تحليل: أسباب فرار السجناء من سجن لاسعانود المركزي

بقلم: عبد النور معلم محمد

فى خطوة وصفها قائد مصلحة السجون فى إدارة صوماللا ند بالتآمرية فرّ مالايقل عن 16سجينا من السجن المركزي فى مدينة لاسعانود، بينما توفي سجين آخر أثناء محاولة الفرار، وكان من بين السجناء الفارين متهمون بقضايا جنائية، كما فرّ إثنان من حرس السجن يشتبه فى ضلوعهما فى التعاون مع السجناء فى تسهيل عملية الفرار من السجن، ليس هذه هي المرة الاولى التي يفر فيها السجناء من سجن لاسعانود، وفى ديسمبر من عام2013م وقعت حادثة مماثلة عندما فر من نفس السجن عدد من السجناء وفرّ معهم عبد النور آدم قائد السجن المركزي فى لاسعانود فى حينها.

حادثة فرار السجناء من سجن لاسعانود المركزي تأتي كنتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل المتداخلة، ونستعرض فى هذا التقرير أهم تلك العوامل، ويمكن تلخيص هذه العوامل فى النقاط التالية:

النقطة الاولى: العامل القبلي

وهو من أقوى العوامل حيث إن معظم السجناء الفاريين وكذا الحراس ينحدرون من فخذ “جامع سياد” المنتمية الى “قبيلة طلبهنتى”، كما صرح للبي بي سي قائد مصلحة السجون فى إدارة صوماللاند.

وفي هذا القطر أن تعاون أبناء العشريرة الواحدة، خاصة فى مسألة الخلاص أو الإفلات من العقاب ليس أمرا غريبا، بل العكس هو المستغرب، وذلك بسبب طبيعة البيئة التي تعلو فيها الإنتماءات القبلية على القانون والنظام، وهذا الأمر يحدث فى كل المناطق القبلية حيث يتنازل القانون لصالح التقاليد والأعراف القبلية أو يضعف القانون تارة وينعدم تارات بحسب قوة النظام القبلي أوضعفه، فالقبلية متجذرة فى نفوس الشعب الصومالي أينما حل، وهو العائق الأكبر أمام عودة الأمن والاستقرار والنظام فى البلاد.

النقطة الثانية: عامل ضعف الإدارة

إدارة مصلحة السجون فى صوماللاند ضعيفة، بحيث لم تستطع أخذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذا الحادث، وكانت الإجراءات الوقائية تفرض على سلطة صوماللاند إمعان النظر فى اختيار قائد حرس السجن المركزي فى لاسعانود. طالما ان ولاءت سكان المدينة منقسمة بين إدارة “خاتمو”برئاسة على خليف غلير وإدارة “صومالاند” برئاسة أحمد محمد سيلانيو، ولذلك لايستبعد حدوث اختراق أمني فى صفوف ألأجهزة الأمنية التابعة لإدارة صوماللاند.

النقطة الثالثة: عامل استمرار النزاع بين الإدارتين

لايزال النزاع بين إدارة خاتمو من جهة وإدارة صوماللاند من جهة اخرى حول أقاليم “سول وسناغ” يلقي بظلاله على المشهد الأمني والسياسي فى الإقليمين ويأخذ هذا النزاع الذي يتطور في بعض الأحيان الى صراع مسلح يأخذ طابعا قبليا فى كثير من الأحيان، بحيث تنطلق إدعاءات إدارة “خاتمو” من مرتكزات قبلية بحتة بينما تستند إدارة صوماللاند الى إرث تاريخي استعماري حيث كانت هذه المناطق ضمن إدارة المحمية البريطانية فى الصومال، واستمرار النزاع على هذا النحو دون بروز اي حل فى الأفق يشكل عاملا آساسيا فى هروب أفراد الجيش والشرطة المنحدريين من قبيلة طلبهنتى من الخدمة، كما تستمر أزمة السجون فى لاسعانود وغيرها من المدن فى إقليمي “سول” “وسناغ” المتنازع عليها.

النقطة الرابعة: عامل سوء الأوضاع المعيشية داخل السجن

من غير المستبعد ان يكون عامل سوء الأوضاع المعيشية والصحية والخدمية داخل السجن من العوامل المؤدية الى فرار السجناء من سجن لاسعانود المركزي، فالسجون الصومالية عموما تشتهر بعدم العناية بالسجناء وتقديم رعاية صحية لهم، وربما يتعرض السجناء للتعذيب، كما يحدث بعض المرات أحتجاز بعض السجناء دون توجيه تهم لهم. وهذا يحدث فى كل المناطق .

النقطة الخامسة: عامل الفساد وتلقي الرشاوى

ويمكن ان يلعب عامل الفساد دورا محوريا فى تسهيل عملية فرار السجناء من السجن، وهناءك أنباء أفادت بتلقى الحرس الرشاوى من أهالي السجناء وهذا الأمر وارد جدا بدليل تدني أجور ومرتبات الشرطة ومصلحة السجون فى البلاد عموما، إضافة الى انتشار الرشوة فى القطاعات الحكومية و خاصة الشرطة وحرس السجون.

ولاشك أن هذه العوامل وغيرها من العوامل الأخرى ستلعب دورا بارزا فى استمرار فرار السجناء من السجون المحلية التابعة لإدارة صوماللاند، ما لم تأخذ مصلحة إدارة السجون إجرات وقائية، وتسند الأمور الى قيادة ذات كفاءة تدير السجون وفق المعايير المتفق عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى