عاد إلى مقديشو يوم أمس السبت، رئيس الوزراء حسن علي خيري، قادما من ولاية غلمذغ الفيدرالية التي أمضى فيها أكثر من شهر، حيث ذهب إليها في أواخر يونيو/حزيران الماضي، وذلك لإيجاد سبل ناجعة لوضع حدّ للتوترات السياسية التي اتّسمت بها هذه الولاية منذ تأسيسها في عام 2015م.
إنّ طول فترة غياب رئيس الوزراء الصومالي في هذه المناطق، كان دليلا واضحا على مدى عمق الخلافات السياسية التي تشهدها هذه المناطق، سواء كانت هذه الخلافات خلافات داخلية بين مكوّنات إدارة غلمذغ نفسها من جانب، أو بينها وبين الحكومة الفيدرالية من جانب آخر.
وقد كان هدف زيارة رئيس الوزراء إلى هذه المناطق الوصول إلى صيغة متّفق عليها تسير عليها سياسة غلمذغ في الفترة القادمة.
ويتساءل متابعون لمجريات الأحداث في غلمذغ مدى إنجاز رئيس الوزراء الصومالي لأهداف زيارته في تلك المناطق، وسنستعرض في السطور الآتية ما تحققّ لرئيس الوزراء الصومالي خلال زيارته لمناطق غلمذغ:
- إقناع أحمد دعالي غيللي حاف بإجراء انتخابات رئاسية في غلمذغ: انتهت بنجاح الجهود التي بذلتها جهات مختلفة والتي كات تهدف بإقناع رئيس غلمذغ أحمد دعالي غيللي حاف قبول إجراء انتخابات رئاسية قبل 2021م، حيث كان يتشبّث حاف بمنصبه كررئيس لولاية غلمذغ الّذي تولاّه بعد فوزه بانتخابات أجريت عقب استقالة سلفه عبدالكريم حسين غوليد لخلافات داخلية أدّت إلى تنازله عن منصبه، ورافق ذلك وصول محمد عبدالله فرماجو إلى الرئاسة الصومالية، حيث فاز فرماجو على الرئيس السابق حسن شيخ محمود حليف عبدالكريم حسين غوليد، إلاّ ان أحمد دعالي لم يكن في وفاق تام مع الحكومة الفيدرالية، لكنّه تمكّن من التصالح مع تنظيم أهل السنة والجماعة الّذي كان وما يزال قوّة فعلية وحقيقية في كثير من مناطق غلمذغ، وبموجب اتّفاقية جيبوتي بين إدارة غلمذغ وتنظيم أهل السنة والجماعة، حصل التنظيم على مناصب عليا في إدارة غلمذغ، حيث أصبح الشيخ شاكر رأس حكومة غلمذغ الفيدرالية، كما أنّه تم نقل العاصمة إلى طوسمريب التي كانت تحت سيطرة تنظيم أهل السنة والجماعة، في حين أن عذاذو أصبحت مقرّا لبرلمان ولاية غلمذغ. لكن وبمرور الوقت وبسبب التقلّبات السياسية التي اشتهرت بها هذه المناطق احتدم الخلاف من جديد بين حاف وتنظيم أهل السنة والجماعة الّذي رأى حتمية إجراء انتخابات رئاسية في غلمذغ حسبما تتطلّع إليه الحكومة الفيدرالية، فاستضاف التنظيم حسن علي خيري رئيس الوزراء الصومالي، والّذي من جانبه بذل جهودا جبّارة لإقناع أحمد حاف بإجراء انتخابات رئاسية في غلمذغ وهو ما تحقق بعد أيام من زيارة خيري لغلمذغ.
- دمج مليشيات تنظيم أهل السنة والجماعة بالجيش الصومالي: يعتبر عملية دمج مليشيات تنظيم أهل السنة والجماعة بالجيش الصومالي إنجازا كبيرا حقّقه حسن علي خيري خلال فترة إقامته في غلمذغ، حيث إنّ هذه المليشيات تعتبر القوّة الحقيقية التي استطاع بها تنظيم أهل السنة والجماعة أن يسيطر عسكريا وسياسيا على المناطق التي تحت إدارته، وهي تلك القوة التي خاضت حروبا مع حركة الشباب، وإدارة غلمذغ التي كان عبدالكريم حسين غوليد رئيسها، فانضمام هذه المليشيات إلى صفوف الجيش الصومالي هي عبارة عن تخفيف تأثير أهل السنة والجماعة كتنظيم في القرارات المصيرية لغلمذغ، وفي الوقت نفسه هو عبارة عن قوّة عسكرية جديدة تضاف إلى قوّة الحكومة الفيدرالية فيما يتعلّق بعمليات إعادة الأمن والاستقرار إلى الصومال.
- تولّي مسؤولية أمن طوسمريب:بعد موجة من التجاذبات والخلافات السياسية حول تولّي الحكومة الفيدرالية لمسؤولية أمن مدينية طوسمريب تولّت يوم الجمعة الماضي وحدات من فرقة دنب (البرق) مسؤولية أمن مطار مدينة طوسمريب عاصمة غلمذغ، حيث إنّ الحكومة الفيدرالية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إثبات وجودها في غلمذغ، مما يسهّل لها التدخّل بشكل سريع في حال نشوب خلافات سياسية بين مكوّنات إدارة غلمذغ.
- تنظيم مؤتمر تصالحي لأبناء غلمذغ والدّعوة إليه:كان من بين أهداف زيارة حسن علي خيري إلى غلمذغ تنظيم مؤتمر تصالحي لقبائل مناطق غلمذغ، وذلك بغرض توسيع دائرة المشاركين في النظام الإداري المقبل لغلمذغ، وقد كوّنت الحكومة الفيدرالية لجنة تنظيمية مهمّتها تنظيم المؤتمر التصالحي للقبائل القاطنة في غلمذغ، ويترأس هذه اللجنة الدكتور عبدالرحمن باديو المرشح الرئاسي السابق. ويبدو حتّى الآن أن تجاوب السكان مع دعوات منظمي المؤتمر يسير على قدم وساق.
وعلى الرّغم من أن رئيس الوزراء الصومالي قد أمضى وقتا طويلا في هذه المناطق، حيث يزيد على شهر كامل، إلاّ أنّه يمكن القول بقي ا الكثير من التحديات التي يجب تجاوزها لترميم جسور الثقة بين الحكومة الفيدرالية وسكان ولاية جلمدغ بغية بناء إدارة سياسية يشارك فيها جميع أبناء الولاية بدون استثناء .