يقصد بالعملية السياسية الإحداث السياسية الجارية في البلاد سواء تلك المتربطة بكيفية الإنتقال من النظام الإنتخابي المتبع منذ مؤتمر المصالحة الصومالي في منتجع عرتا في جمهورية جيبوتي عام2000 والقائم على أسس المحاصصة القبلية المعروف بنظام 4.5 اربعة ونصف،أو باستكمال مراجعة الدستور الإنتقالى، وتشكيل النظام الإداري في الولايات الفيدرالية،أو بتصرفات الولايات المخالفة للدستور. فالمصطلح عموما حسب حبيب جابر حبيب” يشير الى حالة من الدينيامكية والتحول وعدم الإستقرار وربما عدم الديمومة” اضافة الى الصراع السياسي الدائر بين صناع القرار السياسي أو المؤثرين والفاعلين في المشهد السياسي في البلاد،واذا نظرنا العملية السياسية في الصومال فاننا نلاحظ عشوائية وتخبط وغياب البوصلة الموجهة، إضافة الى الإرتجالية وعدم النضج السياسي في جميع المستويات بدأ من أعلى هرم السلطة ومرورا بمستويات التنفيذية وانتهاء بالمستويات الدنيا.
فالرئاسة مثلا تتصرف وكأنها وزارة من وزارت الحكومة المركزية، ولاتراعي المراسيم ولابروتوكولات الخاصة بهذه المؤسسة، فهي تتدخل في شؤون سياسية غير مهمة، وعندما تفشل في تلك المهمة تفقد هيبتها ومصداقيتها وحياديتها وتبدوا للمواطن العادى كما لوكانت جزء من المشكلة السياسية وليست جزاء من الحل ،فمشاركة رئيس الجمهورية ومحاولاته المتكررة في التأثير على عملية تشكيل الإدارة الفدرالية لإقليم جلمدج ساهمت في تعقيد القضية وتعميق هوة الخلاف بين الحكومة وتنظيم أهل السنة والجماعة في الأقاليم الوسطى ومن ثم ادى الى خسارة الحكومة أحد أهم شركائها الأستراتيجين في محاربة الشباب، فلو وقف الرئيس لجميع الكيانات السياسية في هذا الإقليم مسافة واحدة،وساند عبد الكريم جوليد بالرأي والمال، بعيدا عن تدخلاته المستمرة لكان أنفع له ولأنصاره لكنه تصرف بالعشوائية المعهودة في العملية السياسية في البلاد فكانت الخسارة حليفه.
والعشوائية التي نتحدث عنها هي التي قادت فخامته الى خوض تلك التجربة مرة اخرى،لكن الى مستنقع هيران هذه المرة فبعد فشل انعقاد مؤتمر تشكل ولاية فدرالية في مدينة جوهر –حاضرة اقليم شبيلى الوسطى- وفشل رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية في إقناع قبائل هيران على مشاركة المؤتمر سافر الرئيس للمرة الثالثة الى بلدوين ليجرى هو بنفسه مفاوضات مارثونية صعبة انتهت بالفشل بعد ثلاثة ايام من المداولات الصعبة،وقيام الرئيس بهذه المهة تحمل في طياتها على الأقل دلالتين اساسيتن:
الأولى: ان الرئيس لم يجد من يثق به ليوكله الى هذه المهة “الصعبة” رغم سهولتها اذا ما اسند لها أهلها، وهذا مستبعد وخاصة اذاعلمنا وجود عناصر من الموثوقين بهم من حملة الشهادات العليا في مجال الادارة والسياسة في الفريق الإداري للرئاسة، ولهم معرفة جيدة في ادارة المفاوضات.
الثانية:ان المعنيين لهذه العملية تنقصهم الخبرة العملية في ادارة مثل هذه الحالات مما استدعى الى تدخل رئيس الجمهورية وتفرغه لهذه القضية، واذاكان من مهام وزارة الداخلية والشؤون الفدرالية تطبيق النظام الفدرالي وتشكيل إدارات إقليمية فان فشلها في تئدية واجبها على الوجه المطلوب يحتم على تغير هيكلها واستبدال وزيرها ووكيلها ومديرها العام،اذاكانت العملية السياسية في البلاد تسير وفق خطة ساسية مرسومة، لكن اسناد مسؤليات ومهام صعبة الى خريجين جدد لم يتدرجوا في السلك الوظيفي الحكومي مع وجود خبراء يتم استبعادهم عن تلك المناصب لأسباب تنظيمية أوقبلية لهو عين التخبط السياسي والعشوئيية التي تتسم بها العملية السياسية في البلاد مع غياب تام للدور الرقابي للمؤسسة التشريعية والقضائية.
ومن مظاهر عشوائية العملية السياسية في البلاد نوع العلاقة بين الولايات الفدرالية والحكومة المركزية والتي تتسم بتنافر وعدم التوافق، حيث تتصرف بعض الولايات وكأنها دولة مستقلة، وتحتفظ بعض الولايات علاقات سياسية واقتصادية وشراكة تعاونية مع بعض الدول، كما لاتلتزم بالدستور والإجماع الوطني، وخير مثال على ذلك الزيارة الأخير التي قام بها رئيس ادارة بونت لاند عبد الولى محمد علي الى اثيوبيا ولقائه مع قائد أركان الجيش الإثيوبي وقائد المخابرات العسكرية، دون علم الخارجية و رائاسة الوزراء ووزير الدفاع، ولم يصطحب معه حتي قائد جهاز الأمن والمخابرات الوطنية.
وقل مثل ذلك إمتناع بونت لاند عن مشاركة مؤتمر مراجعة الدستور الذي شاركه وزراء الدستور في الإدارت الفدرالية، ومقاطعتها في المنتدى التشاورى الوطني الرفيع المستوى والذي عقد في اسطنبول في تركيا نهاية شباط/فبراير الماضى،فالأمثلة كثيرة لكننا نكتفى بهذا القدر، ولنا وقفة اخرى مع عشوائية العملية السياسية في البلاد في كتاباتنا اللاحقة