مركز مقديشو: حسب ما صرّح به الرئيس حسن شيخ محمود ووزير الداخلية عبد الرحمن أدوا، فإنه ليس بالإمكان إجراء انتخابات شعبية مباشرة في عام 2016م؟، ماهي رؤيتكم تجاه إجراء انتخابات انتقال السلطة في عام 2016م.
عبد الولي: أولا نأسف لهذا الإعلان الأحادي في قضية مصيرية دون استشارة القطاعات المختلفة من جماهير الشعب، وأن يعلن الرئيس وحكومته من تلقاء أنفسهم أنه لايمكن إجراء انتخابات حرة في هذا البلد، وكما تعلم يا أخي بعد انتخاب الرئيس الحالي في عام 2012م فإنه أعلن أنه بعد أربع سنوات سيتمّ تنظيم انتخابات على أساس الصوت الواحد للفرد الواحد، وكان ذلك أهم ركائز عمل هذه الدولة.
فهذا الإعلان الأحادي هو بمثابة إقرار بالفشل، يقرُّه الرئيس بأنه فشل في عمله الأساسي، المتمثل في إعادة الأمن، وإقرار الدستور، وتنظيم انتخابات حرة، وإقرار مسودة القوانين الأساسية في ذلك، فنحن نعتقد ضرورة محاسبة مَن فشل في عمله، فمدة أربع سنوات وقت ثمين لا يمكن أن يذهب سدًى، وأن يتمكَّن الشعب من اختيار قيادته، وعليهم إنجاز ما تعهَّدوا به من تنظيم انتخابات حرة، وإن لم يستطيعوا ذلك فعليهم إخلاء الكرسي لغيرهم ممن يقدر أن ينجز.
مركز مقديشو: تتعالى هذا الأيام أصوات تبدي تخوفها من سيطرة فئة معينة على حكم البلاد، فهل لديكم تخوفات من هذا القبيل؟ .
عبد الولي: نعم عندنا تلك التخوّفات، لأن سبب الركود السياسي لمدة تقترب من أربع سنوات هو سعي فئة معينة لاستحواذ السلطة، وهذا ليس أمرا خافيا على الشعب والعقلاء والسياسيين، فهدفهم الواضح هو التشبث بالسلطة، وكل طريق يؤدي إلى الوصول إلى الانتخابات وتحقيق الديمقراطية يتم تعطيله وإغلاقه، ودليل ذاك أن قانون الأحزاب السياسية – وهي ركائز الديمقراطية التي يتجاوز الشعب بها من نظام المحاصصة القبليَّة (4.5) – فإن القيادة الصومالية لا ترغب حتى الآن في تمرير قانون الأحزاب السياسية ويتم تأخيره بتعمُّد، وبدلا من ذلك يجري التحضير لنظام ضبابي لايمتّ بصلة لتطوير السياسات الحزبية وإبراز دورهم المحوري في تمثيل رغبات الشعب، واختيار قيادته.
ويبدو أن من يطبخون هذه السياسة الضعيفة يريدون العودة إلى شكل انتخابات عام 2012م عندما خرج الصومال من الفترة الانتقالية، وهدفهم تمديد وجودهم في الكرسي، ويرون في إيجاد أحزاب سياسية منظَّمة وفاعلة بمثابة تهديد لاستمراريَّتهم، وهذا كله مراوغة رخيصة، فالواجب هو الإسراع في تمرير قانون الأحزاب السياسية، وإبراز دورهم في تهيئة البلاد لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وعلى القيادة الصومالية أن تهيئ البلاد لذلك، لا أن تفكر في كيفية عودتها إلى الكرسي مرة أخرى، وهذا ما سنعمل في تحقيقة ونمارس الضغط على القيادة الصومالية بالتعاون مع جماهير الشعب.
مركز مقديشو: ما دور المنتدى في معالجة الأزمات السياسية وتقريب وجهات النظر، أم دوره المعارضة فقط؟.
عبد الولي: نحن نعارض قيادة فاسدة، ونظاما ضعيفا، ولكن عملنا لا ينقضي عند ذلك، فنحن نعمل من أجل إفشاء المصالحة الوطنية، وإرساء سياسية ديمقراطية توحد الشعب ويتصالح على أساسها، وقد أعلنَّا أننا سننظم مؤتمرا كبيرا للمصالحة يشارك فيه الصوماليون بمختلف مستوياتهم وتوجهاتهم وأماكنهم، رجالا ونساء ومثقفين وأعيان بما في ذلك الأحزاب السياسية كي يتم تقريب وجهات النظر المختلفة، وينتج عن ذلك المؤتمر فكرة موحَّدة تجاه تنمية البلاد واستقراره ووحدته.
مركز مقديشو: ما موقفكم من النظام الفيدرالي والإدارات المحلية التي تتشكل هذه الأيام؟.
عبد الولي: نحن لم نبدأ النظام الفيدرالي، فكثير من دول العالم تعمل بالنظام الفيدرالي بما في ذلك بعض دول الجوار، وبعض الدول المتقدِّمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرهما، وهؤلاء الشعوب الفيدرالية ليس بينها نزاعات.
وإن من أهم أسباب النزاعات السياسية في النظام الفيدرالي سوء إدارة البلاد، وعلى القيادة السياسية إصلاح النظام الفيدرالي، وإن لم يقدروا على ذلك فليعترفوا بالفشل وليتنازلوا عن الكرسي، فالنظام الفيدرالي لا يعني تمزيق الوحدة الوطنية، فقوَّة الاتحاد ومَتانتُه يعتبر عنصرا أساسيا في النظام الفيدرالي، فنظام الولايات المتحدة الأمريكية نظام فيدرالي وهو من أقوى الأنظمة الاتحادية سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
فالفيدرالية هي إشراك شرائح المجتمع المتوزَّع على الأقاليم في الحكم بأنفسهم، ولا يعني ذلك تفتيت الصومال وتفكيكه وإثارة الصراعات والنزاعات، وتحويل الفيدرالية إلى وجهة قبلية بحتة، فالأنظمة الفيدرالية تعمل من أجل إيصال الحكم إلى القطاعات المختلفة، وينتخب بعضهم بعضا.
مركز مقديشو: هناك تدهور أمني وتفجيرات في مقديشو في بعض الأحيان، وظهور دور عسكري لحركة الشباب في محافظة شبيلي السفلى؟، كيف ترون التعامل مع حركة الشباب؟.
عبد الولي: نرى أن التدهور الأمني الملحوظ أمر يبعث على القلق، وهو علامة على فشل القيادة الصومالية، وتخليط للأوراق في تنفيذ الأولويات المهمة، والمثل الصومالي يقول: “لن تستفيد مما لاتملكه”، فتحقيق الأمن والاستقرار بيد الجيش الصومالي، والشيء المبعث للأسف أنه لم يتم تأهيله، حتى الآن القصر الرئاسي – وهو أهم رمز من رموز الدولة – تحرسه قوات أجنبية، كان عليهم بناء الجيش الصومالي، وأن يبذُلوا كل ما بوسعهم في ذلك، بل الأغرب أن الجيش الموجود الآن لا يتلقى رواتبه بشكل منتظم، بسبب الفساد الإداري، جيش جائع ضائع لا يعتني به أحد كيف يدافع عنك وعن بلدك، فالتدهور الأمني سببه سوء إدارة البلاد، وخاصة إدارة العناصر الأمنية.
الأمر الثاني إن المقاتل المسلح من حركة الشباب هو صومالي تم تضليله، وبعضهم حمل السلاح من أجل البطالة والفقر والجهل، فينبغي فتح قنوات اتصال معهم، هؤلاء صوماليون مواطنون، ينبغي إعادتهم إلى مجتمعهم، وإذا كانوا يسعون إلى الكرسي والسلطة يتم تنصيبهم، على الأقل أن تنشغل الحكومة في تحقيق ذلك، وبالفعل بدأنا عندما كنا في سدة رئاسة الحكومة أن نفتح قنوات اتصال مع المسلحين، ونصدر عفوا عاما.
فعدم الاستقرار السياسي وتغيير الحكومات خلال سنتين وتغيير القيادات الأمنية هو السبب الرئيسي في التدهور الأمني، لأنه ليس هناك جهة تنفيذية دائمة تواصل عملها باستمرار في ذلك.
مركز مقديشو: ما موقف المنتدى من قضية وحدة الصومال ؟ وكيف تقيِّمون المفاوضات الجارية بين الحكومة الفيدرالية وإدارة أرض الصومال ؟ وما هي ملامح الاتجاه التي يسير إليها مصير المناطق الشمالية، الوحدة أم الأنفصال؟.
عبد الولي: على الرغم من وجود سوء تفاهم فالصوماليون إخوة متحابون، وعلى الحكومة الفيدرالية معالجة ذلك، أنا آسف من انهيار المفاوضات الطويلة بين الحكومة الفيدرالية وإدارة أرض الصومال، وحسن شيخ محمود هو المسؤول عن ذلك، أنا شخصيا كنت متابعا في كيفية إدارة تلك المفاوضات، ومجلس الوزراء لم يكن يعلم كثيرا عن كيفية إدارة هذه المفاوضات.
ينبغي إبراز نقاط المفاوضات للمجتمع الصومالي، وعقد المؤتمر في داخل الوطن، سواء في هرغيسا أو مقديشو أو مكان آخر من الصومال، ولو تمّ إدارة المفاوضات بطريقة صحيحة لكانت نتائجه إيجابية، أنا مطمئن في أخوّة ووحدة الصومال، والشعب سيجد الطريق الصحيح لتحقيق ذلك.
مركز مقديشو: هل تترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة؟.
عبد الولي: أعتقد أنه لم يحن وقت الإجابة عن هذا السؤال، لكن أقول لك: إن حسم هذا القرار بيد المنتدى الذي أنا عضو فيه، وليس قرار اخاصا بي، وفي قته سنفعل كل ما يصلح لإنقاذ البلاد.
مركز مقديشو: أخيرا ما هي كلمتكم للشعب وللحكومة؟.
عبد الولي: أدعو الشعب الصومالي إلى القيام بتحقيق مصالحهم، والبحث عن كيفية إيجاد حكومة فعالة، فالقبلية لم تنفعهم، والفئوية لم تنفعهم، وإنما الذي ينفعهم نظام مؤسسي متين كما هو الحال في العالم، وعليهم أن يعُوا أنهم مصدر القوة ويستطيعون تغيير البلاد، كما قال الشاعر: إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر، يجب أن يستعيد الشعب قوته، ولا يستعيد قوته بدون وحدة وإرادة قوية.
وأقول للقيادة الصومالية: يبدو أنكم فشلتم في السياسة، ويجب أن تعيدوا السلطة إلى أهلها – وهو الشعب – كي ينتخب من يريد أن يقوده، فالتشبث في السلطة وأنت على فشل معناه أنك تزيد الأمر سوءا، تزيد في الفرقة وعدم الاستقرار والتدهور الأمني، وعليهم أن يعترفوا بالفشل، ويخلو الكرسي لمن يستأهله.
وأشكركم على إتاحتكم لي هذه المقابلة.