الصومال نحو الدكتاتورية أم حرب أهلية ؟

ما حدث يوم الجمعة الماضي 18 فبراير 2021 في مدينة مقديشو من انتشار أمني كثيف وقطع للطرقات الرئيسية وسط المدينة بالمدرعات والعربات المصفحة والجنود الملثمين وما أعقبها من تبادل لإطلاق النار،  أرجع عقارب الساعة إلى الوراء وأعاد الأذهان إلى مقدمات فصلين مختلفين من كتاب تاريخ الصومال في آن واحد؛ يوم 21 أكتوبر عام 1969 عندما خرج الجيش من ثكناته وانقلب على الحكومة المدينة ونصب نفسه حاكما للبلاد ليؤسس مرحلة من الاستبداد والدكتاتورية استمرت لمدة 21 عاما، ويوم 26 يناير عندما سمع دوي الرصاص لأول مرة وسط العاصمة مقديشو، معلنا بداية حرب أهلية استمرت لمدة أكثر من 30 عاما.

 جاءت أحداث يوم الجمعة الماضي إثر سنوات من عودة الحياة إلى العاصمة مقديشو، وبدأ الكثير من الشعب الصومالي بالعودة إلى بلادهم وخصوصا إلى العاصمة للمشاركة في بناء وطنهم إداريا واقتصاديا واجتماعيا وترسخت في أذهان الصوماليين أن عهدي الدكتاتورية والحرب الأهلية  قد وليا بدون رجعة وأن الصومال وضع أقدمه ثابية وقوية  على درب الحرية والتنمية وطريق النهضة والانفتاح ليكون نموذجا مختلفا لدول القرن الإفريقي التي تعاني من  الفقر والاستبداد  والنزاعات الداخلية ولذلك ما حدث يوم الجمعة يمثل  خيبة أمل كبيرة والسير نحو الاتجاه المعاكس.

لم يكن يخطر ببال أحد أن بعد كل هذه المعاناة التي مرت على الصومال أن أحدا ما زال يحن إلى الحقبة الدكتاتورية ويفكر بالحل الأمني واللجوء إلى الدبابات والجنود، وفتح أبواب جهنم أمام الصوماليين وتخييرهم بين الاستبداد أو الحرب الأهلية، واقناع الناس بأننا بحاجة إلى رئيس كتاتوري يحكم البلاد بقبضة من حديد.

 في الحقيقة ما قامت به حكومة الرئيس محمد عبد الله فرماجو يوم الجمعة الماضي يبذر بخطر داهم ويقوض كل المسلمات التي تأسست خلال السنوات الماضية ويلقي البلاد مرة ثانية في وهدة سحيقة كما فعل الرئيس سياد بري. يتـأكد كل من يقرأ الوقائع والاحداث اليومية في الصومال والسياسات التي تنتهجها حكومة الرئيس فرماجو بتمعن أن الرئيس ومن يقف خلفه  وينظر له يؤمنون بفكرة القطبية والحزب الواحد وأن الحل في القوة وليس في الديمقراطية والتعددية الحزبيةـ ويجربون نظريات بالية أثبت الأيام فشلها ولذلك يجب على الرئيس فرماجو أن يراجع سياساته قبل وفوات الأوان وحين لات مناص؛ لانه من سابع المستحيلات أن يقبل هذ الشعب  أن يخضع مرة ثانية لحاكم كتاتوري . وبالتالي حين يعجز عقل كل رئيس إفريقي أن يستوعب الحقائق على الأرض،  ويفكر بشكل واع فالخيار الثاني لن يكون سوى الحرب الأهلية ولو بعد حين.

زر الذهاب إلى الأعلى