انسحبت شركة أفريكان أويل من ولاية بونتلاند الصومالية الواقعة شمال شرق الصومال الأمر الذي يلفت النظر على البيئة القانونية والأمنية الصعبة التي تواجه المستثمرين في قطاع النفط والغاز في الصومال.
وقد اعتبر انسحاب الشركة نجاحا للحكومة الفيدرالية التي اشتبكت مع بونتلاند في نزاع مستمر منذ فترة طويلة حول الجهة صاحبة الحق في إصدار تراخيص التنقيب عن النفط وإبرام اتفاقات مع الشركات الأجنبية . وعلى الرغم من أن انسحاب شركة أفريكان أويل لم يكن محتملا لكن الشركة بررت الخطوة بأن الهدف منها هو تفادي أية مشكلات ناجمة عن غموض عملية الترخيص ، مما يثير نزاعات محتملة تؤدي إلى تغيير العقد في المدى المتوسط .
واستندت شركة أفريكان أويل في انسحابها إلى وجود نزاع بين السلطات الفيدرالية وبونتلاند حول الجهة ذات الصلاحية في منح تراخيص النفط عبر شركة تابعة لها وهي شركة ” هون بترول” Horn Petroleum .
وفي عام 2007م وقعت الشركة اتفاقا مع حكومة بونتلاند ينص على تقاسم الإنتاج النفطي من منطقتي نوجول ووادي ضرور، Dharoor ولكن الحكومة الفيدرالية طعنت في شرعية الاتفاقية بدعوى أنها صاحبة الحق في منح التراخيص في الصومال، وانسحاب الشركة يعني إخلاء شركات النفط لمنطقة بونتلاند وإيقافها لجميع أعمال التنقيب.
نزاع حول الصلاحيات
وبموجب الدستور الصومالي فإن عقود البحث عن الموارد تتم بالتفاوض مع السلطات الإقليمية، وهو البند التي لجأت إليه بونتلاند ومناطق أخرى لتأكيد سيادتها على عملية الترخيص، ويعود مشروع قانون النفط في الدستور الصومالي إلى عام 2008م وينص على أن حق منح التراخيص النفطية هو من صلاحيات الحكومة الفيدرالية على الرغم بأن القانون لم يتم مصادقته في البرلمان الصومالي.
ولوجود هذه التناقضات التي لم يتم حسمها ظلت الاتفاقية مع شركة أفريكان أويل دائما معرضة للخطر بعد أن استمر الجدل بشكل مكثف حول شرعية عملها على مدى ال 18 شهرا الماضية، مما اضطر الشركة إلى إيقافها لعمليات التنقيب على الرغم من أنها حفرت بئرين في عام 2012 ، وقد طالبت الشركة توضيحا من السلطات الفيدرالية بشأن الترخيص.
وثمة احتمال بأن تؤدي الخطوة الجديدة من الشركة دافعا للجانبين المتنازعين للتوصل إلى حل للنزاع بدل استمرار بونتلاند في تحديها لمقديشو .
وقد انقسم البرلمان الصومالي في الموافقة على مشروع قانون للبترول ، وقد دفعت نفس المخاوف شركات أخرى مثل رانج ريسورزس Range Resources وشركة الإمبراطور الأحمر Red Emperor أن تحذو حذو شركة أفريكان أويل.
ومن المرجح أن تكون الظروف المحلية المعقدة المرتبطة بالنزاع على الحدود بين إدارة أرض الصومال وبونتلاند ساهمت أيضا في انسحاب الشركات .
منذ عام 2012، لم تتمكن مجموعة الشركات ذات المشاريع المشتركة من الوصول إلى نطاق نوغال Nugal بسبب معارضة العشائر في أرض الصومال المجاورة .
نزاع حدودي بين بونتلاند وأرض الصومال
وقد أخرت اعتبارات مماثلة من القيام بأنشطة تنقيب في المنطقة في اوقات سابقة ففي سبتمبر 2013 علقت شركة الأنجلو التركية جينيل عملياتها في منطقة أرض الصومال في الكتل المتأخمة لنوغال الواقعة في بونتلاند لأسباب أمنية غير محددة رغم أنها منطقة بعيدة عن حركة الشباب التي تشن عمليات ضد الحكومة الصومالية وقوات البعثة الإفريقية Amisomوهو ما فسرته وسائل الإعلام الصومالية بأن الانسحاب هو نتيجة لمعارضة العشائر في المنطقة إدارة خاتمو Khatumo التي تدعو لقيام دولة مستقلة في أقاليم سول وسناج وعين وتدعى اختصار بـ SSC فقد قام أنصارخاتمو من شن سلسلة هجمات على المنطقة منذ قيام جبهة SSC عام 2012، مما أدى إلى حشد كل من بونتلاند وأرض الصومال قواتها على طول حدود المنطقة المتنازع عليها لتأكيد سيادتها . وفي وقت لاحق قد أعلنت شركة جينيل التركية وتحديدا يوم 27 يوليو عام 2015 اعتزامها العودة إلى أرض الصومال لمواصلة دراستها مع مع ضمانات من حكومة أرض الصومال الانفصالية في هرجيسا بتوفير الأمن الكافي.
وقد سمح للشركة إنجاز المشروع في إطار مدة سنتين في مايو 2014 ، وهذا سيمثل حقيقيا لاحتمال وقوع عمليات في المنطقة المتوترة.
على الرغم من أن خبر رحيل شركة أفريكان أويل من بونتلاند يعتبر موضع ترحيب من الحكومة الفيدرالية فإن الموقف القانوني للحكومة الفيدرالية لا يزال موضع سؤال نظرا للطبيعة المشاكسة للبرلمان الصومالي الذي شهد انهيار ثلاث حكومات خلال 12 شهرا منذ العام الماضي مما يعني أن مشروع قانون النفط من الصعب تمريره قبل انتخابات 2016 مما يطيل أمد بقاء عقود التنقيب في دائرة الغموض الحالية.
اتهامات فساد
وقد تعرض موقف مقديشو القانوني لانهيار شديد بعد أن أجرت اتفاقا مع شركة صوم غاز في عام 2013م بعد أن كشفت تحقيقات أجراها مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في بريطانيا وجود عمليات فساد واختلاس أموال في 1 أغسطس من العام الحالي ولا يعرف سوى القليل عن النواحي التي يشملها تحقيق الهيئة البريطانية ،ولكن حتى الآن قام فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا التابع للأمم المتحدة بان الشركة المذكورة قدمت مبالغ للحكومة الصومالية تحت مسمى برنامج بناء القدرات ، ومن المحتمل أن اتهامات الفساد يمكن أن تؤخر خطط الحكومة لإجراء اتفاقيات تقاسم الإنتاج بعد الشكوك التي حامت حول نزاهة أجهزتها ، كما أنه يأتي في إطار الضغط على مراجعة أنظمة الترخيص وإدخال إصلاحات الشفافية على التشريعات القائمة.
وحتى لو تم التصديق على مشروع قانون النفط فمن غير المرجح إنهاء النزاعات المتكررة بين السلطات الفيدرالية والإقليمية نظرا لأن ظهور دويلات جديدة مثل جوبالاند، وجنوب غرب الصومال، وجلمدوغ وإدارات أخرى في طور تكوينها حاليا كولاية هيران وشبيلى المزمع إنشاؤها حاليا بالإضافة إلى خاتمو كل ذلك من شأنه أن يزيد من احتمال استمرار تقويض سلطة الحكومة الفيدرالية وتأخير أي مشروع من شأنه أن يوسع سلطاتها
هذا، وتعتبر أرض الصومال هي إلى حد كبير أكثر المناطق استقلالية وليس من المرجح أن يحوز أي قانون يصدره البرلمان الصومالي في مقديشو قبولا في المستقبل المنظور، وتعد التنازلات التي تمنحها الحكومة الفيدرالية للولايات الإقليمية في ظل المنافسة على السيادة المرتبطة بالنزاعات على الملكية عاملا مهددا للشركات المنفذة بخطر التعليق وتأخير مشروعاتهم الاستثمارية ، وفي النهاية سيؤدي إلى تفتيت النظام الفيدرالي الناشئ.
إيقاف عقود النفط في الصومال
وقد أوصى فريق الرصد التابع للأمم المتحدة المعني بالصومال وأريتريا في عام 2013م بأن يقوم مجلس الأمن بتعليق صفقات النفط في الصومال، ومن المتوقع أن يعيد اقتراحه في تقريره الذي سيصدره منتصف شهر أكتوبر الجاري ، وتقول المجموعة إن البلاد تفتقر إلى الإطار القانوني والتنظيمي للاشراف على صفقات استغلال موارد الطاقة.
وقد رفضت وكالة النفط في ولاية بونتلاند بشدة هذه التوصية من المجموعة، وقال عيسى محمود فارح ، مدير هيئة الثروة المعدنية في الولاية تصريحات الفريق الأممي قائلا: ” إن بونتلاند لن تقبل بشرعية محاولات تقويض سيادة الصومال” في رد بالبريد الالكتروني على أسئلة” مضيفا أن ” من الخطا على الأمم المتحدة أن تفرض حظرا على شعب تتعافى من حرب أهلية وتسعى إلى تطوير نفسها سياسيا واقتصاديا”.” وقال ان الهيئة العالمية يمكن أن تساعد في صياغة التشريعات بدلا من فرض الحظر
المصدر
https://pgi-intelligence.com/news/getNewsItem/Somalia-Political-disputes-force-companies-to-withdraw-from-Puntland/541