دراسات صومالية (4) تشييد المدن والكتابة عنها في بلاد الصومال

وفي الحلقة الماضية عرفنا بأنّ بعض الباحثين ركزوا على مدينة معينة من المدن الصومالية، وقد أبدعوا في ذلك، غير أنّ كتاب ” المدن الصومالية – النشأة والتاريخ والحضارة – للباحث القدير الأستاذ أنور أحمد ميو نهج نهجاً مغايراً لكل من سبقه عند ما سلط قلمه على تتبع غالبية المدن الصومالية وقراها بطريقة علمية، وأنّ الطبعة الثانية الجديدة للكتاب برهن الكاتب بأنّ أخبار المدن لا تنتهي وأنّها تحتاج إلى تجديد ومزيد من البحث.

ونحن لا شك بأنّ المدن الصومالية وأقاليمها تستحق أن تكتب عنها وتجرى بحوث ودراسات تحليلية عميقة تسلط الضوء على جميع جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والعمرانية عبر العصور المختلفة.

ونجد بحوثاً أخرى سلطت الضوء على المدن الصومالية ولا سيما المدن الساحلية من النواحي التاريخية والثقافية والحضارية، مثل: بحث ( الملامح التاريخية والحضارية والثقافية في الصومال قبل الاستعمار الأوربي) لمحمد حسين معلم علي، وهذا البحث ضمن الأوراق البحثية من كتاب الشاهد الثاني المسمى ” الطريق إلى الدولة الصومالية ” الذي يسلِّط الضوء على العوامل المسببة للأزمة السياسية في الصومال وتداعياتها، والتحديات العائقة أمام إعادة تكوين الدولة الصومالية. وفي هذا العمل يقدم نخبة من المثقفين والأكاديمين من أهل الصومال أوراقاً بحثيةً تتناول الشأن الصومالي، وتتبع مسيرة الدولة الصومالية في إطارها التاريخي والسياسي والاجتماعي مروراً بمرحلة الاستعمار والحركة الوطنية فالاستقلال وتبعاته، إلى وقتنا الحاضر لتلمس الحل الأنسب للمعضلة الصومالية. ومن هنا جاء بحثنا المنشور في الكتاب من بين الأوراق البحثية التي تتناول هذا الشأن وهو الورقة الأولى تحت عنوان ” ملامح من التاريخ السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي للصومال في المرحلة التي سبقت الاستعمار، ويدور الحديث حول المدن الساحلية الحضارية التي كانت لها علاقة بالعالم الخارجي. الجدير بالذكر أن كتاب “الطريق إلى الدولة الصومالية” هو العدد الثاني، قامت بطباعته الدار العربية للعلوم في بيروت.

أما  كتاب ” المعالم المؤثرة في تاريخ مدينة بيدوا – 1990 – 2016م  – ” للأستاذ عبد الفتاح عبد العزيز شيخ محمد روبلي، الذي أشرنا  إليه آنفاً في الحلقة السابقة ، نشير إلى أنّه عبارة عن مشروع ثقافي فريد يضم فــــــــــــــــــــــــــي جنباته معلومات وحقائق عن هذه المدينة من حيث تاريخها وجغرافيتها ومعالمهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا، وقد جمع المؤلف – كما يقول بنفسه – الحديث عن النواحي السياســـــــــــــــــــــــــة والمعيشية ، وكذلك تاريخها القديم والحديث. وهذا الكتاب يمتاز بأن صاحبه ركز على دراسة ميدانية ولا يتكل على غيره، وهو شاهد عيان في أخباره الحديثة المتعلقة بمدينة بيدوا. وتحدث المؤلف جغرافية مدينة بيدوا حيث تناول المناخ والفصول الموسمية والرياح وكذا المحاصيل الزراعية، كما تحدث عن حياة بيدوا السياسية والاجتماعية. ولم يهمل الكاتب الإشارة إلى آثار مدينة بيدوا ومعالمها من خلال ذكر مشاهيرها ولا سيما العلماء والسياسيين وأهل الأدب والطرب.

وكانت بعض المدن أبرز من غيرها من حيث الاهتمام والانتشار حيث كان يجري في مراكزها ومدارسها دراسات تخص اللغة العربية وخاصة المدن الساحلية الصومالية من زيلع حتى براوه، بل وإنّ بعض هذه المدن مثل براوه في أقصى جنوب الصومال اشتهرت بأنشطتها العربية وما يتعلق بالعلوم العربية والأدبية حتى صارت كجزيرة عربية كعبة المعرفة يفد إليها طلبة العلم من الأماكن الأخرى  بفضل علمائها وآدابها وحلقاتها العلمية.

كتب تناولت جغرافية الصومال بحيثيات مختلفة، مثل:

– بصائر التاريخية والجغرافية في الصومال، للكاتب أحمد فيلتو.

والكتاب عبارة عن إرهاصات المؤلف وإحساسه لتاريخ الصومال وخاصة الأحداث الأخيرة في الصومال عقب انهيار الدولة الصومالية منذ سقوط حكومة محمد زياد بري، وفي الكتاب أخطاء لغوية وعلمية مثل: عنوان الكتاب نفسه. ويحتوي بعض صور لشخصيات لهم دور في صناعة الأحداث الصومال الأخيرة، وعلى الرغم من أن الكتاب غير منظم وعلمي إلا أنه فيه أخبار مفيدة تتعلق بتاريخ الصومال الحديث، وهذا الكتاب ونشر في مقديشو في عام 2008م، من معهد الدراسات الأمة في مقديشو.

