جمهورية السنغال: نظرة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية

أولا: الموقع الجغرافي والسكان

تقع جمهورية السنغال جغرافيا في غرب أفريقيا، وتغطي مساحتها حوالي196722كيلومتر مربع.، وتحدها موريتانيا إلى الشمال، ومالي إلى الشرق، غينيا بيساو إلى الجنوب، والغرب غامبيا والمحيط الأطلسي.

يبلغ سكان السنغال حوالي 14 ميلون نسمة(2010م) ونسبة شباب 52 في المائة، وتوجد نسبة عالية من غير السنغاليين تتجاوز المليون نسمة، وتعتبر الجالية الموريتانية والجالية اللبنانية من أكثر الجاليات الأجنبية عدداً، وتليهما جاليات المهاجرين من مالي.

يتكون الشعب السنغالي من جماعات مختلفة لا تجمعها وحدة سياسية أو لغوية،واحتفظت كل جماعة بمقوماتها الثقافية وقيمها الأخلاقية، غير أن الظروف الطبيعية في السنغال والنظام السياسي المستقر أسهما بتكوين وحدة وطنية تسمح باندماج مختلف العناصر التي يتشكل منها الشعب السنغالي، ومن نتائج هذه العوامل أن إحدى الجماعات العرقية ولغتها سيطرتا على الساحة السنغالية منذ أكثر من قرن تقريبا، فساعد ذلك على تجانس الشعب، وقضى إلى حد كبير على التنافر القبلي السائد في مناطق عديدة من القارة الأفريقية، ومن أهم الجماعات العرقية في السنغال:-

الولف: وهي أكبر وأهم جماعة في السنغال؛ إذ تستقطب أكثر من 40% من مجموع السكان، وكان موطنها الأصلي الشمال الغربي، والغرب، والوسط الغربي من البلاد، وتوجد بكثرة في المراكز الحضرية. وتفوق لغتها أية لغة أخرى ـ حتى الفرنسية التي هي اللغة الرسمية والإدارية ـ من حيث الانتشار. ويشتغل أبناء جماعة “أولوف ” بالزراعة والتجارة، ويحتفظون بأكثر الوظائف في القطاعين العام والخاص،وأكثر من 80% من الوظائف العليا في الجهازين الإداري والسياسي في الدولة.

السرر: تقطن مع جماعة الولف في عدد من الأقاليم، لكنها تتمركز بالدرجة الأولى في الساحل الغربي والوسط الغربي، ، ولم ينتشر الإسلام بين أفرادها إلاّ في عهد قريب نسبيًا؛ وقد وجدت النصرانية بعض الأتباع من “السرير”، كما لا تزال المعتقدات التقليدية “الوثنية” حية فيها، ولها أتباعها وكهنتها.

الفلانة: أغلبيتها رعاة الأبقار  وغير متمركزة في إقليم بعينه، وقد دخل الفلانيون الإسلام من عهد بعيد، وقد أسلمت قبل وصول المرابطين المنطقة، وأدّت دورًا هامًا في نشر الإسلام في المناطق المجاورة لها، وتشتغل بالزراعة.

الجولا: وتسكن جنوبي السنغال، وتبلغ نسبة الإسلام بينها 70 في المائة. والجماعات الباقية هي: ماندنيكي، وجاخانكي، و وبامبارا، ونسبة هذه الجماعات الثلاث لا تتجاوز نسبة 7 في المائة من مجموع سكان السنغال، ويقطن معظمها في جنوبي وشرقي البلاد. وهناك مجموعات عرقية ولغوية قليلة العدد، ولكنها متميزة حيث يؤدي بعضها دورًا لا يستهان به في مجال التجارة كجماعة سراخولي التي تقطن في أقصى الشمال الشرقي من السنغال، ولها ماضٍ مجيد في الإسلام حيث إنها مؤسسة مملكة غانا التاريخية في القرون الوسطى.

 الديانة السائدة في السنغال

يعتنق الإسلام 95% من السنغاليين   تستقطب ما لا يقل عن 95 في المائة من عدد السكان في السنغال،ويعرف معظم المسلمين هناك بجماعة الأخوة. ولهم مجموعتان أساسيتان: الأخوة المريدية والأخوة التيجانية. وهذه المجـموعات تقودها جماعة اسمهم المرابطون. وهؤلاء المرابطون يشكلون وزنًا سياسيًا مهما؛ إذ إنهم يؤثرون على أتباعهم من السكان في عمليات التصويت في الانتخابات.

