يشغر منصب رئيس بلدية مقديشو منذ وفاة المهندس عبدالرحمن عمر عثمان يريسو أوائل الشهر الجاري متأثّرا بجروح أصابته في 24/يوليو- تموز/2019م عقب استهداف مقر بلدية مقديشو بتفجير انتحاري.
ومع انتهاء المراسم الرسمية لتشييع المرحوم ودفنه، ظهر تنافس محموم بين ساسة مشهورين على كرسي محافظ إقليم بنادر وعمدة العاصمة مقديشو.
ونظرا للمرجعيات والأفكار السياسية والقبلية المتعلّقة بعملية تعيين رئيس بلدية مقديشو، فإنّه يطرح كثير من المراقبين الفئات الرئيسية التي من الممكن أن يتم تصنيف المتنافسين على هذا المنصب، حيث يتم تقسيمهم إلى:
1. فئة تحظى بثقة مسؤولين كبار في الحكومة الفيدرالية: يعتقد بعض المتابعين أن من بين المترشّحين لمنصب رئيس بلدية مقديشو من يتمتع أو يحظى بثقة مسؤولي القصر الرئاسي، حيث يتّفقون معهم في الاتّجاهات السياسية العامة في إدارة البلاد، وفي مقديشو خاصة، ومن هؤلاء السيد يوسف جاللي المدير السابق لوكالة الطقس والطيران، الّذي يعدّ أحد المقرّبين من الرئيس الصومالي السيد محمد عبدالله محمد فرماجو، ومنهم أيضا السيد عمر طغي الّذي يشغل الآن منصب مستشار رئيس الوزراء الصومالي السيد حسن علي خيري.
2. فئة تتمتع بعلاقات جيدة مع مقرّبين من السلطة العليا في البلاد: ويأتي في مقدّمة هؤلاء المدير الحالي لميناء مقديشو الرئيسي السيّد أحمد واشنطن الّذي يحظى بدعم أقرباء الرّئيس الصومالي مما يجعله مرشّحا قويا لتولّي هذا المنصب.
3. فئة تتمتع بدعم زعماء وساسة العشيرة التي يأتي منها عمدة العاصمة: ويعدّ علي غعل من أبرز المرشحين لهذا المنصب الّذين يحظون بدعم زعماء وساسة العشيرة التي من المفترض أن يأتي منها محافظ بنادر وعمدة العاصمة مقديشو.
4. فئة أخرى: وتمثّل هذه الفئة سياسيون مرموقون ومعروفون في الأوساط السياسية والشعبية في مقديشو، شغل بعضهم سابقا مناصب مرموقة في إدارة بنادر مثل عمر قانسو الّذي أصبح في فترة من الفترات أحد رؤساء محافظات إقليم بنادر، وبعضهم يشغل حاليا مناصب رفيعة في الحكومة الفيدارلية مثل المرشح الرئاسي السابق، ووزير التجارة الحالي المهندس عبدالله علي حسن، وكلاهما من أبرز المرشّحين لتولّي منصب رئيس بلدية مقديشو.
وبالرغم من أن المنافسة تنحصر في سياسيين ينتمون إلى عشيرة واحدة، إلاّ أنّه من الصعب التكهّن بمن سيتربع على المنصب الشاغر في إدارة إقليم بنادر، وذلك لكثرة المواصفات التي تحدّد نوعية من يتولّى هذا المنصب، إذ إنّ من المطلوب أن يكون رئيس بلدية مقديشو القادم قادرا على معالجة عدّة قضايا سياسية واجتماعية تواجهه مثل:
1. القدرة على التوفيق بين دعم زعماء العشائر له وثقة مسؤولي الحكومة الفيدرالية فيه: إن الرّئيس القادم لبلدية مقديشو لا بدّ وأن يتّصف بمرونة ووعي سياسي واسع يستطيع من خلالهما الجمع بين مطالب زعماء عشائر مقديشو والآراء السياسية لقادة البلاد، كما يجب عليه أن يكون قادرا على تنظيم حملة انتخابية للرئيس الحالي عند ترشّحه لمنصب الرئاسة في 2020م، ولن يكون هذا الأمر سهلا ما لم تحقق إدارة إقليم بنادر إنجازات تؤهلهم لترشيح الرئيس الحالي.
2. القدرة على معالجة المطالبات السياسية لسكّان مقديشو: إن المحافظ القادم لإقليم بنادر وعمدة العاصمة لا بدّ وأن يكون قادرا على إدارة وإقناع سكّان مقديشو على مطالبهم السياسية والمتمثّلة في وجود وتكوين إدارة محلّية لمقديشو، تنظم الانتخابات المحلّية لإدارة إقليم بنادر حتّى يكون إقليم بنادر متماشيا مع النظام الفيدرالي في البلاد، وهذا أمر يركث الكلام عنه في الآونة الأخيرة، ويرى بعض المحللين أن قادة الحكومة الفيدرالية لا يرحبّون بهذا المطلب لأهل مقديشو، إذ يستدلّون لذلك إقالة ثابت عبده أحمد محافظ بنادر وعمدة العاصمة السابق الّذي أقيل عن منصبه في يناير/كانون الثاني عام 2018م، وذلك بعد دعوته إلى مؤتمر للتّشاور حول المستقبل السياسي لمقديشو والبحث عن السبل المثلى لإقامة إدارة محلّية لإقليم بنادر. وعليه فإن كلّ مسؤول سيصل إلى هذا المنصب لابدّ وأن يأخذ في الاعتبار البحث عن طريقة للتوفيق بين رغبات قادة الحكومة الفيدرالية وسكّان مقديشو فيما يتعلّق بالمستبقل السياسي لإقليم بنادر الّذي تقع فيه العاصمة الصومالية مقديشو.
يبدو مما سبق أن عملية تعيين رئيس بلدية مقديشو تحتاج إلى كثير من الروية والتفكير، إذ إنها قرار مصيري يتعلق بالمستقبل السياسي للعاصمة الصومالية مقديشو بالنسبة للداعين إلى تكوين إدارة محلّية لمقديشو، كما أنّه قرار مصيري آخر بالنسبة للمسؤولين الكبار في الحكومة الفيدرالية، حيث أن مستقبلهم السياسي مرهون على نجاح الإدارة الجديدة لإقليم بنادر فيما يتعلّق بالقضايا السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية، في حين أنها بالنسبة للمترشّحين لهذا المنصب بمثابة امتحان صعب يعرفون من خلاله مدى تأثيرهم في المعادلات السياسية في البلاد.