يوم ونصف يوم وشوارع محدودة ، وبعض من الأسواق المزدحمة، أخدت هذه العينة التي تنبأت بها حالة هذا البلد الجميل.
نزلت من مطار أدم عبد الله لأول مرة لي في التاريخ حاملا معي ذكريات وقصص سمعتها لمن عاش في الزمن الجميل بهذه العاصمة (مقديشو)، الزمن الذي كان الكل يحب أن يزورها ، كان الكل يتمنى أن يهاجر إليها، بحثا عن وظيفة، عن عمل ،عن تعليم، أو حتى عن زيارة قصيرة.
هذه الرحلة ليست إلًا بحثا عن جزء من هذا الزمن، بدءا من المطار ومرورا من الشوارع والأحياء السكنية ، أو حتى بعض الأماكن التاريخية القديمة.
في الواقع (مقديشو) ليست كما سمعت ،فقد تغير القديم الجميل التي كانت في تصوري ،وتغيرت المباني الأثرية وأصبحت أبنية بلا تراث خاوية على عروشها ولربما ترى فيها آثار الدمار والخراب، ولسان حالي يقول كما قال رئيس الوزراء الياباني )بصفتنا الدولة الوحيدة التي تعاني من الدمار النووي في الحرب، نحتاج إلى العمل بـــإصرار على تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية(
وكذلك يرددون بأنه لا جديد تحت الشمس ، وأن مع العسر يسرى، حقق الله أحلامهم وأمنياتهم.
مقديشو والمستقبل:
نظرا للظروف التي عاشت فيها هذه العاصمة من قسوة زمانها ،ومرارة حالها ،وطول مدتها، فإن المستقبل يبًشرك بالخير،حيث ترى زحمة الشوارع بكل أنواع السيارات الخاصة منها والعامة كأنهم ما عاشوا يوما في مدينة قد هلك الحرب وأكل الأخضر منها واليابس، بل وأكثر من ذلك ترى الأسواق مكتظة بالناس ،يتزاحمون ويتعايشون وكل في شاكلته يتسارعون.
وفي الشواطئ لون آخر وحياة أخرى بعيدا عن ما تسمعه أو تشاهده في الشاشات من قتل وانفجار، أتدري ما هي هذه الحياة؟
جانب من شاطئ ليدو في العاصمة مقديشو
إنها حياة الغزل والحب ،ويرددون بعبارات لطيفة ومعبرة ،مثل الذي يقول (روحها روحي وروحي روحها……) وكأن الذي يسمع الحب أول مرة لا يتردد بقبول حب امرأة وكأن الحياة كلها جمعت بين الشواطئ والحب.
أما مجال التعليم فحدث ولا حرج ……حيث تشير الدراسات العلمية على أن 80% من عقول هذا البلد قد هاجروا في الخارج بعد الحرب الأهلية التي عمت البلاد.
وقد كان هناك جامعة واحدة قبل التسعينات والتي يدرس حينها حوالي 4 آلاف طالب، أما اليوم فيوجد قرابة 50 جامعة تحتوي ما يقارب 50 ألف طالب.