الصومالي وقضية فلسطين

 أيقظ توقيع بعض الدول العربية معاهدات سلام مع الكيان الصهيوني أسئلة ومخاوف داخل المجتمع الصومالي  تتصل جلها بمستقبل صمود الصومال الرافض للتطبيع، فكل الأجوبة تحاول بشكل أو بأخر التنبؤ عن إمكانية أن يسير الصومال دولة وشبعاً هو أيضا في ركب مُهادنة إسرائيل والاعتراف بها كدولة طبيعية والعمل على تحوير مفهوم الصراع الفلسطيني اليهودي على إنه شأن تاريخي تعدد فيه الأقوال و يُسحب من القضية الفلسطينية القدسية الدينية والإنسانية و التي من أجلها يوالي  ويناصر الشعب الصومالي قضية فلسطين، فهل من الممكن أن يشهد المشهد الصومالي سحابة احتفاء واحتفال بصداقة إسرائيل ؟ 

   أولاً عندما نريد أن نتنبأ بمستقبل الصومال مع قضية فلسطين يجب علينا أن نرجع بذاكرة بعيدا إلى الوراء ، ونفهم بموضوعية مراحل تكوين الوعي الصومالي بالقضية الفلسطينية والذي تشكل بصورة مغايرة تماماً لوعي الإنسان العربي القريب لغتاً و حدوداً مع دولة فلسطين ، فالصومالي ابتداء لم يسمع عن حرب 48 إلا بعد انتهاء الحرب بسنوات وبصورة ضبابية غير واضحة ، وكل ما وصل إليه آنذاك كان بأن يهوداً احتلوا أرضاً للمسلمين ، و أما ما تلى ذلك من تهجير ومجازر بحق الشعب الفلسطيني على يد الصهاينة  فلم يعلم بها الإنسان الصومالي إلا قدراً يسيراً من الأحداث وخاصة  بعد حرب (67م)  و التي شاهد فيها الإنسان الصومالي لأول مرة المهاجر الفلسطيني الذي يحمل على كتفه متاعه ويسير خلفه أهل بيته و يحاول عبور الأراضي الصومالي بغيت الوصول إلى البعيد المجهول، كانت تلك المشاهد هي الشرارة الثانية التي عززت تعاطف الإنسان الصومالي مع الفلسطيني المهاجر وإن كان مازال هذا التعاطف بسيطاً ويقوم بشكل أساسي على جانب ديني  وإنساني لكنه هذا التعاطف أرتقى وبدأ يستقر في ضمير الإنسان الصومالي  أكثر  مع موجة تعريب التي شهدتها الصومال و أيضا مع بروز نخبة صومالية بمزاج عروبي ساهمت في حفر القضية الفلسطينية بوجدان الشعب الصومالي لسنوات  و حرب  (73 ) كان خير مثال على حربا شارك فيها الصومال نفسياً و عونِاً ، ولم يتوقف تضامن الأنسان الصومالي بعد ذلك الحرب بل زاد إيمان الفرد الصومالي بقدسية القضية الفلسطينية ، وهنا نلاحظ بأن الوعي لدى الإنسان الصومالي  هو وعي بدأ بصورة تدريجية وعلى سنوات طويلة و بشكل شعبوي غير رسمية وبعيداً عن مبالغات الإعلام ، فالقضية الفلسطينية في الصومال هي قضة كونها و روج لها و تناقلها الشعب الصومالي ، فهو لم يُدرس أو يُلقن في التعليم عن قضية فلسطين ، و الدور الرسمي والحكومي في تأصيل قضية الفلسطينية لدى الشعب الصومالي هو دور بسيط وبالكاد أن يلاحظ ، لذلك فإن أي مُحاولة انتزاع قضية فلسطين من وجدان الإنسان الصومالي هي محاولة صعبة و غير ممكنة و حرب خاسرة مع مبادئ ومشاعر الشعب الصومالي.

فاطمة شيخ محمد حوش

كاتبة صومالية
زر الذهاب إلى الأعلى