تابع بخدمة أهل الصومال في مجال الحديث وعلومه
وخدمة أهل الصومال في الحديث الشريف وعلومه لا يقتصر بقطر خاص أو منطقة معينة كما أشرنا ذلك في الحلقات الماضية وإنما على مستوى الصومال الكبير بحيث هذه الخدمة تتجاوز الحدود السياسية التي اصتنع بها الاستعمار قديماً أو تلك التي اقترعها فيما بعد أهل الصومال أنفسهم. وانطلاقاً من ذلك فهناك بعض إنجازات علمية حققها أهلنا في جيبوتي في ذلك الأمر عبر علمائها ومثقفيها، وهذه الإنجازات والجهود العلمية من الصعب حصرها غير أننا نشير إلى جهود العلامة الشيخ الزاهد المحبوب فضيلة الشيخ عبد الله علي جيلة الأسحاقي فرع هبر يونس حيث قام بعدة أعمال علمية مفيدة غير أننا نذكر هنا فقط تلك الأعمال التي لها علاقة بالحديث وعلومه مثل كتابه ” تخريج الأحاديث الواضح في أصول الفقه لدكتور الأشقر”، بحيث خرّج فضيلته الأحاديث النبوية الواردة في الكتاب تخريجاً علمياً مما يبرز براعة الشيخ وتفوقه في الفنّ.
من ناحية أخرى قد أثبت أهل الصومال حبهم وتقديرهم للإمام محمد بن إدريس الشافعي حيث وصل إنجازاتهم العلمية والثقافية إلى خدمة التراث الشافعي حينما وصلت هذه الخدمة العلمية إلى أحد مؤلفات الإمام الشافعي وآثاره العلمية ولم يغيب الإمام وأثاره عن بالهم تقديراً للمذهب الذي يتمذهب الأمة بمذهبه ليس على مستوى القطر الصومالي فقط وإنما على مستوى منطقة شرق إفريقيا قاطبة، وهذا الأمر فلا أحد يستغرب إذا وصلت خدمة أهل الصومال في العلم ما له صلة بالإمام محمد بن إدريس الشافعي وكتابه الأم رغم أنّ هذا الكتاب يتناول في مجالات الفقه وأحكام الشريعة المستنبطة من الكتاب والسنة ، وقد قام فضيلة الشيخ المجتهد فوق العادة عبد الله شيخ نور السعدي أحد قبائل هبر غدر دراسة تنصب حول الإمام الشافعي ولكن في مجال له صلة بالحديث وعلومه عبر كتابه المنعنون ” رواية الإمام الشافعي عن شيخه إبراهيم بن يحيى في كتابه الأم” ويعتبر هذا الكتاب ضمن البحوث والرسائل العلمية التي أنجزها فضيلته عند انشغاله البحث العلمي. وهذه الرسالة قام بها الشيخ عبد الله شيخ نور دراسة حول الأحاديث والأثار التي أوردها الإمام الشافعي في كتابه الأم عن طريق شيخه إبراهيم بن أبي يحيى، وهذه الأحاديث تصل إلى قرابة 200 حديثا.وخلال البحث والدراسة في هذا الأمر اتضح لدى الشيخبأن أغلب الأحاديث والأثار سليمة من حيث السند أو في المتابعة، ما عدا أقل من عشرين حديثا، وهي تعتبر ضعيفة.وقد برهن المؤلف الشيخ عبد الله شيخ نور كيف يروي الإمام الشافعي عن شيخه.وهذا الكتاب عبارة عن رسالة علمية نال بها الكاتب لنيل درجة الماجستير من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان في عام 2011م.
ولفضيلة الشيخ جهد علمي آخر عبارة عن إنجاز موضوع فند فيه الأحاديث والواردة في كتاب الأم للإمام الشافعي وهو كتابه : “الأحاديث المعلقة الواردة في كتاب الأم للإمام الشافعي – وصلا ودراسة” ، هنا اختار المؤلف هذا العنوان ليعالج الأحاديث الواردة في كتاب الإمام محمد بن إدريس الشافعي – رحمه الله – والشروط التي وضعها علم الحديث ، وليزول هذا الإشكال عمل الشيخ عبد الله دراسته هذه. وتدور هذه الدراسة حول تلك الأحاديث المعلقة وجمعها ثم تتبعها من كتاب الأم ثم دراستها وتلمس الأسباب التي أدت إلى التعليق.وقد توصل المؤلف خلال بحثه النفيس عدة نتائج ومن بينها : بأن الشافعي أول من دوّن علوم الحديث وأنه كان من حفاظ الحديث .أما الأحاديث المعلقة الموجودة في كتابه إما أن تكون في الصحيحين أو إما أن يكون لها شاهد في كلا الصحيحين أو أحدهما. ويرى المؤلف بأن هناك أسبات أدت إلى أن يعلق الإمام الشافعي هذه الأحاديث مثل كون الإمام أراد الاختصار وعدم تطويل ، وكذلك لأسباب تتعلق بالمناظرة بحيث أن بين المناظرين يعرفون سلسلة الأحاديث وليس من الضرورة سرد كل ما يتعلق بالأحاديث. وعلل المؤلف أيضا بكون الأحاديث مشهورة بين المحدثين. وذكر المؤلف سببا آخر وهي رواية الحديث بالمعنى، فعلق حتى لا يظن القارئ بأن الشافعي نقل هذه الألفاظ بهذا السند أو الأسانيد.وجزم المؤلف بأن هذه المعلقات من الأحاديث لا تقل عن مستوى كتاب الأم وقيمته العلمية لأن الأحاديث المعلقة التي لم توجد المتابعة أو الشاهد هي أربعة أحاديث فقط من بين 869 أحاديث معلقة، علما أن كتاب الأم يحوي قرابة 4600 رواية تقريبا ، مما يدل على براعة الشافعي وتمتعه فن علم الحديث. وعموم البحث الذي أنجز فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله الشيخ نور يصل حوال 835 صفحة وما زال مخطوطا غير مطبوع.
ومعروف عند طلبة العلم في القطر الصومالي أنّ فضيلة الدكتور عمر إيمان أبو بكر البادعدي له أعمال علمية كثيرة خدم بها في الحديث وعلومه، ومن بين هذه الأعمال كتابه ” الأحاديث التي علّق الإمام الشافعي القول بها على صحتها” الذي تناول في خدمة وتفنيد بعد أعمال الإمام الشافعي العلمية. وهذا الكتاب لا يزال مخطوطاً حسب علمي وكما أخبرني المؤلف نفسه في بدايات عام 2006م قبل أن يضم المؤلف في السلك السياسي والانتماء الأحزاب الدينية السياسية في الصومال. وقال لي المؤلف أنه سوف يطبع الكتاب بعد إضافته بعد مكملات بسيطة، وعلى العموم أن الكتاب يتعلق بالأحاديث التي يقول الإمام الشافعي فيها إن صح هذا الحديث قلت به ، فيتم دراسة ذلك الحديث ليعرف هل هو صحيح أم لا.
ومن أعمل فضيلة الدكتور عمر إيمان أبو بكر كتاباً سماه ” منهجية الاستدلال بالحديث عند الإمام الشافعي” ، وهو أيضاً إنجازاً علمياً مستقلاً في خدمة التراث الإمام الشافعي ولكن لها علاقة بالحديث وعلومه، ويعني طريقة الإمام الشافعي رحمه الله حينما يستدل بالحديث على الأحكام الفقهية ماذا يشترط لقبول الحديث.هذا الكتاب لا يزال مخطوطاً لذا مؤلفه. وقد أشرنا سابقاً بأن الدكتور عمر إيمان له أعمالاً كثيرةً لها علاقة الحديث وعلومه مثل كتابه “الأحاديث التي أعلّها النسائي بالاختلاف على الرواة في كتابه المشتبه.” وهذا المجهود العلمي أيضاً هو نتيجة رسالة علمية لنيل درجة الدكتوره من جامعة الإمام في المملكة العربية السعودية ، قسم السنة وعلومها من كلية أصول الدين ، سنة 1420هـ، ويقع 3 مجلدات ،وهي ما زالت مخطوطة وأخبرني المؤلف بأنه ينوي طباعتها .كما أنجز أيضاً في المجال نفسه كتاباً سماه ” التأسيس في فن دراسة الأسانيد” ألف المؤلف بعد نيله بدرجة الدكتوره – كما أخبرني المؤلف نفسه – والكتاب مطبوع بدار المعارف بالرياض، ويقع في 500 صفحة، وهذا الكتاب يتناول طريقة دراسة أسانيد للحديث للوصول الحكم النهائي للحديث صحةً وضعفاً.
ولفضيلة الدكتور بحث آخر سماه “مواقف أم سليم الأنصارية مفخرة لكل مسلمة” وهو كتيب صغير بحوالي 50 صفحة ، وطبع بدار القاسم بالرياض في المملكة العربية السعودية. كما أنجز فضيلته كتاب “الإمام النسائي وكتابه المشتبه” وهو عبارة عن ترجمة موسع عن مؤلف كتاب المشتبه الإمام الحافظ النسائي ودراسة أخرى لكتابه المشتبه من حيث المنهج وشرطه وطريقة ترتيب الكتاب والمقارنة بينه وبين المسند الأخرى، والكتاب بحدود 150 صفحة، ومطبوع بدار المعارف بالرياض. فهذه فقط إنجازات فضيلته في الحديث وعلومه حسب آخر متابعتي رغم أننا نعرف بأنّ لفضيلته أعمال علمية مفيدة وناذرة في الميدان البحث العلمي.
ولفضيلة الدكتور عمر علي عبد الله محمدالحوادلي
بحث علمي فريد سماه ” البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار والواقعة في الشرح الكبير، لابن الملقن ” من باب سجود السّهو إلى صلاة الخوف ” دراسة وتحقيق.
بحث نال فضيلته من خلال هذا الإنجاز العلمي درجة الماجستير في قسم فقه السنة من كلية الحديث بالجامعة الإسلامية قسم الباحث رسالته إلى قسمين: دراسي وتحقيقي. القسم الدراسي: وفيه مقدمة وبابان: الباب الأول: وفيه فصلان: التعريف بالإمام الرافعي، التعريف بالشرح الكبير. الباب الثاني: وفيه فصلان: التعريف بابن الملقن، التعريف بالبدر المنير. القسم التحقيقي: وقد اعتمد فيه على أربع نسخ خطية: 1ـ نسخة أحمد الثالث بتركيا، ولها صورة في الجامعة الإسلامية (برقم 2582-2587)، تقع في ست مجلدات، مسطرتها (25) سطراً، وهي النسخة الأصل، ويتراوح عدد أوراق مجلداتها ما بين (180-299) سوى المجلد الأخير فهو (68) ورقة وهو ناقص. 2ـ نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة ولها صورة في الجامعة الإسلامية (رقم 2247-2248) وهي أربعة أجزاء في مجلدين كبيرين، وهي ناقصة من آخرها، عدد أوراق المجلد الأول (252)، والثاني (286)، مسطرتها (30-33) سطراً في الصفحة الواحدة. 3ـ نسخة مكتبة “تريم” بمكتبة الأحقاف بتريم، اليمن الجنوبي، ومنها صورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية رقم (1523)، وهي في مجلد واحد (ناقصة)، وعدد أوراقها (181) ورقة، مسطرتها (33) سطراً. 4ـ نسخة برلين، لها صورة في الجامعة الإسلامية تحت رقم (3936) ميكروفيلم، وعدد أوراقها (280) ورقة، مسطرتها (31) سطراً غالباً، وتبدأ من باب سجود التلاوة إلى باب صدقة التطوع. وقد اشتمل الكتاب على تحقيق الكتب والأبواب التالية: باب سجود السهو، سجود التلاوة والشكر، كتاب صلاة الجماعة، صلاة المسافرين، الجمعة.(ملاحظة: كتاب صلاة الخوف غير داخل في التحقيق).
ومن خدمة الدكتور عمر أيضاً في الحديث وعلومه كتابه ” الأحاديث القدسية جمعاً ودراسةً ” وقد قسم المؤلف رسالته إلى مقدمة وقسمين وخاتمة. المقدمة: الكتاب عبارة عن رسالة علمية نال صاحبه درجة الدكتوراه في قسم افقه السنة من كلية الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية . وتكلم فيها فضيلته عن أهمية الموضوع وخطة البحث. القسم الأول: دراسة حول الحديث القدسي (تعريفه، الفرق بينه وبين القرآن، وبينه وبين الأحاديث النبوية)، موضوعه، مصادره، أهم ما ألف فيه. القسم الثاني: يشمل الأحاديث القدسية مرتبة على الكتب والأبواب الفقهية. الخاتمة: ذكر فيها أن كتاب الشيخ محمد المدني “الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية” وكتاب “جامع الأحاديث القدسية” لأبي عبد الرحمن عصام الدين الصبابطي أوسع ما ألف في هذا الباب وقال إن بحثه هذا قد اشتمل على ثلاث وثمانين وأربعمائة حديث، الصحيح والحسن منها اثنان وثلاثمائة حديث، منها في الصحيحين إحدى وعشرون ومائة حديث، والضعيف وما دونه واحد وثمانون ومائة حديث.
ولم تتوقف الإنتاج العلمي لفضيلة الدكتور عمر علي عبد الله في خدمة الحديث الشريف وعلومه بحيث أنتج أيضاً في الآونة الأخيرة رسالة لطيفة أطلق عليها ” الإمام البخاري وكتابه الجامع الصحيح” وهي رسالة صغيرة تهتم بالجامع الصحيح البخاري، وهي رسالة علمية يتداولها طلاب العلم في الصومال.