود الوضع نحو الانفراج أم إلى مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار السياسي، وهل يمكن أن تجري الانتخابات المقبلة على أساس الاقتراع المباشر في ظل غياب توافق سياسي ورفض بعض رؤساء الولايات الاقليمية (بونت لاند وجوبالاند)؟ وكيف يقنع المعارضة السياسية بان الانتخابات ستكون حرة وشفاف في ظل اختلال موازين القوى وانضمام معظم رؤساء الولايات إلى حزب الرئيس التي تحكم المناطق التى ستجرى فيها الانتخابات ؟ كل هذه الاسئلة وغيرها تبرز في وقت يبدي المجتمع الدولي والدول الغربية الداعمة الداعمة للصومال قلقها إزاء الوضع السياسي والأمني في البلاد، وأصدرت تحذيرات من عدم الاقدام إلى قرارات تفتقد التوافق والشرعية غير أن الحكومة ماضية في قراراتها باعتبارها الجهة الشرعية المخولة لإجراء مثل هذه القرارات المتعلقة بمصير البلاد مؤكدة على ضرورة احترام الدول سيادة واستقلالية الصومال وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
اعتقد أن تشكيل الحزب خطوة مهمة للغاية وأنها تعطي نكهة مختلفة للسياسة الصومالية إلا أن تزامنه في الفترة الحالية وفي هذه الاجواء السياسية المشحونة يعقد الامور ويتسبب عقبات تحول دون الوصول إلى صيغة توافقية لإجراء الانتخابات المقبلة مع اقتراب موعد نهاية فترة ولاية الرئيس حسن شيخ محمود التي تنتهي في شهر مايو المقبل وبالتالي ينيغي التوصل أولا إلى اتفاق حول النظام الانتخابي في من أجل الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على النظام السياسي في البلاد كما حدث في نهاية فترة ولاية الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو عام ٢٠٢٢ عندما انتشرت في العاصمة مقديشو قوات مسلحة تم تنظيمها على أساس قبلي هددت بالهجوم على القصر الرئاسي ما لم يتم اجراء الانتخابات وفق نظام المحاصصة القبلية ولذلك لا يتترد البعض من إبداء مخاوفهم إزاء تكرار هذا السيناريو أو سيناريوهات أكثر خطورة علي مستقبل البلاد ووحدته وتماسك شعبه ما لم يحتكم الجميع إلى صوت العقل والحكمة.
ومما يثير مخاوف السياسين والشعب أيضا على حد سواء بشان الحزب الجديد فإنه ينهي مهام المجلس الاستشاري الوطني الذي كان يضم رئيس الحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات الاقليمية الأعضاء ، وكان هذا المجلس يلعب دورا في المحافظة على التوازن السياسي ومنع احتكار جهة ما على تقرير مصير البلاد ومستقبله وكانت مصالح وآراء المجلس متباينة ومتعارضة في بعض الاحيان، لكن اليوم ثلاثة من أعضاء المجلس إلى جانب الرئيس باتوا أعضاء في الحزب الجديد وبالتالي لا أحد يعرف كيف ستستمر التشاورات السياسية مادام معظم رؤساء الولايات الاقليمية متحالفين مع الرئيس، وأصبحوا تربطهم علاقة عضوية، ووحدة الهدف والمصير وهذا الامر يتسبب بالتأكيد في إنعدام الثقة بين الشركاء السياسين المهتزة أصلا، ويلقي بظلال من الشك على نزاهة الانتخابات المقبلة، كما يمكن أن يؤدي الي وقوع السلطة كاملة في أيدي حزب واحد.
رغم كل هذه الملاحظات إلا أنه يمكن أن يصحح المسار، وأن يمثل حزب العدالة والتضامن فرصة أمل عريضة للشعب الصومالي وذلك حين يتخذ الرئيس حسن شيخ محمود قرارا بتشكيل آلية إنتخابية نزيهة أو على الأقل توافقية تبدأ بتشكيل هيئة انتخابية محايدة وحكومة تقنوقراط يقودها رئيس وزاء محايد يكون مهامها إجراء الانتخابات علي المستوي الفيدرالي والولائي.