اسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية 

أسباب العزوف تكمن في غياب حقيقي للأحزاب، وكذلك غياب الديمقراطية داخل الأحزاب التي تعاني الشيخوخة داخل أطرها ونخبتها، ولضمان مشاركة الشباب في الشأن السياسي نحتاج إلى إدماج الشباب في الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية من أجل تفعيل دورها. ففاعلية الشباب تكون في جعله قادرا على إدراك أهمية دوره داخل المجتمع وعلى دفعه بالتالي إلى التفاعل مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

إن نظرة واحدة حول الأحزاب السياسية في وطننا الحبيب تجعلنا نقف أمام مفارقة عجيبة في ان الأحزاب تنادي بملء فمها عن رغبتها في ضم الشباب إلى صفوفها في حين لا تقدم – معظمها – لهم خطابا فكريا او حتى لا تخصص لهم أي منصب داخل لجان الحزب المتفرعة عنه ، مما يوحي أن الأحزاب تريد الشباب فقط من أجل رفع عدد المنخرطين ليس إلا ، حيث لا نعثر على أي شاب دون الخامسة والعشرين داخل المكتب المسير لأي حزب ، وهذه بالطبع رغبة بعض الأحزاب الذين يحاولون إبعاد أي شاب عن مركز القيادة فيه.

إن النظرة السائدة لدى غالبية الشباب اليوم هي نظرة تشاؤمية تجاه العمل السياسي والأحزاب السياسية ولإزاحة هذه النظرة لا بد من دراسة جذورها والعمل على تقويم أسبابها ، هذه الأسباب التي تظل متجذرة ولمحوها تحتاج الأحزاب إلى توفير خطاب فكري قادر على إقناع الشباب في أن العمل الحزبي السياسي ليس عيبا

ولم يعد مصدر خوف للكثيرين ناهيك على أن الإرادة والقدرة و نكران الذات هي ابرز ملامح هذا الخطاب ، حيث يجب على الأحزاب هيكلة صفوفها وزرع نوع من الديمقراطية داخل أجهزتها واللجوء إلى مبدأ التنمية السياسية بعيدا عن الانغلاق السياسي والفكري عبر استقطاب الشباب للانخراط في العمل الحزبي.

وترى مجموعة من الباحثين الاجتماعيين أن عزوف الشباب عن المشاركة في العمل السياسي تتداخل فيه أسباب ذاتية وأخرى موضوعية وهذا ما أكدته دراسات متخصصة أيضا. ففي الوقت الذي نجد فيه نسبة الشباب في المغرب تتجاوز %70 نجد أن %97 منهم غير منتمين لأي حزب سياسي وهذا يطرح أمامنا تساؤلا كبيرا لماذا تظل كل هذه النسبة العريضة بعيدة عن المشهد السياسي؟

 غير أن قراءة الواقع السياسي ومتابعة الشأن الحزبي كفيل بالإجابة عن هذا التساؤل ويتضح ذلك جليا من خلال جمود الأحزاب وتراجع دورها سياسيا و تأطيرها بسبب ترهلها و تهميش الشباب وفرض الوصاية عليهم من خلال القيادات الحزبية.

إن ظاهرة عزوف الشباب عن السياسة دفعت بالعديد من هؤلاء الشباب لاتخاذ موطئ قدم لهم داخل مؤسسات المجتمع المدني والانخراط في العمل التطوعي فقط كبديل لكون هذه المؤسسات تقترب من قضاياهم ومشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية كما تخصص حيزا مهما لتكوين قيادات تشاركية دون إقصاء ، وتوفر في الآن للشباب فرصا لإبراز مواهبهم وتفجير طاقاتهم وإثبات ذاتهم.

