انتخابات هيرشبيلي … العامل القبلي سيّد الموقف

أحاطت الخلافات السياسية والعشائرية بسير إجراءات تشكيل الإدارة الثانية لولاية هيرشبيلي وسط الصومال والمتكوّنة من محافظتي شبلي الوسطى وهيران اللتان يمر بهما نهر شبيلي أحد أنهار الصومال.

ومع أن الخلافات في هيرشبيلي تعود إلى 2016م عند تأسيس الولاية، غير أنها تجدّدت في الموسم الانتخابي الحالي الّذي تشهده الولاية، إذ برز الخلاف القبلي إلى العلن منذ أن تم التداول بين الأوساط السياسية بأن نائب رئيس هيرشبيلي علي غودلاوي سيترشح لخوض الانتخابات الرئاسية الولائية القادمة!

وتتشعّب محاور الخلافات حول انتخابات هيرشبيلي إلى عدّة محاور إلاّ أنه يمكن تلخيصها في محورين أساسيين هما:

المحور الأول: وتدور الخلافات فيه حول سبل تعيين أعضاء برلمان الولاية ومدى تحقيقها لرغبات عشائر المنطقة.

المحور الثاني: وتدور فيه الخلافات حول من يستحقّ الترشح لأعلى منصب في الولاية (منصب رئيس الولاية).

ففي المحور الأول ينقسم مسؤولوا هيرشبيلي والمعنيين بها إلى قسمين أحدهما يرى أن الطريقة التي تمت فيها تعيين أعضاء برلمان الولاية كانت خاطئة لم تراع فيها مصالح سكان الولاية، بالإضافة إلى الجدل المثير حول شرعية اللجنة التي تولت مهام تعيين أعضاء البرلمان إذ كانت هناك أصوات تدعو إلى إكمال بنائها وإضافة حصّة المرأة فيها، ومن هذه الأصوات السيد واري الّذي قام بتعيين هذه اللجنة أوّل الأمر. ولم يتوقّف الأمر عند هذا بل خرجت مظاهرات شعبية في بعض مدن محافظة هيران وخاصة في جللقسي التي عبّر فيها المتظاهرون معارضتهم لما يجري في مدينة جوهر حاضرة ولاية هيرشبيلي من عمليات تشكيل الإدارة الثانية لهيرشبيلي!

أمّا المحور الثاني الّذي تتمركز فيه الخلافات حول الترشح لرئاسة الولاية فهو الأكثر تأثيرا في سير العملية الانتخابية بهيرشبيلي، وتبرز فيه فكرتان أساسيتان:

الفكرة الأولى: تحدّد الترشح لهذا المنصب في قبيلة بعينها، ويتزعم علي عبدالله عسبلي الرئيس السابق لهيرشبيلي أصحاب هذه الفكرة، ويعتقد أن نظام المحاصصة القبلية المعروف بــ 4,5 والمتبع في تقاسم السلطة في الصومال يمنح قبيلة بعينها منصب رئيس ولاية هيرشبيلي بينما يمنح للقبيلة التي تريد التنافس عليه في الموسم الانتخابي القادم، منصب نائب رئيس الولاية وتحديد أحد أهم مدنها كعاصمة للولاية، في حين يمنح هذا النظام قبيلة أخرى منصب رئيس برلمان الولاية… وهكذا في كلّ قبيلة من قبائل الولاية

والفكرة الثانية: تؤمن بفتح المجال لجميع عشائر الولاية للتنافس على المناصب الإدارة العليا في الولاية، وأبرز دعاة هذه الفكرة علي عبدالله حسين غودلاوي نائب رئيس هيرشبيلي الّذي يعتقد أنه أقوى مرشح لهذا المنصب في الموسم الانتخابي الحالي، ويوافقه على ذلك أعضاء مرموقون في إدارة هيرشبيلي على رأسهم شيخ أبوبكر حسن علي وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الولاية الّذي يرى أنه بإمكان جميع قبائل الولاية التنافس على المناصب الإدارية الخمسة العليا في الولاية.

وسط هذا الجدل، اتّخذت التحالفات السياسية في هيرشبيلي الطابع القبلي مما يساهم في تأزيم الوضع السياسي هناك، وقد ظهرت بوادر هذه الأزمة تخرج إلى العلن إذ إن استقالة السيد محمد عبده واري رئيس هيرشبيلي تدخل في خانة تشكيل التحالفات القبلية، بينما يرى البعض أن زيارة الرئيس الأسبق للصومال شريف شيخ أحمد قد تكون هي الأخرى لأسباب قبلية، على الرغم من إعلانه أن غرض وصوله إلى هيرشبيلي هو تحقيق مصالحة شاملة بين عشائر الولاية حتى يسهل تشكيل إدارة ثانية متفق عليها من كافة الأطراف في الولاية.

إن الصمت الطويل لمنتدى الأحزاب الوطنية المعارض وتواطؤ بعض قادته مع ما يحدث في هيرشبيلي، إلى جانب الأصوات الآتية من بعض السياسيين المنحدرين من محافظة هيران ليكشف مدى انقسام أعيان هيرشبيلي إلى معسكرين قبليين كبيرين أحدهما يتزعمه علي عبدالله عسبلي الرئيس السابق لهيرشبيلي والّذي يعتقد أن هيرشبيلي باتت ولاية يتحكّم بها ويديرها قبيلة معيّنة لا تريد التعايش مع القبائل الأخرى، وبالتالي فإنه يجدر بهذه القبائل الانسحاب من الولاية.

والمعسكر الآخر يتزعمه علي غودلاوي نائب رئيس هيرشبيلي والمرشح الأقوى حتى الآن في الانتخابات الرئاسية للولاية الّذي يرى أن من حق جميع عشائر هيرشبيلي التنافس على منصب رئاسة الولاية.

وعليه فإنه يتحتم على المعنيين بهرشبيلي وبالصومال بصفة عامة العمل على إيجاد صيغة توافقية تضمن التعايش السلمي وتقاسم الأدورا والسلطات بين سكّان الولاية لتفادي حدوث ما يحمد عقباه، وهنا تجدر الإشادة بموقف حزب ودجر الّذي عبّر عن قلقه المتزايد إزاء ما يجري في  هيرشبيلي، داعيا الأطراف هناك إلى عدم التسرّع في بناء إدارة هيرشبيلي قبل إجراء مصالحة حقيقية وموسعة بين سكان الولاية، و إشراك جميع شركاء سياسة هيرشبيلي بطريقة عادلة ومتساوية في عمليات بناء الإدارة.

وحذّر الحزب، في بيانه الّذي أصدره في 7/أكتوبر/2020م، استخدام بناء إدارة هيرشبيلي لتحقيق أغراض سياسية تهدف إلى كسب أصوات نواب البرلمان الفيدرالي المنحدرين من الولاية في الانتخابات الرئاسية الفيدرالية القادمة.

وبذلك يكون حزب ودجر الحزب أو الكيان السياسي الوحيد الّذي عبر عن موقفه الصريح تجاه الأحداث في هيرشبيلي بخلاف القوى السياسية الأخرى التي آثرت الصمت أو انضمت إلى الأطراف المتنازعة على هيرشبيلي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى