الخارجية الصومالية .. ازدواجية معايير أم اعتبار مصالح وطنية في التعامل مع دول الجوار

خفّضت الحكومة الصومالية من مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع دولة كينيا المجاورة، وذلك عندما استدعت في الـ 29/نوفمبر/2020م سفيرها لدى كينيا محمود أحمد نور (ترسن) للتشاور، كما طالبت السفير الكيني لدى الصومال لوكاسو تامبو بمغادرة البلاد والتشاور مع حكومته.

وذكرت الخارجية الصومالية آنذاك أن كينيا لا زالت تتدخل بشكل مستمر في الشؤون الدّاخلية للصومال وبشكل يقوّض سيادة البلاد واستقلاليتها، كما أشار إلى ذلك محمد علي نور السكرتير الدائم للخارجية الصومالية الّذي تلا قرار خفض مستوى العلاقات الكينية الصومالية على شاشة التلفزيون الوطني الصومالي.

أنتجت هذه الخطوة موجة من ردود الأفعال لدى الشارع الصومالي الّذي تباينت آراؤه ومواقفه إزاء القضية وفقا لاختلاف المواقف السياسية المتباينة مسبقا.

فبينما يرى أنصار الحكومة الفيدرالية وأتباعها القرار بأنه انتصار لسيادة الصومال ومحاولة تأديبية لكينيا بهدف منع تدخلاتها في الصومال، يرى معارضوا الحكومة بأن القرار ليس إلا جزء من الحملة الانتخابية للرئيس فرماجو.

ففي بيان أصدره مجلس اتّحاد المرشحين تعليقا على هذه الخطوة جاء فيه الإشارة إلى أن الرئيس الحالي محمد فرماجو اتّخذ من كينيا مقرا لحملته الانتخابية السابقة في 2016م، مدّعيا حينها أن إثيوبيا هي العدو اللدود للصومال.

وفي تطوّر آخر، وأثناء حديثه لوسائل الإعلام، اتهم عثمان دوبي وزير الإعلام الصومالي كينيا بالتدخل في الأراضي والشؤون السياسية الصومالية، واصفا إياها بدولة لا تراعي حقوق الجوار و لاتحترم سيادة الصومال على أراضيه.

وأشار السيد دوبي في مؤتمره الصحفي إلى أن كينيا تحولت إلى قاعدة تحاك منها المؤامرات ضد الصومال قائلا: “تحوّلت نيروبي إلى قاعدة للتحركات السياسية ضد الصومال، وبيئة مناسبة لإعلان خرق الاتفاقيات الصومالية الصومالية، كما أنه يدار منها المؤامرات والاضطرابات السياسية المعرقلة لمسيرة بناء الدولة الصومالية”.

إن قرار خفض مستوى العلاقات بين الصومال وكينيا أثار تساؤلات بين المتابعين، خاصة وأنه أتى بعد أيام قليلة من إقالة وزير خارجية الصومال السابق السيد أحمد عيسى عوض، التي جاءت بشكل مفاجئ بعد ساعات من تخبّط الوزارة حول موقفها الرسمي من أحداث إقليم تيجراي.

ويرى بعض المحللين أن إقالة الوزير أحمد عوض جاءت نتيجة لضغوط إثيوبية، إذ لم يعجبها الموقف الصومالي الدّاعي إلى إنهاء العملية العسكرية والجلوس على طاولة الحوار.

وعلى الرغم من نفي وزير الإعلام لتورط إثيوبيا في إقالة أحمد عيسى عوض، إلّا أن متابعين ما زالوا يشيرون إلى أن متانة العلاقات بين الحكومة الصومالية وإثيوبيا قد يمكن أن تؤدّي إلى مثل هذه النتائج.

ومما تجدر الإشارة إليه هو اختلاف طريقة تعامل الحكومة الصومالية مع كينيا وإثيوبيا المجاورتين، فبينما تتسم علاقتها مع الأخيرة بالتقارب والإيجاب، تتسم علاقتها مع الأولى (كينيا) بالسلب والتنافر، مما يدعو المتابع إلى التساؤل فيما إذا كانت هذه المعاملة سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع دول الجوار، أو هي واقع تفرضه اعتبارات المصالح الوطنية الكبرى للبلاد، على الرغم من العديد من القواسم المشتركة بين إثيوبيا وكينيا في التعامل مع الصومال والتي قد تتطلب من الصومال اتخاذ مواقف متشابهة في التعامل مع هاتين الدولتين ؟!

 

زر الذهاب إلى الأعلى