كنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن بعض الإخفاقات في قطاعَيْ السياسة والأمن، والآن نكمل بقية الإخفاقات في القطاعات التالية:
ثالثا: القطاع القضائي:
تحدَّث الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في أكثر من مناسبة عن عزم حكومته على إصلاح منظومة القضاء الصومالي وإعادة هيكلتها وتطوير أدائها، وهذه كانت واحدة من أهم الوعود والأولويات التي حددها الرئيس في فترته الرئاسية الممتدة من عام 2012م إلى عام 2016م.
وقد تم بذل المزيد من الجهود من قبل الحكومة الصومالية في إصلاح القضاء الصومالي، وتم عقد مؤتمر الحوار الوطني لإصلاح القضاء في مقديشو في أبريل نيسان عام 2013، وشارك فيه ممثلون من شرائح مختلفة من الشعب الصومالي، وخرج بتوصيات مهمة بشأن السبل الكفيلة لإصلاح القضاء، وفي أكتوبر عام 2014م قامت وزارة العدل في الحكومة الفيدرالية الصومالية بعقد مؤتمر وطني حول إصلاح القضاء الصومالي في مقديشو، وأيضا قامت الحكومة ببعض خطوات ملموسة وجريئة من بينها عزل النائب العام السابق عبد القادر محمد موسى وتعيين أحمد علي طاهر نائبا عاما، وتعيين السيد فارح شيخ عبد القادر كوزير للعدل، والذي أبدى جهدا مقدَّرا في إنجاح مهمام الوزارة.
إلا أن مستوى الإصلاحات القضائية في واقع الأرض كان بطيئا للغاية، ولا يرقى إلى المستوى الذي كان يطمح إليه الشعب الصومالي الذي كان ينتظر قضاء صوماليا خاليا إلى حد كبير من الفساد، ولا شك أن خطوات إصلاح القضاء في الوضع الراهن تمر بطريق شائك نظرا للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، إلى جانب نقص الكوادر العاملة في هذا المجال، والمحسوبية المتجذرة في السلك القضائي.
رابعا: القطاع المالي:
كان إصلاح النظام المالي في الصومال واحدًا من أهم الأولويات التي حدَّدها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في فترة رئاسته، وتخطَّت الحكومة الصومالية في خطوات إصلاح المنظومة الاقتصادية في البلاد مثل إعادة فتح وتشغيل البنك المركزي الصومالي، وعضوية الصومال في صندوق النقد الدولي، وإعداد المقترحات القانونبة ذات العلاقة بالشؤون المالية، وهو الأمر الذي سهل للحكومة صرف رواتب الموظفين في قطاعات الدولة وأجهزتها المختلفة بشكل مريح وأكثر شفافية.
إلا أن الرئيس الصومالي تورَّط في فساد مالي حسب ما جاء تقارير أممية حيث ذكر تقرير صدر من لجنة تابعة للأمم المتحدة في عام 2014م تراقب مدى الالتزام بالعقوبات التي تفرضها المنظمة الدولية على الصومال اتهمت رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود ووزيرة الخارجية السابقة فوزيه يوسف ومكتب محاماة أميركي بالتآمر للتربح من أصول صومالية استردَّت من الخارج.
وكشفت المجموعة المراقبة الصومال وإريتريا المؤلفة من ثمانية أعضاء نتائج التقرير السّري للجنة العقوبات على الصومال وإريتريا التابعة لمجلس الأمن، واطلعت رويترز على نسخة من الوثيقة التي تقع في 37 صفحة
وذكر تقرير المجموعة المراقبة في عام 2013م أن وزراء في حكومة حسن شيخ محمود يستغلون البنك المركزي الصومالي “كصندوق سري” خاص وأن نحو 80 بالمئة من الأموال المسحوبة تذهب لأغراض شخصية.
جاءت تلك الضجة الإعلامية بعد استقالة محافظة البنك المركزي الصومالي السيدة يسر أبرار في نوفمبر 2013م بعد أقل من شهرين من توليها المنصب لأجل ما قيل من ضغوطات تعرضت لها لإجازة صفقات غير سليمة، وقد نفت الحكومة الصومالية مرارا تلك التهم ووصفت التقرير بالتناقض وتزييف الحقائق.
ولا شك أن النظام الاقتصادي الصومالي لا يزال يمر في حالة ركود لاسيما في القطاع الوظيفي، فالقطاع العام يعاني من تدهور كبير في دفع الرواتب، وكثير من الجنود والموظفين العاديين لا يتلقون رواتب منتظمة، رغم أن الضرائب التي تأتي من الميناء والمطار الدوليين في مقديشو والأسواق الكبيرة والمواصلات تكفي بتسديد ذلك بعيدا عن المنح التي تعطيها الأمم المتحدة ودول مثل النرويج وتركيا والإمارات.
خامسا: قطاع التنمية الاجتماعية:
على الرغم من أن الحكومة الصومالية تعهدت بتقوية قطاع التنمية الاجتماعية مثل التعليم والصحة والرياضة وغيرها، وتخطت في ترميم وفتح مدارس حكومية، وتوحيد امتحانات الشهادات الثانوية بالإضافة إلى إصدار شهادات حكومية تكون بديلة عن شهادات منظمات التعليم الأهلي في البلاد، ودشنت وزارة التربية والتعليم في عام 2013م حملة (اذهب إلى المدرسة) ليلحق أكثر من مليون طفل صومالي في أنحاء الصومال بالمدارس الحكومية المجانية، إلا أن الحملة ضعفت وتوقَّفت لعدم التمويل اللازم وضعف التنسيق.
فالقطاع التنموي مثل الصحة والتعليم والرياضة ليست مشروعات تديرها الحكومة الصومالية أو تقوم بإصلاحها بل هي مشروعات تنفذها مؤسسات أجنبية ولا علاقة لها بالحكومة، وقطاع خاص له مطلق الحرية في تصرفاته.