ثاينا: النظام السياسي وأبرز التنظيمات السياسية في البلاد

السنغال جمهورية يرأسها رئيس الدولة، وهو بدوره يعين رئيس الوزراء الذي يقوم بأعباء الحكم. وهناك مجلس قومي يمثل الجهاز التشريعي في البلاد. ولرئيس الدولة حق الموافقة والرفض لأي قانون يجيزه ذلك المجلس. ويتكون الجهاز القضائي من المحكمة العليا، وثلاث محاكم أخرى أقل مستوى.

ينتخب الشعب الرئيس لمدة سبع سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لفترة رئاسية واحدة فقط. ويختار الشعب أعضاء المجلس الوطني البالغ عددهم 140 عضواً لمدة خمس سنوات. ويتكون مجلس الشيوخ من 60 عضواً، يعين الرئيس 12 منهم، وينتخب السنغاليون الذين يعيشون خارج بلادهم 3 منهم، وينتخب أعضاء المجلس الوطني والمجالس الإقليمية والمحلية باقي الشيوخ.

تمثل السنغال واحدة من الدول الإفريقية الأكثر استقرارا منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1960م وقد تحولت السنغال التي كانت مستعمرة فرنسية منذ القرن السابع عشر في 1958 إلى جمهورية ذات حكم ذاتي من بين مجموعة المستعمرات الفرنسية وأصبحت دكار عاصمتها بدلا من سان لوي عاصمة غرب افريقيا الفرنسية سابقا. وقد تولى ليووبولد سيدار سنغور رئاسة البلاد بعد استقلالها في الرابع من ابريل 1960، وفي 31 ديسمبر 1980 تنازل عنها لرئيس وزرائه عبدو ضيوف الذي انتخب رئيسا في 1983 وأعيد انتخابه في 1988 ثم 1993.[1]

فمنذ عام 1960 إلى عام 2000 هيمن على حكم السنغال بلا شريك “الاتحاد التقدمي السنغالي” والذي سمي منذ عام 1976 “الحزب الاشتراكي” وقاد هذا الحزب في البداية الشاعر والرئيس السابق ليوبولد سيدار سينغور والذي تنحى الرئاسة عام 1981 ليورث بعده الحكم رئيس الوزارء السابق عبدو ضيوف وذلك تنفيذا للدستور السنغالي الذي كان ينص على تولي رئيس الوزراء رئاسة البلاد في حال شغور المنصب. وعندما تولى عبدو ضيوف مقاليد الأمور عام 1981 كانت السنغال في حالة تعددية حزبية مما أدى إلى أن يؤسس عبد الله واد الرئيس (السنغالي 2000-2012م) في عام 1974 الحزب الديمقراطي السنغالي وهو حزب ذا نزعة ليبرالية.

وفي الفترة الممتدة من إنشاء الحزب إلى توليه على حكم البلاد في عام 2000 ناضل عبد الله واد أكثر من أي معارض آخر من أجل ترسيخ الديمقراطية في السنغال. وخلال عقدي الثمانينات والتسعينات تمكنت المعارضة السنغالية، التي كان “واد” أبرز رموزها من خلق مكاسب ديمقراطية ملموسة من بينها إيجاز قانون انتخابي متفق عليه، وإنشاء جهاز مستقل للإشراف على الانتخابات، ثم تحقيق التعددية الشاملة التي مهدت الطريق لظهور مئات الأحزاب السياسية في البلاد.

وفي عام 2000 فاز عبدالله واد من الحزب الديمقراطي السنغالي (ليبرالي) في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية متفوقا على عبدو ضيوف الذي كان يقود الحزب الاشتراكي في اقتراع انتهى بأول تداول سلمي على السلطة بعد أربعين سنة من النظام الاشتراكي واعتبر نموذجيا بين الحالات الانتقالية الديمقراطية في افريقيا. وفي 2007 انتخب عبدالله واد مجدداً بعد فوزه في الانتخابات من الجولة الأولى (55,90%).  

وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت 2012م خاض الرئيس عبد الله واد في سباق محموح مع المعارضة بقيادة ماكي سال والتي فاز  فيها سال حوالي 65.8٪ من الأصوات ليكون الرئيس الرابع للسنغال منذ الاستقال.

