لم تكن مقديشوا هادئة منذ أن سيطرت الجكومة بشكل كامل في نهاية عام 2011م، حيث أصبح مألوفا تكرر الأحداث المخلّة بالأمن بصورة دورية، تارة بانفجار يحدث في فندق يأوي عددا من الوزراء ومسئولين من الدولة، وتارة أخرى بتدبير عمليات نوعية داخل معاقل الدولة ومراكزها .
وأخيرا نجحوا في تنفيذ عملية هي الأول من نوعيها في شاطيء ليدو، والذي يشتهر باستقباله لشريحة كبيرة من المجتمع المقدشاوي، وأغلب من يزور الشاطيء هم الأطفال والنساء والشباب بمختلف أعمارهم، وبدون أدنى رحمة توغلت خلية من الشباب واقتحمت مطعم “ليدو سي فوود”Lido Sea Food المطل على البحر، وأطلقوا الرصاص على الشعب بصورة عشوائيّة، وتيعها انفجار ضخم في بوابة المطعم ليقضي على الفارين من جحيم الرصاص في داخل الفندق.
ونلاحظ من العمليات الأمنية التى تحصل في المدينة أن حركة الشاب تسبق الدولة بخطوات في كلّ مرة، وجهازها الأمنى يدير خلايا أمنية نشطة وأخرى غير نشطة داخل أجهزة أمن الدولة، وغالبا لا تأتي الدولة إلا في وقت ينفلت الوضع الأمني . وفي تلك المأساة التى تتكرر أحداثها في مقديشو في كلّ شهر أوشهرين يجدر بنا أن نتسائل: أين يكمن الخلل الأمني في المدينة؟
وتتلخص الإجابة في :-
- ضعف الجهاز الأمني: ونظرا للظروف الحالكة التى مرّت بها الدولة الصومالية في العقدين الماضيين، فيبدو جليا أن الجهاز الأمني يقدم خدمات جبارة، ولكن يعاني الجهاز من عدم إدراك الاستراتيجية الحربية لحركة الشباب، فدائما نجد أنهم سباقون في تنفيذ أجنداتهم الهجومية بينما الجهاز الأمني يأتي في مكان الحادث بعدما تنجح الحركة في تحقيق أهدافها، وبصورة أخرى يجادل بعض متابعي الشأن الأمني بأن حركة الشاب نجحت في زرع خلية في داخل مؤسسات الدولة ، حيث إذا أكتُشف واحدة منها تأتي أخرى وتواظب العمل، فهم يمثلون كعدوى تخترق أجهزة الدولة.
- قّلة الإمكانيات للجهاز الأمني: من أسباب الخلل الأمني في العاصمة مقديشو قلة الإمكاينات البشرية والمادية، فضباط الأمنن لا يقغاضون مبالغ تكفى لسد حاجاتهم الأسرية، مما يسهل تجنيدهم من قبل الحركة الشباب التى تستفيذ من احتياجاتهم المادية، وهذه تثمل من اكبر نقاط الضعف للجهاز الأمني. وكذلك الجهاز لا تتوفر لديه الأجهزة الأمنية المتطورة التي تسمح لهم ابطال العمليات النوعية التى تنفذها الحركة ، وكما تنجح حركة الشاب في اختراق صفوف الدولة، لا يكثر اختراق جهاز الأمن لداخل حركة الشباب، كما تفعلها الأجهزت الأمنية العالمية لأعدائهم بفضل الأجهزة والتقنيات والأموال الطائلة .
- الفرق في التمويل بين الأجهزة الأمنية لدى الحكومة والشباب: إن حركة الشباب تمتلك موارد بشرية ذات تدريب عاليّ، ويستطيعون تنفيذ عمليات نوعية بأساليب متعددة، بينما الجهاز الأمني للدولة لا يمتلك موراد بشرية قادرة باستكشاف تلك العمليات التى ينفذها الشباب، وكذلك تنفق حركة الشاب على جهازها الأمنى مبالغ ضخمة لكى تصل إلى أهذافها باقرب طريقة ممكنة، في حين لا تهتم الحكومة بشكل جدى بافراد المؤسسات الامنية ولا تدفع رواتبهم شهريا.
- غياب الحس الأمني والوطني: فمن مظاهر الخلل الامني في مقديشو عدم معرفة ضباط الأمنن لأبجديات الأمن، وغياب الحس الأمني الرفيع في الأماكن التى يتواجدون فيها. وليس فيهم فقدان الحس الأمني بل كذلك لا يمتلكون الحس الوطني، فأغلب ممن ينضمون في سلك الجهاز الأمني ينتمون إلى جيل ما بعد الحرب الأهلية الذين ترعرعوا في الفوضى،لأجل ذلك رصيدهم الوطني في الحضيض، ولم تقدم الدولة التأهيل المناسب في ظل الأوضاع الأمنية الشائكة التى تمر بها العاصمة.
- ضعف سياسة التوظيف لدى الأجهزة الأمنية: تساهم سياسة التوظيف المبنية على أساس”العشائرية” في جهاز الأمن ، والتى تجعل الأولية للقبيلة التى ينتمى إليها “العنصر الأمني” ، وعنصرا مرجحا لحصوله للعمل، وهذا يسبب في ضعف قدرتهم لمجابهة عدوهم من الجهاز الأمني لحركة الشباب الذي يعتمد بصورة كلّية على مدى خبرة وجرأة المنفدين لعملياتهم.
- الفساد فى الدولة: ومن العوامل التى تساهم في الخلل الأمني للدولة ممارسة بعض مسئولي الحكومة الصومالية للفساد والمحسوبية، وأي مكان يوجد فيه هاتين الصفتين لاشك أنه من السهل اختراقه، لأن الفساد يقتل الروح الوطنية ويفتح المجال لأن يكون العامل أو الضابط سهل الإستمالة، لأنه يريد فقط من يدفع له أكثر!، لأجل ذلك لا يمكن أن يكون الضابط الأمني متفانيا في عمله بينما الحكومة بجمبع دوائرها ترتزق من الفساد .
ما الحل؟
يكمن الحل الوحيد في توفير الامكانيات البشرية والمادية التى يحتاجها الجهاز الأمني للدولة، وتوظيف أصحاب الخبرة في المجال الأمني، وترك التوظيف على أساس القبلية والحركية في المجال الأمني، ويجدر بنا التسليم أولاً بأن الجهاز الأمني لا يشبه أي جهاز آخر في الدولة، فهو العمود الفقري للدولة،و لأجل ذلك من الضروري أن يجد الجهاز كوادر أمنية تتسم بحب للوطن والإخلاص والتفاني ، ولا يمكن شراء ذممهم.
وعلي الدولة أن تعطي الأولية لأماكن التجمعات الشعبية، والأماكن الحساسة في المدنية والني لها أهمية كبيرة، فكيف يعقل ان لا يوجد وحدات من الأمن في شاطئ ليدو الذي يعد من أكثر الأماكن ازدحاما في مقديشو، وكيف يمكن أن ينفذ العملية الأخيرة ستة أشخاص فقط بينما لا يوجد تواجد أمني عند الشاطئ، إلا حرس للمحلات التجاريّة، ويمكن القول بأن ما حصل في شاطئ ليدو يدخل ضمن إطار ” إهمال الدولة” للمحافظة على أمن الشعب.
وتظهر الحاجة إلى تغيير الدولة لاستراتيجيتهافي محاربة حركة الشاب، وإلا سنرى في قادم الأيام عمليات نوعية في أماكن هامة، وبإمكان الحكومة بجهازها الأمني ابطال العمليات التى تحدث في العاصمة اذا وجد العناصر المؤهلة وذوو الخبرة، والمجهزة بالأجهزة الحديثة المطلوبة.