المركز الثقافي المصري بمقديشو… رافد معرفي يفتقده الشعب الصومالي

كانت مصر ولاتزال في طليعة الدول الداعمة للصومال ومن الدول القلائل التي تلبي دائما نداء الواجب الانساني والإسلامي والعربي تجاه شعب الصومال وذلك على خلفية العلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين الشقيقين الممتدة على امتداد تاريخهما، ولم تتردد مصر يوما في تسخير ما تمكلها من امكانيات علمية ، وكوادر بشرية هائلة في سبيل نهضة الصومال، وتعزيز انتماء شعبه الي أسرة الجامعة الدولة ، فكانت ترسل اليه باستمرار بعثات تعليمية من مشيخة الأزهر أو من وزارة التعليم لدعم جهود الحكومة الصومالية في محاربة الجهل ورفع المستوى التعليمي والثقافي للمجتمع الصومالي الذي يعتز بانتمائه العربي. كما افتتحت في عدد من المناطق الصومالية مراكز ثقافية يتطلع الصوماليون اليوم الي اعادة افتتاحها واستئناف عملها من جديد بعد ان تم اغلاقها جراء الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد عام ١٩٩١. 

 ومن أهم وأبرز تلك المراكز التي يحن الشعب الصومالي الي رويتها ترفع لواء العلم والثقافة والفكر الاسلامي المعتدل، المركز الثقافي الإسلامي المصري بمقديشو. 

كان المركز الثقافي الإسلامي المصري بمقديشو يمثل احد ابرز الهيئات العربية التي ساهمت في نشر الثقافة العربية والإسلامية منذ أكثر من٣٠ عاما في الصومال، وشارك بقوة في الحملات التي قام بها نظام سياد بري السابق بهدف تقوية اللغة العربية وتعزيز انتماء الصوماليين للهوية العربية. كما قام المزكز بدور كبير في رفع مستوى التعليمي والثقافي والإجتماعي للطلاب الصومالين وذلك من خلال الانشطة التالية:

  • فصول تعليم اللغة العربية 
  • المكتبة العامة
  • قاعة الصحف والمجلات
  • المحاضرات الدينية والثقافية
  • عرض الأفلام والمسلسلات الدينية والأدبية

فصول اللغة العربية 

لقد لعب المركز الثقافي الإسلامي المصري دورا كبيرا في حملات الوطنية المستهدفة الي تعريب المجتمع الصومالي والتي نفذت خلال الثمانيات من القرن الماضي، حيث افتتح المركز فصولا لتعليم اللغة العربية التحق بها عدد كبير من افردا الشعب الصومالي وتولى بالتدريس فيها أساتذة متخصصون في تدريس اللغة العربية من اعضاء البعثتين الأزهرية والتعليمية، وكان يبلغ عدد ساعات الدراسة ٧٢ ساعة شهريا بواقع ثمان عشرة ساعة أسبوعيا.

كان المركز يستعين في تدريس اللغة العربية بأحدث الكتب والمناهج المصرية والمعززة بالوسائل السمعية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والتي أعدها أساتذة متخصصون ، وهدف المنهج الي تقديم الدارسين الي أساسيات اللغة العربية والوصول به في فترة زمنية محددة الي مستوى يستطيع معه  الدارس ان يستقل في تعليم اللغة العربية بنفسه وفي التزود بما يشاء من ثراها.

المكتبة العامة

وفيما يتعلق بالمكتبة العامة، احتوت مكتبة المركز الثقافي الإسلامي المصري على ٢٢ ألف كتاب ومجلد يتناول جميع فروع العلوم الانسانية … منها الكتب الاسلامية وكتب في التربية الفلسفة والمنطق وكتب في اللغة والادب والنحو والشعر والفصص والتراجم والعلوم الاجتماعية والعلوم التطبيقية والعلوم البحثية والفنون والتاريخ والجغرافيا والمعارف العامة وبعض المناهج الدراسية لطلاب الجامعات والمدارس …. اذ كان يتردد على المكتبة طلاب الكليات الجامعية والتي تجري الدراسة بها باللغة العربية خاصة كلية الدراسات الأسلامية والعربية والتربية والتعليم، حيث كانوا يجدون بالمكتبة مراجعهم الدراسية … هذا بالاضافة الي طلاب المدارس الثانوية والمعاهد الدينية.. كما كان يوجد بالمكتبة العامة مكتبة فرعية للطفل التي احتوت على مجموعات متكاملة من الكتيبات في مختلف فروع العلوم المبسطة لغويا والتي تتناسب مع قدرات الطفل الذهنية.

 وكان يبلغ متوسط الاستعارة ما بين ١٠٠ … و١٢٠٠ كتاب شهريا وذلك من  خلال احصائيات المركز الشهرية للمترددين على استعارة الكتب الخارجية والداخلية.

قاعة الصحف والمجلات المصرية

أما قاعة الصحف والمجلات المصرية، كان يتردد على قاعة الصحف والمجلات الملحقة بمكتبة المركز عدد يتراوح ما بين ١٨٠٠ الي ٢٠٠٠ شخص شهريا للاطلاع وقراءة الصحف والمجلات والتي تشبع رغبة رواد المركز في التعرف على أخبار العالم العربي وغيرها من اخبار العالم ..كما تضمنت الصحف مواضيع ثقافية وعلمية وفنية … بحيث تكون شاملة لشتى المعارف التي تروي ظمأ طلاب المعرفة وتشبع نهم راغبي البحث والتزود من حياض فنون العلم.

وكان المركز يصدر ايضا نشرات ثقافية ودينية دورية..هادفا من وراء ذلك نشر دائرة المعارف لينهل منها من لم تسعفه ظروفه من حضور الندوات والمحاضرات، وحرصا على المواطن الصومالي الذي يكون دائما وابدا تواقا الي المزيد ممن يفيده في دينه ودنياه.

المحاضرات الدينية والثقافية

كان المركز يقوم خلال مواسمه الثقافية بالقاء محاضرات دينية وثقافية تتناول موضوعات عن الاسلام والشخصيات الأدبية وأعلام الادب العربي القديم والحديث بشكل مبسط وفي اطار يجعل استيعابها ميسورا لدى عقول المستمعين العامة… ومقنعة في ذات الوقت لدى الخاصة، حيث كانت قاعة المركز معجة بالرواد من عامة الناس والطبقات المثقفة.

عروض الافلام والمسلسلات 

والي جانب المحاضرات الدينية والثقافية، كان المركز يقدم عروضا للافلام والمسلسلات الدينية والتاريخية والاجتماعية وحلقات دينية تتضمن شرح وتفسير القرآن الكريم والتي تساعد المشاهد على توسيع ثقافته الدينية. هذا بالاضافة الي عرض قصص روائية قصير في مسلسلات بأسلوب مبسط كبرامج للاطفال.

المسابقات الثقافية

وكذلك حرص المركز ان ينمي ويبعث روح المنافسة الثقافية في شتى فروع المعرفة لدى عقول شباب الصومال المتحمس الي تنمية قدراته ثقافيا وفكريا. 

 

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى