بقلم: أنور ميو
عرضت وزارة التعليم نموذجا لنسخة من الشهادة الثانوية الرسمية يوم الأحد الماضي، وذلك في اجتماع عقده مسؤولو الوزارة في مقديشو، وذكرت وزيرة التعليم خضرة بشير علي أن الوزراة نجحت في إصدار شهادة ثانوية متطورة، وحذرت أولياء أمور الطلاب من أخذ شهادات غير معترفة بها لأبنائهم، في إشارة ضمنية إلى الشهادات الثانوثة التي تصدرها مظلات التعليم الأهلي.
جذور الأزمة بين وزارة التربية والتعليم ومظلات التعليم الأهلي:
سيطرت مظلات التعليم النظامي الأهلي على المناخ التعليمي في الصومال منذ تأسيسها في عام 1999م بقيادة الأستاذ أحمد عبد الله واييل رحمه الله(1)، وشهدت هذه المؤسسات – التي حلَّت تلك المظلات محل وزارة التربية والتعليم – تطورا مهما في تحسين وتجويد التعليم، حيث حصلت شهادات طلاب هذه المظلات والروابط على اعتراف من الداخل والخارج مما فتح آفاقا جديدة للتعليم الأهلي في الصومال(2)، ويصل عدد مظلات التعليم النظامي الأهلي في الصومال إلى أكثر من 12 رابطة وتدير 817 مدرسة ما بين أساسية وثانوية ومهنية يدرس فيها 287,000 طالبا وطالبة ينقسمون إلى 156,000 طالب و 131,000 طالبة(3).
ومنذ عام 2012م أبرمت وزارة التربية والتعليم اتفاقيات متكررة مع المظلات التعليم الأهلي في شان التعاون في مجال التعليم، وبدأت بالتصديق والتوقيع على الشهادات التي تصدرها المظلات وانتهت باعتراف تلك المظلات التعليمة بإصدار شهادة ثانوية معتمدة من الوزارة في عام 2013م.
القرار الحكومي حول توحيد الامتحانات:
لم يكن قرار الحكومة الصومالية حول توحيد امتحانات الشهادة الثانوية محل ترحيب لدى مظلات التعليم النظامي التي سيطرت على التعليم في الصومال لمدة تقترب من العشرين عاما، وتطمح إلى بقاء نفوذها في الساحة قدر الإمكان أو إعطائها بعض الصلاحيات فيما يتعلق بإدارة الامتحانات.
فالقرار الصادر في مارس 2015م بشأن توحيد الامتحانات الثانوية في محافظات وسط وجنوب الصومال سبَّب خلافات واتهامات متبادلة بين وزارة التعليم والتربية وبين مظلات التعليم النظامي الأهلي، وفشلت كافة اللقاءات والمشاورات واللجان الفنية التي توسطت بين الطرفين، الأمر الذي أدى إلى مقاطقة المظلات لأول انطلاقة الامتحان الموحَّد للشهادة الثانوية على مستوى المناطق بوسط وجنوب الصومال تحت إشراف وزارة التربية والتعليم في 15 يونيو 2015م.
ورقة ضغط الحكومة:
ترى الحكومة الصومالية أن إجراء الامتحانات وإصدار الشهادات المعترفة بها دوليا من مهام وزارة التعليم وليس من مهام مظلات التعليم الأهلي التي أنقذت مجال التعليم من الانهيار الكامل، ومن حق الوزارة إعادة دور الحكومة في إدارة القطاع التعليمي، وإصدار الشهادات وتوقيعها والإشراف على الامتحانات.
ومن المعروف أن الأسر الصومالية لن تستغني عن تعليم أبنائها في خارج الصومال، ولا تستطيع تلك المظلات الأهلية توفير شهادة ثانوية معترفة بها دوليا تتيح للطلاب إمكانية الدراسة في الخارج، وذلك بعد تشكل المؤسسات الرسمية في البلاد وبدء الوزراة التعليمية بإصدار شهادة رسمية، الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا في مستقبل التعليم الثانوي في المدارس الأهلية المنضوية تحت المظلات.
الخيارات المطروحة:
وإذ لم تثمر مقاطعة مظلات التعليم النظامي الأهلي للامتحان الموحد الذي أجرته الحكومة الصومالية التي أصرَّت على حرمان الشهادة الثانوية من الطلاب الذين لم يجلسوا للامتحان فينبغي التعامل مع هذا الأمر الواقع، وعودة مظلات التعليم النظامي الأهلي إلى طاولة المفاوضات، للتوصل إلى حل توافقي ومخرج آمن من الأزمة.
وعلى الحكومة الصومالية إبداء المرونة الكافية حول التعامل مع ملف مظلات التعليم الأهلي والاعتراف بشيء من الفضل لهم في إنقاذ مسيرة التعليم في الصومال، وإصدار قانون النظام التعليمي الأهلي، دون الإحجاف بدورها التاريخي في مجال التعليم.
المراجع:
(1) ” نيل الآمال في تراجم أعلام الصومال” ص 23
(2) “التعليم في الصومال .. تحديات وتوقعات”، د.محمد حسن نور، شبكة الصومال اليوم، http://www.somaliatoday.net/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/tabid/94/articleType/ArticleView/articleId/2001/—-.aspx#.VfeRXfk97cs
(3) المرجع نفسه.