قاطعت بو نت لاند المنتدى الدولي بشان الصومال المنعقد في23-24 من الشهر الجاري في اسطنبول بتركيا، وأنه جزء من الخلاف المتصاعد بين بونت لاند والحكومة المركزية حول المسار السياسي في الصومال وخصوصا صيغة الانتخابات القادمة المزمع اجراؤها في البلاد نهاية العام الجاري.
لا تزال إدارة بونت لاند تتمسك بموقفها ولاتبدي استعدادها للتنازل عنه، وتصر على إجراء الانتخابات على أساس المحافظات خلافا لقرار الحكومة الاخير الذي يلزم إجراء الانتخابات على أساس المحاصصة القبلية 4,5.
ليست بونت لاند وحدها في طرف المعارضة وتتلقى دعما من بعض الإدارات المحلية مثل أدارة جوبالاند رغم إذاعانها للضغوط المحلية والإقليمية وبعض السياسين المحليين الداعيين إلي اجراء الانتخابات المقبلة وفق نظام انتخابي جديد.
لم تأت خطوة بونت لاند بمقاطعة مؤتمر اسطنبول بعد فشل جهود المحليّة والإقليمية والدولية في إقناعها بوجهة نظر الحكومة الفيدرالية، وانما هي نتاج عقد كثيرة تراكمت إلى أن انفجرت مؤخرا وتمخض عنها هذا القرار الذي يزيد العبء علي الوضع السياسي المترديء أصلا .
بو نت لاند لم تكن مقتنعة طوال الفترة الماضية بسياسات الحكومة الفيدرالية التي يرى بعض المراقبين أنها يغلبها الطابع المصلحي والفئوي ، وقراراتها في الآونة الأخيرة كانت تفرق أكثر مما تجمع، وتهدم أكثر مما تبني. كما ظهر في العديد من المواقف. كسياساتها تجاه غلمدغ حيث قادت السياسات المصلحية والفئوية التي انتهجتها الحكومة الفيدرالية إزاء الأقاليم الوسطى إلى التشرذم والتهارج بين المجتمع الواحد.
ومن أبرز هذه السياسيات التجاهل التام والمتعمد لتنظيم أهل السنة الذي لعب الدور الأكبر في الذود عن الأقاليم الوسطي ضد حركة الشباب أدي إلى أن تكون إدارة إقليم غلمدغ حبيسة السلطة بمدينة عدادو بحيث لا يستطيع قادتها الزيارة إلى طوس مريب عاصمة إدارة الإقليم فضلا عن الإقامة فيها. وكان ضمّ هذا التنظيم وتلبية مطالبه المشروعة كفيلا بالتفادي مما حدث..
وكذلك جاءت قرارات الحكومة حول مؤتمر تشكيل إدارة هيران وشبيلي المنعقد في مدينة جوهر صادمة، وعكرت أجواءه وحطمت آمال القبائل القاطنة في هاتين المحافظتين مما أدى إلى مقاطعة أغلب القبائل المؤتمر و انسحابها منه. وتعذر إقناعها بالعودة مرة أخرى.
وفيما يتعلق بمحافظة بنادر أصيبت بالصدمة لإغفالها وعدم ضمها في حسبان الموزعين ضمن المحافظات عند صدور قائمة توزيع مقاعد المجلسين الأعلى والأدنى للفترة المقبلة والتي لم تضم المحافظة. وشهدت المحافظة جرّاء ذلك مظاهرات غاضبة احتجاجا على ما حدث ومطالبة بحق المحافظة من مقاعد المجلسين, ألا يكون هذا انتهاكا واضحا للحقوق السياسية الذي يعطيه الدستور جميع المواطنين بمختلف منا طقهم على شكل سواء , أليس هذا القرار الصادر قرار غير مدروس بما تحمله الكلمة من معنى .
صوماللاند وإن كانت قضيتها قضية مصيرية أكثر تعقيداً إلا انها كانت تقبل الحوار والنقاش والجلوس في طاولة الحوار , لولا سياسات الإقصاء التي مارسها قادة الحكومة الفيدرالية تجاهها وعملت على إبعادها بحيث ترفض الآن مجرد الجلوس مع الحكومة الصومالية, وقد بلغت حدة التوتر ذروتها حيث أصدر كلا الطرفين قرارات اعتباطية انتقامية يدفع الشعب ثمنها.
إذاما أخذنا كلّ هذه الأمور بعين الإعتبار إلى جانب الخلاف مع بونت لاند، هل يمكن القول إن بونت لاند لديها بعض الحق، وأنها سئمت من التغاضي المتكررة عن هذه السياسات الخاطئة ما دفعها إلي أن تلعب دور الرادع للحكومة كي تعود إلي العمل بالقوانين والمواثيق التي تمّ الاتفاق عليها.
صحيح أنه لا يخلو من كل الأطراف المعارضة لسياسة الحكومة الفيدرالية بعض من الأنانية والتعصب المناطقي, والتشنج والتصلب, إلا أنه حين تتزامن كل تلك الأصوات المنددة بسياسات الحكومة الفئوية يوحي ذلك بأن الخلل من جانب الحكومة الفيدرالية.
ولاشك أن التمادي في هذه السياسات من شأنه أن يعقد الأمور، ويخلق معارضة جديدة، وخصوصا في ظل وجود مؤشرات تدل على امتعاض جوبا لاند، ورغبتها في الإلتحاق بحليفتها بو نت لاند، وتصاعد أصوات من داخل مؤسسات الدولة مناهضة لتصرفات الحكومة، وبالتالي على قادة الحكومة إعادة النظر في سياساتهم، وفي تصرفاتهم وخطواتهم، احتراما للدستور، ومراعاة للمصحلة العليا للبلاد، وسعيا للم شمل الفرقاء السياسيين قبل أن يقع الفأس على الرأس.