عبدي عمر المثير للجدل من وجهة نظر مؤيديه

يظل رئيس الاقليم الصومالي الاثيوبي السابق عبدي محمود عمر من اكثر الرؤساء الذين مروا على الاقليم جدلا واختلافا بين الصوماليين في داخل الاقليم وخارجه , وعلى الرغم ان هناك الكثير من الانتقاد له والاعداء كذلك , لاتهامات تتعلق بانتهاكه حقوق الانسان في الاقليم , أو ما يراه الصوماليون القوميون بأنه عميل لعدوهم الاثيوبي الا ان للرجل بالمقابل مؤيدون كثر سواء في داخل الاقليم , أو من أبناء الاقليم خارجه.
الرئيس عبدي محمود عمر هو الرئيس العاشر للاقليم الصومالي في اثيوبيا , تولى رئاسة الاقليم في 2010 واستمر حتى  2018 بعد احداث عنف وقلاقل في الاقليم , ويعتبر بذلك اطول حاكم حكم الاقليم منذ اعتماد نظام الاقاليم على اسس قومية في اثيوبيا عام 1994 حيث لم يتجاوز فترة حكم الرؤساء السابقين 3 سنوات على الاكثر وبعضهم لم يستمر في المنصب اكثر من عدة اشهر , ويطلق على الرئيس عبدي عمر معارضوه عبدي ايلي لأن والده كان ” أعور” , ومن هنا فان المتابع يعرف موقف الكاتب او المتحدث من الرئيس , فمعارضوه لا يطلقون عليه الا عبدي ايلي كنوع من السب والشتم والتهوين في شأنه , أما مؤيدوه والمحايدون فلا يستخدمون عادة هذا التعبير , ويشيرون اليه باسمه المعروف.
قبل عام 2005 لم يكن لعبدي عمر تاريخ معروف أو منصب مهم , لكن في ذلك العام تم ترشيحه للبرلمان المحلي رغم انه ينتمي الى عشيرة اوغادينية صغيرة بدعم من احد جنرالات الامن القومي الاثيوبي من قوميته , رغم انه ذكر في احدى لقاءاته اللاحقة في تيجراي انه كان احد المشاركين في حرب اثيوبيا مع اريتريا التي وقعت بين عامي 1998 -2000 , ومن خلال هذه المشاركة يتضح انه من الصوماليين في الاقليم الذين يؤمنون بانتمائهم لأثيوبيا , رغم انه عرف بعلاقته الوثيقة مع جبهة تحرير تجراي التي كانت تسيطر على الحكم منذ سقوط منجستو هيلا مريام عام 1991 الى عهد قريب , وقد تولى خلال حفل تأبين الرئيس الراحل ملس زيناوي عام 2012 كلمة رؤساء الاقاليم الاثيوبية في اديس ابابا , كما استنكر عام 2016  ما قام به الامهرا في اقليمهم من احداث شغب استهدفت المحلات التجارية والممتلكات لأبناء تيجراي , وذهب في وفد من الوجهاء من الاقليم الى مقلي عاصمة تيجراي وسلم تبرعات الى حكومة اقليم تيجراي للمتضررين من احداث الشغب , اضافة الى قيام مظاهرة كبيرة في جكجكا عاصمة الاقليم الصومالي مؤيدة للحكومة الفيدرالية ضد المظاهرات واعمال التخريب التي كانت تجري في اقليم اورومو وامهرا.

تميزت فترة حكم الرئيس عبدي عمر بالامن والتنمية النسبية للاقليم غير المسبوق منذ تكوين الاقليم عام 1993 مما مكنه من الاستمرار في حكم الاقليم  8 سنوات وربما كان بامكانه الاستمرار اكثر في حال استمر النظام الفيدرالي السابق في الحكم , حيث لم يستمر أي حاكم سبقه اكثر من 3 سنوات , وغالبا يستقيلون او يقالون بسبب الوضع الامني أو التنموي والخلافات داخل الاقليم او مع الحكومة الفيدرالية , أما عبدي عمر فاستمر هذه المدة بسبب الرضا الحزبي عنه اضافة الى رضا الشعب عنه في الاقليم بوجه عام بسبب استتباب الامن والحراك التنموي.

  • خلال فترة حكمه ساهمت قوات ليو بوليس” البوليس الخاص” – رغم سمعتها السيئة في مجال حقوق الانسان – في استتباب الامن في الاقليم , نظرا لأن اعضائها من الاقليم فكانت اكثر قبولا لدى شعب الاقليم من الجيش الفيدرالي , وتراجع قوات جبهة تحرير اوغادين كثيرا في الاقليم مما ساهم في افساح المجال وتوجيه الجهود لتنمية الاقليم , وللدلالة على ذلك فإن مستوى الامن تحسن كثيرا في الاقليم ولم يشهد الاقليم في عهده خروقات امنية كبيرة او انفجارات كالتي حدثت في عام 2007 على الشركة الصينية للتنقيب عن النفط والتي راح ضحيتها اكثر من 200 شخص , او الانفجار الذي حدث عام 2008 اثناء تجمع احتفالي بمناسبة الذكرى 17 لسقوط نظام الدرك والتي أودت بحياة رئيس الاقليم السابق عبدالله حسن اضافة الى عشرات من القتلى والمصابين , ومما يذكر أن الرئيس عبدي عمر كان يصحب احمد مدوبي حاكم اقليم جوبلاند الصومالي اثناء زيارة له الى جكجكا للتجول في المدينة دون حراسة أمنية لاظهار مستوى الامن في عهده داخل المدينة.
  • على عكس الرؤساء السابقين لم يعتمد عبدي عمر على المخصص المالي من الحكومة الفيدرالية للاقليم كمصدر وحيد لتنمية الاقليم , بل توصل الى طرق متعددة لتنمية الاقليم مثل الاعتماد على المهاجرين من الاقليم والمقتدرين في دول المهجر , وقام شخصيا أو من ينوب عنه بزيارات لمواطني الاقليم في دول الشتات كأمريكا وبريطانيا واستراليا وغيرها واجتمعوا بهم لتصحيح النظرة السلبية السائدة عن حكومة الاقليم لديهم من جهة , ولدعم الاقليم عن طريق التبرعات لاقامة مشاريع في الاقليم , وتشجيع المقتدرين منهم على الاستثمار في الاقليم.
  • ساهمت علاقته القوية مع جبهة تحرير تجراي في زيادة الاعتمادات التنموية للاقليم فأنشئ في عهده الكثير من المدارس لا سيما المرحلة الاساسية التي وصلت الى المناطق النائية , وشق الطرق واقامة السدود , وحفر المئات من الابار في مختلف انحاء الاقليم , والتوسع في القطاع الصحي.
  • وصلت الكهرباء الى معظم أرجاء الاقليم في عهده , كما وصلت الاتصالات كذلك والكثير من الخدمات الاخرى.
  • بالنظر الى دور الاعلام المهم في تشكيل الوعي والدعاية للاقليم فقد أنشئ في عهده عدد من الاذاعات المحلية , كما انشئ التلفزيون الخاص بالاقليم الذي اوصل رسالة الحكومة وما تقوم به الى مختلف فئات الشعب في الداخل والخارج , اضافة الى انشاء مواقع خاصة على الانترنت , وفي مواقع التواصل الاجتماعي لنقل اخبار الحكومة الاقليمية وانجازاتها مما ساهم في تحسين الصورة النمطية عن حكومات الاقليم , كما ساهم في تشكيل رأي عام مؤيد للحكومة من سكان الاقليم في الداخل والخارج.
  • وبشكل عام فإن الرئيس عبدي محمود عمر ساهم في تنمية الاقليم الصومالي بشكل كبير مما نقله الى مستوى الاقاليم المتوسطة في اثيوبيا بعد ان كان من أقل الاقاليم تنمية في اثيوبيا قبل استلامه الحكم.

سعيد معيض

الكاتب – الصحفي السعودي ومختص في شؤون القرن الإفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى