إنها أمة الإسلام، والمصادر التي تستقي منها المفاهيم والمذهبيات هي القرآن والسنة، وهي التى تؤمن بعقيدة الإسلام وتطبق بأحكام الإسلام وتحمل لواء الإسلام لتنشر كلمة الحق في عالم البشرية،
قال الله تعالى: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ” سورة آل عمران الآية/110.
ذلك أن الأمة هي مجموعة من أناس يربط بعضهم البعض قاسم مشترك وموحد؛ مثل العقيدة والثقافة واللغة أو مصلحة تجمع شملهم، فهذه الأفعال والمبادئ العقدية تجعل بينهم وكأنهم على قلب رجل واحد.
المسلمون في جسد واحد
لقد تعلم المسلمون من دينهم أن التفرق والإختلاف جريمة غليظة وهزيمة، وأن الوحدة تمدهم قوة في بقائها على الأرض، وأن الأمة هي مصدر السلطة والمحبة والألفة بين المسلمين، فكان المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه يلتزمون بفريضة الوحدة والتسامح والتعاطف بينهم حتى غطى الإيثار في قلوبهم ويأثرون على أنفسهم.
فالأمة الإسلامية كيان واحد، إذ تربط بعقيدتها بين عربي وعجمي أو بين منطقة وأخرى أو بين الشعوب والقبائل التي كانت سابقا متناحرة ، فهيكل الرئيس الذي يربط بين المجتمعات الإسلامية هي العقيدة الإسلامية، ولهذا أمر الله المسلمين جميعا بالوحدة وعدم التفرق والتدابر، حيث قال الله تعالى :- قال الله تعالى “وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” سورة الأنفال: 46.
وقال الله تعالى “هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ” سورة الحج، الآية (78).
كما أن النبي – صلى الله عليه وسلم- آخى بين أصحابه المهاجرين والأنصار، وهذه تدل على عظم شأن الوحدة والإجتماع، وخطر التفرق والاختلاف بين المسلمين، وذلك بدليل ما رواه النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى” رواه مسلم (4/1999) برقم (2586).
فإذا نظرنا أحوال المسلمين في هذا اليوم نجد الفرقة بينهم في كل جوانب الحياة، سواء أكان مستوى العالم الإسلامي أم على مستوى العربي أم بلد من بلدان المسلمين، وهي فرصة عظيمة وتجارة رابحة لأعداء الأمة …. والمسلمين في هذا الوقت هم أحوج الناس إلى الألفة والاجتماع.
فالخلاف والنزاع يذهب الكرامة والعزة بين المسلمين، ثم يسبب التباعد والإنكار بين شعوب المسلمين، ويستفيد منها أعداء الله حيث يقولون أن دين الإسلام هي دين الإرهاب وأن المسلمين هم الإرهابيون، حتي وصل بهم الأمر إلى عقد تحالفات من جسم المسلم ليضرب بعضه بعضا …. ومع ذلك لم ينتبه المسلمون من غفلتهم .
قال الله تعالى: “وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” سورة آل عمران: 105.
بداية شعاع التفرق بين جسم الأمة الإسلامية
كانت وحدة الأمة الإسلامية سائدة بين الشّعوب الإسلاميّة في أقطار العالم منذ عهد الخلفاء الرّاشدين والعهد الأموي والعباسيين والعهد العثماني، وبعد سقوط الخلافة الإسلامية الأخيرة وهي الخلافة العثمانية هب الإستعمار الغربي في البلاد الإسلامية فمزق عالم الإسلامي شر ممزق إلى طوائف ودويلات صغيرة، فجعل كل دولة حدودها وعلمها الخاص، ولهذا تناثرت الوحدة بين المسلمين حيث بذل جهده وبكافة الوسائل في تجسيد سياسات تبعية الغرب، كما اندلع بين المسلمين نزاعات سياسية تبنتها سياسة الدولة الحديثة حتّى لا تحقق يومًا فريضة الوحدة…
ونلاحظ أن المستشرقين وأذنابهم العلمانيين من المسلمين ينكرون وجود الأمة الإسلامية!! ونصبوا للدستور الوضعي مطلق السيادة الشرعية ، فارتكبو خطأ منهجيا حين جردوا من الدولة عقيدة الولاء والتي تؤكد مغعول الوحدة في إطار سيادة الشريعة ، بل الدولة الإسلامية لا تمثل شخصيات بصفة وضعية وإنما تمثلها بصفة عقدية للأمة الإسلامية دون شخصيات وأفراد، ولهذا يقول بعض الناس في هذا الزمان لا وجود لمجتمع إسلامي ولكن يوجد أفرادا مسلمة…وهذه مسألة أخرى نترك لأصحاب الفكرة.
فالإسلام هو موئل وملجأ الوحدة، وهذا أمر يُراد بها شعوب العالم الإسلامي منذ أن تفكّكت دولًا وطوائف وجماعات على يد الإستعمار.
وتتمثل الأمة الإسلاميّة كالجسد الواحد الذي لا يمكن جراح أحد، والبنيان المرصوص الذي لا يمكن هدم لأحد، بينما يمثل التّفرق والخلاف علامة الضعف والهزيمة والفشل في الدارين، فعندما كان المسلمون موحّدين عندما كانوا أقوياء، ولم يستطع أعداء الإسلام تحقيق ما أرادو به إلا بعد أن كانوا متفرقين، فخلاصة الكلام “ وحدة المسلمين هي الضامن في التكافل والتّعاون بينهم”.