وهكذا أعطى التطور السياسي القائم على المشاركة الانتخابية في السنغال نوعا من الاستقرار السياسي وبفضل اعتماد نظام التعديية الحزبية أيضا في وقت مبكر، الأمر  مهد الطريق إلى ظهور أكثر من تنظيم سياسي في البلاد، بحيث إن هناك أكثر من 84 حزبا في الوقت الحالي.

 ومع كثرة الأحزاب المسجلة فإن النتنظيمات السياسية والأحزاب في السنغال  تتمتع بدرجة متفاوتة من الأهمية االسياسية وطول العمر إذ أن هناك حزاب رئيسية أسهمت في مسيرة البلاد:-

  1. الحزب الاشتراكي السنغالي

يعد هذا الحزب من أقدم الأحزاب الأفريقية وأكثرها حضورا وتأثيرا في المشهد السياسي السنغالي حيث حكم البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 وحتى 2000. كما أنه يساري واشتراكي التوجه بامتياز ، ومثل هذا الجزب  إحدى الأحزاب الحاكمة القليلة في إفريقيا والتي مهدت في بلادها إلى التعددية الحزية حيث أتاح السنغاليين مناخا تعدديا سياسيا في وقت مبكر، لينهى احتكار ساحة العمل السياسي والتفرد بالسلطة في  1976م[2]

ومن أبرز رموز الحزب ليوبولد سيدار سنغور أول رئيس للسنغال بعد الاستقلال، ويعتبر عبدو ضيوف الرئيس السنغالي السابق -الذي حكم البلاد من 1980 إلى 2000-  أيضا ضمن قائمة الشخصيات التي ارتبط بها تاريخ الحزب السياسي، حيث أمضى ضيوف قرابة عقدين من الزمن أمينا عاما للحزب حتى هزم في الانتخابات الرئاسية 2000 أمام مرشح المعارضة التي كان يمثلها أنذاك الرئيس عبد الله واد والذي هو الآخر هُزم أمام ماكي سال الرئيس السنغالي الحالي في انتخابات 2012م

  • الحزب الديمقراطي السنغالي( Senegalese Democratic Party)

أسس هذا الحزب عبد واد الرئيس السنغالي السابق في عام 1974م والحزب ذا نوعة ليبرالية ويرتبط بالليبرالية الدولي. على الرغم من أن “واد” والحزب الديمقراطي السنغالي أسسا إستراتيجية حملتهم الانتخابية في الانتخابات الرئاسية لعام 2000 على تغيير النظام الذي يؤدي إلى أفول النظام الرئاسي وظهور نظام برلماني يتوافق مع الاستقرار الطويل الذي تتمتع به السنغال إلا أن ما أسفرت عنه المسودة النهائية كان حلا وسطا بين عناصر الحكم الرئاسي والبرلماني. وكانت النقاط الرئيسية لذلك الحل الوسط هي الحد من صلاحيات الرئيس ونقل بعض الصلاحيات التنفيذية الرئيسية من الرئيس إلى رئيس الوزراء، وتحكم البرلمان في تصرفات الحكومة عن طريق التصويت بسحب الثقة بدون الخوف من حل البرلمان (على الرغم من احتفاظ الرئيس بهذه السلطة). وتمثل هذه المسودة الدستور الذي اختير طبقا لاستفتاء 7 يناير/كانون الثاني 2001. م يعتبر الحزب من أقوى الأحزاب السياسية حيث تولى السلطة بين 2000-2012م)

  •  التحالف من أجل الجمهورية ، .

حزب التحالف من أجل الديمقراطية تم تأسيسه على يد الرئيس الموريتاني الحالي “ماكي سال” في عام 2008 بعدما انشق عن الحزب الديمقراطي بقيادة عبد الله واد الذي كان أنذاك رئيسا للسنغال وذلك على إثر خلاف بينه وبين واد بسبب اتهامات بالفساد وجهها سال لابن واد “كريم” حول مشاريع عقارية مرتبطة بقمة المؤتمر الإسلامي في السنغال والتي عقدت في العام نفسه وطلب مساءلته. وكان سال في ذلك الوقت رئيسا لمجلس النواب والرجل الثاني في الحزب الديمقراطي السنغالي

هذا الخلاف بين الرجلين  أدى إلى أن يقدم سال استقالته من رئاسة المجلس، خاصة بعد إصدار قانون جديد يحدد ولاية رئيس المجلس النيابي بسنة واحدة بدلا من خمس سنوات. وقام بإنشاء حزب جديد “التحالف من أجل الجمهورية“، وهو حزب ليبرالي اتبع نهجا معارضا للحكم.وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت في السنغال 2012م فاز الحزب برئاسة السنغال ويمثل أغلبية في المجلس التشريعي.

  • التنظيمات الصوفية

التنظيمات الدينة تلعب أيضا دورا بارزا في توجيه السياسية السنغالية، وهو دور بلاش ك لا يقل أهيمية عن الدور السياسي للأحزاب السياسية بحيث تمثل الطرق الصوفية إدحىدى أهم الركائز الأساسية التي يعتمدها أي حزب في السنغال ما يعي إن التصوف السياسي  -إن صح التعبير- يدير البوصلة الحزبية في البلاد، ولعل ارتباط رؤساءَ السنغاليين بالطرق الصوفية منذ الاستقلال  لمؤشر حقيقي بتأثير ها على المشهد السياسي السنغالي.

وتعد الطريقة التيجانية الأكثر حضورا بالسنغال، وقد دخلت الطريقة إلى المنطقة عام 1815 تقريبا عن طريق الشيخ عمر تال، وترسخ حضورها بالسنغال على يدي العلامين الحاج مالك سي الذي أسس مدينة “تيواوان” والشيخ إبراهيم أنياس، وللطريقة أتباع يتجاوزون عشرات الملايين داخل السنغال وبلدان إقليمية كنيجيريا وساحل العاج وغامبيا وموريتانيا وغينيا بيساو.

وتأتي الطريقة المريدية التي أسسها الشيخ أحمد بمبا مطلع القرن الماضي في طليعة الطرق الأكثر نفوذا في المجالين السياسي والاقتصادي بالسنغال، غير أن حضورها الإقليمي يكاد يقتصر على السنغال.

هل هناك تحديات سياسية في السنغال؟

ينتمي السنغال إلى مجموعة نادرة من البلدان الأفريقية والتي لم تشهدت انقلابا عسكريا في تاريخها مما يقلل من أية مخاطر سياسية، كما أن هناك العديد من المجموعات العرقية، ولكن حتى الآن لم تكن هناك أية مؤشرات نحو مشاكل إثنية إضافة إلى ذلك فإن صوت الناخب هو بمثابة وسيط لأي تجاذب سياسي  في السنغال شريطة ممارسته في إطار مؤسسي.

والاستقرار السياسي في السنغال يعتمد إلى حد كبير بمدى استجابة الحكومة الحالية برئاسة الرئيس ماكي سال بتحسين الوضع الاقتصادي الهش في البلاد.

ثانيا: الأوضاع الأمنية وابرز التنظيمات السياسية

شهدت السنغال حالة من الاستقرار  الأمني منذ استقلالها في وسط منطقة مليئة بصراعات عرقية قديمة كانت جزءا من تركة الاستعمار وأخرى  إرهابية برزت مع نشأة التنظيمات المتطرفة في العالم في وقت متأخر ، وهذا الاستقرار جعلها نموجا في منطقة غرب إفرقيا، لكن لا يعني هذا أن السنغال سلمت من النمط الإفريقي المتمثل في ظهور حركات التمرد المطالبة بالانفصال في كثير من دول القارة حيث ظهرت إلى العلن حركة (القوى الديمقراطية) وهي حركة مسلحة تأسست عام 1982، تسعى لانفصال إقليم “كازامانس” بجنوب البلاد.

قامت الحركة بأول عملية عسكرية لها ضد الجيش السنغالي عام 1990، لكن جناحها العسكري سرعان ما دخل في اتفاق مع السلطة سنة 1991، فانقسمت إلى فصيلين عسكريين ينشط أحداهما في شمال المنطقة والآخر في جنوبها..

وقد تبادلت الحركة والحكومة السنغالية الاتهامات بخصوص مسؤولية اختفاء مواطنين فرنسيين في كازامانص سنة 1995. وشهدت تسعينيات القرن الماضي مواجهات عسكرية بين الحركة والجيش السنغالي أدت إلى مقتل العشرات من بينهم مدنيون و إلي انتشار الألغام بمناطق واسعة من الإقليم.

