أخيرا، نزل الرئيس من الشجرة وأكد على أن الحوار والتفاهم بين قيادات مختلف مكونات الشعب الصومالي لإنهاء الصراعات والخلافات التي تعصف بالبلاد، هو السبيل الأفضل والوحيد للحفاظ على وحدة البلاد وسيادته واستقلاله والتقدم المحرز خلال السنوات الماضية وللمضي قدما نحو بناء مؤسسات الدولة الوطنية وتحقيق تطلعات الشعب نحو الأمن والاستقرار المفقودين قرابة ثلاثة عقود، والتأكيد على أن سياسة الاقصاء واستخدام العنف السياسي والاستقواء بالخارج لن يجدي نفعا ولن يكون لمصلحة أحد، بل سيخرج الكل من المسرح خاسرا خائبا خالي الوفاض وسيقر حينها بأنه أخطأ في الحسابات وتقدير المواقف، ولكن بعد فوات الأوان.
تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الرئيس محمد عبد الله فرماجو، بإعتباره رئيس البلاد وحامي الدستور، وينبغى أن يكون عاملا أساسيا لتوحيد مختلف شرائج المجتمع الصومالي وقبائله وليس عامل تفكيك، وأن يقف على مسافة واحدة أمام الجميع ويتفادي كل ما من شأنه أن يشكل نكسة للجهود الجارية للطي صفحة الماضي وفتح آفاق ومستقبل واعد وأن الأجتماع الذي عقده مع قيادات المعارضة، أمس الأربعاء، خطوة مهمة نحو الاتجاه الصحيح وهو يدل على النضج السياسي والفهم الدقيق لخطورة الوضع الراهن في الصومال، كما يؤكد مرة أخرى بأن اللغة التي يفهمها الصوماليون ليست سوى لغة الحوار والاقناع وما عدا ذلك لا يفيد الا أن يصب الزيت على النار المشتعلة، وكذلك أكد على أهمية المطالب التي ترفعها المعارضة في استكمال العملية السياسية المتمثلة في اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعها المقرر وضرورة احترام حقوق المواطن وحرياته التي يضمنها الدستور والقوانين والمعاهدات الدولية والكف عن ممارسة سياسات التهديد والوعيد واستخدام الأمن لتحقيق أجندات شخصية، وهذا ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماع أمس الأربعاء.
جاءت خطوة الرئيس متأخرة، وكان يبغى أن يبادرها في وقت سابق وقبل أن تبلغ القلوب الحناجر ويظن البعض الظنون ، لكن أن تأتي متأخرا أفضل بكثير من الا تأتي .
أما قيادات المعارضة فعليهم تقديم مصلحة الوطن والمواطن على مصالحهم الشخصية والفئوية والارتقاء إلى مستوى الأزمة في البلاد وعلى كافة الأصعدة والمطالبة بحقوقهم عبر القنوات الدستورية والشرعية وعدم اللجوء إلى العنف واستخدام كلمات نابية تنكأ الجراح وتوسع هوة الخلافات وتعيد البلاد إلى مربع الأول.