بلدين احدى المدن الرئيسية والمهمة في الصومال، حيث تتسم المدينة بجمالها الطبيعي ووقوعها على ضفاف نهر شبيلي الذي يتوسط المدينة ويقسمها الى شطرين مما يضفى جمالا حقيقيا على المدينة الواقعة في اقليم هيران بوسط الصومال.
وبما أن المدينة هي عاصمة إقليم هيران فإن المدينة تعتبر الوصلة الحقيقية لجمهورية الصومال، نظرا للموقع الاستراتيجي للمدينة ولوقوعها في وسط الصومال ، حيث تعتبر المدينة من اكبر التجمعات التجارية في داخل الصومال.
وتحتضن المدينة أسواقاً نشطة ، ويعد سوق المواشي من أهم هذه الأسواق حيث تنقل هذه المواشي المجمعة في مدينة بلدوين إلى موانئ الصومال المتفرقة، بالاضافة إلى سوق الخضروات حيث تشحن مئات العربات من المدينة إلى المدن الصومالية وخاصة شرق وشمال الصومال من اجل إمدادها بحاجتها من الخضروات والفواكه الوطنية.
وقد أثنى الشاعر الصومالي الكبير محمد إبراهيم ورسمي (هدراوي) على مدينة بلدوين وامتدحها بأغنيته الرائعةالتي حملت اسم المدينة وذكر في مقدمتها أنّه قام بزيارتها وهي في أوج خصوبتها وجمالها مصوّرا تفاصيل لوحة الجمال هذه حيث قال باللغة الصومالية فيما معناه (عندما فاض النهر وسقى المزارع وعمت الخضرة والزهور ونضجت الحبوب والأعناب ، وعم الفرح والرقصات الشعبية وحل فصل الربيع ، على هذه الإطلالة زرت مدينة بلدوين).
إلا أنه ورغم كل هذه الخيرات والنعمات التي حباها الله هذه المدينة ، إلّا أنّ المدينة أصبحت من أكثر المدن الصومالية معاناة ، حيث تعاقبت عليها كوارث الحروب والنزعات الداخلية، وكوارث الفيضانات والجفاف حتى ارتبط اسمها بهذه الكوارث البشرية والطبيعية.
وخلال الجفاف الذي ضرب منطقة القرن الإفريقي جرّاء نضوب مياه نهر شبيلي في بدايات هذا العام 2016م كانت مدينة بلدوين من أكثر المدن التي تأثرت بشدة بحالة الجفاف ، نظرا لأن المدينة كانت تعتمد في معيشتها على الزراعة على مياه نهر شبيلي، مما أدى إلى تضرر قطاع الزراعة في الإقليم بشكل كبير. جراء هذا الجفاف والقحط الذي أصاب عموم الصومال.
والآن بعد بداية هطول أمطار موسم الربيع في الصومال وتدفق مياه نهر شبيلي حلّت نقمة أخرى على البلدة التي طالما استبشرت وفرحت كسائر أهل الصومال بنعمة المياه والمطر ، حيث كان لنهر شبيلي مع المدينة قصّة أخرى، عندما طفح منسوبه وتحول مياهه إلى فيضانات وسيول عارمة أغرقت مدينة بلدوين ، وغمرت معظمها بالمياه، التي ارتفعت إلى أمتار حتى غطت على الكثير من البيوت وسدت الطرق ومنعت التواصل بين سكان المدينة وحالت دون الحركة والتنقل بين أحياء المدينة ، وأصبحت المدينة غارقة تحت أمواج المياه. حاكية حال نعمة انقلبت نقمة على أهالي مدينة بلدوين.
وبهذا تضررت المدينة جراء الجفاف والفيضانات ، مما اسهم في معاناة الشعب في المدينة دون أن يجد النصرة والتضامن الكافي معهم ، باستثاء بعض المبادرات الوطنية التي ناشدت بالوقوف إلى جانب مواطني بلدوين وإغاثتهم، ومساعدتهم على تجاوز هذه المحنة.
والجدير بالذكر أن الفيضانات لم تكن المعاناة الوحيدة لشعب بلدوين ، حيث إن المدينة شهدت نزاعات طاحنة بين عشائر وقبائل ساكنة فيها، ومازالت أسباب الصراع قائمة لم تعالج بعد. مما زاد الطين بله وضاعف من المحنة والمعاناة على هذا الشعب الذي تحالفت ضده جميع الظروف وترك وحيدا في مواجهتها.
وتتوالى المناشدات من قبل أبناء الشعب الصومالي على امتداد الداخل الصومالي، وفي خارج الوطن من أجل إيقاف هذه الحروب والنزاعات القبلية العمياء التي يسعى فيها كل طرف إلى تحقيق مكاسب شخصية وقبليّة ، والسعي نحو توحيد أبناء المدينة والوقوف من أجل إنهاء هذه الصراعات وتحقيق تماسك أبناء المدينة وتكاتفهم من اجل الاستقرار والوحدة الوطنية.
إضافة إلى هذا كان سلاطين إقليم هيران يشكون تهميش الحكومة الاتحادية لهم في مؤتمر جوهر المنعقد من أجل تأسيس ولاية تضم إقليمي هيران وشبيلي الوسطى ، ويتهمون الحكومة بإقصائهم وتهميشهم في هذا المؤتمر وعدم استشارتهم بالطريقة الكافية.
لذا فيما يتعلق بالقضية الأخير الحكومة الاتحادية مدعوّة إلى الاستماع والتشاور مع سكان إقليم هيران ، والحرص علىى إنهاء النزاعات ، وعقد مؤتمر تصالحي بين أبنائه ، والعمل على تقوية البرنامج الإغاثي والإنساني لسكان مدينة بلدوين ، والوقوف إلى جانبهم من أجل تجاوز هذه المحنة ومساعدتهم في استعادة حياتهم الطبيعية .
وأخيرا لا يسعنا إلاّ أن نرفع أكفّ الضراعة إلى الله ليرفع المعاناة عن أهلنا في هذا الإقليم ويفض عليهم من الخيرات والبركات ، كما دعا لهم الشاعر الصومالي الشهير محمد هدراوي بقوله:( اللهم اجعل مدينة بلدوين بيت الرخاء والنعمة والاستقرار وجنبها المصائب والمكاره والبلايا ).