وبعد أعوام من التمرد المسلح للحركة أعلن الأمين العام السابق لجناح الحركة السياسي سينغور سنة 2003 التخلي عن فكرة الانفصال بعد لقاء مع الرئيس السابق عبد الله واد، مقترحا قيام الحركة بمنتديات من أجل سلام دائم، ليتم بعد ذلك توقيع اتفاق للسلام مع الحكومة سنة 2004، لكن الفصائل المسلحة لم تلتزم بهذا الاتفاق. ويقدر  عدد مقاتلي فصائل الحركة بما بين ألفين وأربعة آلاف مقاتل وفقا لمؤسسة “Small Arms Survey ” المتخصصة في النزاعات المسلحة سنة 2004

ومع أن الحركة كانت تنادي إلى الاستقلال منذ الثمانيات فإنها لم تجد اهتماما على المستوى الإقليمي والدولي،ولعل هذا هو نتجة استخدام الحكومة السنغالية على ثلاثة نهج لاستجابة الصراع في إقليم”كازامانس”

  1. تجاهل الحكومة السنغالية لطبيعة الصراع وتقليل شأنها إضافة إلى الموقف الفرنسي والذي كان دائما يراعي مصالحه في الحكومات السنغالية,
  2. محاولات الحكومة بمعالجة الأسباب الجذريةللنزاع عن طريق تسوية بعض المظالم في الإقليم، وتعيين أكثر من مسؤول “كازامانسي” لمواقع رفيعة في  السلطة.
  3. نجحت الحكومة السنغالية ترسيخ سطحية مشروع الاستقلال الذي كانت تنادي إلىه حركة القوى الديمقراطية في المجتمع السنغالي.

أما على مستوى التنظميات الارهابية والجماعات المتطرفة  فرغم أنه لا يوجد في السنغال أي تنظيم إرهابي ولم يسبق أن تم تنفيذ هجمات إرهاربية فيها حتى الآن إلا أنها قد تواجه مخاطر من التنظيمات الجهادية المتنشرة في غرب أفريقيا .

ثالثا: الاوضاع الاقتصادية،

بعد مشاكل اقتصادية في بداية التسعينات، في بداية عام 1994 بدأت السنغال في تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي طموح برعاية المجتمع الدولي مما اضطرها إلى تخفيض قيمة العملة المحلية المرتبطة مع الفرنك الفرنسي إلى 50% من قيمتها، وكانت آثار هذا الإصلاح شديدة الوطأة على السكان حيث أدت إلى ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية والغذائية مثل الألبان واللحوم وغيرها إلى الضعف في ليلة واحدة، ولكن تحقق معدل للنمو الاقتصادي في الدخل القومي نتيجة للإصلاح وصل إلى 5% سنويا وانخفض معدل التضخم بشدة إلى أرقام صغيرة مقارنة بالسابق.

المؤشرات الإقتصادية:

الناتج المحلي الإجمالي •بلغ الناتج المحلي الاجمالي إلى 15,58 بليون دولار في عام 2014موفقا لتقديرات البنك الدولي ([3])

معدل النمو:  وصل إلى 3.9% في عام 2014م

معدل التضخم:  وصل  إلى  1.1% في عام 2014م  

معدل الفقر:  ما يقرب من ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من ثلثي السكان يعيشون على أقل من 2 $ يوميا. الفقر على نطاق واسع لا سيما في المناطق الريفية، واحتلت السنغال المرتبة 157 من أصل 177 دولة على مؤشر التنمية البشرية. بين عامي 1990 و 2001م

أما الصادرات فتمثل الفول السوداني والفوسفات ومنتجات الأسماك. فيما تتشكل  الواردات المواد الغذائية والآلات والمعدات الكهربائية. ويتم معظم التبادل التجاري مع فرنسا التي تعد الشريك الأساسي منذ القرن التاسع عشر الميلادي. كما أن للسنغال صلات تجارية مع دول أخرى في إفريقيا. وتتم ثلاثة أرباع التجارة الخارجية للسنغال من خلال ميناء داكار الذي يعد من أكبر الموانئ الإفريقية.

وبما ان الزارعة تششكل عصب الحياة فإن صندوق النقد الدولي بمنو الناتج المحلى الإجمالي، في السنغال بنسبة 4.9 % في عام 2015، بسبب النشاط القوى في قطاعات الزراعة، والتعدين، والصناعة غير  نمو الناتج المحلى الإجمالي كان أقل من التوقعات حيث بلغ وفقا لتقديرات مبدئية للسلطات السنغالية 3.5 %،  ليعكس انخفاض الإنتاج الزراعي.

رغم المؤهلات المعتبرة في مجال الأراضي الزراعية والمياه، إلا أن الزراعة في السنغال تواجه تحديات كبيرة فهذا البلد يستورد نحو 70% من حاجياته الغذائية في الوقت الذي ينخرط فيه 60% من السكان النشطين في زراعة الحبوب والمواد ومنتجات غذائية أخرى.

الوضع الاقتصادي الراهن وخطط الحكومة

على الرغم من أن البلاد قد حققت درجة عالية من الاستقرار الاقتصادي الكلي منذ العقد الماضي فإن الاقتصاد السنغالي ما زال هشا ويتوقع أن يصل معدل النمو خلال الخمسة القادمة حوالي 5% ويعزى النمو المتوقع لخطة (خطة السنغال الناشئة (PSEأوإستراتيجية الشراكة القطرية المشتركة (CPS) للسنوات المالية 2013-2017، كلا من البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار (MIGA)، تعتزم دعم أولويات التنمية الاقتصادية الاستراتيجية (SNDES) الوطنية الاجتماعية وفي السنغال جهود للدخول في الانتعاش والنمو العالي ومسار الازدهار المشترك على المدى المتوسط (خلال 5 سنوات المقبلة) مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية بما في ذلك الزراعة والتعدين، الطاقة والسياحة والبنية التحتية، والاهتمام بالمشاريع ذات الأولوية وتعزيز  البيئة  الاستثمارية في القطاع الخاص.

فقطاع السياحة هو أحد القطاعات الأكثر ديناميكية في السنغال، باعتباره واحدا من القطاعات الهامة في الاقتصاد من حيث خلق فرص العمل والتنمية الإقليمية، وتهدف الخطة إلى جعل السنغال وجهة سياحية عالمية شهيرة ومركز ثقافي  التي من شأنها أن تستوعب نحو 1.5 مليون سائح بحلول عام  2016.

وتسعى خطة السنغال التنموية إلى تحقيق لسلسلة من الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الاستثمار الخاص في القطاعات الاستراتيجية الرئيسية مع زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 7.1٪ من عام 2015 إلى عام 2018. وإجراء إصلاحات في قطاع الطاقة، والتعليم

تبسيط الإجراءات الحكومية وخفض التكاليف من أجل تحسين السنغال القيام ترتيب الأعمال. في حين السنغال لديها إطار قانوني متطور لحماية حقوق الملكية، وتسوية المنازعات التجارية مرهقة وبطيئة. وقد أولويات حكومة السنغال جهود لمحاربة الفساد، وزيادة الشفافية وتحسين الحكم، والسنغال مع أن السنغال بشكل إيجابي مع معظم البلدان الأفريقية في مؤشرات الفساد، ولكن الشركات التقرير أن بعض الفساد قد تستمر وخاصة في المستويات الدنيا. [4]

السنغال لديها سياسة استباقية إزاء الاستثمار الأجنبي المباشر. في نهاية 1990م شهدت البلاد طفرة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وكانت فرنسا من الناحية التاريخية واحدة من الدول المستثمرة الرئيسية. ومع ذلك فإن آثار الأزمة المالية 2008-2009 سببت هبوطا من حوالي 20٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

