تتعدد الفرضيات والروايات بشأن من يقف وراء التفجير الدامي الذي وقع في نقطة تفتيش للشرطة بمنطقة إكس كنترول أفجوي جنوبي غرب مقديشو، فجر يوم السبت الماضي وأسفر عن مقتل 79 شخصا وإصابة 143 جريحا بحسب تقرير وزارة الصحة في الحكومة الصومالية وكان الهجوم الأكثر دومية منذ تفجير زوبي عام 2017 والذي أودي بحياة ما يقارب 500 شخص.
رغم مرور يومان على الحادثة ، لم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها ، التزمت حركة الشباب التي كانت تتبنى عادة مثل تلك العمليات الصمت المطبق ولم تصدر لحد الآن أي تعليق بهذا الشأن سواء بالإيجاب أو النفي، كما لم تتبن مسؤولية التفجير تنظيم داعش الذي له وجود لافت في بعض المناطق الصومالية أو أي جهة مسلحة أخرى وكذلك لم توجه الحكومة أي اتهام رسمي لجهة معينة وهذا الأمر عقد الأمر وتسبب إلى تعدد الفرضيات والرويات بشأن من يقف وراء الهجوم.
حركة الشباب
سارعت الحكومة في توجيه الاتهامات لجهات ارهابية دون ذكر إسم حركة الشباب ولا الحركات الاسلامية المتمردة الأخرى، وحمل الرئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو مسؤولية الهجوم لجهات ذكر بأنها تعمل لصالح مخططات الارهاب العالمي في إشارة إلى حركة الشباب، وكذلك تعتقد شريحة واسعة من المجتمع الصومالي أن الحركة هي المتهم الأول وذلك لعدة أسباب أبرزها إنها الجهة المسلحة الوحيدة والقوية والظاهرة والقادرة على تنفيذ الهجمات الانتحارية في الصومال وهي التي تعلن عادة عن الوقوف وراء معظم التفجيرات والهجمات المسلحة التي تشهدها البلاد خلال العقدين الماضيين، وباعتبارها المستفيد الأول من مثل هذه الهجمات الدموية. لكننا نتساءل ما إذا كانت هي الجهة الحقيقية وراء التفجير لماذا تظل حتى الآن صامتة ، هل هي صادمة أم لها فيه مآرب أخرى؟ ولماذا لم تبادر اعلان مسؤوليتها عنه؟ نعتقد أنها لن تعترف بمسؤولية تفجير أكيس كنترول لأن الأمر لا يختلف كثيرا عن التفجيرات الدموية التي وقعت في البلاد خلال السنوات الماضية ولم تعلن حركة الشباب مسؤولتها رغم الاعتقاد السائد والقرائن القوية الدالة على وقوفها وراء تلك التفجيرات، مثل تفجير فندق شامو عام 2009 الذي قتل فيه عشرات من أساتذة وطلبة جامعة بنادر وصحفيين بالإضافة إلى وزراء من الحكومة ، وتفجير زوبي عام 2017(500 قتيل) وتفجير سوق كاوغذي (30 قتلا وأكثر من 40 جريحا).
جرت العادة أن تتحاشى حركة الشباب تبني أي هجوم تسبب مقتل نسبة كبيرة من المدنيين لأنها تخاف من انشقاقات داخل صفوفها، حيث تتحدث بعض المعلومات أن هناك خلافات بين قيادها حول المواقع التي يسمح استهدافها أو أنها تخاف من ردة فعل عنيفة من الشعب وازياد عضبهم ورفضهم لممارساتها اللانسانية وخصوصا في ظل تنامي دور منصات التواصل الاجتماعي في تأثيير الرأي العام الصومالي. والدليل القوي بأنها المسؤولة عن الهجوم هو عدم نفيها الاتهامات الموجهة لها والتزامها الصمت وأن السكوت علامة الرضا أو على أقل تريد تعقيد عمليات التحقيق واحراج الحكومة واثارة مزيد من الشكوك داخلها أو بينها وبين الجهات الداعمة لها.
عمل مزدوج
لكن في الوقت ذلك لايمكن استبعاد فرضيات أخرى تحمل مسؤولية الهجوم على طرف ثان خطط ونفذ الهجوم أو على الأقل ساهم أو ساعد حركة الشباب في تنفيذ الهجوم. تتحدث عن مصادر متطابقة بأن سيارة الانتحاري قدمت من اقليم شبيلي السفلى أو شبيلي الوسطى وحدث الانفجار عندما وصلت إلى نقطة اكس كنترول أحد مداخل العاصمة مقديشو ولذلك نتساءل كيف تمكنت سيارة الانتحاري من تجاوز أكثر من 5 نقاط لتفتيش السيارة الداخلة إلى مقديشو ومن ساعدها في ذلك؟ فان هناك تكهنات بوجود طرف ثان يتمتع بنفوذ داخل الحكومة عمل وخطط مع تنظيم الشباب في تنفيذ الهجوم.
أما الرؤية الثالثة تتهم جهة أخرى في خلاف مع القائمين على مشروع بناء الطريق الرئيسي بين مقديشو وأفجوي بمسؤولية الهجوم ، وتقول إن السيارة كانت مركونة في موقع الحدث ولم يقودها انتحاري وكان الهدف منه مقتل مهندسين أتراك كانوا يعملون في هذا المشروع الذي هو ضمن مشاريع تمولها قطر بتكلفة 200 مليون دولار ، وكان المهندسين هدفا لهجمات واغتيالات سابقة نجو منها بحسب تصريح أدلاه مدير الاستخبارات السابقة عبد الله سنبلولشي لقناة العربية .
أما الرواية الثالثة تتحدث عن علاقة بين الهجوم والخلافات السياسية بين الحكومة الاتحادية والأطراف السياسية الأخرى وأن الهدف منه زعزعة الأمن والاستقرار وادخال البلاد في دامة عنف تمهيدا لتأجيل الانتخابات المزمع عقدها في البلاد العام المقبل وتمديد فترة ولاية الحكومة الحالية.