توتّرات إقليم تيجراي .. أزمة إنسانية وعسكرية عابرة للحدود

تتواصل المعارك المسلحة بين القوات الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير شعب تيجراي لليوم 15 على التوالي، تاركة خلفها مئات الضحايا من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والعسكرين، إلى جانب نزوح الآلاف من سكان إقليم تيجراي من منازلهم فارّين من أتون الحرب الدائرة على أراضيهم طيلة الأسبوعين الماضيين.

ولا يلوح في الأفق حتى الآن بصيص أمل لإيقاف هذه الحرب وتقليص تأثيراتها السلبية على إثيوبيا بشكل خاص، وعلى دول المنطقة بشكل أوسع.

عمليات إجلاء لرعايا أجانب في الإقليم:

مع استمرار المعارك والمواجهات بين الطرفين في ظل الإصرار الحكومي الإثيوبي على عدم التفاوض مع “متمردي” جبهة شعب تحرير تيجراي، تتتابع عمليات إجلاء الرعايا الأجانب العالقين في الإقليم، “إذ كشف مصدر أممي للجزيرة عن تمكّن الأمم المتحدة من إجلاء أكثر من 300 شخص من الرعايا الأجانب من جنسيات مختلفة عبر إقليم عفر المحاذي لإقليم تيجراي”.

بينما أجلت إسرائيل عن 9 من رعاياها كانوا عالقين في مناطق الحرب الدّائرة بإقليم تيجراي شمال البلاد، وذلك بالتعاون المنسق بين الحكومة والأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية والجيش الإثيوبي.

ciidamada-itobi.-696x385

انعكاس أزمة الإقليم على دول الجوار:

انعكست أزمة إقليم تيجراي على دول الجوار الإثيوبي بأشكال مختلفة تتمثل في انعكاسات أمنية وعسكرية وإنسانية، انطلاقا من الموقع الجغرافي للدولة المتأثرة بالحرب، ونوع العلاقات التي تربطها بإثيوبيا.

وهناك 3 دول إفريقية انعكست عليها أزمة إقليم تيجراي بشكل مباشر أو غير مباشر، وهي: السودان، إرتيريا، والصومال.

وتتمثل انعكاسات هذه الأزمة على السودان بنزوح آلاف الإثيوبيين عبر الحدود البرية بين البلدين، وتصل تقديرات اللاجئين الإثيوبيين الّذين وصلوا حتّى الآن إلى السودان بحوالي 30 ألف لاجئ إثيوبي وفقا لتقارير إعلامية وأممية، حيث يعيش هؤلاء اللاجئين أوضاعا إنسانية صعبة للغاية بسبب النقص الحاد في المأوى والغذاء والمياه الشرب النظيفة.

وهناك مخاوف من استمرار تدفق اللاجئين الإثيوبيين على السودان بسبب تواصل المعارك في الإقليم مما يزيد الأوضاع الإنسانية هناك سوءا وتعقيدا.

3d43e3d8-d70e-4570-abf2-2e8280b846e3

وعلى الرغم من تثمين أكزل إيشو المندوب الدائم للأمم المتحدة للاجئين في السودان بالجهود الكبيرة والمقدرة التي قادتها حكومة مدينة القضارف تجاه استقبال وإيواء اللاجئين الإثيوبيين الهاربين من النزاعات المسلحة في إقليم تيجراي، وتخصيص معسكرات دائمة لهم، إلاّ أنه دعا إلى “إحكام التنسيق مع حكومة القضارف وتحديد مزيد من المواقع لإيواء اللاجئين بما يحفظ لهم الأمن، مؤكدا استعداد المنظمات لإرسال الدعم للاجئين استجابة للأوضاع الإنسانية بمعسكرات اللجوء“.

أما انعكاسات الحرب الإثيوبية على الأوضاع في إرتيريا فتتمثل في أن أرتيريا يعتبر جزءا من الحرب بسبب علاقاتها الوطيدة مع آبي أحمد، كما يعتقدها قادة إقليم تيجراي، وهو ما عرّضها قبل أيام، وخاصة في 14/نوفمبر الجاري/2020م، لقصف صاروخي استهدف مطار أسمرة ومبنى وزارة الإعلام الإرتيرية، وكانت جبهة تحرير تيجراي قد تبنت مسؤولية هذا الهجوم.

في الجانب الصومالي، وإن كانت انعكاسات الحرب الإثيوبية عليه غير مباشرة، إلاّ أن هشاشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في البلاد لا تحتمل لمزيد من انعكاسات وتأثيرات أزمات إقليمية ودولية أخرى.

وتمثل انعكاسات الحرب الإثيوبية على الصومال بتلك الإجراءات التي تطال الجيش الإثيوبي الموجود في الصومال سواء بصفته ضمن قوات الأميصوم، أو بصفته قوات إثيوبية موجودة في الصومال خارج شرعية الأميصوم.

وقد بدأت بوادر هذه الانعكاسات منذ 14/نوفمبر/2020م أي بعد 10 أيام من انطلاق الحملة العسكرية ضدّ الإقليم، إذ نشر حينها موقع بلومبيرغ الإخباري أن “إثيوبيا سحبت آلافا من قواتها في الصومال بسبب تداعيات الحرب في إقليم تيجراي المتمرّد والواقع شمال البلاد، وذلك بهدف تعزيز المواجهات العسكرية الدّائرة هناك“.

ثم تطورت الأوضاع إلى تجريد السلاح من المنتمين إلى قومية تيجراي ضمن القوات الإثيوبية الموجودة في الصومال مخافة تأثرهم بالأحداث الجارية في إقليمهم، كما تم اعتقال 200 منهم بسبب اتهماهم بإخفاء الولاء لسلطات إقليم تيجراي المتمرد!

NONE-AMISOM-455x300

كما أن الغموض المحيط بالموقف الرسمي الصومالي تجاه هذه الحروب قد تكون من إحدى نتائج انعكاسات الحرب على الصومال، فقد لوحظ تخبّط تصريحي للخارجية الصومالية بشأن الأوضاع في إثيوبيا.

فبينما ذكرت تغريدة للخارجية الصومالية على صفحتها في تويتر بأنها تدعو إلى الحوار من أجل إنهاء الصراع الداخلي في إثيوبيا، مع تجديد دعمها لوحدة الأراضي الإثيوبية، غرّد وزير الخارجية السفير أحمد عيسى عوض على صفحته في تويتر بتغريدة أخرى يقول فيها: “لا يوجد بيان رسمي من الخارجية الصومالية حول الأوضاع في إثيوبيا، وأن ما يتم تداوله بين الناس من تصريحات حول هذا الموضوع غير صحيح، وبالتالي لا تعبّر هذه البيانات عن الموقف الرسمي للحكومة الصومالية”!

إن العلاقات المتينة بين آبي أحمد ومحمد فرماجو، لا تدع -حسبما يراه المحللون- مجالا للصومال يقف فيه موقفا محايدا من هذه الأزمة، وهذا ما أدى إلى تخبّط البيانات والتصريحات الصادرة عن الخارجية الصومالية بشأن هذا الموضوع.

زر الذهاب إلى الأعلى