بسبب ضعف القطاعات الخدمية في الصومال، والتطور السريع وغير المنضبط الذي يطرأ في نمط حياه المجتمع الصومالي، تعاني مدينة مقديشو كغيرها من مدن الكبرى من مشكلة النفايات البلاستيكية، الأكياس والعبوات والقناني البلاستيكية الفارغة بمختلف أنواعها وأحجامها المتتشرة بصورة عشوائية أمام البيوت وفي الشوارع العامة والطرقات الرئيسية والفرعية بمديريات المدينة وأحيائها القديمة والجديدة الأمر الذي تسبب في تشويه المنظر العام وتنفير الزائرين من التمتع بالأجواء الطبيعية الرائعة لتلك الأحياء ناهيك عما يشكله من خطر جسيم وطويل الأمد على البيئة وحياة الأجيال القادمة وصحتهم والذي سينزف في المستقبل موارد البلاد ويكلف خزينة الدولة بملايين الدولارات.
ما أن تخرج من منزلك أو محلك التجاري في مدينة مقديشو وأحيائها إلا وتقع عيناك أكياسا بلاستيكية تحلق في الهواء تكاد أحيانا أن تقع على وجهك وتحجب منك الرؤية، وتصتطدم قدماك بقناني مياه بلاستيكية فارغة أو تمر أمام كومة كبيرة من المخلفات والنفايات الأخرى تكسو الطرقات والتقاطعات الرئيسية وذلك في ظل غياب مؤسسات حكومية تحس حجم المسؤولية، وتنهض بواجباتها المهنية والأخلاقية تجاة البيئة والمحافظة على النظافة أو مؤسسات مدنية تعمل أو تتطوع في جمع تلك النفايات من البيوت أو الشوارع والطرقات الفرعية.
كما لا يوجد في المدينة مراكز مخصصة لجمع النفايات والمخلفات وإعادة تدويرها وتصنيعها من جديد يمكن الوصول إليها بسهولة.
تعد هذه المشكلة من القضايا العالمية ما من شك في ذلك ، وما من بلد في العالم سواء أكان متقدما أو ناميا أو متخلفا إلا ويشكو من مشكلة المخلفات البلاستيكية وتدفع بعض الدول ملايين الدولارات في مجالات الأبحاث بهدف إيجاد حلول تتخلص من النفيات البلاستيكية ولا تؤثر في نفس الوقت سلبا على الاقتصاد ومن أجل سن القوانيين واطلاق المبادرات ذات العلاقة بالمشكلة ومطاردة مخالفيها.
كما لاننكر أن القضية أكبر حجما من المؤسسات الحكومية في الصومال التي لا تزال في طور النشأة والتكوين بعد سنوات من الحرب والاقتتال ولا تزال تتعثر في التعامل مع قضايا أكثر أهمية منها على المدى القريب مثل الأمن الا أنه في ذات الوقت لا تعفيها بأي حال من الأحوال عن المسؤولية المهنية والأخلاقية تجاه تلك المشكلة وعليها أن تتحلى بقدر من الحس الوطني، والإرتقاء إلى مستوى الخطر الناجم من قضية النفايات البلاستيكية وتخفيفها تبعاتها قبل أن يبلغ السيل الزبى وأن من أضعف الإيمان أن تجمتع مع رجال الأعمال وأرباب المصانع المحلية التي تنتج الأكياس والقناني البلاستيكية وتشجيعهم على التفكير وتقديم حلول إبداعية وإطلاق مبادرات شعبية وحملات توعية لرفع مستوى الشعب وتنمية معرفتهم ازاء مخاطر النفايات البلاستيكية على البيئة وحياة البشر.
لكن أن تكون ساكته أمام هذا الخطر الداهم وهذا الإخلال البشع للمنظر العام، أمر جلل ويندي لها جبين الحياء خجلا.
وفي هذا الإطار ليس من العدل إلقاء المسؤولية على عاتق المؤسسات الحكومية وحدها وإنما ينبغي أن نتحمل جزء كبيرا من هذه المسؤولية وأن ندلي بدولنا في الموضوع ونساهم في معالجة المشكلة عبر ممارسة ضغوط على المؤسسات الحكومية المختصة والتجار الذين يستوردون المواد البلاستيكية وأصحاب المصانع التي تنتجها محليا وحثهم على إتخاذ الإجراءات الضروية لحماية البيئة من الآثار المدمرة للمخلفات البلاستيكية وتذكيرهم بأهمية معالجة الموضوع وخطورته ومن خلال طرح مبادرات مجتمعية وتحركات شعبية تستهدف إلى تنظيف الأحياء من المخلفات البلاستيكية وحث المواطنين على التخلي عن استخدم العبوات والقناني والأكياس البلاستيكية أو أو على الأقل تقليص استخدامها وعدم إلقائها في الشواع والأماكن العامة، والمساهمة في إنشاء مجامع خاصة لتلك المواد في خارج المدن.
ومن أروع ما يمكن استخدامها لجمع القناني البلاستيكية من المواطنين النظام المعمول في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الذي يدعو المواطنين إلى ”ارجاع القناني الفارغة إلى الأسواق الخاصة وايداعها في آلة خاصة بها ويحصل الزبون على مقابل مادي يسير.ويُلزم القانون الألماني المحلات التجارية بدورها بإسترجاع القناني البلاستيكية مقابل استرجاع نسبة من ثمن القنينة الأصلي ولإعادة تدويرها“.