أثار توقيع أول عقد للحكومة الصومالية الجديدة مع شركة غير مجربة مرتبطة بأحد أعضاء البرلمان البريطاني، المخاوف من احتمال أن يؤدي ظهور ثراء النفط الى زعزعة هذا البلد الواقع في شرق إفريقيا. وفي الأسبوع الماضي قام الزعيم السابق لحزب المحافظين الحاكم في بريطانيا مايكل هوارد، ورئيس شركة « سوما اويل اند غاز اكسبلوريشن» بالتوقيع على عقد في الصومال مع حكومة مقديشو لجمع المعلومات عن النفط الموجود في الشواطئ الصومالية وقبالتها. وكان ذلك أول عقد من نوعه توقعه شركة دولية.
ومقابل جمع هذه المعلومات، يكون لشركة سوما الحق في العمل في 12 مكان تنقيب عن النفط في منطقة تعتبرها شركات النفط الكبرى إحدى التخوم الأخيرة التي تحوي النفط. وقال وزير الموارد الطبيعية في الصومال عبدالرازق عمر «نظرنا إلى العقد من زاوية مصلحة دولة الصومال».وتعتبر هذه الحكومة التي تشكلت حديثاً، والتي يشارك فيها عمر، أول ادارة في مقديشو تكتسب الاعتراف الدولي منذ عقود عدة. وأضاف عمر «سيكون هذا الاستثمار مفيداً جداً للدولة، نحن نأمل أن تكون هناك استثمارات أخرى. وهذه الشركة لديها خبرة ممتازة في منطقة الغاز والبترول، ومديروها من الأشخاص الذين يحظون باحترام كبير في المملكة المتحدة».وكانت حكومة مقديشو قد أعلنت في مايو الماضي أنها لن توقع أي صفقات نفط حتى يتم حل كل التناقضات الموجودة ضمن الهيكلية القانونية. ولكن عبدالله محمود من منبر الطاقة الإفريقي وهي جماعة ضغط تقدم الاستشارة للبرلمانيين الصوماليين يقول «لا أعتقد انه تم عقد هذه الصفقة بصورة شفافة».
وعلى الرغم من أن دول مثل المملكة المتحدة، والنرويج، وتركيا، وقطر ودول أخرى تحاول كسب النفوذ في السواحل الصومالية الغنية بالنفط، إلا أن المحللين يخشون أن سياسة النفط للدول الكبيرة يمكن أن تؤثر سلباً في احتمال التعافي الهش للصومال. وحذرت هيئة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة في تقريرهم الذي نشر الشهر الماضي من أن النفط يمكن أن يؤدي الى الصراع بين الجماعات المتنافسة، التي تحالف بعضها في السابق مع تنظيم «القاعدة»، ما هدد السلم الأهلي. وقال تقرير الخبراء الشهر الماضي لمجلس الأمن الدولي «يتعين على الشركات النفطية أن تتوقف عن التفاوض مع السلطات الصومالية».ويرى السيد عبدالله هذه الصفقة في سياق السياسة الاقليمية، وقال «هذه الصفقة تمثل محاولة من الحكومة المركزية، كي تكون لها اليد العليا في المنطقة»، وهو يعتقد أنه ربما ثمة «العديد من الاجندات الخفية»، ويعتقد أن الصفقة ذات «طبيعة سياسية»، وأثارت الصفقة انزعاج بعض المراقبين الصناعيين الذين توقعوا حدوث جولة من منح التراخيص من أجل جميع مناطق التنقيب عن النفط. وثمة شركات أخرى أكثر تجربة تنتظر دولها من أجل الحصول على عقود لتقوم بمسح الأراضي المخصصة للتنقيب. وهم يقولون انه من غير المألوف بالنسبة لشركة سوما، بعد جمع المعلومات، ان تكون قادرة على اختيار أفضل الأمكنة للتنقيب عن النفط. وكانت بعض شركات النفط العملاقة أمثال «شل» و«توتال» قد ادعت انها وقعت اتفاقات للتنقيب عن النفط في مناطق في الصومال خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، على ان تبدأ العمل بها «حتى تسمح الظروف» ، وتقول شركة سوما إنها لن تعتدي على مناطق تلك الشركات، ولا على المناطق التي لا تعترف بحكومة مقديشو مثل ارض الصومال بانتلاند. وتستطيع ادارة سوما الاستفادة من انجازاتها السابقة، حسب ما قاله هوارد في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، مشيراً الى ان المدير التنفيذي لشركة سوما روبرت شيبارد مستشار شركة بريتش بتروليوم في روسيا. وتستطيع الشركة أن تجمع المال بسهولة، وقال هوارد «اعتقد أن الصفقة التي وقعت عليها الشركة تصب في مصلحة الشعب الصومالي بالتأكيد»، وعندما سئل عن احتمال الحصول على الأفضلية من قبل شركته للوصول إلى مناطق تنقيب النفط مقابل بنك المعلومات الجغرافية، قال هوارد إنه « من الواضح أننا حصلنا على ذلك من أجل أمر آخر».وأثارت الصفقة بعض المخاوف من الشركاء الدبلوماسيين للمملكة المتحدة بشأن علاقة هذه الأخيرة مع الصومال. واستضاف وزير افريقيا في الحكومة البريطانية مارك سيموندز، ندوة استثمارية تحت رعاية حكومية في 8 مايو وشارك فيها الرئيس الصومالي و 16شركة بريطانية، تعمل في مجال الطاقة، بما فيها الشركة التي يترأسها السيد هوارد. والتقى كبار موظفي الحكومة مع هوارد في السابع من يونيو للتباحث بشأن الصومال. وقال أحد الدبلوماسيين الذين يتابعون شؤون الصومال عن كثب «المملكة المتحدة تشجع على قيام حكومة شفافة وقابلة للمحاسبة، ولكنها عقدت مؤتمراً ودعتنا جميعاً اليها، وعندها تم استغلال هذا التجمع من أجل الترويج لمصالح الأعمال البريطانية، وهو الأمر الذي ربما كان أكثر شفافية من غيره».
المصدر: ترجمة: حسن عبده حسن عن «الفاينانشال تايمز» التاريخ: 19 أغسطس 2013