التوصيات:

ومن كل ما تقدم آنفاً نستطيع أن نشْعر بيأسْ الشباب وعزوفهم عن المشاركة الفاعلة في العملية السياسية ولمعظم الدول وخصوصا في بلادنا العربية وهذا ما يستدعي الوقوف على هذا الموضوع الهام لهذه الشريحة المهمة والمهمشة وإيجاد صيغ فعّالة لرفع نسبة المشاركة في كل المستويات وأخذ دورهم الريادي وحقهم المسلوب ونودّ أن نطرح النقاط التالية من أجل تعزيز مشاركة فاعلة وحيوية للشباب: –

أولاً: – الضغط بتعديل قوانين الانتخابات وجعل سن الترشيح بين 20-25 سنة على الأقل في حين هناك دول دون العشرين سنة. وتشترك بذلك جميع التجمعات والمنظمات الشبابية يساعدها في ذلك الأحزاب التي تهتم وتراعي مشاركة هذه الشريحة الواسعة من الشباب في العمل السياسي.

ثانياً: – مساندة المنظمات الدولية وبالأخص المعنية بالشباب كالأمم المتحدة وNDI و  IRIالمفوضية الاوربية EU .. الخ. والعمل على تنفيذ مقولة الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون:((يجب إتاحة الفرصة للشباب ليشاركوا بفاعلية في صناعة القرارات على المستويات المحلية والوطنية والدولية)) ومن المفترض الأمم المتحدة تتبنى ذلك وتسعى جاهدة لتحقيقه.

رابعاً:- المشاركة الفاعلة للمنظمات المحلية والتي تُعنى وتهتم بالمشاركة السياسية للشباب وبالأخص في الانتخابات وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها التي لديها اهتمام بالانتخابات وكل ما يتعلق بالشباب وتوعيتهم ثقافياً وسياسياً.

خامساً:- دعم ونشر الثقافة الديمقراطية بين الشباب بمختلف الأعمار للإطلاع على القوانين والإجراءات وسبل الخوض والتأثير فيها وصولاً إلى دور صُنّاع القرار. فالمشاركة كناخبين فقط لا تكفي لكنها الخطوة الأولى لاستكمال البناء التوعوي والديمقراطي للشباب حتى تشرع القوانين لتجعل سن الترشح أقل من 25 سنة.

سادساً:- إنشاء مجالس شبابية محلية ووطنية في الجامعات والمدارس وتعليمهم الإجراءات الديمقراطية ويكونوا محل نظر واهتمام من قبل أصحاب القرار في بلدانهم وأنهم أهلاً  للقيادة والتمثيل لشريحتهم الواسعة. ويتم ذلك في كل مستويات التعليم حتى يبدأ باختيار القدوة في الصف والمدرسة ليتسنى له بعد ذلك التفكير في اختيار ممثلين له في المجالس البلدية والوطنية.

وهذا بدوره يُعَجِل في سَنْ قوانين تعطي للشباب حق الترشيح والقيادة.

سابعاً:- العمل على جعل كوتا للشباب كما هو الحال للمرأة حتى لو كانت لفترة زمنية تحدد بعدة دورات انتخابية. وتتبنى ذلك المنظمات المحلية والدولية الداعمة للشباب.

ثامناً:- إذا كان الشباب هو من قاد الانتفاضات السلمية في العالم العربي وغيرهم من قطف ثمارها وسبب ذلك إن المجتمع بشكل عام لم يكن لديه فكرة قبول القيادات الشبابية، لذلك على الشباب أن يضطلع بدوره الحقيقي محاولاً التغيير والإصلاح وبشروط جديدة من خلال قيادة الحملات بالاتفاق مع الحكومات أو الأحزاب السياسية الفاعلة. وعلى الأحزاب أو الحكومات المحلية والوطنية استثمار هذه الطاقات لتحقيق هذا الهدف.

تاسعاً: – لا تقتصر حركة الشباب ونشاطاتهم ودعمهم في فترة الانتخابات فقط بل قبلها وفي وقتها وبعد الانتخابات. ففي كل فترة قد يختلف نشاطها عن الفترات الأخرى ولكن جميعها تصب في تفعيل دور الشباب ومشاركتهم السياسية. وهذا بحد ذاته يحتاج لورش خاصة لكل فترة من هذه الفترات الثلاث.

عاشراً:- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانترنيت والمواقع المهمة الخاصة في دعم وتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتبادل المعرفي وبالإمكان عمل شراكة وتبادل الخبرات مع الآخرين في هذا المجال.

أحد عشر: – يجب تجاوز الفجوة بين الأحزاب السياسية والشباب ولا بدّ أن يعرف الجميع بأن الأحزاب والشباب بحاجة لبعضهم البعض من خلال التعاون المشترك لتحقيق أهداف متبادلة فقد تشترط التجمعات الشبابية على الأحزاب تغيير الأُطر القانونية للترشيح وللمناصب مقابل دعم ومناصرة الأحزاب التي تتبنى هذه الأفكار.

اثني عشر:- العمل الجاد لإنشاء معاهد متخصصة للثقافة الديمقراطية تبدأ بالتدريب من سن الطفولة وكما هو موجود في استراليا وغيرها من الدول وعندما سألتهم عن ذلك كان الجواب بأن الطفل لا بدّ له من تعلم هذه الممارسات والنشاطات تمهيداً للدور الذي ينتظرهم عندما يتقدم بهم العمر ويسمح لهم بالتصويت أو الترشيح في كيفية اختيار ممثليهم في كل المجالات. الأمر الذي نفتقده بشدة في بلداننا.

ثلاثة عشر: – على كل وسائل الإعلام وبمختلف توجهاتها الرسمية وغير الرسمية الاهتمام بالشباب وتبني ندوات وبرامج وحوارات خاصة بتوعية الشباب وأخذ دورهم الريادي كناخبين ومرشحين وقادة وككتلة ضاغطة للتغيير والاصلاح.

رابع عشر:- تكاتف وتضافر جهود كل الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بالشباب مثل الإعلام، التربية و التعليم، بالإضافة إلى الجامعات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لتثقيف الشباب من الناحية السياسية.

خامس عشر:- إعداد وتنفيذ بعض برامج التنمية السياسية للشباب وتقديم برامج إعلامية تشجّع الشباب على ضرورة المشاركة السياسية خاصة في الانتخابات وتنمي لديهم قيم الولاء والانتماء.

سادس عشر:- غرس القيم الدينية المعتدلة والمفاهيم السياسية البناءة ومتغيراتها لدى الشباب بأسلوب موضوعي حضاري عبر القيادات الدينية والسياسية لمنعهم من الانخراط في صفوف المتطرفين او المنحرفين.

سادس عشر:- تلبية احتياجات الشباب بما ينعكس بصورة ايجابية على مشاركتهم الفاعلة في كل قضايا المجتمع ونبذ اللامبالاة والانخراط في العمل الوطني، ويجب اشعارهم بدورهم في بناء الوطن واستقراره.

سابع عشر:- تنمية المشاركة السياسية للشباب بالحوار والنقاش، وإتاحة الفرص للجميع، وترك النقاشات الايدلوجية وإعطاء فسحة لهم لطرح أفكارهم ورؤيتهم.

سابع عشر:- وهذه توصية خاصة للشباب ان لم يتكاتفوا ويتعاونوا لأخذ حقهم فلن يصلوا الى ربع حقوقهم المسلوبة فعليهم يقع الجهد الأكبر فان فعلوا ذلك فستتكالب عليهم التنظيمات السياسية وسيفرضون اراءهم ومن منطلق القوة فإن فعلوا ذلك ستغنيهم عن الكثير من الفعالات، رغم ان هذا يحتاج جهد كبير ومتواصل من الشباب وكل منظماتهم ومناصريهم.

ثامن عشر:- على الأحزاب والتنظيمات السياسية مدارسة ومعالجة أسباب عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية، ومن يستطيع معالجة هذا العزوف سيكب ودهم واصواتهم التي لا تقدر بثمن.

تاسع عشر:- الاعداد لورش ودورات متخصصة للشباب في فيما يخص الانتخابات والعمل السياسي والمراقبة والثقافة الديمقراطية بشكل عام فلا بد من ان تتكثف الجهود لزيادة ومضاعفة الوعي السياسي لدى الشباب ومعرفة دورهم الحقيقي المغيب

وندرج في ادناه جدول يفصل بعض الشيء عن الورش وموادها واعداد المتدربين في كل ورشة وكل هذه الورش تشمل الشباب (الذكور والاناث) وكل دعوة او توصية هي تشملهم جميعا وليس الذكور فقط:-

زر الذهاب إلى الأعلى