أنجولا بين حظر الإسلام وتغلغل اليهود

حسب التقديرات الرسمية فإن تعداد المسلمين في أنغولا يبلغ 90 ألف نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 18 مليون نسمة لذا لم يتم الاعتراف بالإسلام كديانة دستورية، ولكن المسلمون يعتبرون أنهم أكثر من هذه العدد حيث تشير الجالية الإسلامية في أنغولا- (Comunidade Islâmica de Angola, COIA)-أنه كان هناك أكثر من 80 مسجدا لحوالي مليون مسلم.

 ويتسارع نمو الأقلية المسلمة الناشئة بشكل كبير عن طريق هجرة مسلمين من بعض دول غرب إفريقيا مثل نيجيريا والسنغال والنيجر واعتناق الأنغوليين الإسلام، و يعتبر الإسلام دينا جديدا على المجتمع الأنغولي الذي عانى حروبا أهلية قرابة 30 عاما و لم يتمكن من التقاط أنفاسه إلا في بداية التسعينات من القرن العشرين.

أغلب السكان في أنغولا مسيحيون على المذهب الكاثوليكي ومع أقليات مذهبية مسيحية أخرى و ديانات إفريقية قديمة.

موقف الحكومة من الإسلام

تقول السلطات الانغولية أن سبب وراء حظر الإسلام ليس موجه ضد الإسلام بالذات بل هناك مشروع لتنظيم الأديان فقد قررت السلطات أيضا محاربة الكنائس غير القانونية، وأيضا الطوائف الدينية، التي لم تحصل على الإذن من الدولة.

وتقول الحكومة أيضا “فالدين الإسلامي” ما زال قيد الدرس ولم يحصل على موافقة وزارة العدل وحقوق الإنسان، وليس الإسلام وحده بل هناك العديد من الأديان الأخرى التي لديها الحالة نفسها، ومعابدها ودور عبادتها ستُغلق حتى صدور القرار، وتقول السلطات الانغولية  إلى وجود 194 مجموعة دينية  مختلفة بانتظار  الحصول على الإذن لممارسة  نشاطاتها.

ولكن هذا الكلام ليس صحيحا حيث أعلنت وزيرة الثقافة الأنغولية “روزا كروز دسيلفا” بمنع الإسلام والمسلمين ومنع ممارسة شعائر الإسلام على ترابها حيث تنظر إلى الإسلام كطائفة وليس ديناً، وشرعت في هدم المساجد بحسب ما نقلته صحف أفريقية، ويمارس الشعائر الإسلامية عدد من الجاليات مثل اللبنانية وأفريقيا الغربية.

الرد الفعلي من العالم الإسلامي

قال الأمين العام لـمنظمة التعاون الإسلامي (أكمل الدين إحسان أوغلو) إن موقف المنظمة من الأنباء الواردة من أنغولا عن منع المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية وحرق المساجد ودور العبادة واضح، وهو الرفض التام. وأوضح أن المنظمة لم تحصل بعد على معلومات رسمية وأنها تقوم حاليا بتقصي الحقائق بهذا الشأن.

وذكر أوغلو في برنامج “بلا حدود” على “قناة الجزيرة” “أن الوضع في أنغولا يحتاج لتقصي حقائق، لأن هناك بيانات أخرى من مسؤولين أنغوليين آخرين تكذب ما ورد من أنباء وتنفي إحراق مساجد أو منع المسلمين من أداء شعائرهم الدينية”.

وأضاف “أن المنظمة تجري حاليا اتصالات بجهات مختلفة، منها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والأمم التي تتحدث البرتغالية -وهي اللغة التي يتحدث بها الأنغوليون- وبعض سفارات الدول الإسلامية الموجودة بأنغولا”. 

وأيضا كما نشر (انسيت نيوز) عند إعلان الحكومة الانغولية عن حظر الإسلام تسارعت ردود الفعل الإسلامية حول ما نقلته بعض الصحف المحلية والعالمية، إذ دعا خالد بن عبد الرحمن الشايع، الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم “إلى تحرك إسلامي واسع بمواجهة هذا التطور الذي اعتبره “مثيراً للدهشة” وقال الشايع، في اتصال مع CNN بالعربية: “الأمر مثير للدهشة بالفعل” وحول رؤيته لأسباب القرار قال الشايع: “ربما لدى الجانب الأنغولي نظرة مضللة حول الإسلام، بعد هجوم حركة الشباب في نيروبي في 21سبتمبر الماضي، وعليهم أن يعرفوا في هذه الحالة أن الإسلام قد حرّم هذا النوع من الهجمات، وإذا كان هناك مشاكل أخرى في نظرتهم للإسلام، فيجب إيضاح الصورة.. الأمر الآخر  الذي لا أستبعده هو أنهم قد لاحظوا نمواً كبيراً في أعداد المسلمين بما لا يقارن مع أي ديانة أخرى، رغم أن العدد بشكل عام قليل، ولا يزيد عن مليون مسلم”.

وكذلك كانت قد نقلت وكالة الشرق الأوسط دعوة من جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية الأحد، الشعب الجزائري إلى مطالبة السلطات بطرد السفير الأنغولى وغلق سفارة دولة أنجولا بالجزائر لأن هذه الدولة الإفريقية تحارب الإسلام والمسلمين وتمنع شعائر الإسلام على ترابها وشرعت في هدم المساجد.

وطالب الشيخ عبد الفتاح حمداش زعم جبهة الصحوة باستنهاض الأمة الإسلامية للقيام بخطوات جريئة وشجاعة لحماية الإسلام والمسلمين فى أنغولا الإفريقية .. ودعا الدول العربية والإسلامية إلى طرد سفير الدولة  الانغوليه وغلق سفاراتها في كامل تراب بلاد الإسلام والمسلمين في كل الدول الإسلامية، كما حث الجمعيات والجماعات والهيئات العلمية والدعوية والسياسية والحقوقية والقانونية إلى مناهضة أنجولا، التى وصفها بـ”المجرمة”.

وقد أشار حمداش إلى منع السلطات الانغولية المسلمين السبت من ممارسة شعائر دينهم على أراضيها وهى سابقة خطيرة في إفريقيا، مضيفا أن وزارة العدل الأنجولية شرعت في غلق المساجد ومنع إقامة الصلاة فيها بدعوى عدم الحصول على التراخيص لإقامة الشعائر التعبدية الإسلامية، ورفضت إعطاء أي رخصة لبناء مسجد على تراب أنجولا بدعوى أن المسلمين المتشددين غير مرغوب فيهم على أراضيها.

أسباب حظر الإسلام

هناك أسباب عدة تقف وراء حظر الإسلام في أنجولا منها:

ربط الإسلام بالإرهاب: السبب الرئيسي وراء حظر الدين الإسلامي هو ربطه بالإرهاب والدعوة، فقد كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن عمليات تضييق و تمييز يتعرض لها مسلمو أنغولا وعلى رأسها إغلاق مساجدهم والربط بينهم وبين الإرهاب في معظم وسائل الإعلام هو ربط الإسلام بالإرهاب والدعوة، وفي بيان للمفوضية فقد تم إغلاق أربعة جوامع في العاصمة لواندا من قبل الشرطة في عام 2006م، كذلك تم توجيه التهم إلى العديد من المسلمين بأنهم يساندون الإرهاب وقد ازدادت هذه الهجمة خصوصا بعد هجوم نيروبي 21 من سبتمبر الماضي، وما يحصل في مالي ونيجيريا وبعض الدول الإفريقية على يد بعض الجماعات الإسلامية.

السياسية العنصرية ضد المسلمين: وهو العنصر الأساسي من القضية، فالمسلمون في انغولا أغلبهم ليسوا من السكان الأصليين لانغولا، وعددهم ليست كبيرة بنسبة لعدد السكان وما يشاع عن الازدياد المضطر في أعداد المسلمين ليس ما يخيف السلطات الانغولية، وليس هذا الأمر منطقيا خصوصا أن عدد سكان أنغولا 18 مليون وعدد المسلمين بأقصى تقدير 900 ألف أي يشكلون أقل من 1،2 % من السكان، وليس هذا ما يهدد البلاد من أي جهة كانت.

  تاريخ محاولة استيطان اليهود في أنجولا

بعد فشل مشروع الاستيطان اليهودي في ليبيا، إثر وقوعها في قبضة الاستعمار الإيطالي في عام 1911م، تطلعت المنظمة الصهيونية الإقليمية إلى مناطق أخرى تَصلُح لتوطين اليهود فيها وسعت للبحث عن قوة استعمارية كبرى تتولَّى توفير الحماية والرعاية لمشاريع الاستيطان، وفي عام 1912م، اقترح “إسرائيل زانجويل” على الحكومة البرتغالية توطين عدد من يهود روسيا وأوربا الشرقية في مستعمرة أنجولا، ووافق البرلمان البرتغالي على الاقتراح بالإجماع، إذ رأى فيه فرصة لتوطيد النفوذ الاستعماري في تلك المنطقة التي كان المستوطنون البرتغاليون يحجمون عن الاستقرار فيها رغم أهميتها الحيوية بحكم موقعها المجاور لمناطق النفوذ الألماني والبريطاني، ولكن البرلمان اشترط أن يتوافد المستوطنون اليهود فرادي وليس جماعات، وأن تظل الحكومة البرتغالية صاحبة اليد العليا في كل ما يتعلق بأمور المنطقة.

