أضواء على الصراع الأورومي- الصومالي في إثيوبيا

مع التجدد العنيف للقتال بين القوميتين الصومالية والاوروميه في جنوب شرق اثيوبيا مؤخرا وتصاعد القتال سواء من حيث حجم الخسائر بين الطرفين أو من حيث دخول قوات محسوبة على حكومة الطرفين مثل القوات الخاصة في كلا الاقليمين , تصاعد الجدل مجددا بين الطرفين حول المتهم باشعال الصراع , ومن يستحق المحاسبة والاتهام.

بالنظر الى جذور الخلاف بين الاقليمين نجد ان الخلاف اساسا يعود الى مناطق المراعي والماء , وعدم التمكن من ترسيم حدود بين الاقليمين تكون مقبولة من الطرفين نظرا لطبيعة المجتمع الرعوي والزراعي في كلا الاقليمين وتداخل الحدود بينهما , كما ان نشأت الاقاليم الاثيوبية على اسس عرقية في اثيوبيا حديثا وتحديدا في عام  1994 كان تطور جذري بين المكونين العرقيين حيث لم يكن هناك حدود رسمية بين الاقليمين فكانوا يتنقلون بين الاقليمين بحثا عن الماء والمراعي في كلا الطرفين دون الاهتمام بأي حدود نظرا لطبيعة السكان البدوية والريفية.

كان الصراع قديما بين القوميتين قبل حكم الجبهة الثورية التي اسقطت نظام منجستو الشيوعي على الماء والزرع مثل الصراع بين القبائل الرعوية في أي مكان , لكن بعد حكم الجبهة الثورية وتقسيمها البلاد على اسس عرقية ظهرت مشكلة الحدود وأصبح هناك مناطق يطالب بها كلا الطرفين الاورومو والصوماليون , لكن اتفاقا بتدخل من الحكومة الفيدرالية وحكومة الاقليمين بإجراء استفتاء لسكان عدد من المقاطعات الحدودية بين الاقليمين عام 2004 والتي يتنازع ملكيتها كل منهما اسفرت عن ذهاب معظم هذه المقاطعات للاورومو لكن العدد القليل الذي ذهب للصوماليين لم تتخل عنه حكومة الاورومو حتى الان مما رفع حالة الحنق والتشكيك تجاه الاورومو من قبل الصوماليين , بل وهناك من يتهم الاورومو ان لديهم احلاما توسعية تجاه الاقليم بادعائهم ان مناطق كثيرة في الاقليم تابعة لهم , وعليه اخذ الصراع يتجاوز القتال التقليدي على الماء والكلأ الى الصراع على الحدود , كما ان وجود القوات الخاصة في كلا الاقليمين , وتدخل كل قوة الى مساندة قوميتها في الصراع قد ساهم في تأجيج الصراع , وارتفاع حصيلة القتلى من الجانبين , وزيادة التوتر والحقد الشعبي بين الطرفين مما جعل تواجد أي قومية في الاقليم الآخر امرا خطير لإمكانية التعرض للقتل والضرب والتهجير على الهوية .
من هنا فإن على حكومة ابي احمد العمل بشكل جدي وعميق على حلحلة هذا الصراع الذي يتكرر بين وقت وآخر من خلال فرض اتفاقية 2004 على الجانبين , وتكوين لجان دائمة من الحكومة والطرفين للتوصل الى حلول دائمة للمشاكل الحدودية , ومراقبة الحدود بين الطرفين لمنع تكرار الاقتتال والتعدي على أي طرف , اضافة الى ايجاد اتفاق يسمح للرعاة والمزارعين من التنقل بشكل طبيعي بين الحدود كما كان يحدث دائما منذ سنين طويلة.

سعيد معيض

الكاتب – الصحفي السعودي ومختص في شؤون القرن الإفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى