قرار طرد السفير الإيراني: المواقف وردود الأفعال

شكّل القرار الأخير الذي أصدرته الصومال بشأن أزمة بين رياض وطهران ردود أفعال متباينة بين الأوساط السياسية والشارع الصومالي الذي لم يفق  بعد من الصدمة التي أحدثتها  الأزمة بين طهران ومقديشو الناجمة عن إعتقال مواطنين  إيرانيين  متهمين بضلوعهم في أنشطة سرية منها نشر المذهب الشيعي في الصومال.

تباينت آراء الصومالين حول قرارات الحكومة الأخيرة بشأن إيران.  يرى بعض الصومالين أن قرار الحكومة خطوة إيجابية وأبدوا تفهم بالقرار. بينما رأى آخرون بأنه قرار مستعجل وتهمت الحكومة بعدم وضوح الرؤية والأهداف حيال الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران.

الأحزاب السياسية

لا يوجد بيان رسمي صدر عن الأحزاب السياسية حتّى الآن حيال قرار طرد السفير الإيراني في الصومال، وقد أجرينا اتصالا هاتفيا مع أحد رؤوساء الأحزاب السياسية في الصومال تحفظ عن ذكر أسمه وقال لم نصدر إلى الآن بيانا رسميا حول ما يتعلق بطرد السفير الإيراني ولكننا كالأحزاب السياسية نؤيد ونبارك موقف الحكومة الصومالية بشأن الأزمة الايران والسعودية لأن – دولتنا – هي التى تعرف مصالح البلاد أكثر من أي كيان آخر، لأجل ذلك نضم صوتنا إلي صوت مجلس الوزراء.

موقف الحركات الإسلامية:

كانت هيئة العلماء المسلمين في الصومال من أوائل الجهات التى أخدت موقفا مناهضا من البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الصومال وقد أقامت مؤتمرا حول التشيع في الصومال ” الشيعة والتشيع في الصومال ” كما أخبرنا الشيخ نور بارو غرحن الناطق الرسمي ونائب الرئيس لهيئة علماء المسلمين في الصومال التى تضم معظم الحركات الإسلامية في الصومال.

وقال الشيخ نور بارود: نؤيد موقف الحكومة وكذلك جهود جهاز الأمن الجبارة في استأصال الخلايا الايرانية التى تنشر المذهب الشيعي في الصومال.

وذكر الشيخ أن ثمة مؤسسات خيرية تمولها إيران تسعي لنشر مذهبهم في داخل وخارج العاصمة مقديشو، أبرزها مؤسسة الخميني للإغاثة  وهلال الأحمر الإيراني وغيرها من المؤسسات الإيرانية ، مشيرا إلى أن من واجبات الأجهزة الأمنية حماية سلامة المجتمع وعقيدتهم ومعاقبة كل من يعكر السلم الإجتماعي .

موقف المجتمعات المدنية:

ومن خلال متابعتنا لردود الأفعال التي أثارها قرار طرد السفير الإيراني في مقديشو، سألنا مدير منظمة التنمية الإجتماعية الأستاذ عبدالفتاح حسن أحمد عن موقفه حيال قرار  الحكومة.

عبر  مدير المنظمة عن تأييده القوي  لقرار الحكومة، مشيرا إلى أهمية ذلك في محافظة سنية المجتمع الصومالي.

وقال عبد الفتاح: كان ينبغي أن يطرد السفير الإيراني منذ ظهور مخاوف بشأن أنشطة المنظمات الخيرية الإيرانية في الصومال للحيلولة دون زرع خلايا إيرانية في البلاد،  مؤكدا  على أن الشعب الصومالي يعاني ما تفوق عن طاقاته من الأزمات وأنه ليس بحاجة إلى مشاكل مذهبية  لا تبقي ولا تذر.

وأضاف لا جدوى من الإحتفاظ على العلاقة مع إيران التي تكافح  منذ سنوات من أجل نشر مذهبها في ربوع البلدان السنية في إفريقيا، مشددا على ضرورة اتخاذ اجراءات لمنع دخول المذهب الشيعي في الصومال.

وفي هذا السياق أعرب نائب مدير جامعة شرق افريقيا الأستاذ محمد محمود عيسى عن سعادته بقرار الحكومة وشرح لنا أسباب  ذلك.

قال عيسى : إن المملكة العربية السعودية هي حاملة لواء دول السنية في العالم، ومن الطبيعي أن تتصادم مع مشروع الخميني الساعي الى نشر مذهبهم في العالم العربي والإسلامي، واصفا قرار الحكومة باستدعاء السفير  الصومالي لدى طهران وطرد سفيرهم في  مقديشو بالخطوة الجرئية.

وتابع قائلا : أن تأتي متأخرا خير من الا تأتي…. كان من  المفترض أن تتخذ الحكومة قرارها في وقت سابق، لأنني أصبحنا ضحايا المشروع الخيمني الداعي لنشر مذهبهم في ربوع العالم الإسلامي.

