الأجيال الناشئة، وتعددية المناهج التعليمية في الصومال (التحديات – الحلول)

مفهوم الأجيال الناشئة:-
يمثل الجيل الناشئ نسبة كبيرة من السكان في اﻟﻤﺠتمع الصومالي، مما يستدعي الاهتمام والتوجيه الصحيح على وفق معطيات وآفاق العصر، ويتطلب توجيه الجيل الناشئ التعرف أولا على المشكلات التى تواجه من قبل المناهج الأجنبية المستوردة، لأنهم يمثلون الفئة الأكثر تأثرًا بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يمر ﺑﻬا اﻟﻤﺠتمع الصومالى، فقد أصبح من الضرورات أن نتكلم بهذا الموضوع بشكل علميّ.
هناك صعوبة في إيجاد تحديد واضح لمفهوم الجيل الناشئ وعدم الاتفاق على تعريف موحد وشامل، يعود لأسباب كثيرة أهمها الاختلاف في الأهداف المنشودة عند وضع التعريف وتباين المفاهيم والأفكار العامة التي يقوم عليها التحليل الاجتماعي الذي يخدم لتلك الأهداف. لذلك، فإن مفهوم الأجيال الناشئة يتجه على النحو التالي:
الأجيال الناشئة هي مرحلة عمرية لها حدود تقريبية معينة، ويتحدد مفهوم الجيل الناشئ عمومًا بفترة زمنية متوسطة بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم التي تقع ما بين 15 إلى 33 سنة.

مهام الأجيال الناشئة (الاستخلاف والتطوير):-
إن العناية والإهتمام بالأجيال الصومالية الناشئة والتفكير في تطويرها هي أكبر التحديات في هذا العصر، وذلك التحدي يظهر بواسطة العملية التعليمية، وهو عمل على إقامة التعليم على نهج علمي سليم وقويم، لتحقيق ارتباطه بالمجتمع الصومالى.
فبناء الأجيال الناشئة هو استدامة تطور الحياة واستخلافهم في التعمير والتحضير ، وتنوير مستقبلهم نحو الأمل، وتحريك سلوكهم نحو الأفضل… إذ يمكننا أن نحرص على اعداد عقولهم لمواكبة مسيرة التطور مهما كانت ظروف البلاد، ونبني مهامهم على فلسفة المجتمع التى تلعب دورا فعالا في بنائهم حيث يعتبر دورها أساسا مكملا في تربية الأبناء المستقبل.
فالتخلف للأجيال الناشئة في التعليم هو اساس المشكلة في تخلف المجتمع كله، لأن التعليم هو أساس التقدم في المجتمعات الإنسانية على مر العصور، فمشكلة تعددية المناهج أدت إلى سقوط كثير من جودة التعليم الوطني، لأن مشكلة تعدد المناهج الأجنبية تؤدي إلي تخريج أجيال يجهلون كثيراً من ثقافتهم وعاداتهم وكثيراً من تاريخ وطنهم…هذه المشكلة تبدأ عند سقوط الحكومة المركزية (سياد بري) واتسعت هبوطها في كل مستويات التعليم التي افضت في ضعف المناهج الدراسية وعدم ارتفاع مستوى تدريب المعلمين، فظهر ضعف التوازن للنظام التعليمي في الصومال خاصة في مناهج الأطفال، وهناك ملاحظة بالنسبة للمتعلمين حيث يقل البنات المقبلن للتعليم بالنسبة للذكور وذلك يعود للثقافات التقليدية.
فكل هذه الأمور تسبب في انتشار الجهل والأمية في الأجيال الناشئة للمجتمع الصومالي نتيجة قلة المؤسسات التعليمية أوانعدام المرافق التعليمية في معظم المناطق التعليمية أو تدني مستوياتها مع تعدد المناهج المطبقة في المدارس وغياب الأدوات والوسائل التعليمية …وهناك عامل آخر ساعد في انتشار الجهل وسيطرته على البلد وهو هجرة العقول إلى الخارج بحثا عن مكان آمن وقد انعكس أثر هجرة العقول على كافة مجالات الحياة في المجتمع كالصحة والتعليم والإدارة وغيرها.

أما تطور الأجيال الناشئة نحو التقدم فهي تتصل جذريا باستراتيجية التعليم في الصومال وذلك من عدة جهات أهمها بناء أجيالها الناشئة لمراجعة مناهجها الدراسية وتطويرها والإرتقاء بها إلى الأحسن…فالصومال تحتاج في هذا الوقت إلى بناء وتصميم وتخطيط المنهج الجديد الذي يستند استراتيجية البلاد ووفق سياسة تعليم البلاد…فهذه العملية تبدأ من الصفر وإلغاء كل المناهج الأجنبية، لأن بناء منهج جديد في الصومال أصبح الآن أمراً ضروريا، لأنه يرتبط بعملية التقدم والنهضة في الأجيال الناشئة في كل المجالات (الإقتصادي والصناعي، والزراعي، والتطور العلمي، والتقني…) والفرق بين دولة وأخرى في التقدم يرجع إلى بناء وتطوير الدولة في مجالها التعليمي.

المفاتيح التي تمكنهم من الاستخلاّف وتطوير البلاد (النظام التعليمي):-
تعتبر المناهج التعليمية أساس التقدم للمجتمعات البشرية التي تعيش على هذه الأرض، وكل التطورات البشرية في المجالات المختلفة هي نتيجة المناهج التعليمية في العلم والمعرفة، والتى تستقى منها من فلسفة المجتمع وتراكم الخبرات البشرية، وبهذا وصل الإنسان إلى الإنجازات مع أنه يواجه تحديات جمّة في كل المجالات، وهي من سنن الحياة التي يمر بها الإنسان في حياته.
فالمنهج التعليمي الذي يمثل مجتمع ما، لابد أن يسعى إلى بناء مجتمع نهضوي سليم، ولكن إذا كان المجتمع الذي يعيش في بيئة واحدة يدرسون أطفالهم عديدا من المناهج التعليمية المختلفة أهدافها فإنه يؤدي إلى إضطرابات في المجتمع معنويا وماديا حيث لا يعرفون حقيقة الأهداف التى يعيش في هذا المجتمع.
وتعدد المناهج التعليمية في الصومال يؤثر على جميع مرافق الحياة بما فيها ميدان التعليم ناهيك عما تؤديه من خسائر بشرية ومالية ومادية، فالمؤسسات التعليمية تشعر مشكلة تعددية المناهج الأجنبية والتى استمرت منذ سقوط الدولة المركزية في الصومال 1991م حتى الآن.
وفي هذه الفترة ضاعت من كل المؤسسات التعليمية الشهادات والتوثيقات العلمية…وكذلك أدت إلى عدم احترام السلم التعليمي ولا يبالى مقررات المدرسية ،فالنظام التعليمي “هو النظام الذي يهتمُّ بتنظيم كافّة المؤسسات، والهيئات التعليمية التي تُقدّم بشكلٍ رسميّ وقانونيّ التعليم المنهجيّ للطلاب في كافّةِ المراحل التعليميّة” (1).
ومن المعلوم كان النظام التعليمي السابق بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال مبني على فلسفة المجتمع الصومالي لأنه يعين متى يبدأ الطالب تعليم الأساس أو الروضة؟ ومتي ينتهي؟ وكيف ينتهي؟…مع مراعاة سوق العمل للطالب، فكانت وزارة التربية والتعليم للبلاد تسيطر التعليم كلها، وهي تضع سلم التعليم الذي يسير الطالب في التعليم.
يتبادر إلى أذهان مختصي المناهج عند سماعهم “تعدد مناهج المواد الدراسية المنفصلة، والمنهج المترابط، ومنهج المجالات الواسعة، والمنهج المندمج، ومنهج النشاط أو الخبرة والمنهج المحورى”(2) ولكني اقصد من ذاك تعدد المناهج الدراسية والمقررات الدراسية المختلفة بها…والمستوردة من البلدان العربية أو غيرها مثل السعودية والإمارات والسودان واليمن والكويت (3).
ويمكن أن نعرف تعدد المناهج: بأنه معني بالمناهج الدراسية المتنوعة والمستوردة من بلدان مختلفة ثم تدرس في بلد أو منطقة معينة.
تعددية المناهج التعليمية (مشاكلها_ومخرجاتها).
تعتبر مشاكل تعددية المناهج التعليمية في البيئة الصومالية أنها أكثر خطرا في الأجيال الناشئة، لأن المناهج الأجنبية صممت ووضعت لبيئات بعيدة ومختلفة عن البيئة الصومالية فكثيرا ما تحتوى على موضوعات محلية بحتة، بعيدة عن أذهان التلميذ، ولعدم اتصالهم بحياتهم وظروف بلادهم، ومن هذه المشكلات ما يأتي على الشكل التالي:
1.
عدم وجود فلسفة تربوية للمجتمع.
2.
انقطاع النظم التعليمية عن الحياة وعن المجتمع.
3.
تسعى إلى حصر نظم التعليم على نقل المعلومات
4.
حصر هدف الطلاب من التعليم على حصول الشهادة.
5.
تسعى إلى تأهيل شخصية لا تعرف مصالح وطنها.
6.
يفقد أسلوب النقد الذاتي (والنقد الذاتي هو التقييم الموضوعي الذي يتطرق الى الايجابيات والسلبيات فيعزز الأولى ويحاول ايقاف الثانية)(4).
7.
فقدان النظرية الإنسانية الشاملة.
8.
إعتماد الطالب على الإمتحانات كأسلوب أساسي لعملية التقويم.
لذلك فإن استخدام المناهج الأجنبية ظلت تدريسها حاليا ما يعيق العملية التعليمية من بلوغ الأهداف التربوية المرجوة.
أما المخرجات فإن لكل مشكلة لها حلول ومخرجات، فهناك حلول يمكننا أن نعالج مشكلة تعددية المناهج الأجنبية في الصومال، منها:-
1. إيلاء اهتمام في بناء وتصميم مناهج تعليمية في الصومال، التى تمثل المجتمع وتنبثق من فلسفة المجتمع الصومالي، وإلغاء المناهج الأجنبية التى ليس لها صلة بالمجتمع الصومالي.
2. اتساع الهوية الثقافية في المجتمعات الصومالية.
3. تنمية القيم والإحساس الوطني، والحفاظ على التراث الحضاري للأمة الصومالية.
4. تأهيل الكوادر والخبراء المختصين في المناهج التعليمية.
5. فهم دور التعليم في بناء المناهج التعليمية، بالرغم من أن الدولة الصوماليه تسيطر على التعليم في البلاد كله.
6. تشييد المباني المدرسية والجامعية التى تناسب التربية والتعليم.
7. توفير الكتب والمقررات الدراسية.
8. توفير الوسائل التعليمية التي تستخدم في التعليم.

المصادر والمراجع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.
مجد خضر، مفهوم نظام التعليمي، 14، أغسطس، 2016م، موقع: عربي بالعالم، مقال.
2.
الدمرداش سرحان ومنير كامل، المناهج، ط3، القاهرة مصر، 1972م، ص:14.
3.
عبدالوهاب عبده أحمد، أثر تعدد المناهج الدراسية على شخصية الطالب في المدارس الثانوية العربية الأهلية في كينيا، معهد الخرطوم الدولى، رسالة ماجستير، غير منشورة، مايو 2001م، ص: 68.
4
. مجلة الرياض، الأحد،15 أكتوبر2017م، العدد 16404

حسن عبدالرزاق عبدالله

طالب، دكتوراة في التربية _ مناهج وطرق التدريس. جامعة بخت الرضا.
زر الذهاب إلى الأعلى