ما هي المقاربة الحكومية بشأن الإنتخابات التشريعية ؟

تنتهج الحكومة للتعاطي مع أزمة الإنتخابات في مقاربات تتسم بـ”التجاهل الذكي” و”إنكار ” الحقائق على  الأرض والمراهنة على عامل الوقت. ألقت المسؤولية  على عاتق البرلمان بصفته الجهة الرسمية المخولة دستوريا مسؤولية البت في مصير الإنتخابات في حال إعلان اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات عدم قدرتها على إجراء الإنتخابات في موعدها،   وتقول مستفيدة من سيطرتها على قرارات  مجلس الشعب وضامنها تأييد رئيس المجلس ونائبه إن الحكومات الإقليمية والأحزاب السياسية شأنها شأن  الحكومة المركزية لا دخل لهم في تقرير مصير الإنتخابات وعلى الجميع احترام الدستور والقوانين  والإنتظار ما سيقرره البرلمان. وهذا مضمون ما قاله نائب رئيس الوزراء مهدي محمد غوليد.

لا تريد الحكومة أن تدرك حقيقة  النظام السياسي الهش في البلاد ودور المكونات السياسية الأخرى وتأثيرها في رسم ملامح مستقل البلاد وأن إجراء انتخابات لا تحظى برضى كافة القوى السياسي لا تفضي إلا إلى مزيد من الفوضى والإنفلات الأمني.

تراهن الحكومة أيضا على دور بعض الولايات الإقليمية مثل ولاية جنوب غرب الصومال وولاية جلمدغ، كما تراهن على دور بعض القوى الإقليمية المؤثرة في الوضع السياسي في الصومال، مثل إثيوبيا.

في الوقت الحالي  تحاول الحكومة التوصل إلى توافقات وتفاهمات مع الحكومات الإقليمية وخاصة مع بونت لاند وجوبالاند   بتنسيق من الأمم المتحدة وسفراء الولايات المتحدة وبريطانيا في الصومال وعلى قول نابليون بنابيرت: “في السياسة لا تشكل الأمور غير المنطقية عقبة” وتستضيف مقبل الأيام اجتماع مجلس الأمن الصومالي  -والذي تأجل عدة مرات – للموافقة على أن تكون الإنتخابات اقتراعا شعبيا مباشرا، واختيار أحد المقترحين اللذين طرحتهما لجنة الإنتخابات، تأجيل الإنتخابات لمدة 3 شهور وإجراؤها في شهر مارس 2021  أو تأجيلها لمدة 13 شهرا لتجرى على أساس النظام البايومتري  دون إعطاء فرصة لحل شكاوي الأحزاب المعارضة ، وتبديد مخاوفهم ودون أي إهتمام لتهديداتهم بالنزول إلى الشارع  وعدم الإعتراف بالسلطة بعد انتهاء فترة ولاية  الحكومة الحالية 8 يناير 2021 وتحذيرات بعض أعيان العشائر  المتكررة من عودة البلاد  إلى مربع الحرب الأهلية.

منذ أكثر من عام كانت الحكومة المركزية مثار  إنتقادات وإتهامات بالمراوغة وعدم الجدية في إجراء إنتخابات شعبية مباشرة قبل إنتهاء فترة ولايتها، والإزدواجية في التصريحات فهي من ناحية تشدد في كل المناسبات على ضرورة تنظيم الإنتخابات في موعدها ووفق النموذج الذي ينص عليه الدستور، ومن الناحية الأخرى تتنصل من تنفيذ كل ما يتطلبه الإستحقاق الإنتخابي من خلق أجواء سياسية وأمنية ملائمة لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة.

تنص المادة الـ 60  من الدستور الصومالي المؤقت على  أن تجري الإنتخابات التشريعية والرئاسية مرة في كل أربع سنوات، والمادة  الـ 13 من قانون الإنتخابات الجديد أن تنظم الانتخابات التشريعية قبل شهر من موعد إنتهاء ولاية البرلمان أي نهاية شهر أكتوبر المقبل.  ولكن حتى اللحظة لا يلوح في الأفق أي إمكانية لإجراء انتخابات مباشرة  قبل إنتهاء فترة ولاية  البرلمان  الحالي 27  نوفمبر 2020.

عندماأنتخب الرئيس محمد عبد الله فرماجو رئيسا للبلاد عام 2017 ودخل في قصر الرئاسة ( فيلا صوماليا)، كان على علم أن تنظيم إنتخابات شعبية مباشرة في غضون 4 سنوات ، وفي ظل الفوضى السياسية الراهنة والتحديات الأمنية ضرب من الخيال وكان أيضا على يقين أنه في حال  قدم ملف الإنتخابات على الملفات الأخرى وفي مقدمتها التمكن من السلطة السياسة، وتثبيت أركان حكومته لن يستمر في السلطة لمدة طويلة نظرا لقوة ونفوذ بعض الزعماء الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز بالإنتخايات وكانوا له بالمرصاد ولذلك دشن عمله السياسي بالأولويات التالية:

  1. التحدي ومواجهة كل من يخالفه في الرؤية والهدف والمصير ولو على حساب النظام الديمقراطي وهذا هو الأمر الذي دفعه إلى شن حرب استباقي ضد معظم رؤساء الحكومات الإقليمية  ومحاولة اعتقال بعض رموز المعارضة في مقديشو والتضييق على رموز أخرى
  2. تطهير المسؤولين الذين يحملون أفكارا مخالفة لأفكار الرئيس من الدوائر الحكومية أو دفعهم إلى الإستقالة  بهدف أن يبقى الصوت الحكومي في نهاية فترة ولايته وبالذات خلال الفترة التي ترتفع المطالبات بتغيير النظام ، موحدا ومنسجما ومتناغما وفق لحن وإيقاع واحد.
  3. التعامل مع بعض القضايا التي تهم المواطن العادي والمجتمع الدولي. بدأ بصرف رواتب الموظفين الحكوميين بما فيهم الجيش وقوات الأمن بصورة منتظمة لإمتصاص الغضب الشعبي، وقام بإعادة وهيكلة النظام  الاقتصادي إلتزاما لقرارات  المؤسسات الاقتصادية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتفاديا لأي انتقادات من المجتمع الدولي والدول المانحة. وهذه القرارات تساهم اليوم من تخفيف الضغوط التي تتعرض عليه الحكومة بسبب فشلها في تنظيم انتخابات شعبية مباشرة في الموعد المقرر دستوريا.
زر الذهاب إلى الأعلى