أريتريا.. دراسة في الأوضاع السياسية والأمنية

مقدّمة:

الصورة الكالحة والوجه السافر غير المعالج حتى بمساحيق التجميل والزينة للدكتاتورية والاستبداد والتسلط، ومضاعفاتها من إشاعة حالة الخوف والرعب الدائمة بين المواطنين، والملازمة لهم في الحلّ والترحال كوسيلة للسيطرة المصطنعة على الأمور، والعقم عن إنتاج أي مشروع وطني يقود إلى تحقيق آمال الشعب في الحرّية الكاملة والاستقرار الحقيقي والنماء الاقتصادي وتحقيق الرفاهية المعيشية، واختزال النظام في شخص واحد وتسخير كافة القدرات والتفريط بكل مصالح الأمة لإشباع نهمه للبقاء لأطول فترة على كرسيّ الرئاسة بغير وجه حق، وحيرة الانتماء والهوية المؤدية إلى الذبذبة بين الشرق والغرب، والعرب وإسرائيل والصدام مع المحيط الإقليمي ودول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية بسبب سياسات غير مدروسة، كلّ ذلك مايسم أريتريا أسياس أفورقي زعيم الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا، في عهد حركات التحرر عن إثيوبيا، ورئيس أريتريا المتسمّر على كرسيّ رآستها منذ انفصالها عن إثيوبيا قبل ثلاث وعشرين سنة عام 1991م عندما سيطرت جبهته على العاصمة أسمرا ونصبته رئيساً انتقاليًّاعلى البلاد، وبدلا من أن يستكمل بناء أجهزة الدولة ومؤسساتها من دستور وبرلمان وقضاء مستقل، اتجه نحو تمكين شخصه كرئيس دائم للبلاد، لا انتقاليًّا ولا منتخباً لفترة رئاسية محددة.

وشق طريقه إلى هذا الهدف عبر التفريط برفاق دربه في الحركات التحرريّة الأخرى، بل وحتى في الجبهة الشعبية التي كان هو رئيسها، فتخلص منهم بالسجن والتصفية والنفي تحت التخويف والتهديد، وطرح جانبًا الدستور الذي اضطر أصلاً إلى القبول بإعداده والمصادقة عليه بضغط من الوطنيين من رفاقه عام 1997. ليحكم البلاد بعدها بالمراسيم التي تنسجم مع مزاجه، والتي جرّم بموجبها الممارسة الديمقراطية للمعارضة السياسية، واتخذ العديد من الخطوات التي كان لها انعكاساتها على أمن المواطن وحقوقه وحرّياته، واستقرار الأريتريين في بلادهم، والثقة بين أركان النظام أنفسهم.

جانب من تفاصيل وترابطات كل ذلك هو ما سيتم استعراضه في هذه الورقة، عبر خمسة محاور رئيسية كالآتي:

  1. المحور الأول: خلفيّة تعريفية.
  2. المحور الثاني: التاريخ السياسي ( الاستعمار والاستقلال)
  3. المحور الثالث: الدستور ونظام الحكم.
  4. المحور الرابع: العلاقات الإقليمية والدولية.
  5. المحور الخامس: الأوضاع الأمنية.

المحور الأول: خلفيّة تعريفية

1-1: الموقع : أرتريا هي دولة أفريقية، يحدها البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقا والسودان من الغرب، اثيوبيا من الجنوب، وجيبوتي من الجنوب الشرقي. يمتد الجزء الشمالي الشرقي من البلاد على ساحل البحر الأحمر من جهة أفريقيا.

1-2: المساحة: تبلغ مساحة دولة إريتريا حوالي121.320 ألف كم2، ويتبعها 126 جزيرة أغلبها غير مأهولة بالسكان، وتقع بين خطي عرض 12.42 شمالاً و18 شمالاً.1

1-3: أهمّ المدن: أسمرا العاصمة، ومصوع، وعصب.

1-4: السكان: في عام 2014: 5,110,444 حسب إحصاءات البنك الدولي. وبنسبة نمو 2.21%2 وهذا يعني أن العدد التقريبي لسكان أرتريا في عام 2016 بلغ 5,212,653.

ويتوزع سكان إريترية تاريخياً بين ثلاث مجموعات هي: الحامية والسامية والنيلية. وقد هاجرت إليها القبائل التي تنتمي إلى المجموعتين الحامية والسامية من الجزيرة العربية أصلاً ويصعب التفريق بينهم في الشكل والهيئة العامة، أما النيليون فيعتقد أن أصولهم زنجية أو «متزنجة».3

ومن الجماعات التي تنتمي إلى الحامية أو السامية كل من قبائل البجة في منطقة القاش، وقبائل الأسورتا والساهو في محافظتي إكلي قوزاي والبحر الأحمر، وقبائل البلين في محافظة كرن، وقبائل الماريا في أگوردات وكرن، وقبائل الدناقيل في سهل الدناقيل، وقبائل الحباب في نقفة وتغري، وقبائل منسع حول كرن، والقبائل النصرانية في حماسين، ولا يكاد يوجد أثر للسمات الزنجية المعروفة بين هذه القبائل باستثناء لون البشرة الأسمر الداكن الذي يجعلهم أقرب إلى قبائل السودان. أما النيليون أو أنصاف الحاميين فلا يتجاوز مجموعهم بضعة آلاف نسمة، وتمثلهم قبائل الكوناما أو البازا وقبائل الباريا وينتشرون في مناطق مختلفة من القاش وستيت، وإلى جانب هذا التعدد يوجد في الوقت نفسه امتزاج سلالي يتعذر تحديد فواصله لمرور زمن طويل من المصاهرة والمجاورة. ومن الهجرات العربية المبكرة إلى المنطقة قبل ظهور الدعوة الإسلامية بطون من بني حمير عرفوا بقبيلة «البلو» وقد صاهرت البجة وحكمت بعض الإمارات البجاوية في إريترية. وقد وفد إلى المنطقة في أزمنة لاحقة قبائل من ربيعة وأخرى من القحطانية والجهنية. وتعد قبيلة الرشايدة آخر الهجرات العربية إلى إريترية، وقد توافدت إليها عن طريق السودان منذ سنة 1846م وانتشرت على الشريط الساحلي من مصوع حتى حدود السودان.4

1-5: اللغة: تشكل لغة التجرينية لغة الأغلبية في البلاد تليها في الترتيب التيجرية إذ أنها شائعة الاستعمال هناك، وتستعمل العربية في السواحل وهناك بعض القبائل تتحدث بلغة العفار.5

1-6: الديانات: يعتبر الإسلام من الديانات السائدة في إرتريا حيث حوالي 60% من سكانها يعتنقون الإسلام في حين تمثل المسيحية الأرثوذكسية الديانة السائدة لبقية السكان الذين يتبعون كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية. وأول إشارة لتواجد المسلمين كانت في زمن الدولة الأموية بعدما وضعت جزر دهلك تحت سيطرتها وتنامى العدد وازداد بشكل كبير في فترة الدولة العثمانية من القرن 16 حتى بداية القرن 20. ويتواجد المسلمون في إرتيريا بشكل رئيسي في المنخفضات الشرقية والغربية والجنوبية للبلاد بينما يسكن السكان المسيحيون الهضاب والمرتفعات.6

المحور الثاني: التاريخ والاستقلال:

2- 1 الاستعمار الإيطالي

كانت أريتريا تخضع لمملكة أكسوم الإثيوبية حتى القرن الثامن الميلادي، وفي القرن السادس عشر خضعت لسيطرة الإمبراطورية العثمانية، ثم لحكم مصر بعد ذلك. 7

بدأت الأطماع الإيطالية في إريتريا مع ضعف الحكم المصري في عهد إسماعيل نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، ودخل الإيطاليون إلى تلك المنطقة عبر بوابة الشركات والمؤسسات الاقتصادية التي يتحكم فيها المنصّرون ورجالات الكنائس؛ فاستطاع المنصر “سابيتو” أن يشتري قطعة أرض في ميناء عصب سنة (1286هـ= 1869م)، ثم أصدر مجلس النواب الإيطالي في (1299هـ= 1882م) قانونا بتحويل عصب إلى مستعمرة إيطالية، وكانت سياسته فيها تقوم على العنصرية، ومحاربة اللغة العربية. واعترف الإمبراطور الحبشي “منليك الثاني” بحق إيطاليا في السيادة على أريتريا8 في معاهدة أوكيالي التي أبرمت في الثاني من مايو 1889 بين امبراطور الحبشة منليك، والكونت بييترو أنتونلي في مدينة وتشاله بإثيوبيا. 9 وذلك حتى يستطيع منليك مقاومة النفوذ الفرنسي والبريطاني، واستمر الاحتلال الإيطالي (60) عاما حتى تمكنت بريطانيا وحلفاؤها من هزيمة إيطاليا ودول المحور في الحرب العالمية الثانية،10 حيث غزاها البريطانيون 1941، وتمّت إدارتها تحت وصاية الأمم المتحدة حتى انضمت لإثيوبيا في 1952.11

2 – 2: ضمّ أريتريا لإثيوبيا:

عاد الإمبراطور الحبشي هيلاسلاسي إلى الحكم في بلاده بمساعدة الإنجليز بعدما طرده الإيطاليون إبان غزوهم الحبشة عام 1936 ورأى أن يستغل الظروف الدولية لجمع أسلاب إيطاليا في إفريقيا؛ فيضم الصومال وإريتريا إلى مملكته التوسعية. وساعدته على ذلك بريطانيا والولايات المتحدة، حيث اتصل ببعض رجال الكنيسة لاستمالتهم إليه، وقامت المخابرات البريطانية بإثارة العداوات والنعرات الدينية والقبلية، ونجحت إثيوبيا في خلق أجنحة موالية لها في إريتريا كالحزب الذي عُرف باسم حزب الاتحاد مع إثيوبيا كانت قاعدته من المسيحيين وتمّ تأسيسه سنة (1366هـ= 1946م). وشهدت تلك الفترة صراعات سياسية حادة، نشأت خلالها عدة أحزاب لها ارتباطات خارجية، تبنى بعضها سياسة الاغتيالات مثل حزب الاتحاد مع إثيوبيا الذي أنشأ ميليشيا إرهابية عرفت باسم “الشفتا” اغتالت عددا من القيادات الوطنية.12

كما بدأت عصابات ” الشفتا ” مقاومة السلطات الحاكمة، وقد شجعت إثيوبيا حركة الاضطرابات الداخلية في أريتريا نتيجة تصميم الإمبراطور هيلاسلاسي على ضمّ أريتريا لأثيوبيا بأيّ وسيلة، وعدم التفريط فيها، رغبة في توسيع أراضي إمبراطوريته وإيجاد منفذ لها على البحر الأحمر، ومن أجل ذلك بدأت إثيوبيا في وضع العراقيل أمام استقلال أريتريا لتظهر أنّ الحلّ الأمثل هو الاتحاد التامّ مع إثيوبيا،.13

عُرضت القضية الإريترية على الأمم المتحدة التي أرسلت لجنة لاستطلاع آراء الأهالي حول تقرير المصير فخرجت اللجنة بآراء مختلفة، منها ضم إريتريا إلى إثيوبيا، وهو اتجاه دعمته الولايات المتحدة، وأمام هذا الضغط الأمريكي وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في (صفر 1370هـ= ديسمبر 1950م) على أن تكون إريتريا تحت سيادة التاج الإثيوبي في اتحاد فيدرالي مع تمتعها بالحكم الذاتي، وقررت الأمم المتحدة تعيين مندوب لها يكفل تنفيذ قرارها.14

وقد استغلّت إثيوبيا ضعف صياغة قرار الأمم المتحدة، لأنّه لن يحدث تكافؤ لاتحاد يقوم بين طرفين أحدهما أقوى وأكبر من الطرف الآخر، وكان على مفوض الأمم المتحدة إيجاد صورة مناسبة لدستور أريتريا الذي يقوم على مبادئ الحكومة الديمقراطية، وهذا المبدأ يتنافى مع الفلسفة السياسية الخاصّة بالنظام الإثيوبي نظراً لأنّ نظام الحكم في أثيوبيا لا يعترف بالأحزاب، في حين أنّ أريتريا في هذه الفترة كانت تتمتع بوجود أحزاب متعددة لديها. كذلك فإنّ القرار لم ينصّ على شكل دستور دولة الاتحاد، ولا على شكل الحكومة فيها.15

وتم تشكيل جمعية تشريعية منتخبة في إريتريا أقرت الدستور الجديد للبلاد، وعلما خاصا بها، وسلطات قضائية وتشريعية خاصة بها، واعتمدت اللغتين العربية والتجيرينية لغتين رسميتين لإريتريا، وفي (ذي القعدة 1371 هـ= أغسطس 1952م) صادق الإمبراطور هيلاسلاسي على الدستور الإريتري الجديد، ثم صادق على القانون الفيدرالي، وكانت تلك الخطوة الأولى في ضمّ إريتريا لإثيوبيا، بدعم القوى الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا التي انسحبت من إريتريا في (25 من ذي الحجة 1371هـ= 15 من سبتمبر 1952) بعدما سلمت كل الممتلكات الإريترية من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات إلى الجيش الإثيوبي، ولم تترك للحكومة الإريترية ما يمكن أن تؤسس عليه دولتها الوليدة. وتشكلت أول حكومة إريترية برئاسة “تدلا بايرو” السكرتير العام لحزب الاتحاد مع إثيوبيا الموالي لها.16

ومرّت البلاد بفترة من الكفاح المسلّح حتى عام 1961 نتيجة للطموح الإثيوبي لتحقيق الاندماج الكلّيّ معها، فبدأت إثيوبيا في اتخاذ خطوات سريعة لتحقيق الهدف، وقد ساعدت الاحوال في أريتريا على ذلك نتيجة عدم الاستقرار السياسي إضافة إلى الخلافات داخل البرلمان الأريتري بين دعاة الوحدة ودعاة الاستقلال، واختلاف التركيبات القبليّة والدينية المختلفة لأعضائه، وبدأت إثيوبيا في اتخاذ بعض الخطوات للسيطرة الكاملة على أريتريا.17

من هذه الخطوات أن ” أصدر هيلاسلاسي في نفس العام الذي تمّ فيه تشكيل الحكومة الأريترية المحلّية قرارًا يقضي بتطبيق القوانين والنظم الإثيوبية على إريتريا، كما نفذ خطوة أخرى لتغيير التركيبة السكانية في إريتريا؛ فسلم الأراضي الخصبة في منطقة “وادي زولا” الإسلامية إلى أمهريين، وبنى لهم كنيسة، وتكرر ذلك في المناطق الأخرى، ثم وقّع معاهدة مع الولايات المتحدة في (شعبان 1372هـ= مايو 1953م) مُنحت بموجبها واشنطن الحق في إقامة قواعد ومنشآت عسكرية على أراضي إريتريا، وعزلت حكومة تدلا بايرو بعد أن احتجّت على بعض الخطوات الإثيوبية وعين مكانه إسفهاولد ميكائيل الذي استخدم أساليب قمعيّة ضد الوطنيين، ومنع جميع الأحزاب من العمل، وصاغ نظاما اقتصاديا قائمًا على الإقطاع. وفي عام (1375هـ= 1956م) تم تعديل الدستور بناء على اقتراح حكومي، وألغيت اللغتان الرسميتان العربية والتجيرينية، وحلت مكانهما اللغة الأمهرية، وألغي العلم الإريتري، ونص التعديل الجديد أن يعين رئيس الوزراء الإريتري من قِبل الإمبراطور مباشرة ” 18

وفي عام 1964 أعلنت إثيوبيا ضمّ أريتريا على أن تكون إحدى المحافظات الإثيوبية. فاندلعت الثورات المطالبة بالانفصال.19

2- 3: الكفاح المسلح وحركة التحرر من إثيوبيا

لم يستسلم الأريتريون للاحتواء الإثيوبي، بل واجهوه بالمقاومة المسلحة المدعومة بحراك سياسي، والتي استمرت على مدى ثلاثين عاماً.

فعلى إثر تصاعد حملات القمع وخطوات الدمج القسري منذ عام 1958، اضطر عدد كبير من العمال الإريتريين إلى الهجرة إلى الأقطار المجاورة، وبادر عدد منهم إلى تأليف تنظيم ثوري حمل اسم حركة التحرير الإريترية واتخذ قاعدة له في بور تسودان، وسرعان ما امتدت الخلايا السرية لهذا التنظيم إلى الكثير من المدن الإريترية. ثم شهد عام 1960 أول تأليف لجبهة التحرير الإريترية بين العمال والطلبة الإريتريين في المشرق العربي، وانتقل نشاطها في العام التالي إلى جبال إريترية إثر الانتفاضة التي قادها «حامد إدريس عواتي» في 1/9/1961 مع بضعة مقاتلين يحملون بنادق إيطالية عتيقة، وقد تبنت الجبهة تلك الانتفاضة لتحولها في مدى سنوات قليلة إلى ثورة مسلحة منظمة انسجاماً مع أهداف التحرير التي حددها دستور الجبهة، وفي مقدمتها الاستقلال الوطني الكامل عن طريق الكفاح المسلح المدعم بجهود سياسية ودبلوماسية في الخارج. واختار المؤسسون أن يكون إدريس محمد آدم أول رئيس للجنة التنفيذية للجبهة. وقد تطور الكفاح المسلح بإمكانات ذاتية بسيطة وبدعم من بعض الأقطار العربية، وفي مقدمتها سورية، إلى قوة مقاومة، تواجه تناميها إثيوبيا بزيادة حملات قمع وإبادة شرسة شملت مئات الألوف من الضحايا الإريتريين، واتسمت بعض تلك الحملات باتباع سياسة الأرض المحروقة للقضاء على المحصولات الزراعية وقتل المواشي، وإبادة المواطنين بالجملة من دون تمييز، كما حدث في حملات 1967 و1970 و1974 و1975 على التوالي فشردت أعداداً كبيرة من الإريتريين في الصحارى والغابات، وعبرت أعداد أخرى الحدود إلى السودان، الأمر الذي أدى إلى نشوء مشكلة اللاجئين الإريتريين هناك، في حين سيطرت حركة المقاومة الإريترية على معظم الريف الإريتري، وتمكنت من تحرير بعض المدن، وكانت سيطرة جبهة التحرير تتسع أو تتقلص بحسب ظروف المواجهة وتطوراتها. وفي هذا السياق، عقدت حركة المقاومة الوطنية الإريترية أكثر من مؤتمر لها في الأراضي المحررة، ولم تنج من التعدد والانقسامات التي فرضها تباين منعكس المعاناة الداخلية، ورواسب المجتمع والتدخلات الخارجية أحياناً.20

إثر سقوط نظام منغستو هايلي مريم في إثيوبية بتاريخ 25/5/1991 وفي الوقت الذي أصبحت فيه إرترية على عتبة الاستقلال، شهدت الساحة الإرترية صراعات داخلية أفرزتها التعددية السياسية في بنية حركة   التحرر، ويعد تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير إرترية من أكبر التنظيمات وأقواها على الساحة، إضافة إلى تنظيمات أخرى أهمها: (جبهة التحرير الإرترية – التنظيم الموحد، وجبهة التحرير الإرترية – المجلس الثوري، وجبهة التحرير الإرترية – المجلس الوطني).21

2- 4: قيام الدولة الأريترية المستقلّة:

تحالفت الجبهة الشعبية بزعامة أفورقي مع المعارضين الإثيوبيين بزعامة ميلس زيناوي تحت رعاية الإدارة الأمريكية في مؤتمر عقد بلندن نسق له وليام كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، وذلك لإسقاط نظام منغستو، وانتهى المؤتمر باتفاق رعته واشنطن يقضي باعتراف إثيوبيا بحق تقرير المصير للشعب الإريتري على أن يختار بين الوحدة والانفصال، مقابل أن يلتزم أفورقي بدعم زيناوي في سعيه للتغلب على مناوئية السياسيين وتولي السلطة، وأن تسمح إرتريا عندئذ باستخدام إثيوبيا ميناء عصب وكذا مصوع للأغراض التجارية. ونجح الطرفان في إسقاط منغستو، وتولى زيناوي حكم إثيوبيا، وأعلن استقلال إرتريا في 25 مايو 1991م، وتشكّلت حكومة مؤقتة أجرت استفتاء عاما على الاستقلال تحت إشراف الجامعة العربية والأمم المتّحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، وجاءت نتيجته بتصويت ما يتجاوز 99% من الأريتريين لصالح الاستقلال؛ فأصبحت إرتريا دولة مستقلة ذات سيادة في 1 ذي الحجة 1413 هـ الموافق 23 مايو 1993م، واعترفت بها دول كثيرة.22

وبعد الاستفتاء صدر المرسوم 37/1993 الذي تشكلت على أساسه حكومة إريتريا المستقلة برئاسة إسياس أفورقي، رئيس الحزب الحاكم، وبتشكيلة كاملة من حزبه، ومنح المرسوم الحكومة صلاحيات تشريعية، جعلت منها مشرعاً ومنفذاً في آن واحد، يدير البلاد بمراسيم حكومية، في انتظار تشكيل لجنة صياغة الدستور والمجلس الوطني (البرلمان) ليعبر بالبلاد نحو مرحلة دولة المؤسسات.23

المحور الثالث: الدستور ونظام الحكم

3- 1 صياغة الدستور والمصادقة عليه:

في 15 من مارس/آذار صدر المرسوم الحكومي رقم 55/1994 القاضي بتشكيل مفوضية الدستور التي أنيط بها مهمة صياغة الدستور للدولة الجديدة، وقد تم تشكيل هذه المفوضية من أعضاء الحزب الحاكم، كما الحكومة، وقامت بالعديد من الجولات داخل البلاد وخارجها، وبعد ثلاث سنوات أتمت المهمة الموكلة إليها، وقدمت الدستور الجديد إلى الرئيس الذي حوله إلى المجلس للمصادقة عليه والتي تمّت بالفعل في 23 مايو/ أيار 1997.24

3- 2: تجميد الدستور:

وعلى المآخذ المتعددة على هذا الدستور، كمنحه الرئيس صلاحيات تنفيذية واسعة، وضبابية العلاقة بين الرئيس والهيئة التشريعية، فإن العمل به تم تجميده، وتم تجميد المجلس النيابي، نتيجة دخول الدولة في الحرب مع إثيوبيا عام 1998، بحسب تبريرات الرئيس إسياس. ورغم أن هذه الحرب انتهت بالتحكيم الدولي الذي قبل به الطرفان عام 2002، فإن هذا التجميد ما يزال ساري المفعول إلى الآن.25

وبهذا لا يوجد فعليّا في أريتريا دستور ساري المفعول وإنما تحكم بمراسيم حكوميّة، ويتربع على رأس الجهاز الحكومي فيها رئيس تولى رئاسة الحكومة منذ الاستقلال عن إثيوبيا. ولا توجد انتخابات، ولا يسمح بإنشاء الأحزاب ويعد حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة الحزب الوحيد في البلاد. وقد تولى هذا الحزب إدارة الحرب حتى استطاعت إرتريا نيل استقلالها.26

3- 3: نظام الحكم:

كما ينص عليه الدستور المجمّد فالنظام في أريتريا جمهوري ديمقراطيّ. ونظام الدولة يتكون من رئيس الجمهورية، والسلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية كما يلي:

3 – 3- 1: رئيس الجمهورية: هو رئيس الدولة ، وينتخب بالاقتراع العام المباشر، ويؤدي عند توليه مهام منصبه قسماً للولاء للدولة أمام المجلس الوطني ( الجمعيّة الوطنيّة) كما يجب على الجمعيّة أن تحدّد صيغة القسم. ويشترط فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مستوفيا لشروط المواطنة الأريترية، وأن يبلغ السن القانونية التي يحددها القانون لتقلد منصب رئيس الدولة. ويكون له حق الانتخاب. ولا يجوز تجديد انتخاب الرئيس إلا لمرة واحدة فقط، ويمارس رئيس الدولة الإرترية السلطات المخولة له بموجب الدستور في المجالات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. بالإضافة إلى ذلك على الرئيس أن يمارس الوظائف التالية: 

أ) يقدّم مشاريع القوانين التي تقوم الحكومة بصياغتها إلى الجمعية الوطنية.

ب) يتمتع بصلاحية توجيه رسائل إلى الجمعية الوطنية.

ج) يتمتع بصلاحية أن يصدر أحكامًا بالعفو وتخفيف الأحكام.

د) يتمتع بصلاحية تعيين واستقبال ممثلي البعثات الدبلوماسية.

ه) يتمتع بصلاحية المصادقة على الاتفاقيات الدولية، بعد منح الجمعية الوطنية مثل هذه الصلاحية له.

و) يتمتع بصلاحية منح مراتب الشرف التي تمنحها الدولة.27

3-3-2: السلطة التنفيذية : تتولى الحكومة السلطة التنفيذية للدولة ، تتكون الحكومة من رئيس الوزراء والوزراء الآخرين.ويتم اختيار رئيس الوزراء من قبل الجمعية الوطنية من الحزب السياسي الذي يحقق الأغلبية. ويحق لرئيس الوزراء تعيين وإقالة الوزراء. ويؤدي رئيس الوزراء والوزراء الآخرون معه قسم الولاء أمام رئيس الدولة الإرترية بصيغة قسم تحدّدها الجمعية الوطنية. ويجب على الحكومة أن تحظى بثقة الجمعية الوطنية خلال أيام من تشكيلها. ويمكن للنواب أن يتقدموا باقتراح حجب الثقة إذا وقع على القائمة عدد معيّن من النواب. ويجب أن توافق على اقتراح سحب الثقة الأغلبية المطلقة في اقتراع مفتوح. ويجب على الحكومة المستقيلة أو المقالة الاستمرار في مزاولة واجباتها و تحت إشراف الرئيس، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.28

3-3-3: السلطة التشريعية: تناط السلطة التشريعية بالجمعية الوطنية. 

يعتبر البرلمان الإرتري أعلى جهة تمثيلية للشعب الإرتري، وعليه أن يقوم بسن قوانين البلاد، ووضع قوانين ضريبية، وتخصيص الأموال التي تصرف، والإشراف على عمل الحكومة والإدارات التابعة لها. وتتكون الجمعية الوطنية من نواب يتم اختيارهم من قبل الشعب في اقتراع عام، وحر، ومباشر، وسرِّي.  يتم تحديد عدد النواب والنظام الانتخابي وفقًا للقانون. كما يحق لكل مواطن حق التصويت والترشح لعضويّة الجمعيّة الوطنيّة متى ما بلغ السن القانونية. ويتم تحديد أسس عدم الأهلية لعضوية الجمعية الوطنية وفقًا للقانون. ويتم اختيار أي جمعية تشريعية لمدة أعوام،( لم يتم تحديدها في المسودة) بدءًا من فترة إعلان نتائج الانتخابات. ويقوم الرئيس بإعلان موعد انتخاب الجمعية الجديدة.

كذلك على الجمعية الوطنية أن تلتئم للمرة الأولى خلال عدّة أيام من إعلان نتائج الانتخابات، وتحتفظ الجمعية الوطنية المنحلة بسلطاتها حتى موعد إعلان نتائج الانتخابات للجمعية الجديدة. و تعقد جلسات الجمعية وفقًا للتوجيهات التي يضعها القانون. ويمكن للجمعية أن تجتمع لعقد جلسات استثنائية بدعوة من الرئيس، أو الحكومة، أو النواب. وتختار الجمعية الوطنية في جلستها الأولى رئيسًا لها ونائبين للرئيس من بين النواب. ويقوم بتنظيم أعمال الجمعيّة رئيس البرلمان بنفسه أو من ينوب عنه، وفقًا لقواعد الإجراءات المتبعة.

تكون اجتماعات الجمعية الوطنية معلنة. ويمكن للجمعية أن تقرر عقد جلسة مغلقة بناءً على اقتراح من رئيسها، أو بطلب من رئيس الدولة الإرترية. ولا تكون قرارات الجمعية الوطنية سارية المفعول إلاّ إذا اتخذتها أغلبية النواب، وفقًا للقواعد المتبعة. حيث تتخذ كل القرارات بأصوات غالبية الحاضرين، إلاّ إذا كان الدستور أو القوانين تطالب بوجود غالبية خاصة.29

3-3-4: السلطة القضائية :  

تتولى مهمة الوظيفة القضائية، وتتمتع بالاستقلالية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. وتكون المحكمة العليا أعلى جهة قضائية في دولة إرتريا، ولها السلطة القانونية على كامل التراب الوطني في الشؤون المدنية، والجزائية، والإدارية، والمالية وفي شؤون أخرى يحددها الدستور والقوانين المشتقة عنه. ويحدد القانون القواعد المتعلقة بتنظيم المحكمة العليا والأجهزة القضائية الأخرى. كما أن السلطة القضائية في البلاد تتسم بوحدة النظام القضائي، بحيث لا يجوز إيجاد أجهزة قضائية استثنائية أو خاصة. علماً بأنّه يمكن إنشاء المحاكم العسكرية في حالة الحرب فقط. كما يمكن للشعب أن يشارك في المحاكم بالصيغة التي يحددها القانون.30

3- 4: الأحزاب وجماعات الضغط:

على الرغم من أن الدستور الذي تمت المصادقة عليه من قبل المجلس الوطني الإريتري عام 1997 يقرّ بحقوق إنشاء الأحزاب السياسية، إلا أنّه ونتيجة تجميد هذا الدستور تم حظر تأسيس الأحزاب السياسية، فلا يوجد حزب سياسي غير الحزب الحاكم والمسمّى ” حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة” والناشئ من الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا بعد الاستقلال. فحزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة هو الحزب الحاكم منذ الاستقلال، وهو الحزب الوحيد المسيطر على مقاليد الأمور في البلاد، بعد حظر الأحزاب الأخرى ولم تجر أي انتخابات حتى الآن. ولا يوجد برلمان ولا نقابات ولا أي مؤسسة من مؤسسات الدولة الحديثة.31

يوجد العديد من التنظيمات الأريترية المعارضة في الخارج والشتات في أوروبا وأمريكا وأستراليا والشرق الأوسط. نظرا لعدم السماح بالمعارضة الداخليّة، ولكنها عديمة الفاعليّة لعدة عوامل من بينها الوجود في الخارج نفسه، وتشتت القيادات والأفرع في عدة دول، بحيث لا يمكن حتى عقد اجتماع شامل إلا عبر تقنية البالتوك، وعدم التنسيق فيما بينها، وانعدام رؤية استراتيجية متكاملة لديها لإحداث التغيير وتطبيق الدستور. ووجود الانقسام العرقي والديني بينها، والتنافس على أمور جانبية. إلا أنها عادة ما تنجح في إبراز معاناة شعبهم إلى العالم، وتعرية النظام وفضح ادعاءاته وأكاذيبه.32 إضافة إلى وجود أذرع مسلحة لبعضها في الداخل، تنفذ حرب عصابات – وإن كانت محدودة القوة والأثر – واغتيالات ضباط في الجيش.

من هذه التنظيمات:

  • حزب العدالة الأرتري.
  • جبهة التحرير الأرتريّة.
  • الحزبالإسلامي الأريتري للعدالة والتنمية
  • جبهة الإنقاذ الوطني الأرترية.
  • الحركة الفيدراليّة الديمقراطية الأرترية.
  • حزب النهضة الأريتري.

وقد انبثق من محاولات توحيد الجهود وتنسيق القوى بين هذه التنظيمات تشكيل المجلس الوطني الأرتري للتغيير الديمقراطي، كمظلّة عامة يراد أن تتحد تحتها جميع حركات المعارضة. ويرأسه السيد حاج  عبد النور. 

المحور الرابع: العلاقات الدولية وعضويّة المنظمات العالميّة

بنظرة عامة في علاقات أريتريا الدولية يمكن ملاحظة نمطين من العلاقات، نمط نادر من العلاقات المتميزة، ونمط غالب من العلاقات المتوترة، فالصنف الأول يلاحظ في علاقات مصالح تقيمها أريتريا مع دول أوروبية وأخرى عربية، وعلاقات استراتيجية ترتبط بها أريتريا مع إسرائيل. والصنف الثاني من العلاقات المتوترة يمكن رصده في عامّة العلاقات الأريترية مع محيطها الإقليمي في دول الجوار والمنظمات الإقليمية وفي المحيط العالمي المتمثل في العلاقة مع الغرب وخاصة أمريكا ومجلس الأمن.

4-1: العلاقات المتميزة:

4-1-1: علاقات المصالح: وتتمثل في بناء جسر للتواصل مع العالم العربي، والتعاون مع القارة الأوربية في مجالات التنمية الاقتصادية والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية، مع ربط تلك التحركات بتصورات واضحة لعلاقاتها مع دول السودان وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا وأوغندا واليمن والمملكة العربية السعودية ومصر.

وقد أكد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في بعض تصريحاته أن كلا من مصر والسعودية مهيأة الآن للدفع باتجاه تعاون إقليمي مشترك لتشكيل آلية فاعلة لأمن البحر الأحمر.33

4-1-2: العلاقة مع إسرائيل: بحكم التركيبة العرقيّة والدينية لمجتمعها كانت التوقعات بأن تنضمّ أريتريا بعد استقلالها إلى عضوية جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لتكتمل الحلقة الناقصة من عروبة البحر الأحمر ذي الأهمّية الاستراتيجيّة في التحكم في الملاحة الدوليّة فيه، ولحماية الأمن القومي العربيّ. وعلى هذا الأساس كان الدعم العربي لحركات التحرر الإريتريّة ضد إثيوبيا، بافتتاح مقرّات لها في عدد من الدول العربية، والإسلامية، وتقديم الدعم المالي والسلاح لها وتوفير التدريب لعناصرها، ومنح الوثائق الرسمية لتسهيل حركة القادة، وغير ذلك من أنواع الاحتضان والدعم. لكنّ ما حصل كان عكس كل التوقعات، فقد كان تبنّي الغرب للجبهة الشعبية لتحرير أريتريا من كبريات حركات التحرر وقوامها من المسيحيين والماركسيين، وعقد قرانها على الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية كفيلا بحرف البوصلة وتوجيهها نحو الغرب وإسرائيل. وقد امتدّت تأثيرات هذه العلاقة إلى علاقات أريتريا بمحيطها العربي وصارت عنصرا مؤثراً في المعادلات التي تحكم تحسين العلاقات أو تدهورها معها وخاصة مع اليمن والسودان.

فبعد استقلال إرتريا نجحت ‘إسرائيل’ في التحول باتجاه إرتريا بما يخدم مصالحها الاستراتيجية ويقوي نفوذها وأمنها في البحر الأحمر حيث تم التطبيع الرسمي للعلاقات بين ‘إسرائيل’ والحكومة الإرترية المؤقتة بقيادة إسياس أفورقي عام 1991م. واعترفت ‘إسرائيل’ بدولة إرتريا مقابل السماح لها ببناء القواعد ‘الإسرائيلية’ في إرتريا وضمان عدم انضمام إرتريا إلى جامعة الدول العربية وإبعاد هوية الدولة الإرترية عن التوجه العربي الإسلامي. وقد بلغت هذه العلاقات قمتها بقيام الرئيس الإرتري بزيارتين لفلسطين المحتلة 48 تحت غطاء الاستشفاء من مرض الملاريا الدماغية وذلك في شهري يناير وفبراير 1993م حيث تم تعيين ‘إسرائيل’ سفيرا لها في أسمره تم اعتماد أوراقه في مارس 1993م وكذلك التوقيع علي العديد من اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الطرفين التي شملت فيما بعد كافة المجالات السياسية والعسكريّة والأمنية والاقتصاديّة وحتى الثقافية.34

وقد مرّت العلاقة الأريتريّة مع إسرائيل بحالات فتور وتراجع كبير على خلفيّة دعم الأخيرة لغريمتها إثيوبيا في مجال التسلّح، وتكرّر الاختراق الإثيوبي للحدود الأريترية بعيداً عن التغطية الإعلامية ، إضافة إلى التوترالكبير في مسألة الهجرة غير الشرعية للمواطنين الإرتريين للأراضي التي يحتلها الكيان الإسرائيلي حيث تجاوز عددهم الأربعين ألفاً وفق مصادر مطلعة، وعدم التعاون في حل مشكلة الهجرة والعودة الطوعية. إلاّ أنه يعدّ من أحدث التطورات في هذه العلاقة أن إسرائيل أنجزت خلال هذا العام 2016 بناء أكبر مرصد لها في حوض البحر الأحمر، في منطقة استراتيجية، داخل أريتيريا، في منطقة جبلية، ويهدف هذا المرصد إلى مراقبة منطقة باب المندب الاستراتيجية، وضمان عدم تحولها إلى تهديد للمصالح الإسرائيلية في جنوب البحر الأحمر، ولاسيما حركة السفن والتجارة الإسرائيلية. وصار من مستجدات الوظائف اليومية لهذا المرصد مراقبة قوات التحالف العربي التي تنفذ عملياتها في اليمن ضد قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وقوات الحوثي المتحالفة معه، ورصد النشاط الإيراني البحري، الذي ازدادت وتيرته على خلفية أحداث اليمن والتطور الملحوظ في العلاقات الإيرانية الإرترية للتعويض عن خروج إيران من دولة السودان المجاورة. وحسب المركز الفلسطيني للإعلام فإن مهمات المراقبة التي سيقوم بها المرصد الإسرائيلي تشمل تحليل حركة القوات البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر، لاسيما بعد أن تمكنت قوات التحالف من استئجار ميناء بحري في جنوبي إرتريا لأغراض الدعم اللوجستي وعمليات الإخلاء الطارئة. وتشمل المهام مراقبة دولة السودان المجاورة التي يتهمها الكيان الإسرائيلي بالمساعدة في إيصال السلاح للمقاومة الفلسطينية.35

4-2: العلاقات المتوترة

4-2-1: علاقة أريتريا بدول الجوار والغرب والمنظمات الإقليمية والدوليّة: علاقات أريتريا بمحيطها وبدول العالم والمنظمات الأمميّة تتسم بالتوتر والتقلب والاضطراب. فعلاقاتها مع جيرانها تتوتر مع طر ف في حين، وتهدأ مع طرف في حين آخر، ولا تستقرّ على حالة واحدة، ويمكن النظر إلى النزاعات التالية كعلامات مميزة في مسار علاقة أريتريا مع دول الجوار والمنظمات الدولية والإقليمية:

4-2-1-1: النزاع مع إثيوبيا: فعلاقة أريتريا بإثيوبيا الجارة التي انفصلت عنها تأتي على رأس هذه العلاقات المتوترة، ويرجع هذا التوتر إلى سبب معلن هو النزاع الحدودي بين البلدين، وأسباب خفيّة منها التنافس القائم بينهما في الهيمنة على منطقة القرن الإفريقي كقوة عظمى فيها، إضافة إلى تنازع من يتبوأ مركز رعاية المسيحية في شرق إفريقيا على رأي أصحاب نظرة الدين السياسي.

إذ أنه بعد استقلال أريتريا عن إثيوبيا لم ترسم الحدود بينهما، مما أدّى إلى توتر مسلّح بينهما في مايو 1998. وفي مطلع عام 2000 تطور النزاع بينهما إلى حرب شاملة احتلت على إثرها القوات الإثيوبية مناطق واسعة من أريتريا. وفي ديسمبر من العام 2000 وقع البلدان على معاهدة للسلام برعاية مجلس الأمن الدولي تضمّنت إحدى فقراتها الموافقة على تشكيل لجنة لترسيم الحدود بين البلدين. حيث أصدرت اللجنة حكما نهائيًّا ملزما في فبراير 2002.36

ومع قبول الطرفين لنتائج التحكيم الدولي، إلاّ أن التوتر بين البلدين بقي على حاله، ولم يشهد تحسّنا في أي فترة، بل ظلت مخاوف اندلاع المواجهات بينهما تطلّ من حين لحين، والحشود العسكرية تستعرض على الحدود بين البلدين، وقد خاض البلدان ما وصف بأنه حرب بالوكالة في الصومال إبّان تدخل إثيوبيا في الصومال عام 2006 لمساندة الحكومة الصومالية المشكلة في كينيا برئاسة العقيد عبد الله يوسف أحمد في مواجهة قوات المحاكم الإسلامية التي سيطرت على أجزاء واسعة من البلاد وتمكنت من طرد أمراء الحرب من العاصمة مقديشو وأقاليم أخرى. فقدمت أريتريا الدعم لقوات المحاكم واستضافت تحالف إعادة تحرير الصومال المتشكل من المحاكم الإسلامية والمناهض للوجود الإثيوبي بالبلاد، ومنحته مقرًّا في بلادها.

4-2-1-2:النزاع مع اليمن: كما دخلت إريترية صراعاً مع اليمن بسبب احتلال القوات الإريترية أرخبيل حنيش الكبرى اليمنية في البحر الأحمر، ذات الأهمية الاستراتيجية لوقوع الجزر في طريق الملاحة البحرية بين مضيق باب المندب وقناة السويس. وعلى الرغم من الاتفاق على معالجة المسألة سلمياً في 3/5/1996 فقد استمر احتلال الجزر حتى حكمت محكمة العدل الدولية بتبعيتها لليمن في تشرين الأول عام 1998.37 وقد دفع هذا التوتر بأريتريا إلى تصنيف اليمن ضمن محور ثلاثي متآمر على سيادة أريتريا، كما سنرى في الفقرة التالية.

4-2-1-3:النزاع مع السودان: كذلك لم ينج السودان من التوتر مع أريتريا التي اتهمها مراراً بدخول قواتها الأراضي الحدودية ضمن مخطط أريتري لفصل شرق البلاد عن باقي السودان، وهي التهمة التي ظلت تنفيها أريتريا، متهمة السودان في المقابل بدخوله في حلف ثلاثي مع إثيوبيا واليمن لإسقاط النظام في أسمرة وفق تصريحات أدلى بها الرئيس أسياس أفورقي في حوار أجرته معه صحيفة اليوم في القاهرة بتاريخ: 19 نوفمبر 2002.38

4-2-1-4:النزاع مع جيبوتي: اندلع التوتر بين اريتريا وجيبوتي اثر توغل قوات اريترية في الاراضي الجيبوتية في 16 نيسان (ابريل). وسبق ان تواجه البلدان في 1996 و1999 بسبب تلك المنطقة. وطلبت جيبوتي التدخل من جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي والامم المتحدة في هذا الخلاف، وسترسل الجامعة العربية قريبا بعثة اعلامية الي رأس الدميرة (شمال)، المنطقة الاستراتيجية الواقعة عند بوابة البحر الاحمر وعلي الحدود بين البلدين. ونفت أسمرة ان تكون لها مطامع بأي أراض في جيبوتي مشيرة إلي سوء تفاهم فقط. ودعا الاتحاد الأفريقي إريتريا وجمهورية جيبوتي إلى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس.39

4-2-2:عضويّة إريتريا في منظمة الإيغاد والاتحاد الإفريقي: وهذا أثر آخر من آثار التوتر مع إثيوبيا، حيث قررت الحكومة الأريترية في أبريل /نيسان عام 2007 تجميد عضويتها في الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا ( إيغاد ) احتجاجا على ما وصفته ” بتكرار صدور قرارات غير مسؤولة تعكر السلام والاستقرار في المنطقة مبينة أنها وجدت نفسها مضطرة لإصدار هذا القرار. وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإرترية: إن الحكومة الإرترية لا تود ولا ينبغي لها أن تكون جزءاً من قرارات تعرض للمساءلة القانونية والأخلاقية. وكان الرئيس الإرتري قد شن هجوماً قاسياً على الإيغاد وقال ( إنها مظلة توفر الغطاء للتدخلات الخارجية وتتخذ قرارات على حساب حقوق شعوب المنطقة وتكون سبباً لزعزعة الأمن والاستقرار فيها ) وأضاف ( إن إيغاد هي مجرد هيكل يوظف لتبرير التدخلات والمواقف الأمريكية في المنطقة ) وقال ( إن الحديث عن الإيغاد اليوم يعتبر قد فات أوانه ) مبيناً أنها منظمة مخترقة .40

كما أن الاتحاد الإفريقي هو الآخر طرف في العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن على أريتريا، والتي تمت بدعوة منه في قمته المنعقدة بمدينة سرت الليبية بتاريخ 5/7/2009 حيث دعت القمة مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على أريتريا المتهمة بالمشاركة في تقويض الاستقرار في الصومال من خلال تسليح إسلاميين متطرفين.41

وبلغ الأمر إلى حدّ اتهام تقرير للأمم المتحدة أريتريا بالوقوف وراء مخطط للهجوم على قمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا في يناير – كانون الثاني من عام 2011 وأشار التقرير إلى أن كل الاشخاص الذين اعتقلوا عدا واحدا تلقوا تدريباتهم وأوامرهم من ضباط اريتريين مباشرة. وكان الشخص الاخر الذي اعتقل يتصل بصفة منتظمة بجماعة جبهة تحرير أورومو الاثيوبية المتمردة.42

لكن الجدير بالذكر أن أريتريا لا تزال عضويتها في الاتحاد الإفريقي مفعّلة، رغم بعض التوترات التي قلصت قدرة أريتريا على لعب أدوار فاعلة فيه.

4-2-3: التوتر مع الغرب ومجلس الأمن: وهنا يمكن إرجاع السبب إلى وقوف الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى جانب الدور الإثيوبي في المنطقة وتهميش إريتريا التي بدت كمنافسة إقليمية في لعب هذا الدور غير أن ثقل الدولة وحيوية النظام الإثيوبي وقدرته على إيجاد العديد من المساحات والمصالح مع القوى الدولية قد أسهم في محاصرة الدور الإريتري. فلا تزال أريتريا تخضع لعقوبات فرضها عليها مجلس الأمن بموجب قراره رقم 1907 لعام 2009 القاضي بفرض عقوبات على إريتريا، بعد اتهام النظام الإريتري بتصدير أسلحة لجماعات المعارضة المسلحة في الصومال، كما شدد القرار على وجوب التزام إريتريا بالقرارات الدولية الصادرة خلال الفترة “1992 ـ 2008” بشأن حظر توريد السلاح إلى الصومال، ووقف جميع المساعي الرامية لزعزعة استقرار الحكومة الصومالية أو الإطاحة بها بشكل مباشر أو غير مباشر.43 وقد تمّ تجديد هذه العقوبات في 10/11/2016، وذلك رغم امتناع خمسة من أعضاء المجلس عن التصويت. واعتمد مجلس الأمن قرارا أعدّته بريطانيا بأغلبية عشرة أصوات وامتناع خمسة عن التصويت، دون أن يتضمن جدولا زمنيا لرفع العقوبات رغم طلب الصين وضع الجدول. واكتفى القرار بتقديم وعد بإعادة النظر بالإجراءات العقابية بعد أن تنتهي لجنة الخبراء المكلفة بالإشراف على تطبيق العقوبات من وضع تقريرها المقبل الذي يتوقع أن ترفعه اللجنة إلى المجلس قبل نهاية أبريل/نيسان القادم. بينما ترفض حكومة إريتريا التواصل مع مراقبي الأمم المتحدة ولا تسمح لهم بدخول أراضيها.44 كما قام الرئيس الإرتري أسياس أفورقي بطرد المنظمات الدّولية عام 2000م علي خلفية النزاع مع الجارة اللدود إثيوبيا. 45

المحور الخامس: الحالة الأمنية

أكثر وصف تعبيرا عن حقيقة الوضع الأمني في أريتريا أنه بمثابة النار الهادئة التي ما أن يصل إليها هبوب الرياح حتى يتطاير شررها وتتصاعد ألسنة لهبها، فالاستقرار الشكلي الذي يشهده ألنظام في أريتريا يغطي في لحافه على أوضاع كارثية يعيشها المواطن الأريتري في أمنه الشخصي والعائلي والمالي، ليس من عصابات إرهابية أو صراعات أهلية، وإنما بسبب النظام نفسه الذي وضع الجميع في وضعية رعب وخوف دائم من الاعتقال والتصفية والتعذيب، والتجنيد الإجباري المفتوح مدى الحياة غير المحدد بزمن أو مرحلة عمريّة، والتي تلاحق الجميع حتى أقرب الأقربين ورفاق الدرب، مع تجريم أيّ نوع من المعارضة السياسية، في ظلّ تعليق العمل بالدستور، والحكم في قبضة الرجل الواحد بالحديد والنار حسب مراسيم تنسجم مع مزاج فخامة الرئيس. بحيث بات كلّ فرد تحت مراقبة وملاحقة لا خلاص منها حتى بالهروب إلى الخارج الذي صار حمّى مواطني أريتريا كتدبير لمواجهة هذه الأوضاع الأمنيّة المزرية، حيث عملاء الدكتاتور في كل السفارات يقومون بالمهمّة ذاتها ضدّ الجاليّات، والعقوبات تكون بالحرم من الخدمات العادية، وبإنزال العقوبة الجماعيّة على أهالي من تسول له نفسه محاولة التحرر من بطشة اليد الطويلة للنظام، والموجودين بالداخل.

كل هذه المعاناة وأزيد تغتلي تحت رماد الهدوء واستتباب الأمن الظاهر أنه تحت السيطرة في أريتريا، مما ينذر بتفجّر الوضع في أيّ لحظة بمجرّد أن يغيّر المواطن المسلوب اتجاه تفكيره من الهروب إلى المواجهة، وهو ما سيحدث حتماً في حال ازدادت العراقيل في طريق الهروب والهجرة إلى الدرجة التي تعوق التقدّم فيه كما تتجه إليه أحوال إجراءات السفر وتكاليفها.

وعموماً يمكن النظر في النقاط الآتية على أنها ترسم ملامح الوضع الأمني لدى المواطنين والخلل في الإستراتيجيات التي تتبعها الحكومة التي شرعيتها على المحك أصلا لتثبيته:-

5-1: تهديد العنف المسلح والإرهاب: لاحديث يذكر عن معارضة مسلحة سياسيّة أو حاملة لفكر جهاديّ، كما لا توجد صراعات مسلحة عرقيّة أو دينية، عدا بعض المجموعات المسلحة المتخفية في البراري والجبال، والتي تمثل أجنحة عسكرية لحركات معارضة مشتتة في دول المهجر. ونادراً ما تشنّ حرب عصابات على القوات الحكوميّة أو تقوم باغتيال ضابط أمني أو عسكري على حين غفلة من صنف ما تحدثت عنه الحركة الفيدراليّة الديمقراطيّة الأرترية بمقتل عقيد في عمليّة انتحاريّة في منطقة القاش في يوليو من العام الماضي 2015.46 لكن ممارسات النظام المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان والتضييق على الحرّيّات واستمرار تعليق القانون والحكم بالمراسيم، من شأنها أن تؤدّي إلى ما لا يحمد عقباه، فاستراتيجيّة هروب المواطنين من بلادهم في موجات بشرية رهيبة، وانشقاق المسؤولين الدبلوماسيين، كلها أشكال احتجاجية ما لم تجد صدى من النظام فمن المتوقع أن تتطور إلى تمرّدات وانشقاقات مسلحة، مما يهدد بجرّ البلاد نحو هاوية الحرب الأهليّة المدمرة وانفراط العقد.

وقد وقع ما اعتبر انقلاباً عسكريًّا في 21 مارس من عام 2013 عندما استولت مجموعة من عناصر الجيش الأريتري بمحاصرة مبنى وزارة الإعلام التي تبث منها كافة وسائل الإعلام العامة الوحيدة المرخص لها في إريتريا، وطالبت على الهواء بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.47 ولكن الجنود المنشقين الذين سيطروا على وزارة الإعلام غادروا المكان بعد تسوية حصلت بينهم وبين قوات الجيش، تم بموجبها إطلاق سراح موظفي التلفزيون، الذي استأنف بثه المباشر، وعاد الهدوء إلى العاصمة أسمرة بعد أن انسحبت المدرعات والدبابات من الشوارع.48

وسبق هذه الحادثة حادثتان مماثلتان، أولاهما في عام 1994، عندما حاصر عسكريون، تمّ تسريحهم من الجيش، قصر الرئاسة واقتادوا الرئيس إلى ساحة القصر الخارجية، حيث تلوا عليه بيانا يطالب بتحسين الأوضاع. وبعد تسوية ومفاهمات استغرقت عدة ساعات تدخل فيها كبار قيادات الجيش، تم إنهاء التمرد، وعادت القوات إلى ثكناتها مع الوعد بتحقيق مطالبهم، لكن الرئيس أفورقي قام لاحقا باعتقال قيادات التمرد وزج بهم في السجون، ولم يعرف مصيرهم حتى اليوم. أما التحرك الثاني فكان في العام 2001، وهو الأخطر من نوعه، حيث قاده 15 شخصا من القيادات العليا من ضمنهم نائب الرئيس وأربعة وزراء، وقياديين من الحزب الحاكم، والذين طالبوا أفورقي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتطبيق الدستور ومحاسبة المتسببين في حرب مع أثيوبيا. واعتبر المراقبون أن أكبر تحدّ واجهه أفورقي هو انقلاب زملائه عليه، والذين قدموا عريضة طالبوه فيها بالتنحي عن السلطة، واتهموه بتعمد تطويل أمد الحروب مع دول الجوار حتى لا يتم تطبيق الدستور الذي ظل مجمدا منذ إقراره منذ 1997.49

تهديد الصراع العرقي والديني: المسألة العرقية والثقافية بالغة الحساسية، خاصّة في مجتمعات العالم الثالث التي ليست لديها المناعة الاستيعابية والتقبلية ضد شرورها، وواقع التعدد العرقي والثقافي في أريتريا يستدعي التعامل معه بحذر، ناهيك باللعب على وتره على نحو ما ظلت أوساط معارضة تتهم النظام باستهداف المواطنين على أسس عرقيّة أو دينية، وتحيزه لعرقيّة التجراي والمسيحيين. كما ورد في تصريحات العديد من رجالاتهم، منهم المعارض محمد إدريس جاوج الذي ذكر في معرض الحديث عن أسباب هروبه أن النضال الإريتري تم اختزاله بعد الاستقلال في فئات قليلة وشخص واحد. وأنه يؤمن بوحدة الشعب الإريتري وسيادة واستقلالية القرار الإريتري ورفض التقسيمات على أسس إثنية وعرقية وقومية في بلاده.50

إن حالة الاحتقان جرّاء ممارسات الحكومة التمييزية والإقصائية والتهميشية على أسس عرقيّة أو دينية من شأنها أن تدفع باتجاه انفجار صراعات عرقيّة ودينيّة، تفتح أبواباً من الجحيم، تأتي على كلّ مقومات بقاء الكيان الإريتري ما لم يتمّ تدارك الوضع من قبل من يشتبه محلّيًّا ودوليًّا بخطفهم القرار بهذه البلاد.

5-2: انتهاك حقوق الإنسان: وضع حقوق الإنسان في أريتريا مقلق للغاية في ظلّ رئاسة الرجل الواحد الذي يصفه معارضوه بأنه يحكم البلاد بالحديد والنار بعد أن قام بتجميد الدستور، وقضى على رفاق دربه من جبهة التحرير الأريترية والتي كان قوامها من المسلمين وأصحاب التوجه العربيّ. بل وقضى على الذين قدموا خدماتهم لشخصه لسنوات طويلة في الميدان، وبعدها أيضًا في الحكومة الإرترية، أمثال هيلي ولدتنسائي (درع)، ومحمود شريفو، وإسطيفانوس سيوم، وبيطروس سلمون، وجرمانو ناتي، وأستير فسهاظيون، وبرهاني جرزجيهير وغيرهم، تم زجهم في جحيم سجن “عيرا-عيرو” حيث مات البعض منهم، بينما ينتظر البعض الآخر موته في عذاب. وذلك لمجرد أنهم دعوا إلى البدء بالعملية الديمقراطية والدعوة إلى الإصلاح. فضلا عمّا يشاع من الأوساط المعارضة بأن الرجل يتبع سياسات تمييزية على أساس الدين والعرق، حيث إنّ هؤلاء الذين يسجنون ويتم تصفيتهم بمختلف الأساليب يحدث لهم ذلك لكونهم إرتريين بارزين ليسوا من ذوي الأصول التجراوية.51

إضافة إلى وجود أنواع عديدة من انتهاكات حقوق الإنسان والحجر على الحريات الأساسية تمّ رصدها، وتوثيقها، من التجنيد الإجباري للأطفال والمسنين، وتنفيذ إعدامات بدون محاكمة، وتهيمن على أوضاع المواطنين عوامل الخوف والرعب دون أن تكون هناك أية بوادر تنقذه أو تحميه منها، وممارسة التمييز على أساس الدين، حيث تتهم الأقلية التجرينيا المسيحية المسيطرة على الحكم باضطهاد الأغلبيّة المسلمة وإقصائها وتهميشها، كما واعتقال المعارضين السياسيين وملاحقتهم خارج نطاق القانون.

ولا يزال مستمرًّا ﻏﻴﺎب ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌﺪام ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن؛ وﻇﻠﺖ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺤﻈﻮرة؛ وﻟﻢ يسمح ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ. واﺳﺘﻤﺮت اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻟﺘﻨﻘﻞ. وﻇﻞ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻟﺘﻌﺴﻔﻲ ﺑﺪون ﺗﻬﻤﺔ أو ًﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺳﺎﺋﺪا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻵﻻف ﺳﺠﻨﺎء اﻟﺮأي.52

كما عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في إرتيريا، ودعا حكومة أسمرا إلى ضرورة إجراء إصلاحات داخلية، وذلك على لسان مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد فيدريكا موغيريني -خلال زيارتها مقرّ الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في نوفمبر من العام الماضي 2015 والتي قالت: إن الاتحاد الأوروبي يعمل على تشجيع الحكومة الإريترية لإجراء إصلاحات داخلية والعمل على تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وحل النزاعات والانتقال السلمي للسلطة واحترام الدستور والمواثيق وإتاحة الفرص. مشدّدة على “أهمية إصلاح الوضع داخل إريتريا في تعزيز السلام والاستقرار في الإقليم والحد من هجرة الإرتيريين المتزايدة “. وأشارت إلى أنّ إصلاح الوضع داخل أريتريا هو الحل الأمثل لمواجهة أزمة اللاجئين الأرتريين.53

5-3: هروب الشباب من البلاد: ونتج عن أسلوب تطبيق برنامج الخدمة الوطنية والممارسات القاسية المصاحبة له هروب عشرات الآلاف من الشباب، وتعرض المئات منهم للموت في الصحارى والبحار، وبسبب إطلاق الرصاص عليهم من قبل حرس الحدود الإريتري أو من قبل شرطة الدول التي يحاولون اجتياز حدودها. ومُنع السفر إلى الخارج حتى بالنسبة للأطفال في سن الخامسة، وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.54 فقد ورد في تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2016 أنّه اﺳﺘﻤﺮ آﻻف اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻲ ﻣﻐﺎدرة اﻟﺒﻼد ﻫﺮﺑﺎ من اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪودة، وﻫﻲ ﻧﻈﺎم ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺒﻼد ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻋﻤﻞ اﻟﺴﺨﺮة. وﺧﻼل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﻴﻒ ﺷﱠﻜﻞ اﻹرﻳﺘﺮﻳﻮن ﺛﺎﻟﺚ أﻛﺒﺮ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻮرﻳﻴﻦ واﻷﻓﻐﺎن، وأﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻘﺪوا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺣﻠﺔ.55

وقدرت المفوضيّة السامية للأمم المتحدة للاجئين أعداد من يفرون من أريتريا بخمسة آلاف شخص شهريًّا.56

وهناك تقديرات بأن ما يتجاوز 25% من سكان أريتريا يعيشون في الشتات.

والأبشع أن الهرب نفسه صار تجارة ومصدر دخل للحكومة؛ فمجرد استخراج الجواز يكلف على الأقل 2500 دولار أمريكي، ورغم ذلك ليس الحصول عليه متاحا لكل من يستطيع دفع الأموال، فالحصول على جواز سفر مهما كان باهظا ثمنه، ليس بالأمر السهل. كل من يتقدم يجب أن يمر عبر الحزب الحاكم الاريتري – الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدل، الذي له ممثلون ضمن الجاليات في الشتات. يقرر الحزب الحاكم من يستطيع التقدم من السفارة، وغالبا ما يطلب ما يوصف بأفضل حال كمحّفز مالي لإجراء المعاملة.57

ويقول لاجئ اريتري “اذا كنت جزءا من المعارضة هنا، واذا شاركت في مظاهرات، يحجبونك في المراحل الأولى، حتى أن لديهم فيديوهات، لذا فأينما تذهب، يحظرون ويحجبونك أوتوماتيكيا ويبلغون السفارة عنك”. كما يتعرض هؤلاء الهاربون لابتزاز حكومة أسمرا أينما كانت وجهتهم، وذلك من خلال عملاء النظام في سفاراته بالدول التي يلجأون إليها، فتذكر التقارير أن على الفرد الأرتريّ في المهجر أن يدفع ضريبة دخل بنسبة 2% إلى السفارة بانتظام منذ يوم مغادرته، وأحيانا تكون النسبة أكثر حسب طلب السفارة. وفي حال حاول الرفض أو أبدى انزعاجه فإن الحكومة لديها الكثير من أساليب الابتزاز وتكتيكات الضغوط من أجل إجبار الفرد على دفع الضريبة كالتهديد بالعنف وكالعقاب الجماعي بأنّ عائلته في أرتريا ستدفع الثمن باهظا وتتعرض للعقاب الجماعي بالسجن والتعذيب وحتى القتل.58

5-4: هروب الدبلوماسيين: وهي ظاهرة احتجاجيّة ضدّ سياسات القمع وسلب الحرّيّات التي اتسمت بها إدارة أفورقي، وقد بدأ مسلسل هروب الدبلوماسيين الإريتريين عام 2001، عقب اعتقال الحكومة الإريترية  15 مسؤولا سابقا كانوا مناوئين لسياسات أفورقي، وهي المجموعة التي عرفت لاحقا باسم “المجموعة الإصلاحية”.

ومن أبرز المنشقين السفير أدحانوم جبري ماريام سفير إريتريا لدى نيجيريا عام 2002، وسفير إريتريا لدى السودان عبد الله أدم 2003، وسفير إريتريا لدى الصين محمد نور أحمد عام 2004، وهيلي منغريوس مندوب إريتريا لدى الأمم المتحدة، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في كل من السودان وجنوب السودان والاتحاد الأفريقي، عام 2003. ومحمد إدريس جاوج، السكرتير الأول لمندوب إريتريا لدى الاتحاد الأفريقي عام 2015 الذي ذكر غداة هروبه في لقاء بثّه التلفزيون الإثيوبي أن انشقاقه سببه “غياب مؤسسات الدولة وانعدام الحرية، وأنّه ناضل 35 عاما من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية، ولكن بعد التحرير حولت الحكومة الإريترية البلاد إلى دولة تعيش دون دستور ولا حرية ولا عدالة ولا مساواة، وإن النضال الإريتري تم اختزاله بعد الاستقلال في فئات قليلة وشخص واحد”. وأضاف أنه يؤمن بوحدة الشعب الإريتري وسيادة واستقلالية القرار الإريتري ورفض التقسيمات على أسس إثنية وعرقية وقومية في بلاده.59

خاتمة

إذا، هذه الصورة القاتمة هي صورة أرتريا، ولا بدّ من تجاوزها بأريتريا لإنقاذها من خطر محقق إذا استمرّ الوضع بهذه الوتيرة، وما دام النظام القائم هو خالق هذه الصورة الذي اختارها بإدارته، ومطورها على مدى ثلاث وعشرين سنة أكثر،مخالفا بذلك رغبة المواطنين الأرتريين الذين ضحّوا بكلّ غال ونفيس طيلة سني الكفاح الممتد ثلاثين عاماً من أجل الحصول على حرّيتهم. فإن كونه جزءاً في مسيرة إنقاذها ميؤوس منه، وبات رحيله ضرورة وشرطاً أساسيًّا لنجاح عمليّة كهذه. تسلبه مميزاته التي أعطاها لنفسه، وابتكر الأساليب على مدى الزمن للمحافظة عليها.

فالأمل معقود على القوى الوطنية المعارضة السياسية في الداخل وفي الشتات، وكذلك الأذرع المسلحة في الجبال والبراري. بأن يضطلعوا بجدّ بمهمة إحدث التغيير الديمقراطي الذي يتوق إليه ملايين الإرتريين الذين عانوا ويعانون من مصادرة حريّاتهم وقرارهم، وحرمهم لقمة عيشهم والاستفادة من ثروات بلادهم، والمعرضين للطرد والتفريغ من البلاد. وذلك يقتضي العمل على صعيدين: صعيد تأهيل المعارضة ذاتها للاطلاع بالمهمة العظمى التي تملي تطلعات الشعب الأرتري أن تقبل عليها، وهي تحقيق التوحيد الفعلي لجهود القوى الوطنية المبددة، وبلورة رؤية واسترتيجية موحدة توجه عمل هذ القوى بما يحقق الهدف الأسمى، وقبل ذلك أن تتعالى القوى الوطنيّ المعارضة على التنافس في سفاسف الأمور الجانبيّة، والاتصاف بالتوجه والعمل التحميعي والتوحيدي والحصانة ضدّ الفكر والنظر التقسيمي على أسس عرقيّة أو ثقافية أو دينيّة، والتي طالما أسهمت في إضعاف موقف المعارضة طيلة المرحلة المنصرمة.

وعلى الصعيد الميداني على القوى الوطنية أن تراهن على الخيار الدبلوماسي لفضح مخازي النظام وانتهاكاته للحقوق وتخبطاته ومحاصرته دبلوماسيّا وفرض العزلة عليه من خلال وعي مطالبهم العادلة وعرضها على الجهات الدولية المعنيّة بالديمقراطيات وحقوق الإنسان وطلب فض شراكتها مع النظام الذي أجرم بحق شعبه كل هذه الجرائم، ولا يزال يفكّر في اختراع ما هو أسوأ. وكذلك تقديم شكوى رسمية عن رأس النظام إلى محكمة العدل الدولية وطلب القصاص منه، خاصة وأنّ جميع العالم مطلع على جرائمه، وينتظر أن تحرك الملف الجهات صاحبة الحق وأولها الشعب الإرتري ممثلاً في شرفائه من المعارضة الرافضين للممارسات الدكتاتورية والمنشقين على نظامها.

هذا التوجه كفيل بتحقيق تطلعات الشعب في القضاء على الدكتاتورية وإحداث التغيير الديمقراطي الذي يستوعب كافة مكونات الشعب الأرتري ويتيح فرص المشاركة للجميع بصورة عادلة، بعيداً عن التمييز والتسلط والاستبداد.

1– أريتريا. موقع وزارة الخارجيّة المصرية على الرابط: http://www.mfa.gov.eg/Arabic/ConsularServices/TravelGuide/Details/Pages/CountryDetails.aspx?country=Eritrea

2– أريتريا – الإحصائيات وعدد السكان. مدونة actualitix على الرابط:

http://ar.actualitix.com/country/eri/ar-statistics-population-eritrea.php

3– أريتريا. موسوعة المعرفة. الرابط: http://www.marefa.org/index.php/%D8%A5%D8%B1%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

4– أريتريا. موسوعة المعرفة. الرابط: http://www.marefa.org/index.php/%D8%A5%D8%B1%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

5– أريتريا معلومات وصور. موقع لفلي سمايل. 22-3-1428 هـ على الرابط: http://www.lovely0smile.com/Msg-1463.html

6– الإسلام في أريتريا. موسوعة ويكيبيديا الحرة. تاريخ الزيارة 23/11/2016. الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

7– محمد الجابري. موسوعة دول العالم حقائق وأرقام ص 67 على الرابط: https://books.google.com/books?id=Z5_JDAAAQBAJ&pg=PA67&lpg=PA67&dq=%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7+%D8%AA%D8%AD%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A&source=bl&ots=TAJ3mNIIia&sig=jLD1HJ-MUNPWfa52Zmb0QM_B6_c&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwjk8rj02rfQAhVjjFQKHUmZC5YQ6AEIaTAJ#v=onepage&q=%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7%20%D8%AA%D8%AD%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A&f=false

8– إسلام أون لاين. تاريخ الدخول 20/11/2016 على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

9– ويكيبيديا الموسوعة الحرّة. على الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D9%88%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D9%84%D9%87

10– إسلام أون لاين. تاريخ الدخول 20/11/2016 على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

11– محمد الجابري. موسوعة دول العالم حقائق وأرقام ص 67 على الرابط: https://books.google.com/books?id=Z5_JDAAAQBAJ&pg=PA67&lpg=PA67&dq=%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7+%D8%AA%D8%AD%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A&source=bl&ots=TAJ3mNIIia&sig=jLD1HJ-MUNPWfa52Zmb0QM_B6_c&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwjk8rj02rfQAhVjjFQKHUmZC5YQ6AEIaTAJ#v=onepage&q=%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7%20%D8%AA%D8%AD%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A&f=false

12– محمد عاشور. ” استقلال أريتريا ..أعوام مديدة من التضحيات”. 1/1/2000 من أرشيف إسلام أونلاين على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

13– موسوعة مقاتل من الصحراء على الرابط: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/karn-Afric/sec11.doc_cvt.htm

14– محمد عاشور. ” استقلال أريتريا ..أعوام مديدة من التضحيات”. 1/1/2000 من أرشيف إسلام أونلاين على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

15– موسوعة مقاتل من الصحراء على الرابط: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/karn-Afric/sec11.doc_cvt.htm

16– محمد عاشور. ” استقلال أريتريا ..أعوام مديدة من التضحيات”. 1/1/2000 من أرشيف إسلام أونلاين على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

17– موسوعة مقاتل من الصحراء على الرابط: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/karn-Afric/sec11.doc_cvt.htm

18– محمد عاشور. ” استقلال أريتريا ..أعوام مديدة من التضحيات”. 1/1/2000 من أرشيف إسلام أونلاين على الرابط: http://archive.islamonline.net/?p=67

19– موسوعة مقاتل من الصحراء على الرابط: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/karn-Afric/sec11.doc_cvt.htm

20– موسوعة المعرفة على الرابط: http://www.marefa.org/index.php/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A5%D8%B1%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

21– أريتريا. الموسوعة الحرّة ويكيبيديا. على الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

22– – أريتريا. الموسوعة الحرّة ويكيبيديا. على الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

23– عبد القادر محمد علي. أريتريا الدولة المجمدة. موقع الخليج أونلاين الإعلامي. 24/11/2014 على الرابط: http://klj.onl/4We8u

24– عبد القادر محمد علي. أريتريا الدولة المجمدة. موقع الخليج أونلاين الإعلامي. 24/11/2014 على الرابط: http://klj.onl/4We8u

25– عبد القادر محمد علي. أريتريا الدولة المجمدة. موقع الخليج أونلاين الإعلامي. 24/11/2014 على الرابط: http://klj.onl/4We8u

26– https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

27– المواد 61، 62، 63، 66 من الفصل الرابع من مسودة دستور أريتريا الانتقالي على الرابط : http://www.strategyadi.org/index.php/component/content/article/34-news-and-views/406-2011-11-18-17-03-54

28– المواد 68، 69، 73 من الفصل السابع من مسودة دستور أريتريا الانتقالي على الرابط : http://www.strategyadi.org/index.php/component/content/article/34-news-and-views/406-2011-11-18-17-03-54

29– المواد 45 ، 46، 47، 48، 49، 50 من الفصل الرابع من مسودة دستور أريتريا الانتقالي. على الرابط: http://www.strategyadi.org/index.php/component/content/article/34-news-and-views/406-2011-11-18-17-03-54

30– المواد 82، 83، 84، 85، من الفصل التاسع من مسودة دستور أريتريا الانتقالي على الرابط: http://www.strategyadi.org/index.php/component/content/article/34-news-and-views/406-2011-11-18-17-03-54

31– https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

32– تقرير عن الاجتماع الجماهيري في لندن. الموقع الإعلامي لجبهة الإنقاذ الوطني الأرترية. 19/10/2014. على الرابط: http://www.dehnet.org/?p=3843

33– د. أيمن السيد عبد الوهاب. إريتريا : إشكاليات بناء الدولة والتفاعل مع بيئة إقليمية مضطربة (2-2). المركز العربي للبحوث والدراسات. 13/أبريل/2016. على الرابط: http://www.acrseg.org/40107

34– – مراحل نمو العلاقة الإريترية الصهيونية ومجالاتها. موقع مفكرة الإسلام. 6/11/2002 على الرابط: http://islammemo.cc/2002/11/06/2287.htm

35– جاد منصور . اسرائيل تدخل باب المندب وتمارس التجسس على التحالف. موقع إبّ برس الإعلامي. 20/6/2016. على الرابط: http://3ajl.net/v/361012

36– أريتريا. موسوعة kacemb. على الرابط: http://enc.kacemb.com/eritrea/

37– موسوعة المعرفة على الرابط: http://www.marefa.org/index.php/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A5%D8%B1%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

38– أفورقي يتحدث في القاهرة . حوار مع الرئيس أفورقي . صحيفة اليوم الثلاثاء الموافق 19 نوفمبر 2002 العدد 10749 على الرابط: http://www.alyaum.com/article/1032758

39– الجامعة العربية تحذر من اندلاع المواجهات بين اريتريا وجيبوتي. مركز عدوليس الأرتري للخدمات الإعلامية. 2008-05-15 على الرابط: http://www.adoulis.net/entry.php?id=1826

40– إرتريا تعلق عضويتها في الإيغاد. مركز عدوليس الإريتري للخدمات الإعلامية. 22/4/2007. على الرابط: http://www.adoulis.net/entry.php?id=1186

41– صحيفة الوسط. العدد 2494 – الأحد 05 يوليو 2009م الموافق 12 رجب 1430هـ على الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/10609.html

42– تقرير: اريتريا وراء مخطط للهجوم على قمة للاتحاد الافريقي. صحيفة الراكوبة السودانية. 07-29-2011 على الرابط: http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-26009.htm

43– د. أيمن السيد عبد الوهاب. إريتريا : إشكاليات بناء الدولة والتفاعل مع بيئة إقليمية مضطربة (2-2). المركز العربي للبحوث والدراسات. 13/أبريل/2016. على الرابط: http://www.acrseg.org/40107

44– موقع الجزيرة نت الإخباري. على الرابط: http://www.aljazeera.net/news/international/2016/11/11/%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

45– https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

46– قتل عقيد في عملية فدائية في القاش. الموقع الإخباري للحركة الفيدراليّة الديمقراطيّة الأرترية.21/7/2015. على الرابط: http://federalia.org/2015/07/%d9%82%d8%aa%d9%84-%d8%b9%d9%82%d9%8a%d8%af-%d9%81%d9%89-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d8%af%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b4/

47– موقع الجزيرة الإخباري على الرابط: http://www.aljazeera.net/news/international/2013/1/21/%D8%A3%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

48– موقع العربية الإخباري على الرابط: http://www.alarabiya.net/articles/2013/01/24/262280.html

49– موقع العربية الإخباري على الرابط: http://www.alarabiya.net/articles/2013/01/24/262280.html

50– خبر سكرتير مندوب إريتريا بالاتحاد الأفريقي ينشق عن حكومة بلاده. صحيفة المصريّون. 12 مايو 2015. على الرابط: https://almesryoon.com/%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%88-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/738701-%D8%B3%D9%83%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A8-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B4%D9%82-%D8%B9%D9%86-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%87

51– تسفاظيون مدهاني. إرتريا كوطن أم..المشكلات والتحديات التاريخية والراهنة. ورقة بحثيّة جامعة بريمن .تـــرجمــة: زين العابدين محمد علي “شوكاي” سبتمبر 2012 . من موقع مركز قاش للمعلومات

على الرابط: http://www.gash-barka.com/index.php/documents/studies-and-research/405-eritrea-as-homeland

52– منظمة العفو الدولية . التقرير السنوي. عام 2015/2016. إريتريا ص 61

53– موقع الجزيرة نت الإخباري. على الرابط: http://www.aljazeera.net/news/humanrights/2015/10/21/%D9%82%D9%84%D9%82-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

54– ياسين محمد عبد الله. ماذا يجري في أريتريا؟. موقع الجزيرة نت. المعرفة. 26/1/2013. على الرابط: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2013/1/26/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%8A%D8%AC%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7

55– منظمة العفو الدولية . التقرير السنوي. عام 2015/2016. إريتريا ص 61

56– موقع الجزيرة الإخباري. على الرابط: http://www.aljazeera.net/news/international/2015/7/30/%D8%AE%D9%85%D8%B3%D8%A9-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%B4%D8%AE%D8%B5-%D9%8A%D9%81%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A%D8%A7

57– كيف تسيطر أريتريا على منفييها. Daniel Campos . 2016-01-27. على الرابط: http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/middle-east/100686-160127-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1-%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%87%D8%A7%D8%9F

58– كيف تسيطر أريتريا على منفييها. Daniel Campos . 2016-01-27. على الرابط: http://www.i24news.tv/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/middle-east/100686-160127-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1-%D8%A3%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%87%D8%A7%D8%9F

59– خبر سكرتير مندوب إريتريا بالاتحاد الأفريقي ينشق عن حكومة بلاده. صحيفة المصريّون. 12 مايو 2015. على الرابط: https://almesryoon.com/%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%88-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/738701-%D8%B3%D9%83%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A8-%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B4%D9%82-%D8%B9%D9%86-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%87

زر الذهاب إلى الأعلى