لماذا قطعت الصومال علاقاتها الدبلوماسية مع كينيا ؟

تشهد العلاقة بين كينيا والصومال حالة من التوتر في الشهور الأخيرة ، وصلت إلى حد قطع العلاقاته الدبلوماسية بين البلدين. ظلت العلاقات بين الصومال وكينيا في توتر مستمر بفعل العديد من العوامل الداخلية والخارجية ، ويمكن اعتبار ما يشوب بينهما من خلافات جزء منه راجع إلى مخلفات المرحلة الاستعمارية. كما يرجع الجزء الآخر إلي أسباب سياسية متعددة ومعقدة.

1. خلفية تاريخية

طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وكينيا ظلت في حالة مد وجزر على مر التاريخ الذي يجمع بين البلدين متأثرة بالتحولات الجيوسياسية وعدم استقرار الانظمة السياسية في الصومال. وأن هناك مشكلة حقيقية تتمثل في التداخل الجغرافي بين البلدين وبحكم وجود أغليبة صومالية في شمال شرق كينيا ، وفي ظل الأجواء المتوترة بين الصومال وكينيا ظلت القيادة الكينية وعلى رأسها (جومو كينياتا ) أول رئيس لهذا البلد الإفريقي ذي الأغلبية المسيحية بعد الاستقلال تتعهد بعدم التنازل عن أي شبر من أراضيها لصالح الصومال .

والجدير بالإشارة إلى أن السياسة الكينية منذ أن نالت استقلالها من بريطانيا في ستينات القرن الماضي وإلى الآن تجاه الصومال يغلب عليها طابع عدم الاستقرار والتوتر ، وفي عام 2011م قامت كينيا بعملية عسكرية ضد الصومال في أول عملية عسكرية لكينيا خارج حدودها منذ الاستقلال .

مظاهر التوتر بين الصومال وكينيا :

1- نزاع الحدود البحري

النزاع الحدود البحري بين الصومال وكينيا ما هو الا امتداد لنزاع الحدود البري بين البلدين، وظهر إلى العلن وأصبح متصاعدا عندما تم اكتشاف كمية كبيرة من النفط والغاز الطبيعي في المنطقة المتنازع عليها، لقد حاول البلدين حل علاقاتهما بالطرق الدبلوماسية ووقعت الحكومة الكينية في 7 أبريل مذكرة تفاهم مع الحكومة الصومالية الانتقالية آنذاك ، الا أن البرلمان في ذلك الوقت ألغى تلك الاتفاقية معتبرا إياها غير شرعية وقررت الحكومة الصومالية رفع دعوى قضائية ضد كينيا إلى المحكمة الدولية في لاهاي.

2- غياب الثقة بين قيادة البلدين :

تعيش العلاقات الصومالية الكينية في حالة من عدم الاستقرار الدبلوماسي ، تطفو للسطح في اطار الفعل وردود الفعل ، ومحاولة كل طرف إبراز الأوراق الضاغطة بسبب غياب الثقة بين قيادات البلدين وما ينتابها من هوجس وشكوك حول نويا الطرف الآخر ولاسيما أن القيادة الصومالية تعتبر كينيا مركزا لإثارة عدم الإستقرار السياسي في الصومال ومنطلقا للعمليات التي تستهدف وحدة وتماسك شعبها .

ولكن لا بد من إلقاء الضوء في اطار سياسة تكسير العظم بين البلدين على أن العلاقات بينهما لم تتدهور إلى هذا المستوى من الحدة. في الآونة الأخيرة وصل القطيعة إلى نقطة خطيرة، حيث قامت الحكومة الفيدرالية لأول مرة منذ سنوات باستدعاء سفيرها في نيروبي ومطالبة السفير الكيني بالعودة إلى بلاده للتشاور وثم اعلان قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كينيا، ووجهت الأخيرة دعوة إلى رئيس اقليم أرض الصومال الإنفصالي موسى بيحي إلى نيروبي ردا على قرار الصومال.

3- زيارة رئيس أرض الصومال إلى كينيا

وتفاقمت الأزمة بعدما زار رئيس أرض الصومال موسى بيحي يوم الاحد الماضي الى كينيا ، تلبية لدعوة من الرئيس الكيني أهورو وهي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها إلى كينيا منذ انتخابه رئيسا لأرض الصومال عام 2017م.

إضافة إلى ذلك ، قبيل قطعها العلاقات مع كينيا ، اتخد الصومال اجراءات اقتصادية ضد نيروبي ، أذ أوقف استرداد القات من كينيا ، وفرض تاشيرة دخول على المواطنيين الكيينين الذين كانون يحصلون على التأشيرة في أرض المطار.

ختاما : إن اصلاح العلاقات الكينية الصومالية أصبح رهينا باحترام المبادى الأساسية التي تقوم عليها السياسة الدولية ، وخاصة فيما يتعلق بقضية أرض الصومال ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية الصومالية . ينبغي أن تراجع الحكومة الصومالية علاقاتها مع كينيا بشكل إيجابي وتعيد النظر في قرار قطع العلاقات الدبلوماسية معها ، كما ينبغي للحكومة الكينية أن توقف تدخلاتها في شؤون الصومال وأن تحترم سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه وعلى أساس مبدأ حسن الجوار والمعاهدات والإتفاقيات السياسية بين البلدين.

خالد عبد الحكيم أحمد

كاتب وباحث في العلوم السياسية
زر الذهاب إلى الأعلى