هدن ناليي…. وداعا أيها الغريب

وصلني نبأ إغتيال الصحفية المحترمة هدن وزوجها الكريم فريد في مدينة كسمايو الصومالية من قبل حركة الشباب الإرهابية، فضاقت عليا الأرض بما رحبت وشعرت بغصة في حلقي تخنقني،

تذكرت للحظة جميع المواقف الجميلة التي قامت بها هذه الشابة منذ أن عادت إلى وطنها بعد رحلة طويلة من الغربة، قررت أن تطوي صفحة الاغتراب والعيش الفاره في كندا لتتقاسم مع شعبها الخبز والماء ولتساهم في نهضة بلدها، فكانت تجول في القرى والمدن لتنقل إلي العالم صور الطبيعة الساحرة لهذا البلد ولتسمعهم صوت أبنائها الذين لم تتح لهم فرصة نقل أصواتهم الي الخارج، فأصبحت في مدة زمنية قليلة جسرا يربط الإنسان الصومالي في الخارج بشعبه في الداخل، صارت نافذة ننفذ من خلالها إلى أرض الوطن، صارت صوت من لا صوت له، صارت أنيس الفقراء وأمل المرضى وسند المحتاجين.

كانت هدن نجمة تتلألأ في سماء وطننا الحبيب فلما هوت واختفت خيم علينا الحزن واظلمت الدنيا في وجوهنا فلم يصل أحد نبأ اغتيالها إلا وبكا عليها بكاءه لقريبه، أي شابة ملهمة فقدنا، وأي أم حنون فارقتنا، وأي صحفية متمرسة توارت عنا، لا أبالغ إن قلت أن الإنسانية فقدت أحد أركانها إن كان المعيار هو رعاية الإنسان وحبه والشفقة عليه، كم تكفلت من يتيم وكم آوت من شريد وكم شجعت من طالب وكم عالجت من مريض وكم آنست من مهموم.

كنت أشاهد قبل أيام مقطع فيديو لها وهي تجلس وسط أطفال في قرية نائية تشرب معهم الشاي وتتحدث معهم حديثها مع أبنائها بلغتها الصومالية المكسرة فلم أسعد قط بمشاهدة مقطع مثل سعادتي بهذا الفيديو، هدوء وبساطة وتلقائة وحب واحترام.

لقد اغتالوك يا هدن مع زوجك الحبيب، لقد هدمو بيتا لطالما أضاء بيوتا، لقد وأدو حلمنا الجميل وقصو أجنحتنا، لقد اختفت الي الأبد تلك الابتسامة في وجهها الجميل المشرق .

لكن هيهات لن تفارقي قلوبنا ولن يمحوا النسيم آثار أقدامك.

“وداعا أيها الغريب ..

كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة..

عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرًا ..

وداعا أيها الغريب

كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل..

قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس..

لحنًا سمعناه لثوان من الدغل..

ثم هززنا رؤوسنا وقلنا أننا توهمناه ..

وداعا أيها الغريب

لكن كل شيء ينتهي! “

رحم الله جميع شهدائنا الأبرار الذين استشهدو في مجزرة كسمايو، وانتقم من قاتليهم.

زر الذهاب إلى الأعلى