مسجـــد التوفيق في النرويج  منارة صومالية

في بداية شهر ديسمبر عام ٢٠١٦ م ، تلقيت دعوة من الأخوة القائمين على مسجد التوفيق في مدينة أوسلو ، حاضرة مملكة النرويج ، يتقدمهم زميلي الدكتور على محمد صالح ، إمام وخطيب المركز ، لقضاء بعض الوقت في جنبات مسجدهم المبارك ومشاركة بعض الأنشطة الإجتماعية.

وقد بدأت فكرة تأسيس  المسجد قبل أكثر من عشرين عاما  بمبادرة قادها كل من الشيخ العلامة عمر الفاروق حاج عبد سلطان ( رحمه الله تعالى )، والداعية الشيخ مصطفى حاج إسماعيل ، وعدد من أعيان وعلماء مدينة أوسلو ، لإيجاد موضع قدم للجالية الصومالية في هذا البلد ، وتأسيس مسجد ومركز إسلامي يكون مأوى وملجأ للجالية ، تستطيع  من خلاله ممارسة شعائرهما التعبدية والحفاظ على هويتها الإسلامية، ومعالجة أوضاعها الإجتماعية والدينية وخاصة فيما يتعلق بالأسرة ومشاكلها .

وبعد جهد وعمل دؤوب منقطع النظير  استمر أكثر من عشرين عاما، تداعى فيها الكل من غير تفريق، استطاعت الجالية الصومالية في مدينة أوسلو تشييد وبناء مسجد ومركز إسلامي يتكون من خمسة طوابق ، تعود ملكيته وإدارته إلى أبناء الجالية الصومالية في النرويج ، وهو أول مشروع تنفرد به الجالية الصومالية في مملكة النرويج بإقامته في عاصمة إحدي الدول الغربية ، ولا أعرف – حسب علمي القليل – وجود مثل هذا الصرح مع وجود مساجد ومصليات صومالية كثيرة في أوروبا وشمال أمريكا .

وهذا المشروع أصبح معلما من معالم الوجود الإسلامي في شمال أوروبا عامة وفي أوسلو خاصة .

ومن بين ما جذب انتباهي ولاحظت فترة وجودي في المركز الأمور التالية :

  • الدروس العلمية والأنشطة الدعوية المقامة في المركز بصورة مُلفتة للنظر ، لا يوجد نظير لها في المراكز الأخرى .
  • مواظبة مرتادي المسجد في حضور الدروس والكلمات الوعظية واهتمامهم وحرصهم الشديد على الاستفادة .
  • الفرص المتساوية أمام الدعاة والداعيات، وفتح المجال أمام كل من يريد إفادة الجالية فيما يعود عليها بالنفع من غير قيود أو شروط مسبقة .
  • مشاركة الجماعية في تسيير النظام الإداري للمركز، عبر نظام انتخابي متفق عليه، يسمح التداول السلمي لإدارة المسجد، بَيدَ أن بنود النظام واللوائح الموجودة حاليا تحتاج  إلى تطوير وتجديد وتوسيع، لتلبي حاجة الجالية التي تضاعفت أكثر مما كانت عليه قبل عشرين عاما، وأن مواكبة العصر ومعالجة الأخطاء مما يحسّن الأداء الإداري، ويسهل في تقديم أفضل الخدمات، ويضح الدماء الجديدة والحيوية لدي العالمين في هذا المجال الحيوي .
  • يقدم المركز خدمة جليلة للمساجد والمصليات الصومالية الموجودة خارج العاصمة أوسلو ، حيث يمدهم بالوعاظ والمحاضرين حسب الحاجة .
  • يقيم المركز دورات علمية وتثقيفية لجميع شرئح المجتمع، يحاضر فيها عدد من الدعاة في داخل البلد وخارجه .
  • دأب المركز بإقامة مؤتمر دعوي سنوي يشارك فيه عدد من الدعاة والعلماء الصوماليين يأتون من أماكن متفرقة في العالم ، يقدم فيه أوراق علمية تعالج أوضاع الجالية الدينية والإجتماعية، وغيرها مما له علاقة في هذا الموضوع .                            وأخيرا قد شاهدت مركزا إسلاميا ترفرف منارته في وسط عاصمة أوروبية، يدار  دفته سواعد أبنائه باقتدار وكفاءة ، ويجمع في جنباته جميع شرائح المجتمع الصومالي مع تنوع مدارسه وأفكاره وتوجهاته من غير تفريق أو تقسيم ، وإذا أحسن القائمون على المسجد في تعاملهم مع المجتمع على قاعدة بأن الاجتماع والتآلف والتآزر من أسباب النجاح والتقدم والبقاء ، وأن التنازع والاختلاف والتفرق والتدابر من علامات الوهن والضعف ، فسيصبح مركز ومسجد التوفيق الإسلامي في أوسلو، معلما حضاريا ومثال قدوة لجميع المراكز الصومالية في بلاد المهجر .                                                        وفق الله تعالى القائمين على المركز بكل خير .           عبدالباسط شيخ إبراهيم.                       

الدكتور عبد الباسط شيخ إبراهيم

ولد في دينسور في إقليم بأي ، ودرس الإبتدائية والاعدادية والثانوية في مدرسة 11 يناير في بيدوه، وحصل البكالوريوس والماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والدكتوراه من جامعة المدينة العالمية في ماليزيا تخصص التعليم والدعوة
زر الذهاب إلى الأعلى