وفي عام 1913م، أوفدت المنظمة الصهيونية الإقليمية بعثة من الخبراء إلى أنجولا لدراسة الأوضاع فيها ومدى قدرة المستعمرة على استيعاب مستوطنين يهود، وأعدت البعثة تقريراً لعرضه على المؤتمر العام للمنظمة الذي كان مقرراً عقده في سويسرا في عام 1914م، إلا أن اندلاع الحرب العالمية الأولى أدَّى إلى إرجاء المؤتمر، كما أدَّت التطورات اللاحقة على الصعيد العالمي إلى صرف النظر عن المشروع برمته(1).

واما الآن، فقد أشار رئيس انغولا دوس سانتوس وقتها أنه حان الوقت “لوضع حد للتأثير الإسلامي على بلادنا”.

والمعروف عن دوس سانتوس علاقته الجيدة باسرائيل وتماهيه مع الحكومة الاسرائيلية وقد ظهر ذلك من خلال تجميد جميع انشطة عائلة تاج الدين اللبنانية ( تاجكو ) ولأهمية شركة (تاجكو) الاقتصادية للبلاد لم تكن الحكومة الانغولية  لتقدم على مثل هذه الخطوة لولا الحصول على ضوء أخضر من شركات أميركية وإسرائيلية لتحل مكانها، وما يؤكد أن هذه القرارات سياسية هو أن خلفية إيقاف شركة تاجكو هو اتهامها بتمويل حزب الله وليس لسبب ديني، فشركة تاج الدين متجذرة في أنغولا وتعتبر مهمة بالنسبة للاقتصاد الانغولي ولم تكن في يوم من الأيام محل اشتباه بل على العكس كان أصحابها على أفضل العلاقات مع المسؤولتين الانغوليين لكن دخول النفوذ الاسرائيلي غيّر كل شيء وبدأت تظهر هذه النعرات الدينية.

وإسرائيل تتوغل اقتصاديا بشكل كبير في أنغولا عبر شركات اتصالات وشركات الماس إضافة إلى قطاعات كثيرة ومنها بيع أجهزة وطائرات غير مأهولة لانغولا الغنية بالموارد الطبيعية والمعروف أن النفوذ الإسلامي الاقتصادي كبير هناك خصوصا اللبناني، فكان لابد من تحجيمه وتطويقه من أجل توطيد وترسيخ الشركات الأسرائيلية هناك فكان التحريض على المسلمين في وسائل الاعلام والايحاء بأنهم على علاقة بالإرهاب والقاعدة وأنهم يشكلون خطرا على الدولة الانغولية، إذا فان ما يحصل في انغولا هو حرب  السيطرة على القارة السمراء المليئة بالثروات الطبيعية .

ويقول بعض المحللين أن ذكاء الغرب واسرائيل في استعمال بعض الحركات الإسلامية تقوم بأعمال انتقامية فيستهدفون أماكن مدنية في البلاد ويذهب ضحايا من الأبرياء فتكون النتيجة الإساءة إلى المسلمين والإسلام تحت عنوان الدفاع عن الإسلام فتقوم الحكومة الانغولية بعدها بهدم المساجد وطرد المسلمين من البلاد نهائيا.

معلومات أساسية عن أنجولا

1-أنغولا: واسمها الرسمي جمهورية أنغولا. دولة في جنوب الوسط من إفريقيا، حدودها مع ناميبيا جنوبا والكونغو شمالا وزامبيا شرقا والمحيط الأطلنطي غربا(2).

2- العاصمة: لواندا.

3-العملةكوانزا أنغولي.

4-الرئيس: جوزيه إدواردو دوس سانتوس.

5-  عدد السكان: ٢٠٫٨٢ ملايين 2012م(3).  

6-القارة: أفريقيا.

7-   اللغة الرسميةلغة برتغالية.

 8-الحكمدولة مركزية، نظام رئاسي، جمهوري.

المصادر والمراجع:

1-موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية، لعبد الوهاب المسيري(ج17ص365).

2-الموسوعة الحرة ويكيبيديا

 3-دراسة البنك الدولي في 2012م.

محمود عبدالصمد محمد( ذو اليدين)

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى