صرافات العملة في الشوارع يحرّكن عجلة الاقتصاد في جيبوتي

تلعب صرافات العملة اللواتي يجلسن في زوايا الشوارع ومحافظهن مليئة باليورو والبير الإثيوبي والروبية الهندية وينتشرن في كل مكان في جيبوتي، دورا رئيسيا في اقتصاد يغلب عليه الطابع غير الرسمي في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي.

وتجلس عشرات من هاتيك الصرافات على كراس بلاستيكية في الشوارع، حيث ينتظرن منفردات أم ضمن مجموعات صغيرة مرور الزبائن الذين يفضلون الاستعانة بخدماتهن بدل التوجه إلى مكاتب الصيرفة التقليدية.

وتقول مدينة، وهي إحدى العاملات صرافات الشارع هؤلاء، “كل العملات متوافرة لدي. معي يورو وجنيه استرليني وليرة تركية ودولار وروبية هندية وعملات أخرى شتى”، بحسب “الفرنسية”.

وتشير إلى أنها تحمل معها مبالغ لا تقل قيمتها عن مليون فرنك جيبوتي (5600 دولار) بمختلف العملات.

وعند ساحة ريمبو قرب المسجد الضخم في وسط جيبوتي العاصمة، تعمل مدينة مع صديقات ثلاث في عز الحر، وسط زحمة السيارات وأبواقها وبين المحال والمارة المنتشرين في هذه الرئة الاقتصادية لجيبوتي.

يقترب يمني بردائه الطويل من الصرافات لتبديل ريالاته السعودية. تتجاذب معه مدينة أطراف الحديث ثم تجري بعض الحسابات على هاتفها لتسحب بعدها رزمة فرنكات جيبوتية من كيسها المليء بالأوراق النقدية.

ويوضح الشاب الآتي من اليمن الذي يفصله عن جيبوتي مضيق باب المندب “نحمل معنا ريالات سعودية لأن قيمة عملتنا تتبدل طوال الوقت بسبب الحرب”. من ثم يختفي بين الحشود مع اقتراب سيارة للشرطة.

– “عمل جيد” – تشكل جيبوتي الواقعة عند تقاطع إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، منذ القِدم نقطة التقاء للثقافات والعملات معا، إذ تجمع على أرضها اللاجئين الهاربين من الحرب في اليمن والعسكريين الأجانب في القواعد البحرية وسائقي الشاحنات الآتين من إثيوبيا المجاورة.

وتقول نوره حسن الجالسة في موقع أبعد في الساحة “نتعامل مع رجال الأعمال الجيبوتيين الذين يسافرون إلى الخارج من أجل نشاطاتهم، ونتعاون مع الأجانب والسياح”.

وعند وفاة زوجها قبل عشر سنوات، بدأت هذه الأم لثلاثة أطفال العمل في الصرافة مستعينة فقط بمدخرات الأسرة بالعملة المحلية. مذاك، تنوعت العملات في يديها وباتت نوره تقصد يوميا المصرف لتأخذ قائمة مفصلة بأسعار العملات الكبرى.

وتؤكد “هذا عمل جيد وأنا فخورة به”.

وفي حي بي كاي 12 الشعبي حيث يعيش إثيوبيون كثر، يقفز أحمد من عربة التوك توك خاصته لتصريف أوراق نقدية في حوزته من عملة البير الإثيوبي.

ويوضح أن الفرق بين سعر الصرف المقدم من هاتيك الصرافات ومكاتب الصيرفة “لا يتعدى 10 إلى 20 فرنكا جيبوتيا وهو ليس بالفارق الكبير”، كما أن “المكاتب بعيدة وهؤلاء النساء قريبات”.

وتقول فايزة (25 عاما) وهي بائعة لنبتة القات المخدرة المستهلكة بصورة كبيرة في جيبوتي “أظن أن لا تجارة في بي كاي 12 من دونهن”.

وتضيف “هن يوفرن قوت عيش عائلاتهن (…) نحن نتساعد بهذه الطريقة”.

– مهنة آمنة – يشير الخبير الاقتصادي حسين محمد إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل ثلثي الأنشطة الاقتصادية في جيبوتي.

ويوضح هذا الباحث في مركز للدراسات والبحوث في جيبوتي أن “73 % من العاملين في القطاع غير الرسمي هنّ نساء”.

وفضلا عن توفير وظيفة ميسرة في بلد تنتشر الأمية بين نسائه أكثر من رجاله، تشكل الصرافة عملا آمنا في بلد يعد أقل من مليون نسمة وحتى عاصمته أشبه بقرية مع انتشار دائم للشرطة.

وتقول زهرة وهي صرافة في وسط المدينة “لم نشهد يوما” أي سرقة، مضيفة “من يريد سرقة المال لا يأتي إلينا لأنه يخاف”.

كما أنها لا تبدو قلقة من العملات المزورة. وتوضح “حتى لو كنت نائمة وأعطيتني عملة مزورة سأكتشف ذلك (…) هذا عملي أليس كذلك؟”.

نقلا صحيفة الاقتصادية

زر الذهاب إلى الأعلى