التحديات التنموية

  • ارتفاع تكاليف الطاقة، وسوء إدارة التصدير مثل الفول السوداني، والمأكولات البحرية، والفوسفات مع تباطأ النمو.
  • ما زال ارتفاع معدلات الفقر في السنغال، مما يؤثر على 46.7٪ من السكان. نمو الناتج المحلي الإجمالي هو أقل بكثير من المعدلات للحد من الفقر إلى حد كبير، وتزايد الاعتماد على الصادرات كثيفة رأس المال بدلا من القطاعات كثيفة العمالة يحد من خلق فرص عمل جديدة. وقد الصدمات المتكررة في السنوات الأخيرة هي التي تعرقل التقدم، مع انتشار الفقر في التناقص فقط بنسبة 1.8 نقطة مئوية بين عامي 2006 و 2011، وعدد الفقراء يتزايد فعلا لتصل إلى 6.3 مليون في عام 2011.
  • على الرغم من أن عدم المساواة في السنغال يعتبر معتدلة مقارنة مع الكثير من الدول الإفريقية فإن الحد من الفوارق الاجتماعية ما زالت تشكل تحديا كبيرا في السنغال.
  • ·      في ظل الأداء الضعيف للاقتصاد السنغالي وتباطؤ النمو مقابل سرعة نمو السكان فيها بمعدل 2.5 % سنويا قد يكون أكبر عائق أمام الحكومة وخاصة حول كيفية إحداث توازن متقارب على الأقل ما بين ذلك النمو البطيء في الاقتصاد الكلي وبين زيادة النمو السكاني.

رابعا: العلاقات الخارجية

حلفاء السنغال الخارجية أهمها فرنسا والولايات المتحدة، ،وتسعى السنغال دائما على الحفاظ على “العلاقة الخاصة” مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة. وتعود هذه العلاقة يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما جعلت فرنسا البلاد مركز النشاط الفرنسي في أفريقيا. حيث أصبحت العاصمة السنغالية “داكار” العاصمة الفرنسية 1902-1960م في أفريقيا الغربية.

كما أن السنغال حليف منذ فترة طويلة للولايات المتحدة، ويتمتع بعلاقة جيدة معها وفي نفس الوقت تتلقى مساعدات اقتصادية وتقنية كبيرة

وبما أن السنغال أصبحت رمزا للديمقراطية وكذلك التسامح العرقي والديني فإن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى حاليا لزياة مساعداتها للسنغال في مجال تطوير  القوات المسلحة السنغالية، وكذلك دعم زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين الرعاية الصحية وتعزيز الديمقراطية الناتجة عن الانتخابات  الرئاسية والتشريعية في2012 ، مع الاستمرار في دعم جهود السنغال في مكافحة الفساد،والشفافية، والحكم الرشيد.

في حين لا تزال فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية حليفا هاما، فقد حاولت السنغال بتنويع علاقاتها الخارجية لاسيما في عهد الرئيس عبد الله واد( 2000-2012) حيث نشطت العلاقات الدبلوماسية السنغالية مع الصين في ذلك الوقت باعتبار السنغال ليست استثناء من هذا الاتجاه الإفريقي نحو الصين.

السنغال تتمتع بعلاقات ودية في الغالب مع جيرانها، إلا العلاقات الموريتانية – السنغالية في ضوء المصالح المتضاربة قد  يطغى عليها طابع الشك التأزم والذي يحمل في طياته أبعادا ترسم العلاقات بين البلدين القريبين في الجغرافيا، و يمكن أن يظهر الخلل في العلاقات عندما تـُختل موازين سياسة حسن الجوار و تختفي أسس التفاهم والوفاق وذلك لسبين:

  1. الصراع على المياه

هناك وجهات نظر متبانة بين البلدين حول نهر حوض نهر المشترك بين أربع دول-(موريتانيا – السنغال – ماليي – غينيا) غير أن موريتانيا والسنغال هما الدولتان الأكثر اعتمادا على مياه النهر، ويشكل النهر حدودا طبيعية بينهما الأمر الدي أدى إلى نشوب أزمة سياسية بين البلدين أكثر من مر  لاسيما بعد أن قامت السنغال بشق قنوات الهدف منها جر مياه نهر السنغال الى أحواض جافة في الأرض السنغالية من أجل اقامة مشاريع زراعية، فيما ترى  الحكومة الموريتانية ان هذا المشروع يسبب أضرارا لمشاريعها الزراعية على الضفة اليمنى للنهر، كما يعتبر خرقا للنصوص المنظمة لتسيير النهر، والاتفاقات السابقة، فيما تقول السنغال إن من حقها تنفيذ مشاريع في أراضيها كما يفعل الآخرون، ونظرا للنزاع الضمني بين البلدين فمن السهل جدا أن يحدث توترا في العلاقات السياسية بينهما في المستقبل.

