صعد الإهتمام العالمي في منطقة القرن الأفريقي بصورة عامة والصومال بصفة خاصة اثر انعقاد مؤتمر بارلين عام 1885م الذي قسم المنطقة إلى خمسة أجزاء، لكن ظهر الإهتمام بشكل جلي في السنوات العشر الأخيرة حيث زاد التنافس الدولي والإقليمي حيال الصومال لأسباب إقتصادية وعسكرية وسياسية، وأمريكا جزء من القوة الغربية المتعطشة لنهب وسلب خيرات الدول .وخير دليل على ذلك علاقة الولايات المتحدة مع الدول المبنية على قاعدة (الكيل بالمكيالين).
وفي إطار أهمية بلاد الصومال جغرافيا واستراتيجيا بإعتبارها منطقة ربط للتجارة الدولية وبأنها تشرف على مناطق إنتاج ونقل البترول ، ولهذا إهتمت الولايات المتحدة لتحقيق نوع من النفوذ في الصومال، وقامت وزيرة الخارجية السابق مادلين أولبرايت عدة زيارات للمنطقة وكذا الرئيس الأمريكي الأسبق بل كلينتون عدة زيارات ليحل محل النفوذ الفرنسي والإيطالي هناك وفي إطار جعل الصومال منطقة نفوذ أمريكية بحتة ، ومن أجل حصار مصر والسودان والشمال الأفريقي ،مما يعني حصار الدول العربية من أجل تبديد مخاوف إثيوبيا تجاه تكوين تحالف إسلامي مكون من هذه الدول .
ولهذا فإن منطقة القرن الإفريقي تتمتع بأهمية قصوى، وخصوصا للصومال ماجعلها محط انظار القوى العالمية وذلك كونها تطل ثاني أطول ساحل في افريقيا وخليج عدن، في حين إثيوبيا لا تملك أي منافذ بحرية..
كي تحقق اطماعها قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1993م باستصدار قراراً من مجلس الأمن بالسماح لقواتها بالدخول الي الصومال بدعوى انسانية والقضاء على أمراء الحرب والمليشيات التي كانت تحكم الصومال اثر سقوط نظام سياد بري.
حصلت الولايات المتحدة تفويضاً كاملاً لمحاربة المليشيات وزعماء الحرب ،ولكنها فشلت حربها أمام الثورة المناهضة لأمريكا بعد قيام قوات عيديد بإسقاط طائرتين عموديتين أمريكيتين في 3/10/1993م ،وقتل 18جنديأمريكي وإصابة 84 أخرين بل وأكثر من ذلك سحب جثة أحد الجنود المقتولين في شوارع مقديشو،وانتشر تلك الصور على نطاق واسع في الإعلام مما شكل فضيحة كبرى للعسكرية الأمريكية التي جعلت الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون يعلن نيته في الإنسحاب من بلاد الصومال.
هذا الفشل الذريع أثار دهشة العالم ومراكز صنع القرار الأمريكي الذي قرر الإنسحاب فور من الصومال عام 31/1/1994م وتغير إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصومال والحنوح نحو استراتيجية جديدة تحمل دوافع انتقامية تستهدف الي تفكيك الصومال ومنع القيام بنظام إسلامي يعيد التوازن الصومال من جديد،وهذا ما يتوافق مع الرغبة الإثيوبية التي أصبحت قاعدة للدعم ولإعتماد الأمريكي ولإسرائيلي بدلاً من إرتريا التي شعرت بتخلي الولايات المتحدة وإسرائيل عنها قفزاً إلى المعسكر الأخر .
ومما يظهر جلياً أن أمريكا فضلت التحالف مع إثيوبيا لتحقيق نوع من النفوذ في الصومال، ومنعا من تحقيق إستقرار في الصومال، وكانت استراتيجيتها فإما أن تقوم هناك حكومة عميلة لأمريكا أو البقاء في الفوضى.
وفي هذا السياق يروي الرئيس الصومالي الأسبق عبدالقاسم صلاد حسن أن مندوبا من السفارة الأمريكية في نيروبي قال له وبصريح العبارة (إن أمريكا تساند الفوضى في الصومال)ولذالك لاعجب أن دعمت امريكا كل أنواع بؤرة الأزمات والمشاكل وزعماء الحرب الذين لايهُمهم إلا مِلئ جيوبهم الخاوية .