الموز الصومالي … القطاع الواعد للإستثمار

تبلغ مساحة الأراضي الصومالية 63.765.000  هكتارا،  وفي عام 2018 قدرت الأراضي الصالحة منها للزراعة بـ 18.92 هكتارا من اجمالي مساحة الوطن العربي الصالحة للزراعة، وتتربع المركز الثالث بعد السودان والجزائر [1] ، ولكن لا يزرع من تلك الأراضي سوى 9%.

كما هو واضح تملك الصومال مساحة شاسعة صالحة للزراعة، وفي حال تم الاستغلال من هذه الأراضي استغلالا أمثل يمكن أن يحقق الصومال اكتفاء ذاتيا في المجال الغذائي ويوازن التبادل التجاري بين الصومال والدول الأخرى، حيث تعتبر الزراعة في الوقت الحالي واحدة من الأعمدة الرئيسية للإقتصاد الصومالي ، وتحتل المركز الثاني بعد القطاع الحيواني.

ومن أهم المحاصيل التي تزرع هذا المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة في الصومال هي الموز ، وهو مورد أساسي من الموارد الإقتصادية، وكان يحتل الموز قبل سقوط نظام سياد بري عام 1991 الدرجة الثانية من حيث صادرات البلاد، وأحد أهم مصادر  البلاد  من العملة الصعبة.

بدأ إنتاج الموز الصومالي في مقاطعة شبيلي السفلى عام 1927 ، وكان يزرع بمحيط النهرين جوبا وشبيلي،  ووصلت المساحة المزروعة بالموز  إلى 4500 هكتار بحلول عام 1939 ، وبلغت صادراتها في هذا العام  32000 طنا، لكن توقفت صادراته بسب  الحرب العالمية  الثانية ثم أعيد تشغيله بعد الحرب ، وبلغت الصادرات ذروتها في عام 1965 عندما وصلت مساحة المزروعة إلى حوالي 5000 هكتار وتم تصدير 60670 طنًا[2]

يُذكر أن إيطاليا (المستعمرة السابقة للصومال) هي أول من زرع الموز في التراب الصومالي ، وأرسل أول شحنة تجارية من الموز الصومالي إلى الشرق الأوسط عام 1957. بينما سجلت أكبر شحنة موز أرسلها الصومال إلى الخارج بين عامي 1971 و1972 (حوالي 12 مليون كرتون ). وكانت الأسواق التقليدية للموز الصومالي قبل الحرب الأهلية، الشرق الأوسط وإيران وإيطاليا وألمانيا.[3]

تضررت صادرات الموز من جديد  عندما أغلق قناة السويس عام 1967، ثم استعاد عافتها ووصلت أوجها عام 1972 وتم تصدير 133.900 طنا . الا أن حجم التصدير  تراجع  عام  1973  وبلغ 11.900 طنا وذلك بسبب انخفاض منسوب مياه النهرين[4] .

ووفق الخطة الحكومية لعام 1971-73  لقد نفذت 34 مشرعا زراعيا، و23 مشروعا زراعيا في الخطة الحكومية لعام 1983-75 ، وكان من أبرز تلك المشاريع  مشروعات لتنمية قطاع الموز.

 في عام 1970 ،  كانت الأراضي المزروعة  للموز  5.200 هكتار ، وفي عام 1973 وصلت 7.00 هكتار ، وفي 1974 بلغ 9.800 هكتار ، وكان 60 في المائة منها في منطقة شبيلي السفلى و 10 في المائة في منطقة شبيلي الوسطى، ومعظمها تحت الري بالجاذبية ، وكانت  20 % في محافظة جوبا السفلى  وتحت الري بالمضخات.

قبل عام 1968  كانت ايطاليا السوق الخارجي   الوحيد للموز الصومالي ، لكن بعد هذا العام بذلت جهود كبيرة لإكتشاف أسواق جديدة وخصوصا في دول الشرق الأوسط.

 في الحقيقة ، اكتشف  أن أسواق الشرق الأوسط هي أسواق مهمة وأعطى الصومال أهتماما كبيرا لها،  والسبب في ذلك أن الأسواق الإيطالية باتت مزدحمة وزاد التنافس على تلك الأسواق  بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة اللوجستية ، ولذلك أرسل الصومال  عام 1973   حوالي 35 % من اجمالي صادرات الموز إلى  أسواق دول الشرق الأوسط[5].

ارتفعت صادرات الموز إلى الشرق الأوسط في عام 1970 وأصبحت 16% من من أجمالي صادرات الموز    إلى الخارج،  وفي عام 1974 بلغت 57% . وفي المقابل انخض حجم صادرات الموز إلى ايطاليا خلال تلك الأعوام  إلى النصف،  ووصل عام 1974 إلى  43 % .  وكان وكالة الموز الصومالية (صومالي فروت) هي المسؤولة عن بيع الموز  الذي كان يفرغ في مينائي مركه و كسمايو،  المينائين القريبين من  مزارع الموز في اقليم شبيلي السفلى واقليم جوبا السفلى . وفي ايطاليا كانت وكالة ( Societa Mercantile Oltremare) الإيطالية هي المسؤولة عن بيع الموز الصومالي في الأسواق الإيطالية. عندما تم إعادة افتتاح قناة السويس وانخفضت  التكلفة اللوجسية ، شهدت صادرات الموز الصومالي ارتفاعا ملحوظا سواء في السوق الأوروبي  أو الشرق الأوسط بسبب ازدياد الطلب في الأسواق العالمية. وكانت احتياجات السوق الإيطالي في ذلك الوقت 10.00 طن ،. على الرغم من ذلك بدأت صادرات الموز الصومالي  إلى الخارج   بعد عام 1972 بالتراجع كما هو موضح في الجدول الآتي[6]:

العام حجم الصادرات بالكيس
1969 928.180
1970 1.028.444
1971 1.033.148
1972 1.339.345
1973 1.119.313
1974 1.022.987
1975 815.480

تراجعت صادرات الموز عام 1975 بشكل ملحوظ ، والسبب الرئيسي كانت موجة المجاعة  التي ضربت الصومال هذا العام. وصلت حجم صادرات الموز عام 1975 إلى   815.480 كيسا  وتم تصدير 447.786  كيسا إلى أسواق الشرق الأوسط أي ما يعادل 54.9% من اجمالي صادرات الموز في هذا العام.

في بداية  التسعينات تحسن الوضع  وارتفع انتاج الموز وبلغ   188.500  طنا زرعت  في مساحة قدرت بـ  6.800 هيكتارا كانت  60% منها في منطقة شبيلي السفلى  وكان يزرع في الهكتار الواحد ما يقدر بـ 30 طنا ، وارتفعت صادرات الموز إلى الخارج في ذلك الوقت  واحتل الصومال المركز الأول  قائمة  الدول الأفريقية المصدرة للموز[7] ، وبلغت عائداته عام 1990  أكثر من 34 مليون دولار سنويا (34.5 مليون دولار) وأصبح  قطاع الموز  أكبر  القطاعات الإنتاجية موفر للوظائق، حيث كان يوفر بشكل مباشر أو غير مباشر حوالي 120.000 وظيفة[8]. كانت هناك 141 مزرعة في شبكة إمداد فواكه الصومالية ، تتراوح مساحتها بين 40 و 300 هكتار[9]

مع اندلاع حرب أهلية  عام 1990 وما تلاها من “حروب الموز” – التي صارع خلالها أمراء الحرب المعارضون للسيطرة على الصناعة – توقف إنتاج الموز تمامًا، وكان يباع فقط في الداخل[10] . في عام 1994 استؤنفت الصادرات واستمرت حتى عام 1997.   الأراضي المزورعة  بالموزر حوالي . في عام   1996 ووصلت الصادرات إلى 26983 طنًا.

 و بحلول نهاية عام 1997 ، دمرت الرياح العاتية والفيضانات المنسوبة إلى ظاهرة النينو الجوية معظم مزارع الموز وتوقفت الصادرات مرة أخرى حتى عام 2002 ، عندما اشترت شركة ليبية شحنتين تجريبيتين من 50.000 و 70.000 صندوق ، بإجمالي 1500 طن[11]

 والجدير بالإشارة أن  كل من منطقتي جوبا السفلى وشبيلي  تتمتعان بتربة غرينية جيدة  ولها أنظمة ري وصرف وتحكم في الفيضانات معقولة  تحتاج فقط إلى ترميم وتطوير  وبنية تحتية للطرق رغم تضررها جراء الحرب الأهلية تربطها بموانئ مدينتي  مقديشو وكيسمايو في الجنوب.  ويقدر المساحة المزروعة بالموز في المناطق الواقعة على طول النهرين الرئيسيين في السنوات التي سبقت جفاف عام 2016 بنحو 2135 هكتارًا. ويُعتقد أن متوسط الغلة السنوية بلغت 74 طنًا للهكتار في شبيلي السفلى و 50 طنًا للهكتار في وادي جوبا.[12]

أظهرت الإحصاءات الجمركية من البلدان الشريكة أن قيمة الصادرات بلغت 148 ألف دولار في 2014 و 571 ألف دولار في 2015 ، ولكن تم رفض جميع هذه الشحنات تقريبًا من قبل المشترين بسبب الجودة غير المرضية ، ولم يدفع للمصدرين الصوماليين ثمنها تقريبًا[13] .

يشتهر الموز الصومالي بمذاقه  مع مزيج فريد من الحلاوة الإضافية والطعم الكريمي  ولديه اقبال واسع في العالم ولاسيما في الوطن العربي، وفي الأعوام الأخيرة ازادت الشركات المحلية التي تستثمر في قطاع الموز ، وذلك بسبب وجود طلب كبير على محصول الموز على المستوى المحلي والاقليمي. وفي عام 2019  بلغت  اجمالي المساحة المزروعة بالموزع حوالي 6.000 هكتار ومعظمها في  اقليم شبيلي السفلى. وعلى هذا الأساس، يجب على الحكومة أن يبذل جهدا كبيرا لإلقاء الضوء على هذا القطاع وجذب الإستثمارات الخارجية.

 .

   [1]  تقرير أوضاع الأمن الغذائي في الصومال 2018  منظمة العربية للتنمية الزراعية – جامعة الدول العربية ص. 4

[2] http://www.faoswalim.org/resources/Agriculture/Banana_sector_study_for_Somalia/Agricultural_Development_diversification_Strategy_Lower_Shabelle.pdf

[3] https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/9/1/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A3%D9%86%D9%81-%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B2

[4]  Soomaalida bilicsan- Wasaaradda warfaafinta & hanuuninta dadweynaha. Bogga 44

[5] المصدر السابق

[6] Somaalida Blicsan:  مصدر سابق

[7] Maalgashiga Somaliya : Hagaha tacabka iyo dhoofinta Mooska  https://issuu.com/geelsomalia/docs/somalia_banana_handbook_som

[8] Somalia : country economic memorandum page 94

[9] http://www.fao.org/3/i8841en/I8841EN.pdf

[10] https://medium.com/@RTI_INTL_DEV/in-somalia-bananas-are-back-5d306be1e949

[11]http://www.faoswalim.org/resources/Agriculture/Banana_sector_study_for_Somalia/Agricultural_Development_diversification_Strategy_Lower_Shabelle.pdf

[12] http://www.fao.org/3/i8841en/I8841EN.pdf

[13] المصدر السابق

زر الذهاب إلى الأعلى