تشهد عددا من الأقاليم الصومالية منذ شهر مارس الماضي، مواجهات عنيفة بين مليشيات قبلية أسفرت حتى الآن عن مقتل عشرات من المدنيين والمليشيات المتحاربة ، واحراق عدد من المنازل والمواقع بينها مساجد، كما أدت إلى نزوح عشرات آخرين من سكان القرى التي شهدت المواجهات المسلحة بين المليشيات القبلية.
تتزامن تلك المعارك في وقت تخيم أزمة فيروس كورونا المستجد( كوفيد-19) على الأجواء الصومالية وتهدد حياة مئات من السكان ولا سيما في العاصمة مقديشو، حيث تتركز في المرحلة الحالية جميع الجهود الرسمية والشعبية على توحيد الطاقات والجهود من أجل مواجهة هذه الوباء القاتل.
وكشفت وزارة الصحة الصومالية، يوم أمس الأول الجمعة عن أول وفاة بالمرض. كما أعلنت عن تسجيل 4 حالات جديدة ، أمس السبت إثنين منهم في حالة حرجة، ليرتفع عدد المصابيين بالحائحة في الصومال إلى 21 شخصا.
وقعت أشد المعارك القبلية خلال الأيام القليلة الماضية في :
- بلدة ولانوين على بعد 90 كلم جنوب العاصمة مقديشو، وأدت تلك المعارك إلى مقتل أكثر 10 أشخاص واحد منهم قتل ذبحا في منزله ، وتم حرق جثته بحسب تصريح لرئيس بلدة ولانوين السابق محمد سيدو عبد الرحمن.
- بلدة فرونتا- هوري في اقليم جلمدغ بالقرب من الحدود بين الصومال وإثيوبيا وأسفرت تلك المواجهات، بحسب شهود عيان مقتل 15 شخصا وإصابة أكثر من ذلك بجروح. والجدير بالإشارة إلى أن معارك قبلية أخرى وقعت في قرى بين مديني عبود واق وعذاذو بولاية جلمدغ وسط البلاد، قبل أن تنجح قوات الولاية في إيقافها وابعاد المليشيات من خطوط المواجهات.
- قرى تقع غرب مدينة كسمايو في أقصى الجنوب، وأدت اشتباعات عنيفة دارت بين مليشيات عشائرية استمرت أياما إلى سقوط عشرات من القتلى والجرحة بين المدينين وفي صفوف المليشيات المتحاربة.
- كما وقعت آخر المعارك القبلية، أمس السبت، في قرى ساحلية تابعة لإقليم سناغ في الحدود بين اقليمي أرض الصومال وبونت لاند شمال البلاد وأسفر هذه المعارك أيضا عن مقتل العشرات من الطرفين وحرق منازل ومساجد.
القاسم المشترك بين تلك الحروب هو أنها تدور بين عشائر مسلحة تتصارع على الماء وملكية أراضي الرعي، لكن تغذيها الخلافات والنزاعات بين السياسين المنحدرين من تلك المناطق في المؤسسات الحكومية سواء على المستوى الفيدرالي أو الولائي، وأن تصريحات هؤلاء المسؤولين حول المعارك القبلية تعتبر بمثابة بنزين في النار المشتعلة ويتبادلون الاتهامات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، الأمر الذي يثير تكهنات بإمكانية وجود دور للسياسين في استمرار المعارك القبلية في الصومال.
ومن ناحية أخرى، تبعث المواجهات القبلية التي تتجدد بين الفينة والأخرى في الصومال رسائل تحذير بشأن الأوضاع السياسية الهشة في البلاد إلى الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية وجميع الكيانات السياسية الأخرى على حد سواء ، وتؤكد على الأهمية القصوى للبحث عن أراضية مشتركة وتبني سياسيات أكثر حكمة وتوازنا بين القبائل والعمل من أجل إيجاد حلول في أسرع وقت ممكن لجميع الخلافات وتباين الرؤى بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية للحيلولة دون توسيع دائر المواجهات القبلية ووصولها إلى المدن الكبرى.
كما تعطي تلك المعارك مؤشرات على النتائج السلبية المتوقعة في حال لم تم تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع اجراؤها في البلاد بحلول عام 2021 ولم تجر في موعدها ومدى الخطورة التي تمثل القرارات السياسية الأحادية الجانب والإلتفاف على المطالب الشعبية المشروعة والإنفراد بتقرير القضايا المصيرية وحسمها خارج الإجماع الوطني وبعيدا عن التوافقات السياسية.