وأشار  الأستاذ محمد محمود عيسى إلى أن إيران ضمن الدول التى تنهب خيرات البلاد وتمارس صيد الجائر في السواحل الصومالية وذكر أن ما يفوق بـ “70” سفينة ايرانية يمارسون النهب الخيرات البحرية في ضواحي مدينة بارغال – شرق الصومال.

وقال عييسى إن هذه الوقائع وغيرها من اعتقال خلية ايرانية تنشر مذهب الشيعي في مقديشو، كل هذه وقائع تجعلنا أن نقف إلى جانب الحكومة في إجراءاتها ضد إيران.

وفي موقف مختلف أبدى عبدالله محمد شرع  رئيس إحدى المنظمات الإجتماعية عن تحفظه من قرار طرد السفير الإيراني ويرى أن القضية أخذت خيزا مبالغا فيه وكان على الحكومة ان تتثبت ولا تستعجل في اتخاذ قرارات قد تكون لها إرتدادات على جهود الحكومة لإعادة الأمن والاستقرار في الصومال  حتى تتضح معالم الأزمة.

وقال إن المجتمع المدني لا يبني رأيه  على العاطفة لأجل ذلك يجب أن ننتظر حتى نعرف حيثيات التى اسندت الدولة على قرارها بشأن ملف إيران.

وسائل الإعلام:

أغلب الوسائل الإعلام الصومالية تناولت قضية الطرد السفير بصورة ” إخبارية» ولم يكن  الأمر سوى مجرد خبر عابر حول بيان المجلس الوزراء الإ أن ثمة مواقع صومالية قدمت مقالات مطولة عن موضوع طرد السفير منها موقع هرسيد ميديا الصومالي حيث تسائل عن: ما الذي تبادلت الصومال لسعودية في قطع علاقتها في الإيران؟ وتصور أن ما قامت الكويت والبحرين والسعودية كانا قرارا ينبع بمساعدات التى تقدمها السعودية لتلك الدول، بماذا قدمت السعودية للصومال حتى تتعاطف معها في أزمة اقليمية مستفحلة لا ناقة ولا جمل لها ؛ اصلا.

وتناول الوسائل الإعلام المسموعة العالمية كهيئة الإداعة البريطانية – قسم اللغة الصومالية في برنامجها الحواري الذي بث في يوم الجمعة الماضي تأثير الصراع الإيراني في العالم الإسلامي وبالأخص تأثيرها في الصومال وقال الدكتور أفياري علمي الذي شارك في البرنامج  إن المنطقة تمر في أسوأ فترتها وهناك صراع يتحمل أن يأخذ في كل وقت طابع عسكريا، وأن السعودية والإيران يتنافسان عن قيادة الشرق الأوسط ومما يصعب القضية التنافس الإختلا ف الإيدلوجي بين بلدين وهذا هو الأصل الخلاف وتصاعد الموضوع بعد الإتفاقية النووية بين الغرب والإيران.

وأضاف الدكتور أفياري أن الصومال لم تأخذ قرارها بمحض ادارتها بل مورست بالضغوط من قبل السعودية، وهذا امرطبيعي كون الصومال خرجت من اتون الحرب قريبا وليس لديها ثقل في الساحة الاقليمية.

ويقول البرفسور حسن أحمد ورسمي في خلال مشاركته في ذلك النقاش أن الأمر  لم يكن مثيرا للإستغراب، فالسعودية تمر بمرحلة التى كانت تمر الولايات المتحدة في 2001م التى كان شعارها إما أن تكون معنا أو ضدنا، فنحن كالصومالين نميل الى السعودية كونها دولة سنية وتحتضن في معالم ديننا الحنيف ورغم أن السعودية لا تعطي دولة الصومال مساعدات مالية إلا انها هي اكبر دولة تستورد في ثروتنا الحيوانية ويوجد عشرة الآلف صومالي في أراضيها رغم انها تنتهك حقوقهم الانسانية.

الشارع الصومالي:

وبعد عملية ميدانية لجس نبض  الشارع الصومالي تبين لنا أن قرار طرد السفير الإيراني وجد صدى في أوساط الشارع وحظي ترحيبا واسعا من قبل شرائح مختلفة من  المجتمع  وخصوصا سكان  العاصمة مقديشو.

خاتمة:

وفي خلال قرائتنا في ردود الأفعال التي أثارها طرد سفير الإيراني من مقديشو نصل إلى حقيقية مفادها أن اغلب الشعب الصومالي يرحبون بموقف الحكومية، بل  بعتق البعض أن الحكومة تأخرت كثيرا وكان من المفترض أن تباشر عملية الطرد بعد اعتقال الايرانين في مقديشو إثر تهامهم بالضلوع في نشر المذهب الشيعي في الصومال، وفي نفس الوقت يوجد أصوات من داخل الشعب الصومالي يرون أن إجراءت الحكومة لم تكن موفقة، لكن هذه الفئة قليلة.

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى