أضواء على أداء الرئيس حسن شيخ محمود (الإنجازات والإخفاقات) [1]

منذ أن تم انتخاب حسن شيخ محمود رئيسا للبلاد مساء العاشر من سبتمبر عام 2012 كان الجميع يرون أن الرئيس الجديد وجه جديد نحو التغيير في البلاد، بصفته أكاديميا نجح في إدارة مؤسسة سيمد لمدة عشر سنوات، وبالتالي فقد ينجح في بناء مؤسسات ونظام حكم ديمقراطي فيدرالي لدولة منهارة مزقتها الحروب الأهلية منذ اثنتين وعشرين عاما، ويقود المرحلة المقبلة التي أنهت الحكومات الانتقالية وتزامنت في تعافي الصومال من آفات مزمنة.

 فاز حسن شيخ محمود بأغلبية مريحة أمام منافسه شيخ شريف ، وصوَّت له كل من يسعى إلى إحداث تغيير جذري في إدارة وقيادة البلاد إلى برِّ الأمان، وكان الناس يرغبون إلى وجه جديد في الساحة السياسية، وشخصية كاريزمية تستطيع إحداث تغيير في البلاد.

وفور إنتخابه أعلن الرئيس حسن شيخ محمود، برنامجه السياسي ذو الأركان الست والذي تضمن إعادة الأمن والاستقرار وإصلاح القضاء ومحاربة الفساد وبناء المؤسسات المالية وإقامة الحكم الرشيد وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، وبالفعل واجه الرئيس حسن شيخ محمود تحديات جسيمة منذ انتخابه رئيسا على الرغم من أنه حقق بعض إنجازات ملموسة.

وخلال عرضنا لأداء وتقييم فترة رئاسة حسن شيخ محمود نطمح إلى أن نتطرق إلى تحليل الإجراءات والإصلاحات التي نفذها في فترة رئاسته في مجالات مثل الأمن والمالية، والقضاء، والتعليم، والجهود التي قامت بها الدولة  على الصعيد الخارجي وهل نجحت في تحقيق مطالب الشعب الصومالي، وذلك بعيدا عن الإجحاف والظلم والانحياز.

ونبدأ أولا بذكر جانب الإخفاقات:

أولا: القطاع السياسي:

انتهى العامان الأوَّلان من فترة رئاسة حسن شيخ محمود بالخلافات السياسية مع اثنين من رؤساء الحكومة الفدرالية، ففي المرة الأولى عين الرئيس الصومالي لرئاسة مجلس الوزراء السيد عبدى فارح شردون إلا أن الرئيس بعد مرور عام على تشكيل الحكومة الأولى لم يثق في رئيس الحكومة، واتهمه بالتقاعس عن أداء مهامه، فنشبت بين الرجلين خلافات داخلية سرعان ما عصفت بالإنجازات المحدودة التي أنجزتها الحكومة الأولى، وفي النهاية صوت البرلمان الصومالي بأغلبية مريحة في الإطاحة بحكومة شردون في نوفمبر 2013م، وفي ديسمبر 2013م قام الرئيس بتعين عبد الولي شيخ أحمد، لمنصب رئاسة مجلس الوزراء والذي اشتغل مع بنوك دولية وهيئات عالمية، وكانت له خبرة إدارية، وما إن استبشر الناس بخير بعد تعيينه لرئاسة مجلس الوزراء حتى انفجر الخلاف مرة ثانية بينه وبين الرئيس حسن شيخ محمود بسبب بعض الصلاحيات والتعيينات التي قام بها عبد الولي ، وعزل حلفاء مقربين للرئيس، ورفضت مجموعة من النواب طرح سحب الثقة من حكومة عبد الولي تحت قبة البرلمان، وتأزم الوضع لأسابيع، ودخل الصومال في صراعات سياسية عصفت أيضا بالإنجازات القليلة التي أنجزتها الحكومة.

 أما الإخفاقات السياسية مع الإدارات المحلية فمنذ أكثر من عام لا تزال المفاوضات بين الحكومة الصومالية وإدارة أرض الصومال الانفصالية تراوح مكانها، وآخِر جولة من المفاوضات في فبراير الماضي والتي كانت من المزمع عقدها في أسطنبول بتركيا فشلت بسبب تبادل الاتهامات حول أعضاء الوفد الممثل للحكومة الفيدرالية، وأيضا ما زال هناك خلاف بين ولاية بونت لاند وبين الرئيس حسن شيخ محمود حول قضايا عديدة من بينها اقتسام الثروات والمنح الدولية المالية والتعليمة والموقف من إدارة وسط الصومال.

 وقد أخفق الرئيس حسن شيخ  في إنهاء الخلافات السياسية بين الأطراف المتصارعة حول تشكيل إدارة محلية لمناطق وسط الصومال (جنوب مدغ ومحافظة غلغدود)، الأمر الذي أدى إلى قيامه بزيارتين إلى مدينة طوسمريب خلال أقل من شهرين فقط لأجل التوسط بين الفرقاء حول مكان انعقاد المؤتمر وكيفية تمثيل الأطراف المتصارعة على النفوذ في المنطقة.

ثانيا: القطاع الأمني:

لم تستطع الأجهزة الأمنية منذ ثلاث سنوات إيقاف التفجيرات الدَّموية والاغتيالات المنظمة في مقديشو وخارجها، فقد تمكَّنت حركة الشباب من تنفيذ هجمات نوعية وكبيرة في أماكن شديدة التحصين وفي فنادق كبيرة يرتادها مسؤولون حكوميون، أودت بحياة عشرات من المواطنين والمسؤولين الحكوميين والصحفيين، وكثير من الجنود والعسكريين وجهاز الأمن.

 وعلى الرغم من إحداث تغييرات في قيادة الجيش والشرطة والأمن الوطني إلا أنه لا يبدو  في الأفق تحسُّن ملموس في مؤسستي الجيش والشرطة، فالحواجز غير القانونية لا تزال منتشرة خاصة في معظم المناطق التي تبعد عن المؤسسات الرسمية في قلب العاصمة وخارجها، وكذلك الاعتداءات المتكررة من أفراد الجيش والشرطة – التي لا تتلقى رواتب غالبا- على المواطنين.

ومنذ ثلاث سنوات قبل وبعد فترة الرئيس حسن شيخ، تم تدريب قوات كبيرة من مختلف قطاعات الجيش والشرطة في كل من جيبوتي والسودان وتركيا وأوغنده، غير أن هذه القوات عندما تعود إلى البلاد تنضم إلى ألوية تقودها شخصيات قبلية وفاسدة لا تتمتع بالمهارات الفنية لإدارة المنظومة الأمنية، الأمر الذي يؤدي إلى أن تفتقد تلك القوات إلى قيادة رشيدة .

وبينما يتلقى أفراد قوات بعثة السلام الإفريقية في الصومال (أميصوم) رواتب عالية من هيئات وحكومات أجنبية، فإن الجندي الصومالي لا يتلقى من الدولة راتبا منتظما رغم انخفاض حجم الراتب، بل يصير بلا راتب في شهور عديدة متتالية ، ويحاول تعويض ذلك من خلال النهب غير المباشر وأخذ الرشاوى من المارة والسيارات وغير ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى