مقديشو- (أ ب)
منذ عامين كان محمد أدن يقوم بمسح الأحذية في مقديشو، حيث يسير في شوارع العاصمة الصومالية بحثا عن الزبائن فيما ينتظم أصدقاؤه في الدراسة. والآن يجلس الصبي البالغ من العمر 12 عاما بفخر بين زملاء الدراسة.
وبالنسبة لأدن، وهو صبي فقير تعيش أسرته في مبني متداع في أحد الاحياء الفقيرة في مقديشو، ما كان ليحدث التحول من الشوارع إلي الفصل الدراسي بدون برنامج جديد تديره الحكومة يحمل اسم ‘لنذهب إلي المدرسة’ ويسعي إلي تقديم تعليم أساسي مجاني لمليون طفل علي الأقل.
وكثيرون في الصومال سعداء بالبرنامج الجديد، غير أن الجماعة المتشددة المرتبطة بالقاعدة في البلاد حذرت هذا الأسبوع من أن المدارس هي أهداف مشروعة للهجوم، وقال شيخ محمد حسين وهو مسئول بارز في حركة الشباب للصحفيين، إن برنامج التعليم يسعي إلي علمنة الأطفال.
وعلي الرغم من تاريخ طويل من مثل تلك التهديدات، إلا أن البرنامج الذي يتم تمويله من التبرعات أثبت أنه مرغوب من قبل الأباء وأيضا الاطفال الذين ما كان يمكن أن تتاح لهم فرصة مثل ذلك للتعليم الأساسي بدون هذا البرنامج في دولة توجد بها أسوأ معدلات معرفة القراءة والكتابة في العالم.
وفي صباح قريب كان أدن يعمل في تمرين الإنجليزية فيما وقف المدرس بجانب السبورة يقدم الشرح إلي عشرات الصبية والفتيات في مدرسة ماكالين جاماك في مقديشو، حيث يحاول نحو 700 طالب اللحاق بالوقت الذي ضاع من الدراسة. والبرنامج الذي أطلق في أواخر العام الماضي سجل فيه بالفعل أكثر من 35 ألف طالب في 16 مدرسة عبر أنحاء البلاد.
وقال أدن ‘أنا سعيد الآن لأني أتعلم في المدرسة. أريد أن أكون طبيبا عندما أنهي دراستي’، وأوضح عبدي وحيد شيخ أحمد مدير المدرسة أن هدفه هو ‘أن يعيد الكثير من الأطفال الذين ضاعت فرصتهم في التعلم إلي المدرسة’.
وتدعو منظمة الأمم المتحدة للطفولة ‘اليونيسيف’ المانحين إلي الإبقاء علي البرنامج في حالة تشغيل. ولا يحضر إلا 42 في المائة من الأطفال الصوماليين التعليم الابتدائي، وفقا لتقييم الأمم المتحدة، نحو الثلث فقط من الفتيات.
ومعدلات الانتظام في الدراسة المتدنية تعد جزئيا ميراثا لانعدام الاستقرار في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي. وانهارت المدارس العامة خلال الفوضي التي دامت عقودا، والتي أعقبت انهيار الحكومة المركزية في الصومال في عام 1991. وكانت المدارس هي الأكثر تعرضا للضرر بسبب تكلفة إدارتها الكبيرة واستهدافها من قبل المتشددين الإسلاميين باعتبار أنها تقوم بعملية غسيل دماغ لمصلحة الغرب.
وعلي الرغم من وجود بعض المدارس الخاصة، إلا أن قلة من الصوماليين يمكنهم تحمل تكلفة التعليم في دولة يعيش الكثير منها في فقر مدقع. وكان الدخل السنوي للفرد 107 دولارات في عام 2011، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. ولعدم قدرتهم علي الذهاب إلي المدرسة انتهي الحال بالكثير من الأطفال الصوماليين في الشارع، حيث يوفرون عمالة رخيصة في مواقع الإنشاءات. واستهدف آخرون باعتبارهم مجندون محتملون لحملة إرهابية من قبل المتمردين الإسلاميين.
ويعتقد مسئولو تعليم صوماليون أن العديد من الأطفال يمكن إغراؤهم بالتوجه إلي الفصول الدراسية، حيث أصبحت البلاد تدريجيا أكثر سلما. والبرنامج تموله الأمم المتحدة ودول من بينها قطر وهي داعم بارز للرئيس الصومالي. ويتعين علي الآباء أن يدفعوا فحسب ثمن الزي والمواد المكتبية لأطفالهم.
وقال محمد عبدي قدير علي وهو مدير بوزارة التعليم الصومالية ‘حتي الآن، البرنامج يمضي جيدا. نريد أن نزيد معدل التسجيل المنخفض في البلاد.نحن أيضا ننظر في إقامة مدارس متحركة في المناطق الريفية’.
ويجلس الصبية إلي جانب الفتيات في المدارس التي يديرها برنامج ‘لنذهب إلي المدرسة’، وهو اختلاط للجنسين أقلق بعض الأباء في هذه الدولة الإسلامية المحافظة. وكثيرون يبقون علي بناتهم بعيدا عن المدارس.