فى بداية 2005 وبعيد انتخاب عدى موسى رئيسا لأقاليم بونت لاند قام بتدشين بناء مدرج وصالات مطار بوصاصو فى خطوة نوعيّة كانت بمثابة فاتحة أمل غير أنّه تمكن فقط من بناء محطّة ( صالة وصول ومغادرة وبعض المكاتب) , انجاز لا يستهان به ليس فقط لأنّه كان السّبّاق الى هذه الفكرة الخدماتيّة الجميلة ولكن بالنّظر لتلك المرحلة الحرجة التى كانت الحكومة الانتقالية بقيادة عبد اللّه يوسف تستنزف الموارد الاقتصاديّة الضّعيفة أصلا وما تلاها من انغماس الحرب مع المحاكم الاسلاميّة آنذاك وما تبعها من اهتزازات أمنيّة
فى عهد عبد الرّحمن فرولى بدأ يصبّ التّركيز على تنقيب البترول أكثر من أىّ شيء آخر بينما توقّفت نغمة المطار ليأتى ذكرها فقط قبل أشهر من حملة فرولى الانتخابيّة الثّانية وبعد عشر سنوات من افتتاح المطار بالتّمام والكمال حيث قام هو الآخر بقصّ شريط الافتتاح , مضت الأيّام وتبيّن أنّها ما كانت الّاجزء من حملة انتخابيّة فى اطار كسب الأصوات لا أكثر ولا أقلّ
فى أواخر 2014 قام الرّئيس عبد الولى غاس بقصّ شريط الافتتاح للمرّة الثالثة فى مسلسل درامى طويل الحلقات ذكّرنى بالمقولة الصّوماليّة الشّهيرة Faanoole Fari kama qodna ومعناها ” فانولى لم تتحقّق منه قيد أنملة ” فى اشارة الى مشروع حكومى لتوليد الطّاقة طال أمده ليتعثّر فى الآخر نتيجة للاختلاس وسوء الادارة , هذه المرّة تمّ بناء مدرج بسعة 2.4 كم يعنى أقلّ من كيلو متر حسب المخطّط التّصميمى الموضوع كما أنّ المحطّة لم يشملها التّوسيع الّذى انتهت مراسمه يوم الجمعة الفائت بشكل مؤقّتت تقريبا أقول ذالك لأنّنا تعوّدنا على مطار بوصاصو كونه مسرحا للدّعاية والتّسويق السّياسىبين الفينة والأخرى ,وبما أنّ توقيت الافتتاح جاء ليتوافق مع الذّكرى السنوى الثّانى من انتخاب غاس رئيسا للولاية فانّ فصولا جديدة من الافتتاحات لنفس المطار واردة ان لم تكن حتميّة وقت المناسبات وعند حاجة أصحاب السّيادة الرؤساء خصوصا وأن بناء المطار لم يكتمل بعد
يجب الاحتفال والكلام بايجابيّة عن بناء مدرج حديث لمطار بوصاصو والنّظر اليه كمكسب وطنىّ سيستفيد منه المواطنين وسيحسّن من أداء خدمة الطّيران فى المنطقة بشكل عام واضافة الى ذالك فانّ اجاز كهذا من شأنه خلق روح التّنافس الايجابىّ بين الولايات داخل الجمهورية وتحفيز أهالى المناطق الأخرى باقامة مشاريع مماثلة لكن لماذا لا ننظر الي مثل هذه الانجازات من باب “لا شكر على الواجب” وليس كأنّها فضيلة يجب مقابلتها بالمديح تحت وقع الصّهاريج والطّبول لأنّ ذالك من شأنه زرع الغرور وروح التّعالى والطّغيان فى نفوس القيادة الّذين هم بحاجة الى المحاسبة والنّقد الهادف أكثر من الطبطبات والمجاملات كى لا نصنع الطّغاة بأيدينا
لقد تحوّل حفل الافتتاح الى تظاهرة سياسيّة كبرى نظرا لقرب الاستحقاقات الانتخابيّة وفى سياق التّجاذبات السّياسيّة و السّباق المحموم للظّفر بالأصوات الحاسمة
يمكننا تلخيص أبرز الملاحظات:
الأوساط المتتبّعة استغربت مشاركة الرّئيس حسن لمناسبة الافتتاح بينما امتنع عن زيارة جالكعيو لوقف المعارك الطّاحنة قبل أسابيع رغم المناشدات العديدة له بالتّدخّل , البعض يرى أنّ استضافة غاس لرموز المعارضة بقيادة رئيسيى الوزراء السّابقين على غيدى وعبد الولى شيخ حفّزه للحضور كى لا تكون ساحة للنّقد اللّاذع ضدّ سياساته من طرف خصومه السّياسيّين ومع ذالك لم تمنع البعض منهم من الانتقاد والتّهكّم
عدم وجود ملصقات صور الرئيس الفدرالى بجانب ملصقات صور عبد الولى غاس فى قاعة الاحتفال تدلّ على أنّ سيادته حسم أمر المشاركة فى وقت متأخّر وبعد استكمال التّجهيزات ووضع الصّور
الاستقبال الحاشد للرّئيس حسن شيخ لدى وصله مطار بوصاصو قبل يوم من الافتتاح الرّسمى يعكس دلالة واضحة لمدى التّقارب بين الولاية والرّئيس حسن خاصّة وأن الاختتام المشترك اقترحت نظاما انتخابيّا توافقيّا يشمل نظام تعيين الأعيان ونظام التمثيل الاقليمى الّذى تراه الولاية يصبّ فى مصلحتها
غياب شريف حسن رئيس أقاليم الجنوب الغربى قد تكون منعطفا جديدا
فرش البساط الأحمر للرّئيس عند الاستقبال يوحى بزيارة رئيس بلد ذات سيادة لبلد آخر نظير له ممّا يعطى دلالة خاطئة هذه الأخطاء البروتوكوليّة العبثيّة متكرّرة
اصطحاب عناصر من الأميصوم لحراسته فى بوصاصو أثار بعض الامتعاض لدى الأوساط المحلّية هناك تماما وفى وجود قوّات من طراز (الفا جروب) قادرة على توفير حماية للرّئيس وكبار المسؤولين.
على عادة الصّوماليّين فى الخلافات ذات البعد القبلى, فانّ قتراح تسمية المطار بالرّئيس الرّاحل عبد الرّشيد على شرماركى تخليدا لذكراه أثار حفيظة آخرون حيث قامو باقتراح تسميات مماثلة وبما أنّ المفاوضات فى هذا الشّأن لم تفضى الى نتيجة فقد انتهى الأمر بتسميته مطار بوصاصو درء للاحتقان.
محمود عيسى فارح