الجيش السوداني “فرص مواتية لتغيير قواعد اللعبة”

في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة السودانية والتي تمثلت في نجاح القوات المسلحة السودانية في تحرير منطقة الدوحة في أمدرمان، وإسترداد محيط سلاح المدرعات، ومقتل أحد أهم قيادي مليشيات الدعم السريع “عبد الرحمن حمدين”، وإستعادة هيئة العمليات “كبري دوبا” شرق مدينة سنار، ومدينة “الدندر”، تبدو الفرص التالية مواتية للجيش السوداني اليوم لتغيير قواعد اللعبة الأمنية والاستخباراتية التي تستهدف سيادة الدولة السودانية: 

  • الفرصة الأولى : التلويح بكرت منطقة “PK5” الإسلامية في إفريقيا الوسطى في حال لم تتوقف “بانغي” من تسهيل مرور المرتزقة والمليشيات من غرب إفريقيا وتسهيل وصولهم إلى درافور دعماً لمليشيات الدعم السريع، خاصة أن الخرطوم قادرة على تحريك الفصائل المسلحة في تلك المنطقة ويبدو الوقت لتحريك تلك الفصائل بات مناسباً الأن بعد موجة الإعتقالات الأمنية في منطقة “PK5″ التي قام بها جيش افريقيا الوسطى بمساعدة فاغنر مؤخراً، والتي طالت أبرز القيادات الأمنية والاستخباراتية في تلك المنطقة والداعمة للمقاومة الشعبية السودانية أهمهم ” Mahamat Rahama” و “Sergent Zackaria”  و “Oumar Sanda” و “Major  Moussa”، ومثلما تدرك الخرطوم رؤية القيادة السياسية في بانغي لمنطقة “PK5” بإعتبارها المنطقة الاقتصادية لبانغي، فالأخيرة تدرك الأبعاد الأمنية والإستخباراتية التي تربط الخرطوم بالفصائل المسلحة في منطقة “PK5”  التي خرجت من سيطرة الدولة منذ عام 2010 حتى اليوم ، لدرجة أن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في إفريقيا الوسطى حاولت نزع سلاح الفصائل المسلحة في تلك المنطقة عام 2014 ولم تنجح في ذلك، وما زالت المنطقة ترفض القبول الكامل بعودة سلطة الدولة إليها مما يجعلها في مرمى للأهداف الإقليمية والدولية لقض مضجع بانغي.
  • الفرصة الثانية: تبني إستراتيجية “شد الأطراف” التي تحاول دول الجوار الإقليمي للسودان فرضها على الخرطوم، فبعد تورط “أديس أبابا” و”جوبا” و”أنجامينا” في الأزمة السودانية من خلال إنخراط عناصر عسكرية تابعة لتلك الدول في صفوف الدعم السريع وجب على الخرطوم عمل الأتي: 
  • الإستثمار في الطموح الإقليمي الذي يراود أسمرة منذ سقوط الإنقاذ 2019 والعمل على إيجاد نقاط توافقية مع  نظام “أسياس أفورقي” الساعي إلى تطوير أدواته في منطقة القرن الإفريقي، ولو فرضنا أن التوجس الأمني للطرفين “الخرطوم- أسمرة” تجاه بعضهم البعض ما زال قائماً في ضوء قناعة الخرطوم القديمة بترقب أسمرة لحلم تحقيق مشروع تقسيم السودان فللمخابرات السودانية في حال ثبوت ذلك ألف وسيلة لثني أسمرة عن ذلك، فتحريك مشروع واحد من المشاريع الكبرى في القرن الإفريقي مثل “دولة التيغراي الكبرى” كفيل بإعادة تشكيل القرن الإفريقي من جديد، وهذا ما لا ترغب به أسمره، فبتالي توافق الطرفان يبدو الأقرب لتطوير أدوات تلك الإستراتيجية وإعادة تصديرها إلى الأطراف المتورطة في الأزمة السودانية.
  • شق الصف الداخلي للقيادة السياسية في جنوب السودان من خلال تحريك عناصر المعارضة التي لم تعد ترى مستقبلاً للدولة في ظل منهج النظام القائم، ولن تحتاج الخرطوم لمجهود كبير في ذلك لخبرتها الأمنية السابقة في ملف الفصائل الجنوبية.
  • العمل على إيجاد خط تواصل مع “محمد عمر” الشهبر بـ”بابا لادي” مديرعام الإستخبارات التشادي السابق وأحد أبرز الكوادر الأمنية المنشقة عن النظام التشادي وصاحب مشروع “دولة الفولاني الكبرى”، يمكن أن يساهم “لادي” وبشكل كبير في تقويض عمليات مليشيا الدعم السريع لخبرته الأمنية السابقة في دارفور منذ عام 2006، ومن ناحية أخرى سيعمل “لادي” على إنجاح المساعي السودانية المستقبلية في إفريقيا الوسطى خاصة بعد توتر العلاقات التشادية السودانية مؤخراً، من خلال أنصاره الذين إنضم بعضهم للمؤسسات الأمنية في بانغي، ونجاح البعض الأخر في إعادة ترتيب أتباعه في هياكل تنظيمية أمنية مسلحة إستعداداً للإنقضاض على السلطة أو المشاركة فيها سواء في “أنجامينا” أو في “بانغي”.
  • الفرصة الثالثة: إرسال وفد أمني سوداني للإطلاع على العملية الأمنية الرواندية الأخيرة والتي أسفرت عن  إحباط محاولة تهريب مجموعة من عناصر مليشيا الدعم السريع المنخرطة في العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الكونغولي ضد حركة مارس 23 “المدعومة رواندياً”، وأرى أن ذلك مدخل موفق للدبلوماسية السودانية في حال إستغلاله سيطور علاقة الخرطوم بجوارها الإقليمي الذي يتوافق مع رؤيتها الأمنية لإجهاض نشاط مليشيا الدعم السريع، ويمكن أن يعمل الوفد الأمني السوداني بعد ذلك على وضع إستراتيجية أمنية مع كيغالي لتطوير ملف العلاقات السودانية الرواندية، خاصة أن كيغالي وكمبالا تتعاونان أمنياً وإستخباراتياً في ملفين: 
  • ملف الأمن الوطني وعدم إثارة النزعات القبلية “وهذا ما تحتاجه الخرطوم لإجهاض مشروع الدعم السريع العابر للحدود والذي يرتكز على إثارة النعرات القبلية”.
  • العمليات المتصاعدة في شرق الكونغو الديموقراطية. ( وحتى لا يُساء فهم السودان من الجانب الكونغولي، يمكن للخرطوم تقديم أدلتها الأمنية والإستخباراتية لكينشاسا التي تثبت مشاركة مليشيا الدعم السريع في الأراضي الكونغولية، وبالتالي من حق الخرطوم التعاون مع كافة الأطراف التي تساعدها على تقويض إنتشار عمل مليشيات الدعم السريع في السودان وجوارها الإقليمي).
  • الفرصة الرابعة : تحريك فصائل وعناصر الجهاز الشعبي السوداني المنتشرة في أرجاء معمورة، وإعادة توجيهها إلى منطقة الغرب الإفريقي تمهيداً لإجهاض مشروع الدعم السريع العابر للحدود أو ما يطلق عليه “الدولة العربية الممتدة”، وإحباط كافة المحاولات التي يقوم بها القائد العام للفرق الخمس لمليشيات الدعم السريع في دارفور “عصام الدين صالح فاضل” بعد مقتل الفريق “علي يعقوب”، خاصة أن تلك الفصائل ساهمت في تدريب وتطوير العديد من الفصائل الإفريقية المسلحة “الوطنية” في عدة دول إفريقية وهذا ما سيسهل مهمتها.
  • الفرصة الخامسة: الإستعانة بالدبلوماسية القطرية لدراسة ملف مليشيات “صبوع السلام” الداعمة لمليشيات الدعم السريع الناشطة في جنوب شرق ليبيا، والعمل على محاصرة أنشطتها، وذلك في ضوء الدور الأمني والإستخباراتي الذي لعبته دولة قطر في الإتفاق السابق بين مقاتلي المليشيات في دارفور وتشاد المتواجدين في ليبيا والقوات المسلحة السودانية، وهذا ما سيعزز نجاح الجهود الدبلوماسية السودانية في توسيع نطاق عملها “إقليمياً” في ظل إفتقار مليشيات الدعم السريع للقبول الشعبي السوداني والإفريقي والإقليمي.

                               النصر والسداد للجيش السوداني الوطني ،،،

د.أمينة العريمي 

باحثة إماراتية في الشأن الإفريقي 

afrogulfrelations_21@hotmail.com

د.أمينة العريمي

أمينة العربمي باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى