ماذا تعني خسارة النائب فارح شيخ عبد القادر؟

تختلف إنتخابات هذا العام والتي بدأت أعمالها في وقت لاحق من العام المنصرم عن مثيلاتها في الأعوام السابقة باختلافات جوهرية لعل من أبرزها توسيع دائرة الناخبيين، واجراء الانتخابات البرلمانية في العواصم الولائية للأقاليم الفدرالية، إضافة الى اشتداد المنافسة حول رئاسة البرلمان الذي يعود الى سبيين رئيسين، هما:

السبب الأول: محاولة رئيس إدارة جنوب غرب الصومال الإنتقالية شريف حسن شيخ آدم تغيير قواعد اللعبة السياسية ونظام تقاسم السلطة بين القبائل الصومالية وفق المحاصصة القبلية المعمول بها في البلاد منذ مؤتمر المصالحة المنعقد في منتجع عرتا بجمهورية جيبوتي عام2000، وكان الهدف من محاولته تلك قلب موازين القوى الفاعلة في السياسة الصومالية ليتمكن هو من الترشح الى منصب رئيس الجمهورية الذي كان محتكرا منذ مدة ليست بالقصيرة لبعض القبائل لأسباب موضوعية لايتسع المقام لذكرها.

السبب الآخر لهذه المنافسة المحمومة هو محاولة مجموعة الرئيس المنتهية ولايته والمعروفة محليا بجماعة “الدم الجديد” الإستحواذ على منصبي النائب الأول والثاني  للرئاسة البرلمان الإتحادي وذلك بدفع النائب فارح شيخ عبد القادر والذي يعتبر الذراع الأيمن للرئيس حسن شيخ محمود لخوض انتخابات منصب النائب اللأول لرئيس البرلمان، وترشيح النائب عبد القادر شيخ علي بغدادي المحسوب على تيار الرئيس للنائب الثاني للبرلمان.

وقبل أن نجيب عن السؤال المحوري  لمقالنا والذي هو ماذا تعني خسارة النائب فارح في السباق نحو منصب النائب الأول لرئيس البرلمان  ينبغي ان نتحدث عن العوامل التي أدت الى خسارته لكشف ملابسات ذلك الحدث الهام الذي سيغير حتما على مجريات الأحداث ويؤثر بشكل أو بآخر على الإنتخابات الرئاسية المزمع انعقادها قبل نهاية يناير/كانون الثاني الجاري.

ثمة عدة عوامل متداخلة أدت الي خسارة النائب فارح أمام منافسه النائب عبد الولى شيخ ابراهيم مودي يمكن ان نجملها باختصار في الآتي:

اولا: كون الرجل جزءا من منظومة صنع القرار السياسي في القصر الرئاسي في السنوات الأربع الفائتة، وعلاقته القوية بالرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود واقتران إسمه باسم الرئيس وجماعة “الدم الجديد” واكتسب خلال تلك الفترة إحن وضغائن وأضمر له الكثير من السياسيين والنواب السابقيين والحاليين العداوة بسبب مواقفه السياسية التي توصف بالمتعنة حول كثير من القضايا كانت مثار الجدل في أروقة البرلمان الإتحادي خلال تلك الفترة ولا يزال صداها يتردد حتي هذه اللحظة.

ثانيا: هناك كتلتين على الأقل داخل البرلمان الحالي ترغب في إحداث تغيير في رئاسة البرلمان ويتزعم احدى هذه الكتل النيابية المرشح الرئاسي النائب عبد القادر عسبلى علي، أحد أشد المنافسيين للرئيس الحالي والمناهضين لسياسة الدم الجديد الرامية الى عودة الرئيس حسن شيخ محمود الى سدة الحكم من جديد، وقد عملت هذه الكتلة بالتنسيق مع أنصار المرشحيين الأخرين على دعم المرشح المنافس والذي فاز باغلبية ساحقة الأمر الذي شكل صدمة عنيفة في وجه النائب فارح شيخ عبد القادر وانصاره داخل وخارج البرلمان واعتبر بعض المراقبين هذه الهزيمة بانها بداية النهاية للتيار الذي ينتمي اليه فارح شيخ.

ثالثا:وجود أعضاء جدد من الجنسين في البرلمان أغلبهم من فئة الشباب، ويتمتعون بدرجة عالية من الثقافة، وحس وطني مرهف وهؤلاء النواب لايهمهم المال السياسي الذي يدفعه هذا المرشح او ذاك بقدر ما يهمهم البرنامج السياسي المقدم، كما أنهم يعارضون بقوة استمرار المشهد السياسي المزري في البلاد على ماهو عليه الآن، ويحدوهم الأمل في إحداث تغييرملموس في قيادة البلاد، وصوت هذه الكتلة الشبابية كان بلا شك من العوامل الحاسمة التي أدت الى هزيمة النائب فارح.

ماذا تعني هزيمة النائب فارح شيخ عبد القادر؟

  • من يعرف الأسباب الكامنة وراء ترشح الرجل لهذه المنصب في هذه الانتخابات بالذات يعرف تماما ماذا تعني خسارته أمام المرشح النائب عبد الولي شيخ مودي، ويقال إن النائب فارح كان يرتاد الطريق للمرشح الرئاسي الرئيس حسن شيخ محمود، ولمعرفة ما اذا كان الطريق نحو القصر الرئاسي سالكا معبدا كما كان عليه الحال قبل أربع سنوات من الآن أم لا؟ أي بمعني ترشحه كان بمثابة جس النبض لقياس مدى اسعداد نواب مجلس الشعب لتقبل ترشح الرئيس حسن شيخ واعادة اتنخابه لفترة رئاسية ثانية في هذه الانتخابات، يضاف الى ذلك ان النائب فارح لم يكن مرشحا مستقلا مثل المرشحين الآخرين المنافسيين له في ذات المنصب و كان مرشحا يمثل إتجاها بعينه ومجموعة بعينها واشخاصا باعيانهم فهزيمته اذا تعني هزمة لهم جميعا.
  • كما ان هزيمته تعني فيما تعني أن 93 نائبا هومجموع الأصوات التي حصل عليها النائب فارح في انتخابات أمس لم يكن كلهم من أنصار الرئيس حسن شيخ محمود وانما هنالك نواب صوتوا لصالح النائب فارح لأسباب خارج اطار المنظور الحزبي، فلم يستطع الحزب رغم جسامة الجهود المبذولة الفوز في منصب النائب الأول والثاني لرئيس مجلس الشعب فكيف يمكن له ان يفوز بمنصب رئيس الجمهورية والمنافسة فيه تكون بالتأكيد أصعب بكثير من منافسة رئاسة البرلمان، وهذا يعنى أن حظوظ فوز رئيس الجمهورية في الأنتخابات الرئاسية ليست كبيرة كما توقعها كثيرون قبل انتخابات رئاسة مجلس الشعب.
  • وتعنى خسارته بنظر كثيرين خسارة تياره كما أسلفنا ليس في انتخابات رئاسة مجلس النواب فحسب وإنما في الانتخابات الرئاسية ، وهذا يعني أيضا وجود فرصة حقيقية أمام المرشحيين الأقوياء وخاصة السيناتور عمر عبد الرشيد ، وشيخ شريف، وفرماجو، والنائب عبد القادر عسبلى الذي يراه البعض منافسا قويا ، وقد تنحصر المنافسة في الجولة الاخيرة بينه وبين رئيس الوزراء السيناتور عمر عبد الرشيد.

واخيرا تشكل خسارة النائب فارح شيخ عبد القادر وزميله عبد القادر البغدادي في انتخابات أمس ضربة قوية وجهت الى حزب الرئيس الحالي حسن شيخ محمود ولا سيما انها تاتي بعد يوم من أعلان نواب برلمان غلمدغ الولائي سحب الثقة من رئيس الولاية عبد الكريم حسين غوليد المقرب من الرئيس والنائب فارح، فعلى كل حال فالأيام حبلى وقد تجري الرياح بما لاتشتهيه السفن.

زر الذهاب إلى الأعلى