خلال أسبوع واحد فقط من شهر يونيو لعام 2020م وقفت على وفاة ثلاث سيدات صوماليات وهن في وضع ولادة بشكل مفاجئ ومن دون أعراض سابقة تُنبئ باحتمالية وفاتهن او تدهور صحتهن ، بل كان كل شيء على ما يرام إلى أن جاء ما لم يكن بالحسبان ، وفاة ثلاث سيدات بحسب تقارير صندق الأمم المتحدة للسكان (UNFP) الصادرة في عام 2016م و 2018م و2019م يعني وفاة سيدة صومالية واحدة مقابل إثناء عشر سيدة صومالية في وضع ولادة او بعد انتهاء من الولادة خلال (42) يوماً او حتى وفاتها قبل الوصول إلى مرحلة الولادة نتيجة لمضاعفات الحمل ، وهذه النسبة من الوفيات والإصابات و الأخطاء الطبية في الولادة ترتفع بشكل كبير لدى الامهات الصوماليات الآتي يكن في ذروة سنين إنجابهن خاصة ما بين عمر(25-29) و بحسب التقارير الأممية ذاتها لا يوجد فرق كبير بين المناطق الصومالية في معدل وفاة الامهات لكن هناك فرق مُعتبر في معدل وفيات الامهات يرجع إلى مكان إقامة الأم من مدينة او بادية او ريف ويكون هذا الفرق لصالح الأم المٌقيمة في المدينة .
وهذا النسبة المرتفعة من وفيات دفعت العديد من الجهات المهتمة عمل بحوث مسحية يحاولون فيها الوقوف على الاسباب التي قد تقف خلف استمرار نسبة الوفيات من الامهات ، فخلُصت البحوث إلى سبب رئيسي تنطوي تحته كل المسببات الأخرى وهو تدني مستوى الرعاية الصحية المقدمة للأم سواء كان هذا تدني على مستوى العنصر البشري من الأطباء او القابلات إلى أصغر فرد في الرعاية الطبية ،او على مستوى الخدمات الطبية الأخرى من سرعة التدخل و جاهزية أماكن الولادة ، و توفر المستلزمات الطبية الازمة للأم ، او على مستوى التثقيف الصحي من غياب التوعية الصحية الكافية المقدمة للأم و سيطرت الثقافة الصحية الشعوبية على الأم و المجتمع، او على المستوى الإداري من ضعف السياسيات الصحية و وعدم كفاءة القائمين به و غياب نظم المحاسبة والملاحقة للمتسببين بتهور صحة الأمهات ، وهذا الغياب النظمي القانوني بالتحديد ساهم في عدم استشعار المسؤول الصومالي سواء على المستوى المواطن العادي او المواطن المسؤول بفداحة الأخطاء الطبية و إمكانية تحقيق العدالة للضحية ، وبالتالي ساعد بدون وعي منه على استمرار هذه نسبة المرتفعة من والوفيات الوالدات ، وهذا بحد ذاته مصيبة مالم يتم التدارك خصوصاً بأن ثقافة الإنجاب متأصلة في وجدان المجتمع الصومالي ، والمرأة الصومالية هي ايضاً تتمتع بخصوبة عالية جداً مقارنةً بمثيلاتها في العالم حيث يبلغ متوسط إنجاب الأم الصومالية في بونت لاند سبعة أطفال للسيدة الواحدة في المقابل (6.4) ولادات للأم الصومالية في بقيت ربوع الوطن ، فنحن إذا أمام مجتمع ولاد بدون رؤية ولادية واضحة لسنوات ، واستمرار هذه حالة من اللامبالاة المجتمعية دون ثورات صحية عاجلة هو استمرار الموت للام الصومالية.