– استخدام ﺍﻻﺭﺽ ﻓﻲ ﺣﻭﺽ ﻧﻬﺭ ﺷﺑﻳﻠﻲ ﻓﻲ ﺟﻣﻬﻭﺭﻳﺔ ﺍﻟﺻﻭﻣﺎﻝ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻳﺔ، للباحث أبشر الإمام الأمين.

والكتاب يتناول أرضي زراعية وسبل استغلالها في حوض نهري شبيلي، وبذلك يكون موضع الكتاب ما يسمى بجغرافيا الاقتصادية. والكتاب عبارة عن رسالة علمية نال صاحبها درجة الدكتوراه في الجغرافيا من جامعة الاسكندرية، كلية الآداب في 1988م.

– الإنتاج الزراعي ومقوماته الجغرافية في الصومال، للباحث محمد محمود أحمد محمدين.

وموضع هذه الدراسة تدور حول الانتاج الزراعي في بلاد الصومال ومقومات جغرافية لا سيما جغرافية الزراعية، ورعاه، وأثره على الدخل القومي. وعموم الدراسة عبارة عن بحث أكاديمي نال المؤلف به درجة ماجستير من قسم الجغرافية، كلية الآداب بجامعة الاسكندرية، عام 1974م.

– الصومال الجنوبي ( دراسة في الجغرافية الإقليمية )، مجيب ناهي النجم.

والكتاب من منشورات وزارة الثقافة والإعلام للجمهورية العراقية ، سنة 1982م .

– وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن شرق إفريقيا، جيان : لسيوجيان شارل الفرنسي.

وقد ترجم الكتاب ملخصاً يوسف كمال الأمير، القاهره ، 1927م

– كتاب جغرافيا، ابن سعيد المغربي ، أبو الحسن علي بن موسى ( ت 673ه هـ – 1274م) .

حقق هذا الكتاب وقام بالتعليق عليه الأستاذ محمد العربي، وصدرت الطبعة الأولى، من منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت 1970م.

– أحمد كامل محمد: القطن ووسائل النهوض به بالجمهورية الصومالية، سجل العرب، مقدشو، 1963م.

– محمدين، محمد محمود أحمد: الانتاج الزراعي ومقوماته الجغرافية في الصومال، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الاسكندرية.

– الجمهورية الصومالية، دراسة لبيئتها الطبيعية وامكانياتها الاقتصادية ونظم الصوماليين الاجتماعية وعاداتهم وعلاقتهم بمصر في مختلف العصور، للدكتور عبد المنعم عبدالحليم سيد. وجزء كبير من الكتاب تناول المؤلف فيه جغرافية الصومال وبيئتها الطبيعية مع قضايا أخرى لها علاقة بأمور اقتصادية واجتماعية وتاريخية. وقد صدر هذا الكتاب بمدينة القاهرة – مصر، وكان يحمل الكتاب رقم العدد 291.

– وأخيراً هناك نوع آخر في كتابة التاريخ، حيث كان لأهل الصومال نصيب في تأليف تاريخ غير بلادهم ، مما أعطى ذلك  أهمية ثقافية وإلماماً بغيرهم ،  وهذا دليل واضح بأن الكُتّاب في الصومال كانوا أيضاً يهتمون بأوضاع العالم الإسلامي، وأحوال المسلمين، مثل كتاب : ” اليمن والحياة الاجتماعية ” للدكتور محمد علي تور بري، وكتابه هذا يتناول الدكتور عن الحياة الاجتماعية في بلاد اليمن، خاصة في عاصمة الصنعاء، في فترة كان المؤلف يعيش فيها، وكأن الكتاب عبارة عن ذكريات ويوميات دوّنها المؤلف في الفترة التي عاش في اليمن أيام شبابه لأغراض تعليمية في الخمسينات من القرن الماضي. ويمتاز هذا الكتاب بأن صاحبه شاهد عيان في أمور كثيرة وردت في هذا الكتاب . وعلى الرغم من أن المؤلف عنون كتابه ” اليمن والحياة الاجتماعية” إلا أنه تناول فيه جميع أنماط الحياة في اليمن وليس فقط بالنواحي الاجتماعية. والحقيقة أن الكتاب قيم جداً وقد عرضه صاحبه بطريقة أدبية رفيعة، والكتاب مازال مخطوطاً، وقد قرأتها النسخة الوحيدة لدى المؤلف.

د/ محمد حسين معلم علي

من مواليد مدينة مقديشو عام 1964، أكمل تعليمه في الصومال، ثم رحل إلي المملكة العربية السعودية ليواصل رحلته العلمية حيث التحق بجامعة أم القرى قسم التاريخ الإسلامي حيث تخرج في عام 1991م، ونال الماجستير بنفس الجامعة في عام 1998م ،كما واصل دراسته في كل من السودان والنرويج، حيث نال درجة الدكتوراة بجامعة النيلين عام 2006م، أما في مملكة النرويج فقد تخصص بالدراسات التربوية وكذا الثقافات واللغات المتعددة في جامعة همر بالنرويج. وعمل أستاد التاريخ والحضارة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في مقديشو - الصومال، وهو عضو في عدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، أصدر "ديوان الشاعر بعدلي" عام 2002م ، و"الثقافة العربية وروّادها في الصومال" عام 2010م، وله عدة بحوث أخرى، يقيم الآن بالنرويج .
زر الذهاب إلى الأعلى