  • الصراع على الغاز المكتشف مؤخرا على الحدود المشتركة

في وقت سابق من هذا هذا العام أعلنت شركة أميركية عن اكتشاف احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي، قبالة الشواطئ الموريتانية على المحيط الأطلسي، وهي مواقع قريبة بساحل السنغال الذي يحوي أيضاا اكتشافات نفطية وغازية كبيرة  ويمكن أن يثير هذا الاكتشاف على العلاقات السياسية بين البدين المتعطشين لاكتشاف موارد الطاقة منذ عقود.

 وعن علاقة السنغال مع العام الإسلامي تعد السنغال عضوا ناشطا  في منظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقا) منذ أمد بعيد، وستفادت من عضويتها في الحصول على التمويل الإسلامي، ولعل يؤكد العلاقة السنغالية الجيدة مع العالم الإسلامي هو مشاركتها في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية صد ميليشيات الحوثيين في اليمن تحت شعار”عاصفة الحزم”

وعلى الرغم من أن المشاركة قد جاءت في إطار محاولة السنغال بتحقيق مصالح اقتصادية إلا أنها لا ينفصل محاولات “داكار” الجادة لمحاربة النفوذ الإيراني في مناطق غرب أفريقيا، في ظل  وجود بعض الاتهامات السنغالية لإيران بدعمها الحركات الانفصالية في إقليم كازاماس السنغالي. بعدما تم الكشف في عام 2010 عن شحنة أسلحة إيرانية موجهة لبعض دول غرب أفريقيا في ميناء لاجوس، وهو الأمر الذي أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وبعض دول غرب أفريقيا في حينه. ومنذ ذلك الحين، ظل هذا الموضوع حاضراً ومؤثرا ًفي العلاقات السنغالية الإيرانية على الرغم من استمرارها.

الخلاصة

  1. ينتمي السنغال إلى مجموعة نادرة من البلدان الأفريقية والتي لم تشهدت انقلابا عسكريا في تاريخها مما يقلل من أية مخاطر سياسية، كما أن هناك العديد من المجموعات العرقية، ولكن حتى الآن لم تكن هناك أية مؤشرات نحو مشاكل إثنية إضافة إلى ذلك فإن صوت الناخب هو بمثابة وسيط لأي تجاذب سياسي  في السنغال شريطة ممارسته في إطار مؤسسي كما أن الاستقرار السياسي في السنغال يعتمد إلى حد كبير بمدى استجابة الحكومة الحالية برئاسة الرئيس ماكي سال بتحسين الوضع الاقتصادي الهش في البلاد.
  2. أمام  الوضع الأمني في السنغال ما زال مستقرا ومن شأن هذا الاستقرار أن يستمر لفترة طويلة، مع أن هناك العديد من المجموعات العرقية في السنغال لكن حتى الآن لم تكن هناك أي علامات تشير إلى مشاكل فيما بينها، غير أن ارتفاع الهجرة إلى المدن وخاصة إلى العاصمة “داكار” مع قلة فرص العمل وتزايد الفقر في المناطق الحضرية من المرجح أن يوسع الفوارق وتفاقم الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى توتورات سياسية، لا سيما وأن الإصلاحات المتوقعة في هذا المجال قد تستغرق وقتا طويلا.
  3. على الرغم من أن البلاد قد حققت درجة عالية من الاستقرار الاقتصادي الكلي منذ العقد الماضي فإن الاقتصاد السنغالي ما زال هشا ويتوقع أن يصل معدل النمو خلال الخمسة القادمة حوالي 5% ويعزى النمو المتوقع لخطة (خطة السنغال الناشئة (PSEوالتي من شأنها أن تسهم في تعزيز الاقتصاد السنغالي الكلي.

إعداد \ جبريل الكتبي


[1] SENEGAL Election Management Bodies in West Africa A comparative study of the contribution of electoral commissions to the strengthening of democracy By Ismaila Madior Fall Mathias Hounkpe Adele L. Jinadu Pascal Kambale. Open society founditons, page 8

http://www.afrimap.org/english/images/report/AfriMAP_EMB_Ch6_Senegal_EN.pdf

[2] http://www.aljazeera.net/encyclopedia/movementsandparties/2015/3/10/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%B5

[3] http://www.worldbank.org/en/country/senegal

[4] http://www.state.gov/documents/organization/228812.pdf

زر الذهاب إلى الأعلى